الجماهير اليمنية : إدراك واعي للأحدث وطبيعة الصراع وانطلاقة واعية صنعتها الثقافة القرآنية
الجماهير اليمنية انطلاقة واعية صنعتها الثقافة القرآنية
في مشهد مهيب ومؤثر، ما تزال الجماهير اليمنية تواصل خروجها المليوني تضامنا مع غزة وانتصار لقضية الأمة الكبرى وللإنسانية جمعاء وفي أكثر من 130 ساحة في مختلف المديريات والمحافظات اليمنية الحرة ، كل ذلك بدافع إيماني وإنساني وتضامنا مع الشعب الفلسطيني المرابط في قطاع غزة، الذي يتعرض لعدوان وحشي من قبل الكيان الصهيوني الغاصب.
هذا الخروج الجماهيري المليوني، الذي يعد الوحيد من نوعه على الساحة العربية والإسلامية منذ بدء العدوان على غزة في الـ7 من أكتوبر الماضي، يعبر عن انطلاقة واعية ومسؤولة صنعتها الثقافة القرآنية التي تغذيها خطابات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، الذي يلقى خطابا أسبوعيا موازيا للخروج الجماهيري يدعو جماهير اليمن لمواصلة التعبئة والحشد والتدريب والتأهيل للمشاركة في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، والتي تعد أعظم وأشرف معركة في تاريخ الإنسانية.
ويظهر هذا الخروج الجماهيري المليوني، أن الشعب اليمني، رغم ما يتعرض له من عدوان وحصار ومجاعة ووباء من قبل التحالف السعودي الإماراتي الأمريكي الصهيوني، لم ينس أو يتخلى عن قضية فلسطين، التي تعد قضية الأمة الأولى والمركزية، ولم يتأثر بالحملات الإعلامية والفكرية والسياسية التي تهدف إلى تشويه صورة المقاومة وتبرير التطبيع مع العدو، ولم يستسلم لليأس والاحباط والخوف، بل بقي صامدا ومنتفضا ومتحديا ومتضامنا مع إخوانه في فلسطين.
ويعد هذا الخروج الجماهيري المليوني، رسالة قوية وواضحة إلى العالم أجمع، تؤكد أن الشعب اليمني لن يتراجع عن موقفه الثابت والتزامه الإيماني والإنساني نصرة للشعب الفلسطيني، وأنه سيواصل النضال والجهاد والتضحية حتى تحرير كل شبر من أرض فلسطين المباركة، وأنه سيكون في طليعة القوى المناهضة للهيمنة والاستعمار والظلم والفساد في العالم.
انطلاقة متميزة
رغم الظروف الاقتصادية والمعيشية التي فرضتها الحرب العدوانية على الشعب اليمني لكنه الأكثر تميزا وعنفونا وإصرار وعزيمة والأكثر حضورا في الساحات والميادين، حاضرا بإيمانه، وبوعيه، وبعزته، بدينه، ويعيش مع الشعب الفلسطيني كل تفاصيل محنته وألمه ويحترق ألما وشوقا لأن يكون إلى جانب الشعب الفلسطيني وبالرغم من حضوره الفاعل في نفس المعركة الحضور على المستوى الشعبي وعلى المستوى العسكري .. هذا الحضور باعتراف المقاومة الفلسطينية وباعتراف الأمريكي والصهيوني أنفسهم حضورا فاعلا ومؤثر بالرغم من المحاولات الأمريكية والغربية إيقاف أي تحرك يمني مساند للشعب الفلسطيني خاصة في البحر الأحمر الذي كان موقف اليمني أكبر موقف عسكري على الساحة موقف تاريخي غير مسبوق وموقف مؤثر بكل معنى الكلمة.
وما يميز هذا التحرك وهذه الانطلاقة أنه تحرك ليس عشوائيا او فوضويا كما يحدث في بعض الساحات العربية بل تحركا منظما ومنضبطا ومدروسا ودقيقا اكسبه فاعلية وتأثير كبير وهذا ما كان ليكن لولا أن الشعب اليمني ـ بفضل الله ـ وبجهود قائده الفذ وشهدائه العظماء ورجاله الأحرار بات يتشرب الثقافة القرآنية الجهادية ويتحرك على أساسها وهي بالفعل التي أثرت في مسار المعركة العسكرية وفي الحضور المهيب للشعب اليمني في ساحات وميادين الثورة بدون كلل أو ملل يجسد عمليا روح الانتماء الأصيل للإسلام المحمدي وللعروبة وللقيم الإنسانية ويترجم شعور وإحساس اليمنيين تجاه المظلومية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني..
