الدبلوماسي اليمني السابق عبدالوهَّـاب جحاف: العدوانُ على بلادنا بريطانيٌّ أمريكي إسرائيلي وَالسعوديّة هي العدوُّ التاريخي لليمنيين
أوضح السفير عبدالوهَّـاب جحاف، أن العدوان على اليمن هو عدوان بريطاني أمريكي إسرائيلي بامتيَاز، مبينًا أن السعوديّة هي العدوّ الأكبر لليمنيين.
جاء ذلك في سياق حديثه، أمس، لبرنامج “ساعة للتاريخ” على قناة المسيرة الفضائية، حول العديد من القضايا المحورية والمفصلية التي شهدتها الساحة السياسية خلال العقود الماضية؛ باعتبَاره شاهد عيان على تلك الأحداث، بعد أن تقلد العديد من المناصب الدبلوماسية كسفيرِ لبلادنا في معظم دول العالم، حتى تم تعيينه من قبل الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، مديراً لمكتب رئاسة القصر الجمهوري.
ولفت السفير جحاف إلى أن اغتيال الرئيس الحمدي في العام 1977 كان محنةً على اليمن، مبينًا أن الشهيد رحمه الله، كان على علاقة قوية جِـدًّا مع الدول العربية، خَاصَّة مع العراق والجزائر وسوريا.
وفي حديثه الذي مثل شهادة لله وللتاريخ، قال السفير عبدالوهَّـاب جحاف، إن الأخطاء في السابق كانت كثيرة، وهي بسَببِ عدم الوعي لوضع اليمن، فصنعاء بعد الثورة امتلأت بالقبائل والمدنيين من كُـلّ جانب.
وأضاف: “حدثت مشكلة بيني وبين عبدالرحمن البيضاني بعد الثورة مباشرةً حينما اعترضت على قراره بفصل أحد الإعلاميين المصريين، ما أَدَّى إلى إزاحتي عن إدارة مكتبه، فأخبرته أنني مديرٌ لمكتب القصر الجمهوري، ومستشار السلال، إلى جانب عملي كمديرٍ لمكتبه”.
وبيّن جحاف أن القاضي يحيى الشامي كان من جلساء الإمام، فتم حبسُه بعد الثورة مباشرة، لكنه أطلق بعد ذلك، حَيثُ ذهب القاضي الشامي إلى السلال لطلب منصب، فرد عليه السلال بأن ينتظر، فرد الشامي ساخراً: اعدموا واحداً وعينوني بدله!
وأشَارَ إلى أن القاضي عبدالرحمن الإرياني، كان يتواجد في تعز بعد الثورة، فكتب برقية إلى السلال قال فيها: اللهم إني بريء من هذه الدماء التي تسيل، كما أن الأُستاذ الزبيري والأُستاذ أحمد النعمان لما وصلوا إلى صنعاء تبرؤوا مما حصل فيها من إعدامات، مبينًا أنه وبعد ثمانية أشهر من نفيه إلى القاهرة، جاء السلال إليها للعلاج في مستشفى “غمرة”، فقام بزيارته رفقة القاضي عبدالرحمن الإرياني وعبدالسلام صبرة إلى داخل المستشفى.
وأفَاد السفير عبدالوهَّـاب جحاف، بأنه تم تكليفه من قبل السلال بالسفر إلى السودان لحل المشكلة التي حدثت بين قبائل “قيفة والحدا” في الجالية اليمنية هناك، مبينًا أن مطار القاهرة كان يقوم بمنعه من السفر إلا أنه وبعد ذهابه إلى السودان استطاع العودة إلى صنعاء، وفي اليوم الثاني ذهب لمقابلة السلال، لكنه لم يرحب به وأدخله ضمن الوفد الذاهب إلى الصين، التي مكث فيها أسبوعاً.
وأردف قائلاً: “بعدها توجّـهت إلى موسكو للحاق بعبدالله السلال، لكنه قد ذهب واتخذ قراراً بتعييني وزيراً مفوضاً في موسكو، أدركت حينها أن الخارجية لم يصلها خبر تعييني، ولم تصل لي أية مستحقات بينما كان زملائي يستلمون مستحقاتهم، فذهبت إلى السلال وهو في القاهرة للاعتراض على تعييني وزيراً مفوضاً في موسكو بدون معاش، حَيثُ أمرني بالتوجّـه إلى صنعاء، فذهبت مع سنان أبو لحوم لزيارة العراق والكويت والجزائر ثم توجّـهت إلى صنعاء”.
ونوّه الدبلوماسي اليمني السابق إلى أنه كان ضمن المشاركين في مؤتمر خمر، وتم تعيينه من قبل الأُستاذ أحمد النعمان مديراً للإذاعة خلال فترة المؤتمر، مبينًا أنه قاد مظاهرة قوية وعنيفة ضد الوضع في صنعاء، فأدخله السلال السجن بعد انتهاء “مؤتمر خمر” مباشرةً، كما منع المشاركين في “مؤتمر خمر” من الدخول إلى صنعاء بمن فيهم رئيس الوزراء أحمد النعمان، مُضيفاً أنه دخل السجن مع مجموعة من الزملاء حوالي 18 شخصاً، من بينهم أحمد الشجني وعبده عثمان.
