الحصار حرب.. الجماهير اليمنية ترفض سياسة ” التجويع ” الأمريكية
Share
رغم الحصار الظالم الذي تفرضه قوى العدوان على الشعب اليمني منذ ثمان سنوات، وبرغم ما خلفه من معاناة مادية وصحية ونفسية إلا أن الشعب اليمني خرج إلى الميادين والساحات بمئات الآلاف في مختلف المحافظات الحرة مبرهناً عن عزيمة لا تلين ومعبراً عن إصرار يماني إيماني على رفض سياسة الاذلال التي تحاول قوى العدوان الأمريكي السعودي فرضه على الشعب اليمني من خلال ممارسة القرصنة على سفن الوقود والغذاء والدواء إضافة إلى فرض حصار على الموانئ والمطارات اليمنية وهي بهذا السلوك الإجرامي تسببت في حدوث كارثة إنسانية غير مسبوقة ومع هذا ورغم التقارير الأممية ورغم الشواهد على الأرض ما تزال هذه القوى الشيطانية تتمادى في غيها سعيا منها لتركيع الشعب اليمني وإخضاعه لهيمنتها.
ما تزال قوى العدوان تحاول تعويض فشلها العسكري خلال السنوات تحاول استخدام سلاح التجويع للتغلب على الصمود الأسطوري للشعب اليمني في ميادين الشرف والبسالة والذي استطاع من خلال روحيته الجهادية وهويته الإيمانية من الثبات والصمود وإلحاق أقسى وأنكى الهزائم بحق قوى العدوان ومرتزقتها رغم الحشود الهائلة والإمكانيات الضخمة ماديا وبشريا على كافة المستويات العسكرية والمدنية والمخابراتية وغيرها.. ولم يتوقف الصمود اليمني على الجانب العسكري بل صمد الشعب أمام آلة القتل والتجويع ونشر الأوبئة والأمراض الفتاكة ومن بين ركان المدن اليمنية المدمرة، ومن أوساط الأسر اليمنية التي أنهكتها الحرب والحصار استطاع رجال الله أن يمسكون بزمام المبادرة وابدعت العقول اليمنية في إنتاج وسائل دفاعية لم يكن يتصور العدو يوماً أن بلد كاليمن سيمتلكها ويدك بها أكبر بنية تحتية صناعية نفطية في العالم والتي كان استهدافها يتعبر من الخطوط الحمراء التي لم تكن أمريكا لتتصور أن أحداً ما في هذا العالم سيتجاوزها لكن اليمن برجالها العظماء وبقيادتها الحكيمة لم تترد في دك العمق السعودي حيث تتواجد هذه الصناعات التي تغذي الحرب وتمول المؤامرات في الصهيوأمريكية في المنطقة برمتها كرد عملي ومشروع على المجازر التي تقترفها الطائرات الأمريكية في الأسواق والمدن والقرى اليمنية..
ومثلما تفاجأ العدو بالمسيرات والصواريخ اليمنية هو اليوم يتفاجأ بخروج مليوني في أكثر من 21 ساحة من تعز والضالع جنوبا إلى صعدة شمالا ليؤكد أن سياسة التجويع التي بات العدو يراهن عليها في اخضاع الشعب اليمني ستفشل وأن الحصار بمثابة حرب وسيتعامل معه من هذا المنطلق وعلى أساس هذه القاعدة وخروج الشعب اليوم بمثابة تفويض للقوات المسلحة اليمنية لتحمل مسؤوليتها في فك الحصار وإنها العدوان..
الحصار والتجويع سياسة أمريكية
بعيدًا عن شعارات الأخلاق وحقوق الإنسان، وحق المرأة في الحياة والمشاركة السياسية التي ترفعها أمريكا و التي ما باتت تنطلي إلا على السذج، فإن مصطلح “العصا والجزرة” أصبح سياسة أمريكية تستخدم سلاح الجوع لإخضاع الشعوب وترويض البلدان النامية، وبات انتهاج التجويع كسياسة لكسر الإرادة وفرض الهيمنة سلوك أمريكي معروف..
ومن هذه السياسة كما أشارت الباحثة الفلسطينية مرام هواري “إغراق الدول المستهدفة في دوامة الديون والحروب والأهلية والمجاعات الإستراتيجية الأبرز حضورًا على قائمة الخطط الاستعمارية الجديدة للدول الاستبدادية، وهو ما يمكن قراءته في سياسة الحصار التي تتبعها القوى الكبرى ضد بعض الدول بهدف التركيع، ولعل في المشهد الفلسطيني الدليل الأبرز على تلك الحالة الفجة” وللأسف لم يعد تنحصر هذه المؤامرة على الجانب الفلسطيني بل بات ممتدا إلى أقطار عربية عدة بنيها اليمن وسوريا والعراق وليبيا والصومال ومصر وغيرها من الدول العربية التي انهكتها الحروب أو الديون الخارجية.