إدراك واعي للأحدث وطبيعة الصراع
كما بات الشعب اليمني يدرك طبيعة الأحداث وحقيقة الصراع مع العدو الصهيوني وأعداء الأمة وبات يمتلك خلفية ثقافية عن المخاطر والتحديات التي تواجه الأمة من قبل أعدائها وفي المقدمة اللوبي الصهيوني اليهودي الذي هو العدو التاريخي والرئيسي للأمة كما قال الله سبحانه وتعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ …}[المائدة من الآية82] خصوصا وأن الحقائق باتت واضحة وبات العدو يتحرك براية العداء، على كل المستويات عداء شامل دينيا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا وعلى مختلف مناحي الحياة هذا العداء بات جليا في ممارسات أعداء الأمة من قتل وتهجير وتدمير وتدنيس للمقدسات وتشويه للدين الإسلامي ورموزه وما يجري في قطاع غزة برهن على مستوى الحقد الشديد وممارساتهم الإجرامية واسترخاص لدماء المسلمين صغارا وكبارا لم يعد لديهم أي خطوط حمراء بل يقتلون حتى الحوامل وينبشون حتى مقابر الموتى في صورة تؤكد مستوى الكراهية والحقد لدى اليهودي والاسراف في القتل ولم يسلم من حقدهم الشديد حتى الأطفال الخدج كما شاهدنا ذلك عبر الفديوهات والمشاهد الموثقة يقابل ذلك تنكر الغرب بكله الأمريكي والبريطاني والفرنسي والألماني والإيطالي لكل ما يجري من إبادة وتهجير وتجويع للشعب الفلسطيني واصرارهم على مواصلة إبادة من تبقى من أبناء فلسطين بالرغم من التاريخ الطويل للإجرام الصهيوني والدعم الغير محدود من قبل الغرب للسلوك الصهيوني الإجرامي بحق أبناء فلسطين فمنذ أكثر من سبعين عام والصهاينة يقتلون ويعتلقون ويمارسون الجرائم الرهيبة بحق الشعب الفلسطيني قتل وتهجير وجرائم إبادة وسجون واغتصاب وهتك للأعراض ومصادرة الأراضي واحتلال المنازل والغرب يدعم الصهاينة ويجرم أي انتقاد لسلوكهم الإجرامي هذا الأفعال هي جزء من الأسباب التي جعلت الشعب اليمني ينطلق بوعي ويدرك حقيقة اعدائه وأعداء أمته لذلك نجده الأكثر تحركا والأكثر حضورا في الساحات.. متجاوزاً الخلل الحاصل في الساحة الإسلامية والعربية والذي منشأة حالة التبعية لدى الأنظمة العربية للدول الغربية وفي المقدمة أمريكا وبريطانيا كذلك تأثر الشعوب العربية بالحرب التضليلية التي يشنها أعداء الأمة عبر أدواتهم من الخونة الذين يستأجرونهم من داخل الأمة لخدمة أعداء الأمة عبر كتاباتهم ونشاطهم الفكري والثقافي لتضليل الأمة وتغيير المفاهيم والقناعات وإفقاد أبناء الأمة النظرة الصائبة حتى بات الكثير عاجزا عن التفريق بين الصح والخطاء والحق والباطل ومن المعروف أن الأعداء يبذلون المليارات ويشتغلون شغلا واسعا في المجالات الثقافية والإعلامية وفي شبكات الانترنت وعلى نحو واسع في شبكات التواصل الاجتماعي التي سعى العدو لتحريف بوصلة العداء لأطراف أخرى الذين هم جزء من أبناء الأمة كما هو واضح في موضوع إيران فالعدو يحاول أن يرسخ أن إيران هي العدو الرئيسي للأمة الإسلامية وليس الصهاينة واليهود المجرمين، ومن المحزن أن هناك أنظمة عربية تمتلك المال والإمكانيات وتوظف كل ذلك في زرع الفتنة بين أبناء الأمة بدلاً من أنفاقه في الدفاع عنها، حتى باتت المقاومة الفلسطينية في نظرهم إرهابية وعدوة لأبناء فلسطين وكأنها من تقتل وتهجر وتسجن وتدنس، وهذا من أغرب صور الخذلان وقصور الوعي وانعدام الحكمة.. ومن حسن حظ الشعب اليمني أن الله مكن له في المشروع القرآني الذي كان سببا في نهوضه الثقافي والحضاري والإيماني ليقدم أعظم صور التضامن والتلاحم مع الشعب الفلسطيني المظلوم..
الثقافة القرآنية ودورها في استنهاض الشعب اليمني
من أعظم النعم على الشعب اليمني هو المشروع القرآني، الذي بفضل الله وبفضل ما يحتويه هذا المشروع من أنشطة توعوية وتثقيفية وتعليمية مكثفة تقوم على أساس ثقافة القرآن الكريم استطاع أن يبني من هذا الشعب العظيم أمة حقيقية قدم النموذج الأصيل للإنسان المسلم قولا وعملا كذلك نعمة وجود قائد رباني صادق مع الله ومع شعبه مسلح بثقافة القرآن الكريم ومستبصر بنور الله وهديه عمل على تربية هذا الشعب عبر المحاضرات الثقافية والخطابات في مختلف المناسبات والتي لا تزخر بالكثير من الوعي الثقافي والديني والسياسي ومن نور القرآن يزكي النفوس، ويهذب العقول ويشحذ الهمم وينير الدروب ويكشف حقيقة الأعداء ومؤامراتهم ويشخص نواياهم ومكرهم وأضاليلهم كل هذا أكسب الشعب اليمني بصيرة عالية، وفهم صحيح للأحداث وأنعكس أثره في رقي الوعي والسلوك والانطلاقة الإيمانية..