وأوضح السفير جحاف أن علي عبدالله السلال، مدير الشرطة العسكرية، قاد في اليوم الثاني مظاهرة مضادة لنا فحُبس كذلك، لكن تم إخراجه قبلنا من السجن فاعترض زملائي المسجونون ورفضوا الخروج، مُشيراً إلى أن الشيخ محمد يحيى الرويشان اتصل بالشيخ أحمد عبدربه العواضي للتوسط بينهم وبين السلال، حَيثُ تمكّن الشيخ أحمد عبدربه العواضي من اقناع زملائي بالخروج من السجن، والذهاب مباشرةً إلى بيت السلال، لافتاً إلى محاولات السلال استفزازه بالكلام داخل المنزل لكنه ظل ساكتاً بطلب من الشيخ العواضي.
واستطرد قائلاً: “نصحني الشيخ حسين الزرقة بالسفر إلى أي مكان، فتوجّـهت إلى موسكو مع السفير صالح الأشول والمحلق العسكري عبدالله المؤيد، حَيثُ وصلت إلى القاهرة ومنعت هناك من السفر إلى موسكو، فجاء القاضي الإرياني ليقدم احتجاجه على ذلك فسمحوا لي بالمغادرة”، مبينًا أن مصر كانت أول دولة تعترف بالجمهورية اليمنية، تلاها سوريا والعراق والاتّحاد السوفيتي ثم الجزائر، مُشيراً إلى أن علاقة الاتّحاد السوفيتي بالإمام يحيى ومن بعده الإمام أحمد كانت علاقة قوية جِـدًّا، وقد استمرت تلك العلاقة بين اليمن والسوفييت، ووقعت اتّفاقية “الصداقة والتعاون والود “آنذاك”.
ونوّه السفير جحاف إلى الاستعدادات الجارية للاحتفال بالذكرى الـ40 للاتّفاقية اليمنية السوفيتية، إلَّا أنَّ وفاة رجل الفضاء السوفيتي الشهير “يوري جاجارين” في ذلك اليوم دفع الجانب اليمني إلى تأجيل الحفل؛ مِن أجلِ تقديم واجب العزاء، لكن وكيل وزارة الخارجية السوفيتية آنذاك رفض ذلك قائلاً: “يوري جاجارين قد مات لكن العلاقة اليمنية السوفيتية لم تمت ولن تموت”.
وكشف الدبلوماسي اليمني السابق عن قيام أحد الأشخاص بمهاجمة الإمام يحيى في موسكو، لكن وكيل وزارة الخارجية السوفيتية آنذاك اعترض وقال بأنه ممنوع مهاجمة الإمام في موسكو؛ باعتبَاره صديقاً لنا ولم يكن عميلاً للاستعمار بل كان ضده، كما أن السفارة اليمنية في موسكو كانت لها مكانة خَاصَّة، وكانت علاقتنا بالاتّحاد السوفيتي أخوية وصداقة قوية في الداخل والخارج.
وأفَاد بأن العلاقة المصرية مع السعوديّة والمغرب وتونس كانت مقطوعة، لكنهم استجابوا لنداء عبدالناصر في إحدى القمم بالقاهرة بطلب من الملك سعود، حَيثُ تكلم السلال أثناء القمة وكانت لهجته قاسية وغير مقبولة لدى الجميع، ما دفع عبدالناصر إلى إعطاء السادات والمشير عامر أمراً بالنهوض إلى السلال لإسكاته وإعطاء الإذن للقاضي الإرياني للتكلم باسم اليمن.
وحول علاقته بليبيا، أكّـد جحاف أنه تم تعيينه سفيراً لليمن لدى ليبيا وكانت علاقته بالرئيس معمر القذافي قوية جِـدًّا، وكان يناديه بـ “السبتمبري”، موضحًا أن القذافي انتقد اتصالنا بمصر واعتبره خطأ، فأجبت عليه أنها غلطته هو شخصيًّا؛ كونها كانت فكرته ولا يتحمل وزرها أحداً من زملائه، لافتاً إلى أن الإخوة في الجنوب آنذاك كانوا قد سبقوا الشمال في إقامة العلاقات مع القذافي، وكانت السفارة الليبية موجودة في عدن، لكن القذافي أصر على نقل السفارة إلى صنعاء، وعَقد قمة طرابلس بين اليمن الشمالي والجنوبي التي خرجت بمباركة اتّفاقية القاهرة.
وفيما يخص المشاركات الخارجية للسفير عبدالوهَّـاب جحاف، أكّـد مشاركته في لقاء الجزائر الذي عُقد بين الرئيسين الشمالي والجنوبي لاستعراض نتائج اتّفاقية القاهرة ولقاء طرابلس، ليتم تعيينه بعدها سفيراً لليمن لدى سوريا، لافتاً إلى أنه وخلال حرب أُكتوبر عام 1973م تم قُصف البيت الذي كان مستأجراً له في دمشق، بالإضافة إلى تضرر السفارة اليمنية، منوِّهًا إلى تعيينه سفيراً لليمن في قطر لمدة ست سنوات، واصفاً العلاقات اليمنية القطرية حينها بالجيدة جِـدًّا.
واستعرض الدبلوماسي اليمني السابق جانباً من علاقاته بالرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، حَيثُ أوضح أن الثورة جاءت وإبراهيم الحمدي لم يتخرج من كلية الطيران؛ بسَببِ تعرضه للسجن، رغم قيامة بأعمال أبيه في ذمار، مبينًا أن يحيى المتوكل رأى الحمدي مقيداً في السجن، فخاف عليه من الإعدام، فذهب إلى السلال؛ مِن أجلِ التوسط لإخراجه، وكان حينها علي المؤيد موجوداً عند السلال، فاتفقا بأن يُعيَّن إبراهيم الحمدي سكرتيراً لعلي المؤيد الذي كان يشغل منصب مدير الكلية الحربية في ذاك الوقت.