الرئيس الشهيد صالح الصماد.. أيقونة الصمود

 

تمثل ذكرى استشهاد الرئيس صالح علي الصماد، محطة فارقة لإستلهام المعاني والدلالات من تضحياته في تعزيز الصمود لمواجهة العدوان على اليمن.

وتشكل سنوية الرئيس الشهيد الصماد في عامها الثاني، أهمية كبيرة في وجدان أبناء الشعب اليمني لاستحضار مواقفه المشهودة في البذل والفداء وتحصين الجبهة الداخلية التي ظلت وما تزال عصّية على كل المؤامرات والمخططات التي ينسج العدوان ومرتزقته خيوطها ولم يحصدوا غير الهزائم.

ويُجمع أبناء الشعب بمختلف مشاربهم ومكوناتهم السياسية على عظمة ما قدمه الرئيس الشهيد الصماد من نموذج راقٍ وشاهد حقيقي على قيادته لسفينة الوطن في ظل ظروف استثنائية قاهرة وتحديات كبيرة مجسداً بهمومه وآماله رؤيته الحكيمة ونظرته الثاقبة والشاملة لمشروع بناء الدولة.

 

أيقونة الصمود:

وفي هذه الذكرى التي تتزامن مع دخول عام جديد من العدوان والحصار يتذكر اليمنيون شخصية وطنية لطالما مثلت أيقونة للصمود والحكمة والنزاهة والشجاعة والإقدام والبأس والإلهام، عملت على ترسيخ دعائم الثبات ورسمت ملامح البناء والنهوض والتطوير وتحديث المنظومة الدفاعية وقوة الردع اليمنية لمواجهة العدوان الإجرامي.

صنع الشهيد الصماد رغم التحديات في زمن قصير فارقاً كبيراً في أدائه وتحركاته وبصماته الوطنية والتنموية، وهو على قمة هرّم السلطة التي لم يرها مغنماً ولا وسيلة سوى لإحقاق الحق وخدمة الوطن والمواطن، إنطلاقا من ثقافته القرآنية ووعيه وصبره وتوجيهاته الإيمانية وأخلاقه الكريمة وتطلعاته في بلورة مشروع بناء اليمن واقعاً عملياً.

 

خلود يتجدد:

رسم الشهيد الصماد خارطة طريق جديدة لتحقيق العزة والكرامة لأبناء اليمن ورفض مشاريع الوصاية والتبعية، وهو ما شكل حالة فزع أرعبت الأعداء وجعلتهم يتجهون نحو وأد هذا النهج باغتيال مهندسه وراسم خطوطه العريضة، لكسر شوكة البناء واستقلال القرار السياسي، فتعزز باستشهاده صمود الشعب وقوة الإرادة والعزيمة اليمنية وروح الإصرار على مواصلة البناء والتطوير رغم العدوان وما يقوم به من قتل وتخريب وتدمير.

ظّن العدو السعودي باغتياله للرئيس الشهيد الصماد أنه حقق هدفه في التخلص منه، كما يفعل نظامه المتغطرس الغارق في الدماء على مّر التاريخ بالقادة العظماء الذين يرى فيهم حجر عثرة أمام مؤامرته ومشاريعه التدميرية وحقده الدفين على الشعوب، لكنه فشل في كسر الصمود اليمني والمشروع الذي أرسى قواعده الشهيد الصماد ويمضي في تجسيده خلفه فخامة الرئيس مهدي المشاط بقوة وإباء.

فقد اليمنيون رمزاً وطنياً صاعداً، قدّم روحه رخيصة في سبيل الله وخدمة وطنه وشعبه وضرب أروع الأمثلة في الوفاء، ومن واجب الوفاء في هذه الذكرى تجسيد نهجه ودوره في مواجهة العدوان والاستمرار في التحشيد ورفد الجبهات، وتخليد ذكرى قائد استثنائي مثّل رحيله خسارة كبيرة على الوطن.

 

حنكة واقتدار:

حظي الرئيس الصماد باحترام وتقدير كافة الفرقاء السياسيين والقوى الوطنية التي لن تنسى جهوده في توحيد الجبهة الداخلية وإدارة شئون البلد بحنكة واقتدار، وتميز بصوابية تخطيطه وأهدافه وكل توجهاته، عين له على الجبهات وتطوير الصناعات العسكرية وأخرى على حياه المواطنين ومؤسسات الدولة وتوفير الفرص رغم العدوان وكل ما يعانيه اليمن من ويلات.

حمّل الرئيس الشهيد الراية السياسية بعزم وثقة منتهجاً أخلاق القادة العظماء في مواجهة طواغيت الظلم والاستكبار متسلحاً بإيمانية جهادية وروح زاهدة، فكان يرى أن مسح التراب من على نعال المرابطين أشرف من كل مناصب الدنيا، فلم يُخفه أو يحد من تحركاته رصد الطائرات الاستطلاعية والأقمار الاصطناعية.