لقد كان وما يزال دور السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) عظيما في استنهاض الشعب اليمني وإعادة صلته بهويته الإيمانية واستنهاض قيمة الإسلامية العظيمة ونخوته العربية وشجاعته في الوقوف مع الحق إضافة الى ما تركه الشهيد القائد السيد حسين (رضوان الله عليه) من محاضرات عظيمة مثلت اللبنة التي قام عليها المشروع القرآني.. وقد التف الشعب اليمني حول هذا القائد وهذا المشروع بشكل كبير لأنه وجد فيه الخلاص ووجد فيه الحق ووجد فيه ما ينقذه ويستنقذ أمته من وحل الضلال والتيه ولولا هذا المشروع العظيم لكان الشعب اليمني كغيره من شعوب الأمة لا يمتلك الجرأة لقول الحق ولا للوقوف مع المظلومين ولكان السائد هو الخنوع والاستكانة..
إن ما يميز الثقافة القرآنية أن من أكبر أهدافها ترسيخ الثقة بالله والاعتزاز به، والاطمئنان إلى وعده ونصره والاستصغار لكل أعدائه وهي التي جعلت الشعب اليمني في هذا المستوى المتقدم والموقف العظيم والجراءة التي تميز بها في مواجهة أعداء الأمة ـ وفي المقدمة أمريكا وإسرائيل ـ ونقله من حالة الجمود إلى الموقف والعمل المؤثر..
كما أن الثقافة القرآنية أكسبت الشعب اليمني الوعي اللازم لتحقيق استقرار أمني وسياسي رغم محاولات الأعداء وحجم عدوانهم وإجرامهم وحقدهم الشديد لهذا الثقافة وللمشروع القرآني وعدوانهم المتواصل ومحاولاتهم المتكررة لتحجيمه ومنع الشعب اليمني من الاستفادة منه إلا أنه هذا المشروع المستمد قوته وديمومته من القرآن الكريم ومن تعاليم الله سبحانه وتعالى حمل أسباب البقاء، والنماء، فتعاظم وتنامى، وقوي واشتد بقدر ما حورب و تجاوز كل مؤامرات الأعداء بل بات اليوم يشكل أكبر تهديد وقلق لهم فهو مشروع قرآني يقوم على بناء أمة متكاملة ثقافيا واقتصاديا وعسكريا وسياسيا، وقد نجح في تحصين الشعب اليمني من العمالة لأمريكا وإسرائيل وعبر عن نبض وحياة، وعن وجود وحضور، وعن موقف وعمل، وعن استشعار عال للمسؤولية تجاه قضايا الأمة الكبرى وفي المقدمة قضية فلسطين، وهذه الثقافة وهذا المشروع يتجسد اليوم في إرادة وصمود الشعب اليمني وتصديه لأعداء الأمة ومواجهة التحديات والأخطار في وسط ساحة إسلامية وعربية قابلة لأن يلعب فيها العدو كل ألاعيبه ساحة مكبلة بقيود مذهبية وجغرافية وسياسية ودينية وبأنظمة بات أغلبه توالي اليهود والنصارى وتشتغل معهم حتى بات الأمريكي يقدم نفسه بأنه المعني الأول عن شؤون الأمة بكل شؤونها ولا يريد لأحد أن يتحرك أو ينتقد حتى مجرد انتقاد لما تقوم به عصابة الإجرام الصهيونية بل باتت تهمة الإرهاب جاهزة لكل من ينتقد أمريكا أو إسرائيل أو يدافع عن الشعب الفلسطيني المظلوم وبات الأغلبية مسلمين خاضعين للهيمنة الأمريكية لذلك فإن المشروع القرآني بثقافته القرآنية هو الذي أوجد هذا الوعي لدى الشعب اليمني والتحرك العملي الرافض للهيمنة الأمريكية والإجرام الصهيوني وهو المشروع الذي تحتاجه الأمة في هذه المرحلة المفصلية في تاريخها..
والخلاصة
أن الحضور المتميز للشعب اليمني في نصرته لقضية فلسطين ولأبناء غزة الحضور على المستوى الشعبي في الساحات والميادين والحضور الفاعل والمؤثر على المستوى العسكري في ميادين المواجهة مع الأمريكي والبريطاني والصهيوني في البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن وفي استهدافه للموانئ الصهيونية في الأراضي المحتلة ورائه ثقافة القرآن الكريم والمشروع القرآني العظيم فهذا الحضور، وهذا الوعي والتحرك الفاعل لدى الشعب اليمني صنعته وتصنعه الثقافة القرآنية.. وهذه نعمة كبيرة يجب أن يحافظ عليها الشعب اليمني وأن يتمسك بها ويواصل الانتماء إليها قولا وعملا.. وصدق الله القائل : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }محمد