الدروس المُستقاة من ثورة الإمام زيد…بقلم/زينب إبراهيم الديلمي
تعلّمنا من الإمام زيد بن علي -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- أن من فَضَّلَ زخارفَ الدنيا وفُتُونَها على نعيم الآخرة السرمديّة، يُصبِحُ مُنكَّباً في غياهب الذُّل وقابعاً في ظُلماتها الرديّة.. وتلحظ به أعيننا ما استحوذت أنفس الخونة أنهم فَضَّلوا الذلَّ في اللهث وراء الأموال والعروش والالتحاق في ركب الارتزاق خيرٌ لهم من أن يُناصروا شعبهم المظلوم وبلدهم المكلوم؛ ليبيعوا به دينهم ودُنياهم وآخرتهم ويُصبحوا على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين وخانعين وأذلاء.
تعلّمنا من الإمام زيد بن علي -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- أن النّفس متى ما استقامت وقدّمت نماذج خالدة وسَمَت إلى مُناها الأغلى في الاستقاء بزمزم الهداية، والاستنشاق بعبير التقوى.. تُصبح نفساً قنوعةً بما اقتضت مشيئة الله وتجري على نحوها، فروح الشّهيد، وأعضاء الجريح المبتورة، وصبر الأسير، وتضحيات المجاهد أبلغها استقامةً وأكملها حقاً في تدوين كُـلّ هذه المآثر الساميّة في وجداننا بأحسن شكل وأقوم صورة.
تعلّمنا من الإمام زيد بن علي -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- أن الانتهاج بسِلك العدل والإطلالة نحو نافذة الأمر بالمعروف واجتناب المنكر تُورِثُ الكرامة وينعم الناس بمرافئ الاطمئنان في ظل قيادة أعلام الهدى الذين اجتباهم الله لحمل المسؤوليات العظيمة، والدعوة إلى الصبر والاحتمال تجاه الظروف مهما تُكن مريرة في أمدها.
تعلّمنا من الإمام زيد بن علي -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- أن السكوت عن جرائم أخلاء الباطل آفة تعصف صاحبها بمزيدٍ من الخنوع والخضوع لهواهم، والأجدر للأُمَّـة أن تنهض لتقض مضاجع الأعداء بروحٍ قرآنيّة وعزيمة إيمانيّة.
تعلّمنا من الإمام زيد بن علي -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- أن الجليس في مائدة الفسوق والهرولة في التولّي لأعداء الدين والأمة يُصبح نداً لهم، ومنهم من كانوا يتلون القرآن نائحين بدموع الزيف وعملوا بخلافه ليفتحوا لأنفسهم ثغر الخُسران المبين، ويلقوا بها خاتمهم السيئة المُتتبعة أثرها إليهم ولو كانوا في بروجٍ مُشيّدة.
تعلّمنا من الإمام زيد بن علي -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- أن البصيرة أغنى النعم الإلهية وكنز الكياسة الإنسانيّة وباباً من أبواب الجهاد، فاستغلالها الصحيح يؤدي إلى إحياء الحركات الثوريّة الهادفة إلى الصدع بالحق والوقوف بوجه الظلم، وبها يُميّز المرء الخبيث من الطيب، والحق من الباطل، والصديق من العدوّ.. واستغلالها الخاطئ يؤدي إلى فقدان عنان النّفس وتصبح كالأنعام بل أضل منها سبيلاً.
فهذه هي المدرسة الزيديّة وثورتها العظيمة التي أوقدت مشاعل الشّموخ ورسّخت في الأفئدة أجل الدروس والعبر.. ومن صِبغة أهدافها نستلخص مبادئَ الحركة النهضوية ضد التسلط الأموي الجائر؛ ليبقى السؤددُ الزيدي والدمُ الحسيني والعطاءُ المحمدي آلفاً في خلجات مشاعرنا وثابتاً في ناموس حياتنا