 

توجهاته وإنجازاته:

تجلّت في شخصيته ملامح القائد العظيم لشعبه، حيث كان خطيبا بليغا فقيها سياسيا حكيما، سعى بكل ما أمكن لتضميد الجراح وتوحيد الجبهة الداخلية بإجماع كل الفرقاء وانجذب الجميع إلى فصاحة بيانه وحجة لسانه ورجاحة عقله وسعة صدره وإخلاصه لكل أبناء وطنه.

لم يميز أو يفرق بين أحد بل كان رئيساً لكل اليمنيين ورجل دولة لا يفتر ولا يتذمر ولا ينتظر أحد ولا يلتفت لمتخاذل، يبذل جهده في النصح والإرشاد والتبيين، يسعى في كل الميادين، ويتواجد في كل الجبهات، لم ير نفسه إلا جنديا من جنود الوطن.

وعلى الرغم من مسؤولياته ومهامه ومشاغله وحضوره في الدورات التدريبية العسكرية إلا أنه كان يغبط المرابطين في جبهات ومواقع البطولة، وعلى مكانتهم وتضحياتهم يستشعر في خلجات نفسه أن ساحات العزة والكرامة مكانه الأنسب، وأقصى غاياته الشهادة، فسعى إليها بكل جوارحه، فلا كرسي رئاسة قد يغريه عنها ولا مناصب الدنيا تغيره أو تنسيه الشهادة.

لم يوفر جهدا في الدفاع عن الأرض والعرض والحرمات وصون مختلف المناطق خاصة الساحلية منها لعلمه بخطورة المعركة هناك وأهميتها كي لا تسقط بأيدي المحتلين والغزاة، وفي الوقت ذاته لم يغب عنه للحظة تحرير المناطق الواقعة تحت الاحتلال.

 

نقلة نوعية:

دأب الرئيس الشهيد رغم الفترة الزمنية القصيرة التي تولى فيها قيادة البلاد إلى توحيد اليمنيين على قلب رجل واحد لمواجهة العدوان بكل الوسائل والإمكانات، وشهدت المؤسسة العسكرية في عهده نقلة نوعية في التصنيع الحربي ومنها الطائرات المسيّرة والمنظومات الباليستية المتنوعة والتي كان لها عظيم الأثر في تغيير معادلة المواجهة وانتقال اليمن من الدفاع إلى الهجوم والردع ومن الضربات الباليستية الأحادية إلى دفعات موجعة في العمق السعودي.

ومنذ تحمله مسؤولية البلاد ظل الرئيس الشهيد الصماد كابوساً يقّض مضاجع العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي وجعلهم يعيشون في حالة هستيرية من خلال خطاباته وتحركاته التي ترجمها ميدانيا في جبهات وميادين الكرامة، والتي كان لها الأثر القوي في إلحاق الهزائم والخسائر في صفوف العدوان، ورفع معنويات المرابطين من أبطال الجيش واللجان الشعبية.

 

مشروعه الوطني:

أدرك الرئيس الشهيد الصماد عندما رفع شعار “يد تحمي .. ويد تبني” أن مشروعه ليس سهلا ًوأن الطريق أمامه ليس معبداً، وأن هذا المشروع سيواجه عراقيل وصعوبات داخلية وخارجية وأن قوى العدوان لن تسمح ببناء الدولة اليمنية القوية دولة المؤسسات والقانون، ولكنه تحدى العدوان ومرتزقته وقرر خوض غمار معركة البناء.

ورأى بمشروعه “يد تحمي ويد تبني” يمناً مستقلاً حراً عزيزاً غير مرتهن لأيّ دولة، فسعى حثيثا لتوجيه ضربة قاصمة للعدوان يحمي فيها الوطن ويبنيه بعد أن أحاطته يدان وكفّان تكمل إحداهما الأخرى بل ولا تكتمل إحداهما إلا بتوأمها.

وركز مشروعه على ثلاثة مقومات رئيسية لتثبيت مشروع بناء الدولة، تمثلت في الاستقلال والخروج من التبعية التي أضرت اليمن طوال العقود الماضية والمصالحة والاستقرار السياسي من خلال تعزيز الشراكة في إدارة الدولة والاعتماد على الذات في تقوية المؤسسات بمختلف قطاعاتها.

ولم يكن هذا المشروع الوطني سوى انعكاس لروحه ومسيرته النضالية التي لم تغره يوما شهوة المال والسلطة وهذا ما تبين من خلال ما خلفه من مواقف عكست نزاهته وزهده.

وفي هذه الذكرى استطلعت وكالة الأنباء اليمنية(سبأ) آراء عدد من القيادات والمثقفين بمحافظة حجة، الذين تناولوا الدور الفعال للرئيس الشهيد صالح الصماد في مسارات البناء ودلالات مواقفه الخالدة.

 

رمز وطني:

حيث أشار محافظ حجة هلال الصوفي إلى أن ذكرى الرئيس الشهيد صالح الصماد تجسد كل معاني التضحية والشجاعة والإخلاص والوفاء لدى أبناء اليمن، بما مثله من رمز وعنوان وطني وجهادي صادق ومدرسة ونموذجا وقدوة يسير على نهجه ومبادئه الأحرار في البلد.

