الدبلوماسي السابق لدولة الهند في الأمم المتحدة، هارديب سينغ بوري: دور الأمم المتحدة والقوى الغربية في التستر على المسارات الكارثية للحرب السعودية على اليمن
الوضع في اليمن هو نتاجٌ آخر وتكرار للسيناريو السوري والليبي، تولد جراء التدخل العسكري ذي العواقب الوخيمة، كما أن الدعم اللوجستي والمخابراتي والعسكري الأمريكي والبريطاني للسعوديين وحلفائهم، حوّل الحرب اليمنية إلى صراع دولي ممتد، في حين لعبت الأمم المتحدة دور “المتفرج الصامت”.
نشر موقع “ذا جلوباليست” الأمريكي، مقتطفات من كتاب “التدخلات المحفوفة بالمخاطر: مجلس الأمن وسياسة الفوضى” التي كتبها الدبلوماسي والممثل الدائم “سابقاً” لدولة الهند في الأمم المتحدة، هارديب سينغ بوري (30 أغسطس 2016)، تحدث فيه عن دور الأمم المتحدة “الصامت” في الحرب باليمن، وكيف ساعدت القوى الغربية، بشكل جيد، المملكة الغنية في التستر على مسارات الحرب الكارثية؟
مشيرًا أن اليمن في دائرة الاستهداف السعودي، فمنذ بداية هجوم قوات التحالف التي تقودها السعودي على اليمن، قتل أكثر من 6000 شخص، نصفهم من المدنيين، كما دمرت المنازل والمستشفيات والطرق والمدارس ومخيمات اللاجئين.
ونتيجة لهذه الحملة العسكرية تحت رعاية المملكة العربية السعودية، تسببت في مجاعة كبيرة للسكان اليمنيين، وقد نزح نحو 2.5 مليون شخص.
ورغم كل ذلك، يقول هارديب، إن القوى الغربية، ساعدت السعودية في إخفاء حربها الكارثية على اليمن، في حين لعبت الأمم المتحدة دور “المتفرج الصامت”.
ويرى الدبلوماسي الهندي هارديب، أنه وعلى الرغم من أن التدخل العسكري لقوات التحالف التي تقودها السعودية، لم تحقق نجاحاً حتى الآن، فقد انضم إليه الجهاديون السنة أيضاً، ما يعد انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي.
وذكر أن بيتر موير، رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بعد زيارة للبلاد في أغسطس من العام الماضي، لاحظ بدقة كارثة إنسانية خطيرة: “اليمن بعد خمسة أشهر تبدو سوريا بعد خمس سنوات”.
الدخلاء الغربيون لم يحسنوا الأمور
ويتساءل الدبلوماسي هارديب: هل سيكون الوضع أفضل في اليمن، وكذلك في دول أخرى في المنطقة، إذا لم تتدخل القوى الغربية في السياسة الداخلية لهذه الدول؟ مبيناً، في الوقت نفسه، أن الوضع في اليمن هو نتاجٌ آخر تولد جراء التدخل العسكري ذي العواقب الوخيمة وتسليح المتمردين.
ويقول هارديب، إنه في محاولة لإعادة حكومة هادي، و”منع نمو النفوذ الإيراني في المنطقة عن طريق إضعاف الحوثيين”، أطلق الشاب بن سلمان عملية “عاصفة الحزم”، الطويلة والمكلفة والمتسرعة والتي لا تزال حتى يومنا هذا.
لافتاً أنه عند النظر إلى الجذور التاريخية العميقة لجماعة الحوثيين، كونهم وصلات واضحة مع إيران وحزب الله، فقد كانت مغالطة كبيرة من جانب السعوديين. وقد ساعد ذلك في بناء مفهوم معيب حول الصراع في اليمن وتم استخدامه بسهولة من قبل آل سعود لتبرير تدخلهم العسكري في واحدة من أفقر دول المنطقة.
ها نحن نعيد الكَرَّة مرة أخرى
وقال الدبلوماسي الهندي هارديب، إن الدعم اللوجستي والمخابراتي والدعم العسكري الأمريكي والبريطاني للسعوديين، جنباً إلى جنب مع دول الخليج، حول الحرب الأهلية اليمنية إلى صراع دولي ممتد.
