الجماعاتُ الإجراميةُ بعد ثورة ٢١ سبتمبر.. هزائمُ وأفولٌ مُستمرّ
يحتفي بلدُنا يمنُ الحكمة والإيمَـان بذكرى عظيمة وعزيزة يجّلها كافة أبنائه.. إنها ثورةُ الحادي والعشرين من سبتمبر الذكرى الثامنة لحرية واستقلال الشعب اليمني، تلك الثورة التي وُلدت من رحم المعاناة وجاءت لتُفشِلَ مؤامراتِ الأعداء ضد اليمن منذ عشرات السنيين.
ولا تزال الذكرياتُ المؤلمة والأيّام السوداء عالقةً في ذهن الشعب اليمني بفعل الأعمال الإجرامية التي لازمته لسنوات كثيرة قبل ثورة ٢١ سبتمبر المجيدة سنة ٢٠١٤، حَيثُ دأب النظام السابق بالتعاون مع دول الاستكبار العالمي ممثلة بأمريكا في صناعة الشخصيات الإرهابية ونشرها في مختلف أرجاء البلد، لتجول وتمرح، وتنتهك الحرمات وتزهق الأرواح وتلعب بمقدرات الوطن وهو ما ظهر جليًّا في الخطابات السابقة لزعيم النظام السابق الخائن على عفاش حين أقر التعاون والتخابر مع الأمريكيين لدعم تلك الجماعات الإرهابية في أكثر من لقاء إعلامي مع أكثر من وسيلة، ولم يَبْدو متحرجاً أبداً من حديثه.
وتنوعت أساليبُ القتل من انفجارات مفخخة وعمليات انتحارية، ضد رجال الجيش والأمن، لتتطور إلى نصب الكمائن المسلحة للأطقم العسكرية، وتصل في الأخير للمواجهة المباشرة والاستيلاء على النقاط العسكرية، واقتحام المقرات الأمنية ونهب ما فيها، والتي زادت بشكل مخيف فترة الثورة وفي بداياتها.
ولم تكتف تلك الجماعات الإرهابية باستهداف الأمن والجيش فقط وإنما تعدت ذلك لتصل إلى المدنيين كباراً وصغاراً ونساء وأطفالاً، فكانت تلك الجماعات التكفيرية تستهدف بكل وحشية الأسواق والمدارس والمدن والجوامع وأماكن التجمعات وبلغ انحطاط تلك الجماعات الإرهابية إلى الحد الذي تستهدف الإمْكَان الأثرية وأضرحة الأولياء والصالحين.
وفي الوقت الذي كانت الجماعات التكفيرية تواصل تمددها في المناطق الجبلية والريفية، سعت أمريكا لانتزاع الأسلحة من أيدي المواطنين لتجعلهم لقمه سائغة لأدَواتها الإرهابية في المنطقة، ناهيك عن قيام الجماعات التكفيرية بقطع الطرقات واختطاف السياح وكأنها تريد أن تجعل من اليمن غابة وحوش في ذهن من يتابع أَو يسمع بأخبارها.
في تلك الفترة المظلمة قبيل ثورة 21 سبتمبر لم تسلم المنشآت العامة للشعب، حَيثُ تعرضت أنابيب النفط للاستهداف مرات ومرات، واقتحمت المستشفيات كما حدث لمستشفى العرضي وارتكبوا جرائمهم الوحشية فيه.
قبلَ الثورة.. فوضى أمنية
وبحسب مصادرَ أمنيةٍ، فقد عمل أعداء الوطن خلال السنوات السابقة لثورة 21 سبتمبر على توسيع دائرة الفوضى وخلخلة الأمن الداخلي، حَيثُ بلغ حجم الإحصائيات في الاغتيالات والإخفاء القسري ثمانية آلاف و132 عملية اغتيال وإخفاء قسري وهذه الأرقام من إحصائية أمنية للفترة من 1990 حتى 2014م من بينها 138 من الإعلاميين وفيها العشرات من الأكاديميين والمئات من القيادات العسكرية والأمنية والمشايخ والشخصيات الدينية والتربوية.
