الجهاد: أهميته وعوامل التأييد الإلهي

الجهاد  :أهميته وعوامل التأييد الإلهي

الله يريد لنا العزة ولا يرضى لعباده أن يقبلوا بالهوان على أنفسهم , لا يرضى الله لعباده أن يقبلوا بالهوان على أنفسهم، بالذل على أنفسهم، بالقهر والاستباحة لأنفسهم، وأن يخنعوا للطواغيت المجرمين الظالمين المتجبرين المستكبرين، وأن يُسَلِّموا لهم رقابهم، هذا ليس وراءه إلا مذلة الدنيا والهوان في الآخرة.
الجهاد لا بد منه في مواجهة الأشرار
لاحظوا ما أعظم كرم الله! شيء لا بد منه لكل الأحرار، أن يدافعوا عن أنفسهم عن حريتهم عن كرامتهم عن شرفهم، شيء لا بد منه في مواجهة الأشرار والظالمين والطغاة والمعتدين، شيء لا بد منه، لا بديل عنه إلا العذاب والظلم والاضطهاد والهوان، وبدون فائدة وبدون ثمن، بدون نتيجة، بدون ثمرة.
ولكن مع ذلك يلحظ في هذا أيضا أنه بالإمكان أن تكون هذه العملية التي تدفع بها عن نفسك الظلم عن نفسك الهوان عن نفسك الذل والقهر والاستعباد يمكن أن تكون على نحو تمثل قربة من أعظم القرب إلى الله سبحانه وتعالى حينما تنطلق وفق الدوافع الإيمانية والقرآنية وفق التوجيهات والتعليمات الإلهية وفق الطريقة التي رسمها الله في كتابه الكريم.
أما الله فهو غني عن عباده غني عن جهادهم، الجهاد في سبيل الله لا يمثل ولا يشكل وظيفة حماية لله سبحانه وتعالى …لا.. الله هو الغني عن عباده هو القوى العزيز هو القاهر المهيمن هو الجبار المتكبر، وهو غني، ولهذا قال الله سبحانه وتعالى: (وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) لا يحتاج إليك ولا إلى جهادك نهائياً، وإذا جاهدت لن تفيده بشيء، هو الغني سبحانه وتعالى!!
فإذاً الجهاد هو فريضة قدمها الله لصالح عباده مؤداها ثمرتها نتيجتها لعباد الله أنفسهم، ثمرتها في الدنيا وثمرتها في الأخير لهم هم أنفسهم.
الجهاد في سبيل الله فيه كل عوامل القوة
إذا عدنا إلى مسألة الجهاد في سبيل الله كوسيلة حماية للمستضعفين والمظلومين والمضطهدين والمعتدى عليهم سنجد فيه كل عوامل القوة:
العامل الأول: أنك تنطلق وأنت تعتمد على معية الله سبحانه وتعالى على نصره، على تأييده، أمَلك به، ثقتك به، توكلك عليه، وهذا يمثل عامل اطمئنان مهم جدا؛ لأنه مهما كانت امكانياتك محدودة وإمكانياتك بسيطة وأنت تواجه عدوا لديه العدد الكبير من الجنود، لديه الإمكانيات والقدرات العسكرية الكبيرة والإمكانات المادية الكبيرة فأنت حينئذٍ لا تنطلق من منطلق المقارنة بين مستوى ما تملك أنت وما يملكه هو، ما يتوفر لك أنت من الإمكانات والقدرات وما يتوفر بيده هو، |لا| أنت تعتمد على الله سبحانه وتعالى أنت تتوكل على الله سبحانه وتعالى، أنت تحسب حساب الله، لقوة العزيز القاهر، الذي هو جل شأنه مهما كانت قدرات عدوك وإمكانات عدوك، هو يملك قلب عدوك، هو يملك مشاعر عدوك، هو القادر على أن يلقي في قلبه الرعب، ثم لا يتماسك ثم يفقد توازنه وقوته وشعوره بالقوة، مهما كان ما بيده من سلاح وأن تنهار معنوياته نهائيا.
الإنسان المؤمن الذي ترسخ في وجدانه وفي يقينه وفي مشاعره أن الله معه، حاضر معه، ليس غائباً عنه، ولا غافلاً عنه وأنه يستند إلى الله ويعتمد على الله ويتوكل على الله ويستذكر وعد الله بالنصر (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)، (إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)، (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).
