الخطوط الحمراء ……بقلم / د. أحمد صالح النهمي
رأيتهم جبالا تعتلي الجبال، وسماوات تلتحف السماء، على جباههم الشامخة يلوح شموخ اليمن ، وفي سحناتهم السمراء تتجلى معاني حب الوطن ، وصدق الانتماء إلى الأرض يجتازون المسافة بسرعة البرق الخاطف ليذودوا عن الحرمات ، ويدافعوا عن الكرامة ، إنهم أول من يضحي وآخر من يفكر في المكسب.
حين وقفت على متارسهم في الزيارة العيدية التي قامت بها القيادات الأكاديمية بوزارة التعليم العالي والجامعات اليمنية ورأيت طبيعة الحياة التي يعيشونها على سفوح الجبال بين حرارة الشمس وزمهرير الليل وصراع الموت الذي قد يتنزل في أية لحظة، تذكرت عظمة اليمانيين الذين وصفوا بأنهم أولي بأس شديد، وأن أرضهم مقابر الغزاة .
تذكرت كلام ناطق تحالف العدوان (أحمد عسيري) في برنامج المذيع (سلام مسافر) على قناة روسيا اليوم حين علل سبب تدفق اليمنيين إلى جبهات القتال “بأن المليشيات الحوثية تدفع لهؤلاء المقاتلين مبلغا يوميا قدره 100$ ، ويصل إجمالي ما يتقاضاه الفرد شهريا 300$، أي بما يعادل بالريال اليمني حوالي (800) ألف ريال يمني”، والعسيري بذلك إما أن يكون مضللا بهذه المعلومات فيما هو يدرك حقيقة الدوافع التي تجعل اليمنيين يلتحقون في صفوف الجيش واللجان فيكون بذلك (أفاكا كبيرا)، وإما أن يكون مقتنعا بصحة كلامه كضحية لتقارير زائفة يبرر بها مرتزقة العدوان أسباب انهزامهم فيكون بذلك (حمارا صبيانيا).
لا يمكن لأموال الدنيا أن تكافئ هؤلاء الأبطال عما يقومون به من واجب، وما يقدمونه من تضحيات ، ولعل الشيء الوحيد الذي يمكن أن يكافئ هذه التضحيات هي الرغبة الصادقة في الوصول بالوطن إلى بر الأمان، في يوم تشرق فيه الشمس على اليمن وقد تخلص تماما من كل أشكال الهيمنة والوصاية على قراراته السيادية ، يمن تتحقق فيه المساواة والعدالة والحرية في ظل النظام الديمقراطي الجمهوري .
إن التضحيات التي قدمها شرفاء الوطن وأحرار البلاد على كل جبهات القتال والمعاناة التي عاناها شعب اليمن الصابر من الحصار والدمار على مدى أكثر من ستة عشر شهرا تفرض على المحاور السياسي الوطني خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها بحال من الأحوال ، ولعل أهم هذه الخطوط تتمثل في الحفاظ على وحدة اليمن وتحقيق سيادته الكاملة وتخليصه تماما من الوصاية السعودية التي ظلت تعبث به طوال العقود الماضية، وألا مكان في هذا الوطن لشرعية هادي تحت أي مسمى، فلا شرعية إلا للشعب اليمني ، وهو وحده كما ينص الدستور صاحب القرار ومصدر كل الشرعيات ، ومحاولة فرض شرعية هادي على الشعب اليمني مجددا، ما هو إلا عدوان جديد على الشعب ويجب مقاومته .
يجب أن تظل السعودية في الذاكرة الجمعية للشعب اليمني دولة عدوانية قادت حربا ظالمة على اليمن، ويجب أن تتحمل آثار الحرب ونتائجها حاضرا ومستقبلا، ومن السذاجة تصوير المشكلة اليمنية على أنها صراع بين أطراف يمنية متنازعة، وأن السعودية تلعب دور الوسيط المحايد ، فلا يمكن أن تتناسى الأجيال المتلاحقة جرائم السعودية في اليمن .