الحكمة اليمانية في مواجهة الصلف الصهيوأمريكي
الحكمة اليمانية في مواجهة الصلف الصهيوأمريكي
مائة وعشرة أيام والإنسانية تنزف والعالم المستكبر يكشف عن حقيقته كغول متوحش ينهش الأبرياء ويستقوي على الضعفاء، لقد كانت غزة اختباراً حقيقياً أظهر تمايز الناس بين عدو حقود، وجبان رعديد، ومنافق يتشفى، وخائن يحرض، وأحرار رغم قلتهم يعملون ما يستطيعون للحفاظ على ما تبقى من وجه الإنسانية المذبوحة على مقاصل الكيان الصهيوني المجرم، الذي يحظى بدعم مطلق من قبل أمريكا صاحبة التاريخ الأسود الحافل بالكثير من الجرائم ضد البشرية والدولة الإرهابية الفاشية المغتصبة الظالمة والغارقة في نزعة العدوان والممارسة لكل صنوف وأنواع الطغيان والوحشية والإجرام، رغم الأقنعة المزيفة التي تحاول الظهور بها والتسويق لها كدولة تتشدق بالحرية والديمقراطية وحماية حقوق الإنسان وهي أكبر دولة عنصرية ظهرت على وجه التاريخ..
من وراء عمليات الإبادة والحصار والتهجير في غزة؟
ما يحدث في غزة تحت مرأى ومسمع العالم جريمة بحق البشرية كلها والمتسبب الرئيسي كما قال السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطابه الأخير مساء الخميس 25 يناير 2024م هي أمريكا ” السبب الأساس والرئيس في استمرار الإجرام الصهيوني هو الموقف الأمريكي” إذا فمن يحاصر غزة هو الأمريكي من يمنع وقف العدوان على غزة هو الأمريكي، من يمنع أدخال الدواء والغذاء للمحاصرين في قطاع غزة هو الأمريكي، وهو أساس الداء وأس البلاء وكل ما يجري من إجرام صهيوني سواء في فلسطين أو في سوريا أو في لبنان أو في اليمن أو في مختلف الدول العربية والإسلامية هو الأمريكي الحامي الشرعي للصهاينة المجرمين.. والرافض لأي عقوبات أو قرارات دولية ضدهم ..
.
أمريكا التي شنت حروباً دامية في أفغانستان والعراق في أماكن مختلفة من العالم منذ أحداث 11 أيلول 2001 من غير الحروب التي شنتها عبر وكلائها من الأنظمة والجماعات التكفيرية وجيّشت العالم كله تحت مظلة مكافحة الإرهاب, لكنها اليوم تمارس الإرهاب بأبشع صورة و أمام العالم جهارا نهارا وبكل صلافة وتحدي.
فهي إلى جانب منح حصانات وحمايات وتغطيات خاصة ومجانية لمجرمي الحرب الحقيقيين في الكيان الصهيوني وعملاء هذا الكيان في كل مكان هي نفسها متحصنة هي الأخرى بالنظام العالمي الجديد الذي احتكرته لأكثر من عقدين وطوعته لخدمة مصالحها ومصالح الكيان الصهيوني الذي يشكل القاعدة الأمامية لتنفيذ استراتيجيتها الهدامة في الوطن العربي ومنطقة الشرق الأوسط، تقوم بشن عمليات قصف إجرامية على أماكن عدة في اليمن في محاولة لمنعه من مساندة أبناء غزة الذين يتعرضون لأكبر جريمة إبادة في التاريخ وفي منطقة صغيرة ومحاصرة من كل مكان وفي نفس الوقت لا تجد حرجا في إرسال جنودها لمشاركة الجنود الصهاينة عمليات القتل ضد الشعب الفلسطيني إضافة إلى جسر جوي للكيان يمدونه بمختلف أنواع وأشكال الأسلحة والقنابل المحرمة التي تحرق وتمزق أجساد الأطفال والنساء ..