العامل الآخر: ما يصنعه لك الصمود من وعي تجاه الأحداث، تجاه الواقع، أنت لا ترى أن صمودك هو الذي يمثل المشكلة عليك، إن موقفك في مواجهة الخطر عن نفسك هو مشكلة.. لا.. ليس هو المشكلة، لاحظوا ما أدجل المرجفين والمثبطين وما أكذبهم وما أسوأهم وما أفظع تزييفهم للحقائق!! يحاولون أن يجعلوا من الصمود، من الموقف في مواجهة الخطر، أن يجعلوا منه هو المشكلة، فيدعون الناس إلى الاستسلام، ويتجاهلون أن العدو في البداية، ابتدأ، ابتدأ بالعدوان قبل أن تنطلق أنت لتفعل به شيئا!! ينسون ذلك أو يتناسون ذلك، أو يحبون أن يخادعوا وأن يغالطوا.
فإذن هناك فهم خاطئ، هناك أحيانا أمم وأحيانا أقوام وأحيانا بلدان سلكت مسلك، الخنوع لأعدائها، فضحت بالكثير الكثير الكثير، البعض، بعض المدن بعض المناطق بعض البلدان بعض الأقوام بعد أن اختاروا خيار الخنوع والجمود والاستسلام ، لحقت بهم إبادات جماعية ، إبادات جماعية وقتلوا بشكل مهين وبدون ثمن!!
أما ما يمكن أن يحدث من تضحيات أو حتى معاناة في ظل الموقف في إطار النهوض بالمسؤولية فهو بشرف وهو بنتيجته بثمرته وهو بعواقب حميدة وعواقب عظيمة ونتائج عظيمة ولذلك قال الله عن الجهاد (ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) فكيف لا أتحرك فيما فيه الخير لي؟! وما وراء الإخلال به إلا الشر علي؟! كيف لا أتحرك بما أخبر الله أنه يشكل خير لي؟
العوامل الرئيسية التي تضمن لنا التحرك الفاعل والمؤيد من الله سبحانه وتعالى
أولاً/ العامل المعنوي و أهميته:-
هناك عامل رئيسي في مقدمة هذه العوامل هو العامل المعنوي، ومن المجمع عليه في كل الدنيا بين كل الناس كل من لديهم جيوش كل الذين لديهم قوى عسكرية على المستوى العالمي أو الإقليمي أو المحلي أو بأي مستوى.
كل البشر يجمعون على أن أهم عامل في المعركة وفي المواجهة هو العامل المعنوي، والكل يحرص على توفير هذا الحافز وهذا الدافع وهذا العامل، ووسائل وأسباب ومحفزات كثيرة أحياناً يكون هناك مناهج يكون هناك عمل إنتاجي هائل وضخم.
اليوم مثلاً أمريكا والغرب في كثير من البلدان هناك مؤسسات كبيرة تعنى بهذا الجانب وتشتغل بوسائل كثيرة وأساليب متعددة، الجانب الإعلامي يأخذ حيزاً واسعاً فيه المجال المعنوي ما يعزز الحالة المعنوية، المحفزات الأخرى محفزات مادية محفزات اعتبارية محفزات متنوعة.
يعني أي قوة من القوى مهما كانت إمكاناتها العسكرية وقدراتها في هذا المجال واهتماماتها وإمكاناتها وخبراتها ومهما تطورت وأبدعت وأتقنت في هذه المسألة، فلن تصل على الإطلاق إلى مستوى ما قدمه الله سبحانه وتعالى في هديه العظيم لعباده المجاهدين، مما يمكن أن يصنع أعظم حالة معنوية وأرقى حالة معنوية وأسمى حالة معنوية وأعلى مستوى من الروح المعنوية.
العامل الثاني من العوامل النفسية والمعنوية
أن يكون الله ورسوله والجهاد في سبيله أحب إلينا من أي شيء آخر. هذه مسألة مهمة جداً.