وتؤكّـد مصادر أمنية أن حصيلة الاغتيالات للفترة ما بين 2012-2014، (300 عملية) راح ضحيتها (500 مستهدف)، وسجلت العمليات الانتحارية خلال تلك الفترة (630) راح ضحيتها (3800 مستهدف)، كما دمّـرت وأسقطت (40) طائرة عسكرية، خلفت (50 قتيلاً) بين طيارٍ ومدربٍ.
وبقدر تلك الفوضى، والتعمد الفوضوي، لزعزعة الأمن، وتحويل اليمن إلى بلد غير مستقر أتت ثورة 21سبمتبر المجيدة لتسجل انتصاراتها، حتى فاقت التوقعات، وصعدت أسهم الإنجازات الأمنية، لينافس الدول المستقرة، في هذا العالم، رغم الإمْكَانات الشحيحة، والتأهيل البسيط.
إنجازاتٌ أمنية لافتة
لم تقتصر المنجزاتُ الأمنية لثورة 21 سبتمبر في قضائِها على الإرهاب فقط وإنما توسّعت أهدافَها ومهماتها في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار وتثبيت السكينة العامة، حَيثُ تراجعت في ظل هذه الثورة المباركة الكثيرُ من الظواهر السلبية التي لازمت سلطات ما قبل الثورة لسنين طويلة من قبيل ظاهرة الفساد والثارات، واختفت تماماً ظواهر مزمنة من قبيل ظواهر السطو المسلح، وقطع الطرقات، وبراميل ما يسمى بالقطاعات والتقطعات.
وبلغت الإنجازاتُ الأمنية بعد مرور ٧ أعوام من اندلاعها 200 ألف و353 إنجازاً أمنيًّا، حَيثُ تم كشف وإحباط 347 مخطّطاً تخريبياً إرهابياً كان العدوان قد حرك عملاءه وخلاياه الإجرامية لتنفيذها في جميع المحافظات الحرة.
وَأَضَـافَ تقرير حديث لوزارة الداخلية أن الأجهزة الأمنية تمكّنت من تفكيك 2700 عبوة ناسفة كانت قد زرعتها العناصر الإجرامية التابعة للعدوان لاستهداف أمن هذا الوطن واستهداف حياة المواطنين.
وفي مجال ضبط الجريمة والحد منها فقد تمكّنت وزارة الداخلية بفضل الله منذ بداية العدوان من ضبط 148 ألفاً و770 جريمة جنائية مختلفة، وبنسبة ضبط بلغت 94 %.
ويؤكّـد ناطق وازرة الداخلية عبد الخالق العجري، في تصريح صحفي للمسيرة أن ثورة 21 سبتمبر المباركة ساهمت بفضل الله وعونه في ترسيخ الأمن والاستقرار وجعلته رقماً قياسياً بعد أن كان على حافة الهاوية قبل ثورة 21 سبتمبر.
ويستذكر العجري كيف كان الانفلات الأمني قبل ثورة 21 سبتمبر، حَيثُ إن الانهيارَ الأمني بلغ ذروتَه للحد الذي أصبح رجلُ الأمن نفسُه خائفاً على روحه فكان يخبئ بزته العسكرية والنياشين؛ خوفاً من تعرض حياته للخطر، الأمر الذي يثبت بأن وضع البلد كان على حافة الهاوية وهو ما أثبته الواقع آنذاك.