الإصرار الأمريكي يقابله إصرار يمني
الإصرار الأمريكي على استمرار الإجرام الصهيوني في غزة، ومواصلة منح العدو الإسرائيلي الضوء الأخضر لقتل الأطفال والنساء ومحاصرتهم وتجويعهم إلى جانب ممارسة الترهيب والترغيب ضد الدول الغربية الأخرى كألمانيا وبريطانيا وغيرها من دول العالم لتقديم مزيد من الأسلحة للعدو الصهيوني، إضافة إلى شن حملات ترهيب وملاحقة كل من ينتقد الجرائم الصهيونية في مختلف دوائر ومؤسسات الحكم في الدول الغربية بما في ذلك الجامعات والمدارس والصحافة والإعلام وحتى المظاهرات يتم منعها بالقوة كما يحدث في المانيا.. ويُصر الأمريكي على منع وصول الغذاء والدواء إلى سكان غزة، ويرفض فتح معبر رفح، ويمنع تدفق المساعدات الإنسانية، والاحتياجات الإنسانية والضرورية للشعب الفلسطيني في غزة، لا من البر، ولا من البحر، ومع كل هذا يزداد إصرار الأمريكيون على أن تصل السفن المحملة بالمؤن والمواد إلى الإسرائيليين من كل البحار، وتقاتل من أجل ذلك، في الوقت نفسه الذي تمنع وصول الغذاء والدواء إلى الشعب الفلسطيني في غزة.
وأمام هذا الإصرار الأمريكي هناك إصرار يمني جاد وحازم ومهما كانت النتائج على منع وصول أي سفن للكيان الصهيوني عبر البحر الأحمر مهما كانت التطورات العسكرية حتى لو احتشد العالم كله وليس الأمريكي والبريطاني لوحدهم على قصف اليمن وإحراقه وتدميره فإن ذلك في نظر الشعب اليمني أفضل وأشرف من الصمت والسكوت وهذا ما أكده قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي بقوله: (يأبى لنا ضميرنا الإنساني، وانتماؤنا الديني، وروابطنا الأخوية مع الشعب الفلسطيني، أن نسكت، أو أن نتفرج على تلك المشاهد المأساوية من جوع أهالي غزة، أو الجرائم الرهيبة التي تمارس بحقهم، دون أن يكون لنا موقف، أو أن نتجاهل نداءات أخواتنا وأمهاتنا في غزة، أو أن نتفرج على دموع الأطفال اليتامى، ونتجاهل صرخات الثكالى).
ويضيف قائد الثورة بأن الأمريكي ما زال يرفض معادلة إنسانية منصفة تتمثل في وقف العمليات اليمنية مقابل إدخال الدواء والغذاء إلى أبناء فلسطين ووقف عمليات الإبادة والتهجير التي يتعرضون لها: أمَّا إصرار الأمريكي على حماية الإجرام الصهيوني، محذراً للعالم من تصديق الرواية الأمريكية بأنها ينفذ عمليات عسكرية لحماية الملاحة الدولية فالملاحة الدولية متاحة باستثناء السفن الصهيونية أو تلك التي تتجه إلى الكيان الصهيوني، موضحا أن هدف العمليات اليمنية هو إيصال المواد الغذائية للشعب الفلسطيني: ((نحن نستهدف بكل وضوح السفن المرتبطة بإسرائيل، وبهدف إيصال المواد الغذائية إلى الشعب الفلسطيني، هدفنا هو الضغط من أجل ذلك: إيصال الدواء والغذاء والاحتياجات الإنسانية للشعب الفلسطيني في غزة، ومنع الإجرام الصهيوني، جرائم الإبادة الجماعية، والإجرام الصهيوني بحق سكان غزة، وهذا هدف واضح، ومقدَّس، وهو في نفس الوقت مطلبٌ إنسانيٌ، ومن المفترض أن يكون التجاوب معه)).
وفي الوقت نفسه أكد السيد عبد الملك أن الإصرار الأمريكي على مواصلة العدوان على غزة يقابله إصرار يمني على مواصلة العمليات العسكرية ضد السفن التي تتجه للعدو الصهيوني معتبراً ذلك جزءا من الجهاد في سبيل الله: ((مهما كان التصعيد الأمريكي والبريطاني، ستكون نتائجه عكسية، لن يؤثر على قرارنا، نحن مصممون على هذا القرار وهذا الموقف، ولن يؤثِّر على إرادتنا وعزمنا، نحن في عمل مقدَّس نعتبره جزءاً من جهادنا في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ولن يؤثر على قدراتنا العسكرية، بل نحن نطوِّرها باستمرار، ونحن نأخذ احتياطنا، ولسنا جديدين على مواجهة التحديات الحربية والقتالية، نحن متمرِّسون على ذلك، نتائجه ستكون عكسية على الأعداء في الكلفة، في توتير الوضع، في توسيع الصراع، في تهديد الملاحة البحرية، وقد شهد الواقع على ذلك، منذ بداية الاعتداءات بالغارات الجوية على بلدنا، وبالقصف الصاروخي من البحر، لم يتمكن الأمريكي من إيقاف الضربات إلى البحر، ومن استهداف السفن، بل أدخل نفسه هو والبريطاني في المشكلة)).