من أكبر عوامل الضغط النفسي والمعنوي التي تكسر الإرادة وتوهن العزم وتضعف نفسية الإنسان هي علائق المحبة، عندما يرتبط بأشياء كثيرة يحبها ويزداد هذا الحب ويزداد هذا التعلق ويزداد هذا الولع لدرجة أنه يتفوق ويعلو على مستوى محبته للأشياء المهمة، فارتباطاته بعلائق هذه الحياة من حوله باتت أشد من حبه لله و حبه للجهاد في سبيل الله وباتت أقوى من ارتباطه بالمسؤولية التي ينتمي إليها، وبمساره الذي ينتمي إليه، هذه مسألة مهمة جداً جداً.
الله سبحانه وتعالى يتحدث عن هذه المسألة في كتابه الكريم فيقول جل شأنه {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم}التوبة24 لاحظوا (أحب) يعني ليست المشكلة في أن تكون محباً لهذه الأشياء، لكن إن كانت هي أحب {أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }التوبة24
ما يعبر عن مستوى هذه المحبة هو واقعك العملي هو تفاعلك العملي أين هو أكثر؟ الإنسان بحاجة إلى أن يحرس نفسه، فقد ينطلق الإنسان وفي مراحل معينة تكون حالة المحبة لله والمحبة للجهاد في سبيله والمحبة لرسوله والمحبة للدين والحق فوق مستوى الارتباطات الأخرى.
الإنسان إذا لم ينتبه لنفسه فقد يميل في ظرف من الظروف في مرحلة من المراحل إلى هذه المؤثرات فيرتبط بها أكثر فأكثر فأكثر، وتؤثر عليه تلك الروابط فتضعف تحركه وتحد من تحركه وتجعله دائماً يحسب حسابها فوق حساب الجهاد في سبيل الله، هذا بالتأكيد لديه هبوط كبير وتراجع كبير في هذا الجانب.
أصبح يحب تلك الأشياء المرتبطة بالراحة في حياته فوق محبته للجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى!! هذه مسألة خطيرة جداً ينبغي للإنسان أن يكون حذراً. حتى في واقع الإنسان في الحياة لا يركز على أن يشد نفسه إلى هذه الأشياء المادية وأن يعزز ارتباطه بها وولعه بها وتركيزه عليها واهتمامه بها.
العامل الثالث: تقوية الإيمان بالله وباليوم الآخر وبوعد الله ووعيده:
هذا جانب مهم وأساسي جداً لأنه يضبط عند الإنسان حالة الرهبة والخوف والرغبة والرجاء، تصبح حالة منضبطة لدى الإنسان. إيماننا بالله سبحانه وتعالى وبالاستناد إلى معرفة الله، إلى القرآن الكريم وبهدى الله سبحانه وتعالى، هذا الإيمان ينمي فينا الخوف من الله سبحانه وتعالى فوق كل شيء والاستصغار لما دون الله سبحانه وتعالى، وينمي فينا الرغبة إلى الله سبحانه وتعالى فوق كل شيء، وبالتالي كل المرغبات الأخرى ستسقط في تأثيرها علينا في النفس والوجدان والمشاعر وبالتالي في المواقف والأعمال، هذه مسألة من أهم المسائل.
يقول الله في القرآن الكريم {فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} آل عمران175 ويقول {أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ}التوبة13 إيماننا على هذا النحو بالله سبحانه وتعالى الذي نمتلئ به خوفاً من الله فوق كل خوف ورغبةً إلى الله وأملاً في فضله فوق كل رغبة وكل رجاء، هذا أيضاً يحررنا بشكل كبير من ضغط الخوف أو ضغط الرغبة. نخاف من الله في أن نقصر في أن نهمل نخاف من الله في أن نفرط في مسؤوليتنا ونتنصل عن مسؤوليتنا نخاف من الله في أن نتراجع نخاف من الله في أن نعصيه فيما وجهنا به وأمرنا به نخاف في أن نتجاوز حدوده فيما نهانا عنه، هذا الخوف عامل مهم في مواجهة التحديات مهما كانت.
