الجهوزية العالية وبراعة التكتيك القتالي.. منعطف جديد يُدخِل اليمن مرحلة الحسم العسكري السريع
الحقيقة/صادق البهكلي
لا مقارنة بين عام 2015م وبين عام 2020م لا من ناحية قدرات العدو وإمكانياته وحالته النفسية ورهاناته ولا من ناحية ما يتملكه الجيش واللجان على مستوى الإمكانيات العسكرية من سلاح وآليات ولا من ناحية الإعداد القدرة على التخطيط العسكري فمن المعروف أن العدو لم يشن عدوانه إلا بعد أشهر من الإعداد الدقيق والتخطيط العسكري عالي المستوى.. إضافة إلى ما ترافق مع الجولة الأولى من العدوان من مباغته و قصف عنيف ليل نهار وتحشيد عسكري غير مسبوق وجلب آلاف من المرتزقة واستئجار جيوش عسكرية بأكملها من عدة دول.. وحرب نفسية كبيرة وحصار اقتصادي خانق…إلخ.
عزيمة الشعب وإيمان القيادة
وقد استطاع اليمن بحكمة وحنكة قيادته ممثلة بالسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (حفظه الله) الذي استطاع تلافي الصدمة الشعبية في بداية العدوان وكان لظهوره المتلفز عصر يوم الخميس 26 مارس أي بعد حوالي 12 ساعة من بداية العدوان الإجرامي ليعزز قيم الصمود لدى الشعب اليمني ويبين مضامين وأهداف العدوان ثم بمهارة وإيمان وعزيمة استطاع ترسيخ الوعي تجاه أهداف العدوان الإجرامي وانعكاساته إضافة إلى قدرته على غرس الروحية الجهادية والمعنوية في نفوس الشعب اليمني ودفعهم باتجاه قيم الصمود والثبات والتحدي والإرادة والعزم والتطلع نحو الحرية والإباء والكرامة عوضاً عن السقوط والانكسار أمام طغيان العدوان وجرائمه الشنيعة … وفي ذات الوقت استطاع إدارة المعركة عسكرياً في وضع غاية في التعقيد عسكرياً وسياسياً واقتصادياً.. ومع ضغط العدو جواً وبحراً وبراً واتجاه الكثير من الخونة وضعاف النفوس للقتال بجانب الغزاة في الجنوب والساحل والجبهة الشرقية وحتى في الحدود السعودية..
إلا أن ذلك لم يدفع الشعب اليمني إلى اليأس وفي المقدمة قائده حفيد رسول الله السيد العَلَم عبد الملك بدر الدين الحوثي بل أتجه لبناء قوة عسكرية ضاربة من خلال بناء المناطق العسكرية والمعسكرات الميدانية التي تولت تدريب المتطوعين من أبناء الشعب اليمني العظيم وتأهيلهم عسكريا وإيمانياً، قبل دخولهم ميادين المواجهة، وفي المقابل إعادة تأهيل وبناء الوحدات العسكرية من جديد كالقوة الصاروخية والدفاع الجوي والهندسة والقناصة وضد الدروع وغيرها من الوحدات القتالية الضرورية والتي لم تكن موجودة كون الجيش كان مفككاً وضعيفاً وتلاشى بنيانه العسكري في بداية العدوان.
رهانات العدوان.. وصمود الجيش واللجان
واستنادا على ضخامة الإعداد العسكري والتأييد الدولي تستند على خزائن متخمة بأموال ضخمة لدى الأنظمة الخليجية المعتدية خاصة النظامان السعودي والإماراتي الذي مكنهما من شراء كل شيء السلاح والمرتزقة والصمت الدولي والجيوش المؤجرة ومنظمات الأمم المتحدة والصحف والقنوات الفضائية والمواقع الصحفية والكتاب وحتى الممثلين وكل شيء فإن من الطبيعي أن تكون أحلام الغزاة ورهاناتهم كبيرة جداً وحالة الغرور في أعلى مستوياتها لدرجة أنهم أعلنوا أنهم سيدخلون صنعاء خلال 72 ساعة فقط .. ولكن كل تلك الأحلام تبخرت بفضل الصمود الأسطوري الذي أبداه أحرار الشعب اليمني وفي المقدمة الجيش واللجان الشعبية الذين صمدوا صمود جبال اليمن، فتساقطت أحلام الغزاة تحت أقدامهم وانهارت معنوياتهم وتبخرت أوهامهم وكان الرياض أقرب لهم من صنعاء..
