الذكرى السنوية للشهيد… محطة للتزود بالعزم وقوة الإرادة والاستعداد للتضحية-أهمية الشهادة -دلالاتها -مكاسبها-
تشهد الذكرى السنوية للشهيد من كل عام الكثير من الأنشطة والبرامج المتنوعة والهادفة والمفيدة، وهذه المناسبة هي بالفعل مناسبةٌ في غاية الأهمية؛ لأنها من المحطات المهمة التي:
– نتزود منها المزيد من العزم، وقوة الإرادة، والاستعداد للتضحية
– نستذكر فيها قداسة القضية التي ضحى في إطارها هؤلاء الشهداء
– كما أنَّ لها أهميةً كبيرة فيما يتعلق باستذكارهم، والاستفادة من سِيَرهم، من أخبارهم، من جهادهم، من تضحيتهم، التي هي كلها دورس مهمة ومفيدة، ولا سيما أنَّ منهم الكثير ممن هم على مستوىً عظيم من الإيمان، والوعي، والبصيرة، والالتزام الأخلاقي والإيماني في كل المراحل الماضية.
-الثبات على هذا الموقف، ومواصلة المشوار في طريق الشهداء، الذي رسموه، والذي قدموا فيه أعظم الدروس في ثباتهم، في استبسالهم، في تفانيهم، في عطائهم.
– لفت الانتباه بشكلٍ أكثر إلى المسؤولية التي تقع على عاتق الجميع: المجتمع والدولة، تجاه أسر الشهداء،
– ترسيخ مفهوم الشهادة في سبيل الله وفق التقديم القرآني المبارك والعظيم.
– إبراز مستوى المظلومية التي يعيشها مجتمعنا الإسلامي-عامة-والشعب اليمني على وجه الخصوص.
– إبراز وإظهار مستوى الصمود، والثبات، وقوة الإرادة، والاستعداد العالي للتضحية.
وهذا أهم درسٍ نستفيده من ذكرى كهذه: التي تعلمنا فيها أن نتحرر من الطاغوت وهيمنته، وألَّا نكون عبيدًا إلا لله، وأن نعيش بكرامة، وأن نسعى للاستقلال، وأن نسعى للتمسك بالمبادئ الإلهية العظيمة، وأقدس وأشرف وأسمى شيء في هذه الحياة، وأنه يستحق منا حتى التضحية بالروح؛ لأننا لن نخسر مع الله أبدًا.
مفهوم الشهادة
الشهادة في سبيل الله: هي التضحية بالحياة في سبيل الله “سبحانه وتعالى”.
أركان الشهادة في سبيل الله:
للشهادة أركان إذا اكتملت هذه الأركان، واتجه الإنسان على هذا الأساس الصحيح، واجتمعت هذه الأركان؛ يعتبر شهيدًا في سبيل الله، وقُتِل في سبيل الله “سبحانه وتعالى”، وهي كالتالي:
– من أجله: فضحى الإنسان من أجل الله “سبحانه وتعالى”، استجابةً له، هدفه وغايته رضا الله “سبحانه وتعالى”.
– وفق التوجيهات التي رسمها: لم ينحرف عنها؛ في إطار موقفه وفي إطار تضحيته.
– وفي الموقف الحق: الذي تحرك فيه، وانطلق على أساسه.
– وفي إطار القضية العادلة: وليس ظالمًا، ولا باغيًا، ولا مجرمًا، ولا خائنًا، ولا عميلًا لأعداء الإسلام.
أهمية الشهادة
-
لولا هذه الثقافة، لولا هذا المشروع القُـرْآني الذي أحيا فينا جميعاً في أوساط شعبنا الـيَـمَـني الروحية العالية للتضحية في سبيل الله، والأمل الكبير بالله -سبحانه وتعالى- وحطَّمَ أغلالَ الخوف والرهبة، لكان واقعُ بلدنا واقعا مختلفا.
-
الشهادة كرامة إلهية لمواقف محقة ومشرفة وليست ألقاباً فخرية.
-
مفهوم الشهادة في سبيل الله وفق المفهوم الصحيح، والتقديم الصحيح، أثمر نصراً في واقع هذه الأُمَّــة، وأصبحت نماذجه قائمة في الساحة وحاضرة بنجاحٍ ملموسٍ ما نراه في قطاع غزة هو نموذج حي، يشهد لصحة وإيجابية وأهميّة وضرورة هذا المفهوم، عندما يقدم بشكل صحيح كيف يصنع في واقع الأُمَّــة متغيرات مهمة وإيجابية، يصنع الحرية بإرادَة الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى، والكرامة والعزة والاستقلال، يصنع النصر.
-
ينبغي أن يصل الإنسان في التزامه الإيماني وفي تربيته الإيمانية إلى مستوى الاستعداد التام للتضحية في سبيل الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى”، فهي ذات أهميّة كبيرة من هذا المنظار.
-
الشهادة في سبيل الله ترسخ روحية العطاء إلى أعلى المراتب، وأرقى المستويات، وحينها يصبح إنساناً معطاءً في هذه الحياة، وخَيِّراً، وفاعلاً، ومثمراً، يصبح مصدر خيرٍ لأمته ومجتمعه ومحيطه.
-
لا يخلو مجتمعٌ من المجتمعات البشرية، ولا أُمَّـة من الأمم في شتى أقطار الأرض، إلَّا وهي تعيشُ ظروفاً من التحديات، والأخطار، والصعوبات، والتطلعات لمشاريعَ أَو أهدافٍ أَو أعمال، وكلها تحتاج إلى تضحية في سبيل تحقيق ذلك لكي تنجز مشروعاً كَبيراً، وطموحاً مهماً، أَو لكي تتصدى لخطرٍ كبير، أَو تتغلب على تحديات معينة، تحتاج إلى التضحية، البشر كلهم على هذا النحو، المؤمن والكافر، والبَّر والفاجر… الكل، كُـلّ المجتمعات البشرية هي هكذا تعيش في هذه الأرض. أي أن الأعمال الكبيرة تحتاج دائما إلى تضحية.
دلالاتها
-
تعبر بكل وضوح عن مظلومية المستضعفين.
-
تدل على مدى الإجْــرَام, والإفلاس الأَخْـلَاقي والإنْسَـاني لدى قوى الشر والإجْــرَام, التي تصل في وحشيتها إِلَـى هذا المستوى من العُـدْوَانية والطغيان.
-
تعبير عن قيم وأخلاق شهدائنا الأبرار ومجاهدينا الأحرار.
-
تعبر عن مصداقية الإيمان الحقيقي بالله سبحانه وتعالى والمصداقية في استشعار المسؤولية لأن هؤلاء الشُّـهَدَاءُ العظماء إنما قدّموا حياتَهم وهم منشَدُّون نحوَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
-
تعبر عن عزة النفس وعظمة القيم التي حملها الشهيد في وجدانه وجسدها في حياته مواقفا مشرفة وعظيمة جعلتهم يتألمون حينما يرَون الظلمَ, ويشاهدون الطغيانَ, فلم يقفوا مكتوفي الأيدي يتفرَّجون على الواقع من حولهم, بل انطلقوا أسودا في مواجهته لم يهابوا الموت ولم يأبهوا لقوة العدو.
-
تعبر عن روحِ العطاء والإيثار والتضحية والصُّمُـوْد والشجاعة والثبات، كُلّ هذه المعاني والقيم التي اختزنها الشُّـهَدَاءُ وتَـحَـرّكوا وهم يحملونها , وعبّروا عنها من خلال مواقفهم وثباتهم وصُمُـوْدهم , وفي النهاية شهادتهم ، عبّروا بذلك كله عن هذه القيم وجسّدوها في أرض الواقع موقفاً وعملاً وتضحيةً وعطاءً لا يساويه عطاءٌ في واقع الإنْسَـان.
-
كما أن الشِّهَـادَةُ هي عبارة عن استعداد عالٍ للتضحية, وهذا الجانبُ له أهميته القصوى في واقع نصرة المستضعفين, خُصُوْصاً وكبح جماح الطُّـغَـاةُ والجائرين عموما.
مكاسبها
-
ثقافة الشهادة تكسب القوة في مواجهة الأعداء وتكسر جبروت الطُّـغَـاة والظالمين والمفسدين، فالأمة التي تملك الاستعداد العالي للتضحية جديرة بأن تحقق لنفسها النصر والحرية والغلبة على المستكبرين.
-
ثقافة الشهادة حمت الأمة من كثير من المخاطر فلو فقدت الأمة هذه الثقافة، لكانت أمة ذليلة ولصارت أمة مستعبدة مقهورة، تقدم من القتلى أضعاف أضعاف ما ستقدمه من شهداء.
-
شعبنا اليمني بفضل الله وبفضل شهدائه العظماء ألحق بقوى العدوان ومرتزقتهم خسائر فادحة وجسيمة في العدة والعتاد.
-
شعبنا اليمني أرهق بصموده وثباته اقتصاد دول العدوان وخلق لهم أزمات ومشاكل اقتصادية مستقبلية كبيرة, وخطيرة.
-
شعبنا بفضل صمود أبنائه وتضحيتهم حقق خطوات مذهلة في بناء القدرات العسكرية ووصل في ذلك إلى حد الاكتفاء الذاتي تقريبا.
-
المقاتل اليمني صقل مهارته واكتسب الخبرات القتالية العالية.
-
كما أنه بتضحياته الجسام حقق لنفسه قوة، فالقوة لا تقاس بالقدرة على مواجهة الضعيف بل تقاس بالقدرة على الصمود في وجه القوي والسعي دوماً لبناء الواقع.
-
انحراف الأمة عن دينها الصحيح وأعلام الهدى الذين أمرت باتباعهم فضلت وذلت بعد أن كان المفترض أن تكون كما أراد الله سبحانه وتعالى لها {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ }.
-
علماء السوء ودورهم في تدجين الأمة للظالمين والدفع بها نحو القبول بالظلم كقولهم كذبا على رسول الله [سيكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي ولا يستنّون بسنّتي قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال أطع الأمير وإن قصم ظهرك وأخذ مالك] وهذا الكلام المخالف للقرآن والمجافي للعقل والمنطق لا يقبله حتى الكفار أنفسهم.
-
هرولة الأمة نحو الظالمين ومحاولة اللحاق بركبهم ((لتحذّن حذو بني إسرائيل)) إلى درجة أن قال: ((حتى لو دخلوا جحر ضَبٍّ لدخلتموه)) وفي بعض ألفاظ الحديث ((لتحذن حذو من قبلكم)) قالوا: اليهود والنصارى؟. قال: ((فمن؟)).
-
قصور وعي الأمة وقبولها لكثير من المفاهيم الدينية المحرفة من قبل الظالمين وتعرض الأمة بسبب ذلك لسنة التسليط الإلهي لأن الانحراف والنفاق حالة تعتبر من أسباب السخط الإلهي ومن عظائم الذنوب ومن فضائع الجرائم، وأنه لا يمكن أن يحمي الإنسان أي شيء آخر، لا انتماؤه للإسلام، ولا قضية أنه صحابي سيدفع عنه غضب الله إن كان قاصرا في وعيه وبصيرته الإيمانية.