الحرب شاملة والهزيمة ضربة قاضية..بقلم/ منصر الهذيلي
نكبة الصهاينة بسقوط مشروع تقسيم العراق عبر داعش والبرزاني لا تغطّيها مناورة هنا وهناك. لا تغطّيها استعراضات الجوّ ولا قصف أنفاق. حتى ما يجتهد فيه السياسيون والإعلاميون في مكاتب إسرائيل وعواصم الغرب والعمالات العربية من شحن وتهويل لا يشفع. من إنهزم في سوريا ليس بوسعه الترميم لا في في مستوى الأمن والعسكر ولا في مستوى السياسة. ذلك أنّ معركة سورية كانت ضخمة واستراتيجية.
تصريحات وزير خارجية قطرالسابق دالّة فاضحة. هو يقول جهارا أنّ غرف العمليات ضمّت عربا وتركا وصهاينة وغربيين نسّقوا وتقاسموا الأدوار وموّلوا وسلّحوا وزوّروا ودجّلوا ووظفوا اضخم الترسانات إعلاما ومالا وسياسة وسلاحا واستطلاعا. انهزموا مع كلّ هذا. وليت مرارتهم تقف عند هذا الحدّ ففي المقابل حلف يتصلّب ويتجذّر ويفهم جيدا أنّ خصومهم المنهزمين في سوريا منكشفون مزلزلون ومن اليسير الأجهاز عليهم. السرعة والنجاعة التي تواكب ردود فعل الإيرانيين والعراقيين والايرانيين والسوريين تثبتان أنّ التقدير الإستراتيجي هكذا وأنّ الخطّة هكذا.
أقول ردّ فعل لأنّ فعل الآخرين سبق في سوريا ولكن اذا دققنا فالأمر لا يتعلّق ببسيط ردّ فعل وأنّما بفعل حقيقي. لذلك فأنّ المواجهة الكبرى قادمة حتميا. إذا أراد المنهزمون في سوريا الخروج من أزمنهم فهي حتمية وإذا أراد الآخرون الإجهاز على الخصوم فهي حتمية. فكرة أنّ المنهزمين يأخذون نفسا لبناء خطط ومنظومات مناورة جديدة ما عادت تنفع.
هناك فعلان ضخمان عرفتهما المنطقة منذ الإستعمار: زرع الكيان الصهيوني والثورة الإيرانية وكلّ ما كان بينهما بين تفصيل وتفصيل تفصيل. فعلان ضخمان بالنّظر للتأثير والتداعيات وتغيير الموازين. الفعل الصهيوني حكم كلّ الوضع العربي من إختراق وتفتيت وتشتيت واحتراب واستضعاف وكبت مبادرات وثورات ونهضات مباشرة أو بواسطة عميلة. الثورة الإيرانية ومنذ بداية الثمانينات نجحت في بناء منظومات تألم إسرائيل بسببها وتعترف بذلك ويزيد هلعها منها وسيزيد أكثر. هذا كلام قد لا يروق لكثير من العرب قاوموا وجاهدوا ولا أقول ما أقول في العلاقة بطيب النوايا وإنّما بجدارة التخطيط ومتانة الإعداد ودهاء المنظومات. يبني الصهاينة علاقات عاتية منذ عقود مع الأكراد البرزانيين. دكّ الإيرانيون ما بنوه خلال ساعات بليل مظلم.
تتسلّح السعودية منذ الخمسينيات أمريكيا وبريطانيا وفرنسيا. هي الآن تُهزم في اليمن وهازمها تنظيم أنصار الله الشاب الذي ينسق مع الإيرانيين. أمّا حزب الله فجماعة تقول ما لم يقله كلّ العرب مجتمعين ويبشرون إسرائيل بزوال قريب. الصراع في المنطقة واضح وجلي. هو صراع بين مشروع مكّن له الإستعمار وتمكّن من المنطقة ومشروع إنطلق من إيران سنة 79. هناك بين المشروعين أفكار مشاريع وأحلام مشاريع وأوهام مشاريع. ولكنّ للمشروع متانة وبأس يدلّان عليه وهذا المستوى من الظهور بلغه الصهاينة ويبلغه اليوم الإيرانيون.
إيرانيون يتمدّدون، هذا صحيح ولكنّهم يتمدّدون حيث تمدّد الصهاينة ولم نقدر على تمدّدهم. وننسى كثيرا هذا عندما نلاحظ تمدّد الإيرانيين. نحن بزمن تمدّد. إذا لم تتمدّد أنت تمدّدوا فيك. الإيرانيون يفهمون هذا ولا نفهمه أو أننا نفهمه جيدا ولا نقدر عليه. أمّا الإيرانيون فيفهمون وقادرون. أنجزوا ثورة في حدود بلدهم فتجرّأ عليهم عبر العراق عرب وغرب خوفا على إسرائيل. يفهمون من وقتها أنّ شرط إستقلالهم زوال إسرائيل وسقوط أدواتها العربية والغربية. هل يظلمون أحدا؟ لا. وسينجحون!