مضيفاً أنه على الرغم من أن مصلحة الولايات المتحدة “الأولية” في اليمن كانت محاربة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. لكن المفارقة العجيبة أن الولايات المتحدة ألزمت نفسها لمحاربة الحوثيين على الرغم من أنها مجموعة نادرة تعتبر قادرة على محاربة القاعدة وداعش.
وأشار أن التدخل غير المدروس الذي داس على النظام القضائي في اليمن فضلاً عن المجتمع الدولي لم يواجه أي إدانة صريحة من قبل مجلس الأمن للأمم المتحدة – وهي الهيئة الدولية المسؤولة عن ضمان السلام والأمن العالميين.
ولفت أن جمال بنعمر، المبعوث السابق للأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، كان على مشارف حل سلمي تفاوضي بين الأطراف المتحاربة في مارس 2015، لكن الإعاقة المنتظمة والتدخل والإجبار من قوى خارجية التي مورست ضده، جعلته يستقيل بعد شهر من تدخل السعوديين عسكرياً في اليمن.
مؤكداً أن الأمم المتحدة لعبت دور “المتفرج الصامت” في حين سلح السعوديون مختلف الجماعات المناهضة للحوثيين وحلفائهم، وبالتالي تكرار الأخطاء التي ارتكبها الغرب في ليبيا وسوريا. ولكن هذه المرة، قوة إقليمية، وليس قوة خارجية غربية.
تكرار سيناريو ليبيا وسوريا
وذكر هارديب، بأن ليبيا وسوريا لا تزالان تترنحان تحت تداعيات القرار الغربي لتسليح المتمردين في تلك البلدان.
وفي انعكاس واضح لتحالفات القوى الدولية، يرى الدبلوماسي والممثل السابق لدولة الهند في مجلس الامن، قرار مجلس الأمن رقم 2216، الذي يتعلق بالصراع في اليمن، خص الحوثيين وحلفاءهم، ولكن لم يشر الى السعوديين أو التحالف الدولي المسؤول عن الفوضى والدمار الواسع النطاق الذي خلفه في افقر دولة في المنطقة.
معتبرا أن ذلك التغيير الخطير في السجل التاريخي قد يكون مريحا بالنسبة لأولئك الذين نفذوا هذه المناورة، لكن ذلك لا يعفيهم من سخريتهم للحقيقية.
خطوة ساخرة
ويصف الدبلوماسي الهندي، ترحيب الأمم المتحدة بالمساعدات الإنسانية المقدمة لليمن من مركز الملك سلمان للإغاثة، بالخطوة الساخرة، معتبراً أنها خطوة تؤكد السخرية من اطفال اليمن الذين قتلتهم السعودية. كما اعتبرها مثيرة للحنق ولاسيما بالنظر إلى أن تقرير للأمم المتحدة الذي تم تسريبه في وقت سابق من هذا العام أكد استهداف المدنيين من قبل قوات التحالف السعودي “على نطاق واسع ومنهجي”.
ولفت انه في الآونة الأخيرة، أزالت الأمم المتحدة السعودية – بناءً على طلب من الرياض – من القائمة السوداء للدول المسؤولة عن قتل الأطفال، حتى بعد أن وثقت تقارير رسمية بان السعودية مسؤولة عن 60٪ من وفيات الأطفال في اليمن، مبيناً ان ذلك يكشف انحراف المجتمع الدولي في معالجة الحرب الاهلية اليمنية.
*المقال مقتبس من كتاب “التدخلات المحفوفة بالمخاطر: مجلس الأمن وسياسة الفوضى” التي كتبها هارديب سينغ بوري (هاربر كولينز الهند، 31 أغسطس 2016)
هارديب سينغ بوري، ضابط هندي سابق في وزراة الخارجية، وشغل منصب الممثل الدائم للهند لدى الأمم المتحدة في جنيف من 2002-2005 وفي نيويورك من 2009-2013، وبالتزامن مع الفترة في شهر 12 من عام 2011 عندما كانت الهند عضواً غير دائم في مجلس الأمن. وكان رئيس المجلس في أغسطس 2011 ونوفمبر 2012، ورئيس لجنة مكافحة الإرهاب في الفترة من يناير 2011 وحتى فبراير 2013.