وقال “الشهيد الصماد ما يزال حيا بيننا بمناقبه ومواقفه وبمشروعه الوطني، فقد زاد اغتياله الشعب ثقة بعظمة المشروع الذي أطلقه والذي يمثل رسالة للعدوان أننا سنحمي الوطن بيد ولن تغيب اليد الأخرى التي ترتكز على العلم والبناء لتقود قطار التحديث والتقدم للشعب”.

وأكد الصوفي أهمية جعل الذكرى السنوية الثانية لاستشهاد الرئيس الصماد ذكرى عهد ووفاء لدمه ودماء كل الشهداء الأبرار والعمل على تنفيذ مشروعه لبناء دولة يمنية قوية.

وأشار إلى أن مسيرة الشهيد الصماد ونضاله حتى استشهاده بنيران العدوان نتاج تربية إيمانية قرآنية وإيمانه بأنه حمل مشروعا تنويريا حتى دفع روحه ثمناً لهذا المشروع.

 

أنصع صفحات التاريخ:

أمين عام محلي المحافظة إسماعيل المهيم أشار إلى أن الرئيس الشهيد الصماد خلّد مواقفه في أنصع صفحات التاريخ وستتناقلها أجيال اليمن .. مؤكدا أن العدوان أحيا في قلوب ملايين اليمنيين صماداً يمضون على دربه ويجسدون نهجه ومشروعه لبناء اليمن ومواجهة تحالف العدوان والتصدي لمخططاته.

وأكد أن الشهيد جسد خلال مراحل حياته أنصع صور البذل والتضحية والإخلاص .. معتبرا مشروعه الوطني” يد تحمي .. ويد تبني” دليلاً على رؤيته الثاقبة لبناء الدولة اليمنية الحديثة.

 

نموذج الصماد:

بدوره اعتبر وكيل المحافظة لشئون الإعلام عادل شلي أن النموذج الذي قدمه الشهيد الصماد في إدارة شئون اليمن خلال ظروف صعبة، ساهم في تعزيز التلاحم الشعبي والاصطفاف الوطني لمواجهة صلف وغطرسة العدوان.

وأكد أن اليمن سينتصر على العدوان بصمود وتلاحم أبنائه وأبطاله المرابطين في الجبهات للدفاع عن سيادة الوطن .. لافتا إلى أن الشعب اليمني صار أكثر تماسكاً وصلابة وأن محاولات العدو للنيل من إرادته ستبوء بالفشل ولن يجنِ سوى الخزي والذل.

ولفت شلي إلى أن الرئيس الشهيد الصماد كان مثالاً للرجل المخلص الذي قام بواجبه على أكمل وجه خلال مسيرته الحافلة بالعطاء والإخلاص لوطنه في ظروف استثنائية وصعبة.

 

صفات قيادية:

من جانبه أشار رئيس هيئة المستشفى الجمهوري بالمحافظة الدكتور عبدالملك جحاف إلى ما اتسم به الشهيد الصماد من مناقب وصفات قيادية توّج بها مسيرة حياته رئيسا لليمن وجاد بنفسه شهيدا في الدفاع عن الوطن وكرامة أبنائه.

وأكد أهمية استلهام الدروس من حياته والسير على خطاه وكل الشهداء في البذل والتضحية والفداء حتى تطهير كامل تراب الوطن من دنس الغزاة والمحتلين.

كما أكد جحاف أن مواقف الرئيس الشهيد الصماد ما تزال في قلوب اليمنيين، بما تحلى به من تواضع ونزاهة وما قدمه من أنموذج وقدوة في إدارة شئون البلاد ولم الشمل في ظروف بالغة التعقيد.

ولفت إلى أن المشروع الوطني الذي دعا إليه الرئيس الشهيد “يد تحمي .. ويد تبني” لبناء الدولة ومواجهة العدوان هو مشروع يتطلع لتحقيقه كل أبناء الشعب اليمني .. مشيرا إلى أن تضحيات الشهيد ستظل حاضرة في وجدان أبناء اليمن للسير في طريق البناء والحرية.

 

نموذج للقائد:

في حين أشار الدكتور محمد الشرفي إلى أن خسارة الوطن باستشهاد الرئيس الصماد كانت فادحة ومؤلمة للجميع .. منوها بما حققه الشهيد من مكاسب في فترة عصيبة لا يزال الشعب اليمني يعيش لحظاتها ويقدم التضحيات الجسيمة من أجل استقلال قراره الوطني.

وأوضح أن الرئيس الشهيد كان أنموذجا للقائد الوطني وستبقى مآثره وحنكته القيادية والسياسية تنهل منها الأجيال معاني العزة و الكرامة.

بدوره ذكر الناشط الإعلامي والحقوقي مراد شلي أن تضحيات الرئيس الصماد وكافة شهداء الوطن وشجاعتهم ستظل خالدة في وجدان الشعب اليمني .. لافتا إلى أن خصوصية مشروع الشهيد الصماد تنبع من المشروع القرآني الكفيل بإنتاج مشاريع مماثلة لمن يأتي ويسير بعده على النهج نفسه.

 

 

سبأ : جميل القشم

قد يعجبك ايضا