الشعب اليمني يقول كلمته
وعودة إلى موضوعنا الأساسي المتمثل بالخروج الجماهير الكبير الذي شهدتها المناطق اليمنية الحرة الجمعة منددة بالحصار الإجرامية ورفع المشاركون في المسيرات اللافتات ورددوا الشعارات المنددة باستمرار الحصار على الأمريكي السعودي.. معتبرين أن ذلك جزء لا يتجزأ من الحرب العدوانية، التي تجاوزت الثمان سنوات. وحمّل المشاركون في المسيرة المجتمع الدولي والأمم المتحدة مسؤولية الحصار والمعاناة الكارثية، التي لحقت بأبناء الشعب اليمني. ودعت الجماهير اليمنية إلى التعبئة الشاملة والاستنفار للجبهات وإسنادها بالرجال والمال، حتى تحقيق النصر، مؤكدة استمرار الصمود والثبات في التصدّي لقوى العدوان والمرتزقة، وتقديم المزيد من التضحيات حتى رفع الحصار وطرد الغزاة والمحتلين من كل شبر في أرض اليمن. واعتبرت الجماهير المحتشدة في محافظات صعدة وعمران وصنعاء وحجة وذمار وريمة والحديدة وإب وتعز والمحويت والجوف، الحصار والتجويع حرباً وعدواناً هدفه قتل أكبر عدد من اليمنيين، والانتقام منهم بتوسيع المعاناة وتضييق المعيشة والحياة عليهم. و حذّر بيان المسيرة الجماهيرية، الذي تلاه مستشار رئيس المجلس السياسي الأعلى العلامة محمد مفتاح، تحالف العدوان من مغبة وعواقب أي تصعيد عسكري يُقدم عليه في أي جبهة وبأي شكل، وعواقب استمرار الحصار على اليمن واحتجاز سفن الوقود والبضائع والسلع.
واعتبر البيان استمرار الحصار حرباً ستواجه برد فعل عسكري سيؤثر ويوجع تحالف العدوان بشكل غير مسبوق ولا متوقّع.
وأكد البيان ضرورة رفع الحصار المفروض على مطار صنعاء الدولي دون قيود أو شروط أو انتقاص.. محذّراً من تجاهل مطالب الشعب اليمني في فتح المطار أمام الرحلات الجوية كما كل مطارات العالم.
وجدد البيان تحذير تحالف العدوان من الاستمرار في رفض صرف رواتب الموظفين من عائدات الثروات النفطية والغازية، التي نهبت إلى البنك الأهلي السعودي.. مؤكداً أن حصول الموظفين على رواتبهم حقوق مستحقة لا تقبل الانتقاص ولا المساومة.
وأعلن البيان وقوف الشعب اليمني إلى جانب القيادة لاتخاذ ما يلزم لردع العدوان وفي ما تراه مناسباً من خيارات لرفع الحصار.. داعياً القوات المسلحة إلى أن تكون على مستوى عالٍ من الجهوزية واليقظة.
ولفت البيان إلى أن الصفقات المشبوهة، التي يعقدها مرتزقة العدوان مع مشغليهم، باطلة ولاغية، ولا يعترف بها الشعب اليمني، ومنها صفقة بيع ميناء قشن وقطاع العقلة النفطي وغيرهما.. مبيناً أن بيع الأوطان خيانة لا مشروعية لها.
كما حذّر بيان المسيرة الشركات والكيانات والأنظمة، التي تتعامل مع مرتزقة العدوان، بأن كل إجراءاتها باطلة ولا أصل لها، وهي بيع ممن لا يملك لمن لا يستحق.
ودعا البيان كافة أبناء الشعب اليمني إلى الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية، والحذر من مخططات العدو في إثارة الإشكالات وزعزعة التماسك والصمود الشعبي.. محذراً من مساعي الفرقة التي يشتغل عليها الأعداء.
وحثّ على استمرار التعبئة الشاملة والاستنفار للجبهات، وإسنادها بالرجال والمال، حتى يتحقق النصر المؤزر.
وأكد البيان أن القضية الفلسطينية هي الأساسية والمركزية.. مندداً بالجرائم الصهيونية التي ترتكبها عصابات يهودية بحق الشعب الفلسطيني، واقتحامها للمسجد الأقصى.. داعياً إلى موقف إسلامي واسع لصد الصلف اليهودي المتواصل.