الحل الوحيد
ويؤكد السيد القائد بأن الحل الوحيد لما يحدث في البحر الأحمر هو “إدخال الغذاء والدواء إلى أهالي غزة، إيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب الفلسطيني في غزة، وإيقاف جرائم الإبادة الجماعية، ووقف قتل الأطفال والنساء، هذا هو الحل الذي يمكن من خلاله أن نقف في موقفنا، وأن يكون قد تحقق الهدف لموقفنا.
محذراً من استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة وتجاهل داعمي الكيان ومواصلة تصعيدهم في البحر خصوصا أمريكا وبريطانيا مؤكداً أن استمرا القتل والتصعيد الأمريكي سيقابل بتصعيد أكبر من قبل أحرار الأمة وفي المقدمة الشعب اليمني الأبي.
مسؤولية المسلمين تجاه غزة
وينبه السيد القائد إلى حجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقهم تجاه نصرة أبناء غزة وإيقاف عمليات القتل والتهجير والتجويع التي يتعرضون لها محذراً من خطورة التخاذل والتنصل عن المسؤولية والسعي لتمكين الأعداء لمواصلة استهدافهم لأبناء الأمة..
داعيا أبناء الإسلام إلى النهوض بمسؤولية وإلى اكتساب الوعي بطبيعة الصراع مع اليهود والنصارى ومواصلة مواقفهم المناصرة لأبناء فلسطين كالمظاهرات والوقفات في مهمة إضافة إلى مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية.. “هذا شيءٌ مهم، هي مسؤولية مقدَّسة، والتحرك فيها بنيةٍ صادقة، يعتبر جهاداً في سبيل الله سبحانه وتعالى، والتحرك في مثل هذه الظروف، في مثل هذا الموقف، تجاه هذه المظلومية الكبيرة جداً، هو تحرُّك يعبِّر عن القيم الإنسانية والأخلاقية، يجلِّي الضمير الحي للإنسان، ويشهد على ضميرك الحي، على إنسانيتك، أنَّك لا زلت إنساناً، تحمل المشاعر الإنسانية، وعندما يكون منطلقك في ذلك- أيضاً- منطلقاً إيمانياً من أجل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، واستشعاراً للمسؤولية بينك وبين الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ففي ذلك أجر عظيم، وهذا هو فضل كبير جداً، كما قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}[المائدة: من الآية54]، وهذا هو ما يعبِّر عن القيم، عن الأخلاق لدى الإنسان، لدى من يتحرك. وفي المقابل يعتبر التخاذل وزراً كبيراً، وأمراً خطيراً جداً”.
كما حث أبناء الشعب اليمني لمواصلة موقفهم المشرف في الانتصار لفلسطين ولمظلومية أبناء غزة: ” شعبنا اليمني المسلم العزيز قدَّم نموذجاً بتحركه الشامل على كل المستويات، وبالخروج الجماهيري الأسبوعي، حتى في الأسبوع الماضي بين المطر في ميدان السبعين، بالرغم من هطول الأمطار، والناس يستمرون في المسيرات والمظاهرات، وعنوان شعبنا الذي رفعه يهتف للشعب الفلسطيني في غزة: (لستم وحدكم، ومعكم حتى النصر)، ليس مجرد هتاف يصرخ به في الهواء، ولكنه عنوان يعبِّر عن التزام سيفي به، سيفي به.
مؤكدا: (شعبنا اليمني لن يترك غزة لوحدها، لن يبقى الناس في البيوت يتجاهلون ما يجري هناك، سيستمر هذا الخروج على المستوى الجماهيري الواسع جداً، المعبِّر عن موقف هذا الشعب، وعن إصراره على مواصلة هذا الموقف مع الشعب الفلسطيني، سيواصل تحركه الشامل أيضاً على كل المستويات، بوعيٍ، وبزخمٍ كبير، ولن يترك غزة لوحدها).