العامل الرابع: الوعي بحقيقة الحياة والاختبار الحتمي وواقع البشر:
هذه الحياة فيها أخيار وفيها أشرار فيها صراع فيها أحداث فيها مشاكل أصبح الواقع هكذا الواقع البشري والحياة ميدان مسؤولية أنت فيها معرض للاختبار إذا حملت الروح الانهزامية وتملكك التهرب من المسؤولية وأنت إنسان مهزوز النفس منكسر الإرادة دائماً تتهرب من المسؤوليات والمواقف فأنت إنسان خاسر بما تعنيه الكلمة وغبي ستعصف بك الأحداث وستكون من أكبر وأسوء وأحقر الخاسرين، خاسر بكل ما تعنيه الكلمة.
المشاكل حتى لو لم تتحرك في سبيل الله هناك مشاكل ولن تسلم منها إذا تنصلت عن المسؤولية لن تسلم أبداً، الأحداث قائمة المشاكل قائمة التحديات قائمة الأخطار داهمة وستعصف بك. فإذن الأفضل لك الأشرف لك الأحسن لك أن تتحمل مسؤولية فتفلح وتكسب في الدنيا والآخرة، وإلا ستتحمل النتائج السيئة والتهرب لن يمثل حلا لك، وواقع الحياة يشهد من حولنا.
خامساً: اليقين بإيجابيات الجهاد في سبيل الله والتركيز على ذلك: – هذه مسألة من أهم المسائل
النظرة إلى الجوانب الإيجابية في الدنيا والآخرة، هذه مسألة من أهم المسائل لأنه بالذات في بعض الظروف إذا هناك متاعب وصعوبات معينة أو أخطار وتهديدات معينة فالبعض يجعل كل نظره منحصراً على جانب المعاناة والمتاعب فتتأثر نفسيته. من الطبيعي أن تتأثر نفسيته إذا كان لا يرى من الجهاد إلا متاعب الجهاد أو الظروف الصعبة فيه سيضغط على نفسه، لكن عندما يتجه ويركز على الجوانب الإيجابية، ما يمثله الجهاد في سبيل الله من نعمة كبيرة جداً ومن حاجة ومن ضرورة نحتاج إليها، أنه الوسيلة التي نحتمي بها في هذه الحياة من شر الأشرار وفي مواجهة الأخطار من كل قوى الشر والطاغوت، الجهاد في سبيل الله وسيلة حماية للأمة يحفظ لها عزتها وكرامتها، يحميها من الهوان من الاستعباد من القهر من الذل، الأمم التي تخلت عن الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى، البلدان والأقوام والشعوب التي تنصلت عن هذه المسئولية داستها قوى الطاغوت، داسها المجرمون وأذلها وقهرها المستكبرون وأصبحت مستعبدة، ودفعت الثمن الكبير جداً جداً والأمثلة كثيرة.
سادساً: اليقين بملك الله وهيمنته وقهره فوق عباده: –
يعني البعض تنكسر إرادتهم ويتهيبون من العدو وينظرون إلى العدو وكأنه مدبر شؤون السماوات والأرض!! وإذا قال للشيء كن فيكون!! وأن ما أراده سيكون حتماً!! هذه نظرة كفر، إذا نظر الإنسان إلى عدوه هذه النظرة فهو يبطن في نفسه كفراً.
العدو مهما كان ومهما امتلك ليس إلا خاضعاً لهيمنة الله، الله هو القاهر فوق عباده الكل في مملكته الأمر له الملك له في السماوات والأرض هو مالك الملك وكما قال جل شأنه في كتابه الكريم {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ}آل عمران26-27 الكل في مملكة الله عبيد لله خاضعون لهيمنته تحت قهره تحت سلطانه تحت هيمنته.
يجب أن نعي جيداً أن الأعداء مهما امتلكوا من عديد وعدة وإمكانات وقدرات هم تحت قهر الله وسلطانه وليسوا في موقع القدرة المطلقة أبداً، ولا القرار المطلق ولا التدبير المطلق وأن كل ما أرادوه لا يمكن أن يحصلوا عليه بإرادتهم وبرغبتهم، لا.. هذا الكون هذا العالم له ملك له رب له إله، نحن جميعاً مربوبون له تحت سلطانه وقهره وأمره لكن هناك سنن.