واعتبر حرب التجويع والحصار أحد أوجه الحرب الأمريكية على الشعب اليمني، وجريمة موصوفة في مواثيق وقوانين الأمم المتحدة بجريمة الإبادة الجماعية والشاملة، وحرباً وعدواناً هدفه قتل أكبر عدد من اليمنيين، والانتقام منهم بتوسيع المعاناة وتضييق المعيشة عليهم.
وقال البيان: “لا يخفى على أحد أن الحصار، الذي يفرضه تحالف العدوان الأمريكي – السعودي، براً وبحراً وجواً منذ بداية الحرب الإجرامية، مستمر وأفضى إلى معاناة كارثية لحقت بجميع أبناء الشعب اليمني، وليس خافياً على أحد أن تحالف العدوان أغلق الموانئ والمطارات والمنافذ، ومنع وصول سفن السلع والوقود والدواء والمساعدات، وأوقف رحلات الطيران أمام المرضى والمسافرين، وتعمّد تدمير المصانع والمقوّمات الاقتصادية والمعيشية، واستهدف البنك المركزي، وقطع مرتبات الموظفين، ونهب الثروات والموارد إلى بنوكه الخاصة”.
وأفاد بيان المسيرة بأن تحالف العدوان استخدم الحصار والتجويع الجماعي كسلاح حرب ضد أبناء الشعب اليمني في كافة المحافظات.
وأضاف “لا تخفى المعاناة التي لحقت بالمواطنين في عدن وحضرموت والمهرة وتعز وغيرها، كما هي في المحافظات الحرة، فقد ارتفعت الأسعار، وانعدمت السلع، وانتشرت الأمراض، ومات الآلاف من الأطفال والمرضى، وصار الحصول على القوت الضروري أمراً صعباً لدى جميع أبناء الشعب اليمني، حتى وصفت المعاناة بأنها الأسوأ في العالم”.
وأوضح البيان أن فترات الهدنة وما بعدها من مراوحات ومفاوضات أثبتت أن تحالف العدوان بقيادة أمريكا ليس في وارد الالتزام بأي خطوات تخفف من معاناة اليمنيين، بل على عكس ذلك يرفض رفضاً مطلقاً صرف رواتب الموظفين من الثروة الوطنية، ويشدد الحصار أكثر وبشكل أشد، ويعتبر المطالب المشروعة شروطا مستحيلة وغير مقبولة، ويحاول استغلال المعاناة لتفكيك الجبهة الداخلية وزعزعتها بما يمكنه من تحقيق أهدافه، وضمان عدم تعرّض منشآته للضربات الصاروخية والجوية، وهذه معادلة غير منصفة ولا مقبولة.
وتابع البيان: “كما لا يخفى على أحد أن تحالف العدوان الأمريكي مستمر في محاصرة الشعب اليمني وتجويعه بمنع وصول الوقود والأغذية والأدوية والسلع الضرورية والأساسية إليه، وباستثناء كميات ضئيلة من الوقود، وعدد محدود من الرحلات الجوية التي يسمح بها، ويضع قائمة طويلة من الاحتياجات الأساسية في قائمة المحظور دخولها بل يمنع سفن البضائع من الدخول عبر موانئ الحديدة”.
وذكر بيان المسيرة أن ما يسمح به من سفن الوقود ليست إلا كميات ضئيلة يتعمد مضاعفة أسعارها وتكاليف شرائها بالقرصنة والحجز وإجراءات التفتيش الطويلة، التي تضاعف الغرامات والتكاليف، ما يسبب ارتفاعا في الأسعار، ويفاقم الأزمة المعيشية لأبناء الشعب اليمني ومضاعفة معاناتهم بشكل لا يطاق.
واستطرد البيان: “وعلى مستوى المرتبات يرفض تحالف العدوان صرف رواتب الموظفين، إلا بحسب كشوفاته هو وبشروطه ولفئات محدودة جداً من الموظفين، ودون أي التزامات عملية، وفي المقابل يريد استمرار نهب وسرقة الثروات النفطية والغازية والموارد الوطنية وجبايتها إلى بنوكه، وبكل وقاحة يرفض حتى أن يترك الفتات من هذه الموارد والثروات للشعب اليمني”.
وبيّن أن تحالف العدوان بقيادة أمريكا يسعى لفرض واقع معيشي وإنساني مأزوم ومعقد بالمعاناة والأزمات، وفرض حياة قاسية وصعبة على الشعب اليمني، كما يسعى ليساوم اليمنيين على سفرهم وأقواتهم ومرتباتهم، ليقدموا له التنازلات مقابل كل رحلة أو سفينة أو مرتب.