الدفاعات الجوية .. من التدمير الممنهج إلى قوة ردع فاعلة
إن كشف الستار عن المنظومة الدفاعية الجوية الجديدة جاء كرد طبيعي ومشروع على جرائم العدوان التي راح ضحيتها عشرات الألاف من الشهداء والجرحى جلّهم من النساء والأطفال، وتحذيراً للعدوان بتلقيه ضربات موجعة ومؤلمة إذا استمر في عدوانه وحصاره على اليمن، ويعطي العدوان الأمريكي السعودي فرصة لكي يعود عن حماقاته في اليمن ولفتح باب الدبلوماسية لإنهاء هذا العدوان، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على أن في جعبة اليمنيين المزيد من المفاجآت لدول العدوان والتي قد لا تتحمل نتائجها وانه في حال استمرت السعودية بإجرامها وعدوانها فعليها أن تتحمل نتائج ذلك.
المؤامرة الأمريكية لاستهداف مقدرات اليمن الدفاعية:
يتواصل انكشاف مراحل المؤامرة الأمريكية مع النظام الأسبق الخائن والعميل على مقدرات اليمن الدفاعية، وتدمير صواريخ الدفاعات الجوية اليمنية، على نحو يؤكد ما كشفه السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، بشأن استمرار التآمر الأمريكي على مقدرات اليمن الدفاعية وجيشه لسنوات بتواطؤ وخيانة النظام الأسبق، وأنها كانت تستهدف في مرحلة لاحقة الصواريخ الباليستية قبل أن تمنعها ثورة 21 سبتمبر 2014م.
وظهر للقاصي والداني خيوط مؤامرات الاستهداف الممنهج للقوات الجوية اليمنية، التي تعرضت إلى تدمير ممنهج منذ عهد النظام الأسبق “الخائن والعميل”، الذي تربع في دوحة العمالة لأمريكا، وعمل بكل تفانٍ على تدمير منظومة الدفاع الجوي لإرضاء أسياده في البيت الأبيض الأمريكي، إلى إن بدء العدوان الأمريكي الصهيوخليجي على اليمن، حيث أمعن طيران تحالف العدوان منذ اليوم الأول في استهداف مرافق القوات المسلحة في اليمن الصاروخية منها والجوية، وكذلك مخازن الأسلحة.
إفشال الرهان الأمريكي:
بالرغم مما ذُكر آنفاً، لم يرفع الجيش اليمني، ولجانه الشعبية، وقواته الجوية الراية البيضاء، كما كان يتوقع تحالف العدوان، بل ظهرت وتجلت وقائع المواجهة استبسالاً وصموداً منقطع النظير، لم تدخر فيه وحدة الدفاع الجوي ووحدات الجيش واللجان الشعبية جهداً أو وسيلة متاحة إلا واستخدمتها في مواجهة اسراب طيران تحالف العدوان وغاراتها التي بدأت “بمعدل 120 غارة يومياً” حسب ما أعلن ناطق التحالف حينها احمد عسيري، متباهياً بأن “قوات التحالف استطاعت فرض سيطرة جوية كاملة على الأجواء اليمنية خلال 15 دقيقة”، مردفاً بأن: “طيران التحالف يحلق بحرية كاملة“.
وفي هذا السياق، تمكنت القوات المسلحة ووحدة الدفاع الجوي “بعون من الله” على تجميع ما تبقى من مخزون أسلحتها وإصلاح ما أعطب منها، ومحاولة تصنيع ما دمر، وتطوير ما تبقى، باستخدام المتاح من الإمكانات، والاستعانة بالكوادر اليمنية العلمية والمهنية والتقنية في جميع المجالات ذات العلاقة، حيث استطاعت أن تواجه المؤامرة، وإفشال الرهان الأمريكي وبددت سعادة واشنطن والسعودية.
السيد القائد يبشر الشعب اليمني
شهدت الدفاعات الجوية اليمنية تطوراً تصاعدياً وبوتيرة متسارعة على صعيد عمليات وقدرات اعتراض وإصابة وإسقاط طائرات تحالف العدوان، منذ أعلن السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي في الرابع عشر من سبتمبر 2017م، عن جهود حثيثة لتطوير منظومات الدفاع الجوي، وقال مبشراً أبناء الشعب: «لدينا جهود لتطوير منظومات الدفاع الجوي للتصدي للطائرات الأمريكية الحديثة»، مضيفاً بالقول: «نحن نواجه التقنية الأمريكية في أحدث ما وصلت إليه، وليس مواجهة تقنيات السعودية وأعراب الإمارات».
وبجانب استمرار الدفاعات الجوية في التصدي لغارات طائرات تحالف العدوان منذ اللحظة الأولى وإنهاك الطائرات طوال عام ونصف؛ استطاعت قوات الدفاع الجوي بدعم ومتابعة مباشرة من السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، تطوير ما تبقى من صواريخ وذخائر وإدخال تعديلات تقنية عليها، وابتكار أنظمة رادار متطورة وغيرها من التقنيات، لتبدأ تدريجيا وتحديدا من نهاية العام الثاني للعدوان تصنيع منظومات دفاع جوي وطائرات مسيرة استطلاعية وهجومية وصواريخ بالستية مطورة محليا.