اليمن ينهض عسكرياً ويفاجئ الغزاة في عقر دورهم
بداية التصدي للعدوان كانت بوسائل عسكرية متواضعة مما بأيدي الشعب اليمني من أسلحة خفيفة وما كان متواجداً في المخازن العسكرية وهي أسلحة خفيفة أما الأسلحة التقليدية التي كان يمتلكها اليمن كالصواريخ التقليدية والدفاع الجوي فقد تم تفكيكها وتدمير أغلبها كما شاهدنا في فديو تدمير قدرات الدفاع الجوي من قبل الأمريكيين وعملائهم في النظام السابق والذي عرضه الإعلام الأمني قبل أيام..
إلا أن العقول اليمنية لم تكن أقل شأناً من غيرها في دول العالم ولأن الحاجة أم الاختراع فقد عكف رجال اليمن على تطوير الصواريخ التي تم تفكيكها وإعادة تأهيلها وصناعة أجيال جديدة منها وبالفعل كتب الله لهم النجاح وأنتجت القوة الصاروخية عدة أجيال من الصواريخ منها صواريخ بالستية طويلة المدى وصلت الرياض وأبو ظبي.. إضافة إلى انتاج أجيال من الطائرات المسيرة والذي أصابت العدو بحالة هستيرية، وخوف جنوني ما جعله يكثف من تصعيده العسكري ويحاول الضغط في جميع الجبهات هادفاً للوصول إلى صنعاء ومقترفاً العشرات من المجازر غير مبالياً بذلك بل دفع بأدواته وخونته في الداخل الذين كانوا يوهمون الشعب اليمني أنهم ضد العدوان كما حدث في فتنة عفاش 2 ديسمبر وفي حجور حجة إضافة إلى تصعيد كبير في الساحل الغربي وفي نهم معتمداً على القصف الجوي المكثف والشديد ولكن كالعادة كانت رهاناته تسقط تحت أقدام ليوث اليمن وكانت أمنياته تتهاوى ..
منعطف عسكري جديد .. اليمن يقلب موازين المعركة
وبالرغم من الدعوات المكررة والمناشدات المستمرة من قبل القيادة اليمنية سوى عن طريق المجلس السياسي أو من قبل قائد الثورة السيد عبد الملك ففي كل خطاباته كان يناشد القوى المعتدية بوقف عدوانهم وينصحهم ويحذرهم، ولكن التمادي والغرور والاستكبار هي سمة قرن الشيطان فأوغلوا في الدماء اليمنية وتمادوا في غيهم وواصلوا عدوانهم فما كان من القيادة اليمنية إلا وضع حد لغطرسة النظام السعودي فوجهت برد قاس على جرائمه فكانت عملية تدمير حقل الشيبة النفطي على حدود الإمارات وسميت بعملية توازن الردع الأولى ثم عملية توازن الردع الثانية بتدمير مصافي بقيق وخريص قرب الرياض التي أوقفت نصف انتاج النفط السعودي ثم تلاها عملية توازن الردع الثالثة التي استهدفت مدينة ينبع الصناعية على البحر الأحمر وقد أحدثت العمليات خاصة عملية توازن الردع الثانية زلزال عالمي وأربكت الاقتصادي العالمي وأسواق النفط وهبطت البورصات الخليجية برمتها ونتج عنها خسائر اقتصادية قاسية للنظام السعودي المجرم..