الله جل شأنه جعل في هذه الحياة سنناً قد يستفيد منها الأطراف الظالمة المستكبرة الظالمون المفسدون قوى الطاغوت سيتحقق لها بقدر ما أخذت به من سنن الله سبحانه وتعالى وما استفادت فيه من سنن الله سبحانه وتعالى، المؤمنون قد يتضررون ويتراجعون ويخفقون في كثير من الحالات لأنهم لم يأخذوا بهذه السنن وأولئك أخذوا بها فاستفاد أولئك من أنهم أخذوا بسنن تخلى عنها وتركها وغفل عنها أو كذب بها وتجاهلها أو تجاهل بعضاً منها هؤلاء، فالذي يتحقق لهم ليس إلا بإذن الله.
بإذن الله يعني تحت سقف الإرادة الإلهية الهيمنة الإلهية القهر الإلهي ضمن السنن التي رسمها الله سبحانه وتعالى وإلا ليس لديهم إرادة مطلقة، ونفوذ مطلق وما شاءوه كان.. لا.. هم عبيد ضعاف تحت سلطان الله وهيمنة الله وقهر الله والمدبر في هذه الحياة والمقرر والذي يقرر ويحتم النهايات والنتائج هو الله سبحانه وتعالى، حتى لو حصلت مثلاً في مسيرة المؤمنين إخفاقات لتقصيرهم وغفلتهم عن هذه السنن لكن النهايات العواقب هي بيد من؟ الله سبحانه وتعالى، {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ }الشورى53 {وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }الحج41 {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ }هود123 كله {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} هود123 وهكذا يؤكد عواقب الأمور بيد الله، الأمور تصير إلى الله، هو الذي يحدد النتائج ويرسم العواقب، قد قال هو جل شأنه مثلما قال{وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }الحج41 {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}الأعراف128.
سابعاً: الوعي بسلبيات التخاذل والتنصل عن الجهاد واليقين بهذه السلبيات: –
وهي أمور مؤكدة ومسألة في غاية الأهمية وليست مسألة سهلة، ما الذي يمكن أن يؤثر على الناس فيتراجعون أو يؤثر عليهم فيتنصلون عن المسؤولية أو يكسر إرادتهم فيحاولون التهرب من الجهاد في سبيل الله؟ مخاوف!! مخاوف!! ما يجب أن نخافه نتيجةً للتنصل أكبر مما يمكن أن يخاف الإنسان منه نتيجة للنهوض بالمسؤولية المخاطر كبيرة جداً جداً، مخاطر التنصل عن المسؤولية والتخاذل مخاطر فظيعة في الدنيا والآخرة على مستوى القتل على مستوى الإهانة على مستوى العذاب بكل أشكاله على مستوى الجانب الاقتصادي على كل المستويات.
كل المحاذير والمخاوف هي حاصلة في مسألة التخاذل ومؤكدة كنتيجة للتخاذل، والقليل منها الذي يمكن أن يحدث نتيجةً للنهوض بالمسؤولية المسألة هذه مهمة جداً. ولهذا الإمام علي عليه السلام عندما تحدث ذات مرة وهو يتحدث بألم فيقول من على منبر الكوفة: (أما بعد : فإن الجهاد بابٌ من أبواب الجنة)، هكذا يجب أن تكون نظرتك إلى الجهاد “بابٌ من أبواب الجنة”، ادخل لا تتهرب هذا باب إذا دخلت منه تدخل إلى الجنة، (فتحه الله لخاصة أوليائه) يعني رحمة من الله تكريم من الله ما المسألة أن الله يريد أن (يبهذل) عباده المؤمنين عندما قال يجاهدوا، (فمن تركه رغبةً عنه ألبسه الله ثوب الذل) هذه واحدة، (وشمله البلاء، وديث بالصغار والقماءة) لاحظوا-نعوذ بالله-كلها هذه كوارث،(وضرب على قلبه بالأسداد، وأديل الحق منه بتضييع الجهاد، وسيم الخسف، ومنع النصف) كلها هذه كوارث.
ثامنا: الوعي بأسباب النصر وعوامله واليقين بها
هناك عوامل وأسباب للنصر تلتزم بها الأمة يلتزم بها المؤمنون وعوامل وأسباب للهزيمة يحذرون منها، القرآن تحدث عنها، محاضرات كثيرة تحدثنا عن هذا الجانب في مقدمة هذه الأسباب ما ذكره الله في كتابه الكريم {َ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ (45) وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)}الأنفال45-46

قد يعجبك ايضا