“الدمام” الأبعد والأهم في دائرة الاستهداف.. والامارت إلى أين !!
الحقيقة/اسماعيل المحاقري
يفرض اليمن قواعد اشتباك جديدة على أعتاب المرحلة الثانية من عمليات الرد والردع، ويثبت مجدداً قدرته ليس على رصد الأهداف الحيوية والحساسة، بل والوصول إلى أبعد مدى، وضرب أكثر من هدف داخل اليمن وخارجه في توقيت واحد، وبمخزون من الاسلحة الاستراتيجية التي تكرس قاعدة توازن الرعب، وترسم معادلة الذهاب بعيدا في الرد العسكري المؤثر حال تمادي تحالف العدوان في جرائمه بحق المدنيين.
الدمام في أقصى الشرق السعودي وعدن أقصى الجنوب اليمني كانتا على موعد مع عمليتين من العيار الثقيل بمدلولاتهما العسكرية والأمنية ورسائلهما العابرة للحدود..
الاولى أتت في ظروف لافتة لجهة التوقيت والنطاق الميداني واسلوب الرد على جريمة سوق آل ثابت بمديرية قطابر الحدودية والتي راح ضحيتها العشرات من المدنيين بينهم أطفال، بما يعزز ويؤكد حاجة السعودية لمراجعة قراراتها والبحث عن وسائل ناجعة للحد من القدرات اليمنية بعد أن أثبتت الدفاعات الامريكية فشلها وعجزها في اعتراض المسيّرات والصواريخ الباليستية.
عملية الدمام كشفت عن الجيل الثالث من منظومة بركان3 بعيدة المدى والتي خضعت لعمليات تجريب وتطوير تقني لا تتوقف في دائرة التصنيع العسكري لاختراق المنظومات الاعتراضية وفق متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع الذي أكد امتلاك هذه المنظومة لقواعد ثابتة ومتحركة صنعت محليا وهو تطور يمنحها أهمية عسكرية لناحية القدرة على التخفي والمرونة حيث يمكن نقلها وتغيير موقعها تبعا للظروف.
وبحساب المدى والمسافة فالوصول إلى الدمام شرقي المملكة وبمسافة تزيد عن 1200كم من أقرب نقطة حدودية يؤكد قدرة القوة الصاروخية على ضرب أي هدف في طول وعرض جغرافية دول العدوان وهي مسافة تثير قلق الأمريكان قبل غيرهم كون قاعدة الأمير سلطان بمنطقة الرياض التي تمركزت فيها قوات أمريكية باتت أقرب لصواريخ اليمن من أي مكان آخر.
وفي المدلول العسكري تأخذ العملية بعدها الاستراتيجي من أهمية موقع منطقة الدمام عاصمة المنطقة الشرقية وذات الرمزية النفطية والاقتصادية لإطلالتها على ساحل الخليج من ثلاث جهات ما جعل منها الميناء الرئيسي في المملكة والمركز الاقتصادي والتجاري الأهم إذ انها تحوي على ثلاث مدن صناعية وفيها مطار الملك فهد الدولي وقاعدة الملك عبد العزيز.
وبمسافة غير بعيدة عن الدمام يقع ميناء رأس التنورة أحد أكبر مصافي النفط في العالم ومينائيه المخصصين لتصدير النفط السعودي إضافة إلى محطتي تحلية وكهرباء بخارية وهي أماكن حيوية يدرك النظام السعودي التهديدات من حولها وهو ما يفسر غياب موقفه أو التعليق على إعلان قصف الدمام لا سلبا ولا إيجابا.
وأمام هذا التطور واختصارا للوقت والجهد وتفويتا لفرص الاستثمار الأمريكي لاستدرار الاموال السعودية من المهم لمحمد بن سلمان اليوم عدم المكابرة وأخذ رسائل الردع الاستراتيجية على محمل الجد، وبالتالي المسارعة في البحث عن مخرج من المستنقع اليمني قبل فوات الآوان فلا القوات الامريكية بإمكانها انقاذه وحسم المعركة لصالحه ولا حتى القبة الحديدية “الإسرائيلية” يمكن أن تحد من وصول الصواريخ الباليتسية والطائرات المسيّرة ولو كانت كذلك لأثبتت فاعليتها في التصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية في غزة.
في عدن لم تكن رسائل الهجومين المزدوجين لسلاح الجو المسيّر والقوة الصاروخية على معسكر الجلاء أقل قيمة في الدلائل والمفاعيل على المرتزقة ومشغليهم في أبو ظبي الذين انتهجوا سياسية التهدئة والمناورة بالحديث عن اعادة انتشار قواتهم في اليمن وانسحاب الكثير من وحداتهم الغازية من اكثر من محور.
ولاسكات الأصوات الإماراتية المبشرة بمشروع فصل اليمن عن جنوبه كأولوية عيال زايد في المرحلة القادمة بعد أن فشلوا خلال الأربعة الأعوام الماضية في إخضاع اليمنيين وفرض الوصاية عليهم، جاءت عملية الاستهداف للعرض العسكري في عدن في إشارة إلى أن التوجه العام ضد الاحتلال الإماراتي لم يتغير عملا بحق الرد المشروع وفق كثير من المراقبين، وبالتالي ستبقى الإمارات وتشكيلاتها المسلحة عرضة للاستهداف في أي مكان وزمان حتى يتوقف العدوان والحصار وينتهي التواجد الأجنبي في الجنوب المحتل.
ايضا استهداف معسكر الجلاء هي رسالة لكل القوى الاجنبية التي تعمل على إعادة تموضع قواتها في الجزر والموانئ والممرات اليمنية الاستراتيجية على أن القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير لها بالمرصاد.
ومن منطلق الدفاع المشروع عن السيادة الوطنية، على هذه القوى أن تدرك أن تبعات الحرب ستكون وخيمة على أمنها الداخلي وتداعياتها ستطال مصالحها في المنطقة، وليس اليمن الذي بات ساحة اجتماع وافتراق لتحالف الأعراب فالدور بعد الدوحة هو لأبو ظبي التي تبدو وكأنها تمشي في حقل ألغام قد لا تنجو منه، فهي في الوقت الذي تتودد فيه لطهران تجهد نفسها لإثبات ولائها للسعودية ولأن الآتي أعظم خير لها ولشريكتها إعلان وقف عدوانهما على اليمن والانسحاب منه