كما دفعت غطرسة العدوان القيادة اليمنية إلى تحويل استراتيجيتها العسكرية من الدفاع إلى الهجوم وهو ما صرح به وزير الدفاع العاطفي قبل فترة: “بدأنا في تنفيذ المرحلة الأولى على الواقع والتحول من الدفاع إلى الهجوم“. وقد تم تطبيق هذا التكتيك بكفاءة عالية وانتج زلزال عسكري حقيقي ومنعطف عسكري أدخل اليمن مرحلة حسم سريعة وغير مسبوقة ف تاريخ الحروب..
الجبهة الشرقية آخر رهانات قوى العدوان.. والجيش واللجان يستخدم تكتيك هجومي غير مسبوق
بعد جولات من الفشل والاخفاقات لقوى الغزو في الساحل الغربي وفي الجبهة الغربية كميدي وحجة وفي الجبهات الوسطى كتعز والضالع، كان الرهان الوحيد الذي تبقى لهم هو التركيز على الجبهة الشرقية فعمدت خلال السنوات الماضية على تحشيد آلاف من الخونة والمرتزقة يقودهم ضباط سعوديون ومن جنسيات مختلفة كما عمدت على بناء عشرات المعسكرات والمناطق العسكرية وتحويل محافظتي الجوف ومأرب إلى منطقة عسكرية كما كدست ترسانة عسكرية كبيرة في مختلف محاور وجبهات الجوف ومأرب ونهم والبقع وغيرها من المناطق ..
وأمتد مسرح العمليات العسكرية من حدود نجران وصولاً إلى نهم حيث ضمت هذه المنطقة عشرات الأولوية وآلاف من المرتزقة..
كان العدو ينظر للجوف ومأرب على أنها عمقه الاستراتيجي وظل منذ سنوات عدة يغذي الصراعات والحروب في هاتين المحافظتين ويمنع أي مسار لتطوير المحافظتين أو توفير الخدمات اللازمة لهم خاصة في محافظة الجوف التي تتربع على بحيرة نفطية هائلة يقال أن النظام السعودي يسرقها لذلك فإن محاولة احكام قبضته على الجبهة الشرقية كان كبيراً من خلال شراء الذمم وتجنيد المخدوعين من أبنائها.. كما عمد على انشاء المناطق العسكرية والأولوية والمعسكرات وتعزيزها بأسلحة نوعية..
على أن أبطال الجيش واللجان والشعبية لم يكونوا غافلين عما يخطط له العدو وما يسعى لتنفيذه بل كانت اليقظة العالية، والجهوزية القتالية في أعلى مستوياتها فمع كل محاولة للعدو بالزحف أو التسلسل إلى مواقع الجيش واللجان الشعبية يتلقاه أبطال الجيش واللجان الشعبية بضربات حيدرية قاضية.
ولم يكن مسار الأعداد والتجهيزات العسكرية يتوقف عند التصدي لزحف أو تصعيد في جبهة ما وكان أبطال الميدان يواصلون الليل بالنهار في الإعداد والتأهيل والتحشيد لتوجيه ضربات لا يتوقعها العدو ولا تترك له فرصة لأن يقوم مرة أخرى وهو ما حدث بتوفيق الله وعونه وتأييده فمع محاولات العدو الزحف على مواقع الجيش وفي وادي أبو جبارة بصعدة كانت النتيجة انفيذ أول مرحلة من مرحلة التحول من الهجوم إلى الدفاع وشن أبطال الجيش واللجان الشعبية هجوم كاسح من عدة محاور نتج عنه تطهير المنطقة برمتها وسميت العملية بـ (بنصر من الله)..واغتنام نوعي وأسر أكثر من 2000 مرتزق.
وبعد عملية نصر من الله تتابعت العمليات النوعية والكبرى ضد الخونة كعملية (البنيان المرصوص) التي ما تزال مساراتها تتواصل بشكل يومي وامتدت من نهم حتى اطراف مدينة مأرب والجوف.. بغية تحرير الجبهة الشرقية التي يراهن عليها العدو وتستغلها قوى الخيانة كونها تضم أغلب ثروات البلد النفطية والغازية التي جعلت من مناشدة الغزاة ومرتزقتهم بوقف عدوان كمن ينفخ في الرماد..
تطهير الجوف بداية لتطهير الجبهة الشرقية برمتها: