الدروس المستفادة من فيروس كورونا…بقلم/فاضل الشرقي
يعيش العالم بأجمعه، ومليارات البشر هذا الأيام أسوء مراحل الحياة على كل الأصعدة النفسية، والاجتماعية، والصحية، والسياسية، والاقتصادية، والأمنية، والعسكرية….الخ جراء تفشي فيروس كورونا الذي أدخل العالم في شبه عزلة تامة، وألقى به على مشارف الانهيار تسوده حالة من الرعب والخوف والقلق الغير مسبوق الذي دخل لكل القلوب، وروع الكبار والصغار، والنساء والأطفال، وراح ضحيته أكثر من مليون شخص ما بين وفاة وإصابة لحد الآن، وكاد أن يتسبب بوقف وشل حركة الحياة والإنسان في هذا العصر.
رغم تقدم العلم والبحث، والتكنولوجيا، وتفوق الغرب في ذلك إلا أنهم في حالة رعب وخوف وموت حقيقي يوميا كل ثانية، وظهروا عاجزين فعلا عن مواجهة فيروس لا يرى بالعين المجردة، بل عاجزين عن كشف كنهه وحقيقته، هذا باختصار.
وعلى ضوء كلام السيدين الجليلين “عبدالملك الحوثي، وحسن نصر الله” ونظرتهما القرآنية الربانية، يبدوا أنه أمر الله الخالق العظيم القدير الخبير الذي يهيئ ويدبر لما لا يعلمه إلا هو سبحانه وتعالى، فمع ظهور وتفشي الفساد في البر والبحر، والإمعان في الظلم والاستبداد، والتهور والعبث في أرضه وملكوته وعباده كان لا بدّ من أمر من عنده يوقف هذا الاندفاع والتمادي في الظلم والفساد، وهنا نقف عند نقطتين مهمتين مع هذا الوباء والفيروس القاتل:
الأولى: يقول الله سبحانه وتعالى: (فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين) صدق الله العظيم.
فمع توسع حركة النفاق، ودائرة التولي لليهود والنصارى، وتفشي وباء العمالة والخيانة لله ورسوله، وخاصة مع اشتداد وتيرة الصراع الشامل، والعزيمة الاستكبارية لسحق المستضعفين من عباد الله المؤمنين في أرضه هنا يأتي التدخل الإلهي، إما بالفتح والنصر المباشر لهؤلاء المستضعفين، وإما بأمر من عنده لا يعلمه إلا هو يحقق هذه النتيجة الحتمية نفسها، يقول الشهيد القائد “رضوان الله عليه” عن أمر من عنده: (إما بفتح على أيدي أوليائه، وإما بأمرٍ من عنده فهو الذي له جنود السماوات والأرض. وكلمة {أمر من عنده} واسعة جداً يعلمها الله وحده. إلا أن الشيء المؤكد أنه يقول لأولئك وبسرعة من الانتقام منهم، لاحظوا ما أسرع عبارة {فَعَسَى}.. {فَيُصْبِحُوا} {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}(المائدة: من الآية52) ما هذا وعيد شديد، ووعيد بعقوبة عاجلة سريعة سواء كانت عن طريق فتح على أيدي أوليائه أو بأمر من عنده).
الثانية: عندما يتقاعس الغالبية عن نصر دين الله، والذود عنه، وحمايته، ويسود الباطل والضلال فإن الله سبحانه وتعالى من له جنود السموات والأرض قد يستبدل كل هؤلاء المتقاعسين، ويستغني عنهم، وينصر دينه حتى بهذه الفيروسات التي لا ترى بالعين المجردة كجزء من جند الله الذي له جنود السموات والأرض، وهو على كل شيء قدير، وتوقفوا معي قليلا عند هذا النص المهم للشهيد القائد السيد/ حسين بدرالدين الحوثي “رضوان الله عليه” يقول:
(إذا كنا لا نفهم إلا نمطاً معيناً من ضنك المعيشة فالله يخبرنا بأنه: {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} يستطيع أن يجند أيّ شيء، ولو فيروس معين يجعل حياتك ضنكا. يحصل تلقائياً، عندما تبنى الحياة في جانب معين، ولا يسير الناس على هدي الله في مختلف الجوانب الأخرى، تتحول حتى هذه المظاهر إلى عذاب، ما الله قال هكذا عن الكافرين؟ {فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}؟ ما معنى هذا بأن بالإمكان أن يكون ما بين يديك وسيلة عذاب لك، إذا كان ما بين يديك قد يكون وسيلة عذاب لك فهو من مظاهر الحياة الضنكا، والمعيشة الضنكا. لأن هذه حقيقة لا يمكن أن تتخلف) محاضرة فإما يأتينكم مني هدى.
ويؤكد أن الله قد يستغني عنا في مجال نصر دينه، وإعلاء كلمته، وتقويض امبراطوريات الفساد والظلم بهذه الفيروسات يقول:(يمكن أن يستغني عنا ببعوض، فعلاَ, يمكن أن يستغني عنا بفيروسات مما لا ترى إلا بمكبرات ألف وأكثر منها، يمكن أن يستغني عنك بهبة ريح) معرفة الله، نعم الله، الدرس الثاني.
قد يقول قائل لكن هذا الفيروس يفتك بالجميع مسلمين وكفار، وحتى بالنساء والأطفال، نقول له لا شك في ذلك شأنه شأن غيره من الزلازل، والفيضانات، والأعاصير والعواصف المدمرة، وصدق الله القائل: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) مع ضرورة الأخذ بكل تدابير الوقاية والاحتراز والحماية، والله أحكم الحاكمين.