ويقول العجري: “القادة السياسيون في النظام السابق هم مَن أسهموا في انهيار الجانب الأمني ولا علاقة لرجال الأمن أنفسهم، فأنا أعرف من رجال وقيادات الأمن الكثير والكثير ممن أسهموا بشكل فعال في تنشيط الأجهزة الأمنية وإعادتها للأفضل بعد قيام ثورة 21 سبتمبر، وهي معلومة هامة يجب أن تؤخذ في الحسبان، لقد تحدثت أثناء اجتماع مع القيادات الأمنية أن هناك الكثيرَ من الشرفاء والرجال الأوفياء من الأمنيين السابقين الذين يشتغلون معنا في خندق واحد بجبهتنا الأمنية فهؤلاء لا يقلون شأناً عنا وهم خدموا الوطن في الوقت الذي خانه العملاء والمرتزِقة ممن ارتموا في أحضان السعوديّة والإمارات.
ويضيف أن الأمنيين الشرفاء في السابق لم يتمكّنوا من الارتقاء بالعمل الأمني؛ نظراً لتخلِّي النظام الحاكم عنهم وسعيه للزج بهم في المحرقة وجعلهم طُعمة للوحوش والمجرمين من الإرهابين والتكفيرين وغيرهم”.
ويواصل “لذلك نرى أن من الزملاء الشرفاء السابقين هناك الكثير ممن نظّموا وجهزوا ورتّبوا لهذا العرض العسكري المهيب الذي يوصل رسالةً للقيادة الثورية وللشعب اليمني كاملاً أن الأجهزة الأمنية على أتم الاستعداد بفضل الله وعونه لمواصلة تأمين الجبهة الداخلية والتصدي لكل الأعداء ولكل من تسول له نفسه الإضرار بالبلد”.
ويلفت إلى أنه منذ إعلان انتصار ثورة 21 سبتمبر والأجهزة الأمنية تعملُ بشكل مُستمرّ على الارتقاء بالعمل الشرفاء مستمدين العون والنصر من الله تعالى وبالتمسك والسير على نهج المسيرة القرآنية، وهو ما جعل الأجهزة الأمنية تقضي على الجماعات الإرهابية وكذا العصابات الإجرامية خلال عام واحد منذ انتصار ثورة الحرية والاستقلال.
ويشير إلى أن الأجهزةَ الأمنية رغم تكالب العدوان العالمي على البلد استطاعت خلال وقت قياسي أن تحافظ على الأمن والاستقلال وتجعل من اليمن بلداً منافساً أمنيًّا لبلدان العالم أجمع.
ويؤكّـد العجري أن وزارة الداخلية أرادت من خلال العرض العسكري لهم الأمن الكبير إيصال رسالة للخارج وللعالم أجمع أن رجال الأمن والشعب اليمني كاملاً يقف بالمرصاد لكل من يحاول انتهاك بلدنا واحتلاله، موضحًا أن باستطاعة رجال الأمن بفضل الله تعالى حماية اليمن من أقصاه إلى أقصاه وسيفشل كُـلّ مؤامرات الأعداء الخارجية والداخلية.
بدوره، يقول العميد عبد الرحمن المنور وجيه الدين: “إن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر سدت الفراغ الأمني من خلال تشكيلها لجاناً شعبيّة وثورية من فتية مؤمنين تولوا حماية المؤسّسات والمنشآت العامة والخَاصَّة وتأمين مكتسبات كُـلّ أبناء الوطن شعوراً منهم بالمسؤولية الدينية والوطنية تجاه وطنهم وشعبهم، فبذلوا كُـلَّ غال ونفيس دون أي مقابل”.
ويرى المنوَّر أن ثورة 21 سبتمبر حقّقت المفهوم الحقيقي لمعنى الشرطة في خدمة الشعب، بمعناها الصحيح، وفتحت مراكز للشكاوى لضبط مخالفات وتجاوزات رجال الشرطة بما يحقّق الأمن للشعب وليس عليهم ولمصلحة المواطن بالدرجة الأولى، وهو ما كان غائباً في الأنظمة السابقة، ولم يطبق حرفياً حتى في الدول التي تفاخر بأمنها في هذا العالم، مما يؤكّـد أن ثورة 21 سبتمبر رقماً صعباً فاق التوقعات.
صحيفة المسيرة