منظومات دفاع جوي رادعة
تمكنت ابتكارات التصنيع العسكري اليمني للقوات الجوية والدفاع الجوي سريعا من تغيير معادلة معركة الجو، واستعادة زمام حماية الأجواء اليمنية تصاعديا، عبر تطوير منظومات «فاطر1»، و”ثاقب1″ و”ثاقب2″، و”ثاقب3″ بخبرات يمنية من صواريخ روسية قديمة، استطاعت تحويلها من صواريخ «جو-جو» إلى صواريخ «أرض-جو» وإدخال تعديلات فنية وتقنية حديثة زادت مدى صواريخ الدفاع الجوي للتراوح بين 9 كلم و23 كلم، وبما يجعلها قادرة على اعتراض وإصابة مختلف أنواع الطائرات الحربية الحديثة للعدوان.
وحققت منظومات الدفاعات الجوية اليمنية الأربع، في المدة الماضية إنجازات صادمة لتحالف العدوان، تمثلت في اعتراض مئات الطائرات وإصابة وإسقاط ما يزيد عن 227 طائرة متنوعة لتحالف العدوان، بينها 16 طائرة حربية نفاثة من طرازات F15 وF15SA وF16 وتايفون وتورنادو، و30 مروحية عسكرية من طرازات أباتشي وبلاك هوك وغيرهما، و15 طائرة درون مقاتلة من طرازي MQ9 وMQ1 الأمريكية وطرازي CH-4 وWing Loong الصينية، و121 طائرات تجسسية، وأكثر من 45 طائرة استطلاع.
كما نجحت منظومات الدفاعات الجوية المطورة محلياً، في الحد من غارات طيران تحالف العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي على اليمن، وبعدما كانت ليلة 26 مارس 2015م «معدل 120 غارة يوميا» حسب ما أعلن ناطق التحالف حينها العميد احمد عسيري، متباهيا بأنه «تم تدمير منظومات الدفاعات الجوي والقوات الجوية وفرض سيطرة كاملة على الأجواء اليمنية». انخفضت إلى متوسط يتراوح بين 25 إلى 20 غارة يوميا في العام الخامس للعدوان، وتراجع عددها من (15353) غارة في 2018م إلى (6534) في أواخر عام 2019م.
معرض الشهيد المهرم
بعد أيام من عملية توازن الردع الثالثة، كشف الستار عن المنظومة الدفاعية الجوية الجديدة، حيث أزاح رئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن مهدي المشاط، الستار عن أربع منظومات صاروخية للدفاعات الجوية، حيث قال وزير الدفاع اللواء محمد ناصر العاطفي، خلال افتتاح “معرض الشهيد عبد العزيز المهرم -لصواريخ منظومة الدفاع الجوي :”إن عام 2020 هو عام “الانتصارات وعام التطوير والارتقاء بأسلحة توازن الردع الاستراتيجية”، وأضاف العاطفي، أن “عام 2020 هو عام الدفاع الجوي”، مشدّداً على أنه “سيأتي اليوم الذي تصبح فيه سماء اليمن محرّمة على طيران العدوان”.
ويعد إزاحة الستار عن منظومات الدفاع الجوي الجديدة دلالة كبيرة على أن اليمن اليوم يمتلك السلاح الاستراتيجي المتطور والقادر على أن يصنع الكثير والكثير وما تتمتع به هذه الأسلحة النموذجية من كفاءة في المواجهة العسكرية أمام تحالف العدوان، فاليمن اليوم دولة محورية في السياسة الاستراتيجية العسكرية في المنطقة، لاسيما وقد أصبحت اليوم تمتلك ولله الحمد هذه الترسانة العسكرية والمكانة المرموقة بين دول العالم والمنطقة، وهذا التفوق في المنظومة الجوية يؤكد مدى ملاءمة مسرح العمليات للأعمال القتالية التي تخوضها قواتنا المسلحة من الجيش واللجان الشعبية ضد العدوان.
إن كشف الستار بين الحين والآخر عن أسلحة نوعية يكسب اليمن أهمية عسكرية نوعية في المعركة في المنطقة والاقليم ونحن نعلم أن اليمن خلال خمس سنوات تتعرض لحرب عالمية ظالمة من قبل تحالف العدوان وكانت هذه الحرب بداية النهوض والتقدم العسكري وبناء الجمهورية اليمنية والقادرة على تصنيع السلاح وتحقيق التوازن العسكري الرادع في الوقت والمكان المناسبين وامتلاك اليمن لإرادته ومصيره واستقلاله.
القادم أعظم
بجانب نجاح منظومات الدفاع الجوي المطورة محلياً، من إسناد العمليات العسكرية البرية في مختلف جبهات الداخل وعلى الحدود وما وراء الحدود، وتحييد طائرات تحالف العدوان عن مسارح المعارك، كما حدث في عمليات عدة، آخرها «نصر من الله»، و«البنيان المرصوص» في نهم ومحافظتي الجوف ومارب؛ لا تعد هذه المنظومات الدفاعية الجوية الأربع المطورة محلياً حتى الآن نهاية المطاف ولا كل ما بالإمكان الإتيان به، بل بداية مسار طويل من التطوير والابتكار اليمني، لاسيما وأن هذه المنظومات الدفاعية الجديدة ستكون مقدمة لمنظومات دفاعية أكثر تطوراً وفاعلية في التصدي للأهداف الجوية المعادية التي ستغير مسار المعركة، في ظل تأكيد القيادة السياسية والعسكرية العليا تقديم كافة أوجه الدعم لتطوير وتحديث المنظومة الدفاعية لتحقيق توازن الردع مع العدو والعاقبة للمتقين .