الجزيرة.. مع غزة ضد إسرائيل ومع إسرائيل ضد أنصار غزة
الجزيرة.. مع غزة ضد إسرائيل ومع إسرائيل ضد أنصار غزة
السياسية|| محمد محسن الجوهري
هي سياسة عتيقة لجأ لها الإنجليز من قبل ولا تزال تمارسها شبكة BBC البريطانية، حيث تُظهر مظلومية الشعوب وفي الوقت نفسه تعمل على شيطنة من يناصرونها، حتى تبقى المظلومية قائمة بلا ناصر.
في غزة تمارس قناة الجزيرة الدور نفسه، فهي تكشف كل يوم مجازر الاحتلال الصهيوني بحق الأطفال والنساء، وهذا مجهود جبّار لا نظير له في الساحة ويستحق مراسلو القناة الشكر عليه، لكن هناك في استديوهات القناة بقطر، يعمل محللوها ومنظروها السياسيون على شيطنة كل تحرك يناصر غزة على الأرض بدايةً من محور المقاومة.
مؤخراً ومع التحرك اليمني المناصر لغزة في البحر الأحمر، تسمع من مذيعي الجزيرة أسئلة من قبيل: ما هي علاقة إيران بتلك الهجمات؟ وماهي مصالح طهران من عمليات الحوثيين في باب المندب؟ وغيرها الكثير، ويتكرر الأمر مع المقاومة العراقية الشجاعة وضرباتها الموفقة ضد المصالح والقواعد الأمريكية في المنطقة، وكذلك مع حزب الله ورجاله في لبنان.
وتسعى الجزيرة ومن ورائها قطر، من وراء ذلك، إلى أن تبقى مأساة غزة إلى الأبد وكان الأصوب تشجيع كل تحرك مؤازر لغزة ولو كان من غير المسلمين.
وقد دأبت شبكة الجزيرة على ممارسة هذه السياسة العنصرية بين العرب، وعملت على خلق صراعات مختلفة داخل كل بلد عربي على حدة، وأنتجت لذلك برامج ووثائقيات مكلفة جداً في إطار تكريس ثقافة “الفوضى الخلَّاقة” التي أعلنت عنها واشنطن مطلع الألفية الجديدة.
نتذكر أيضاً كيف شيطنة الجزيرة من قبل تحركات الحشد الشعبي العراقي أثناء معركته المقدسة ضد تنظيم داعش الإرهابي، وكأنها تناصر الأخير على طريقة: “عدو عدوي صديقي”.
وفي سورية كان الحديث مشابهاً عندما تدخل حزب الله لمنع الجماعات المتطرفة من الاستمرار في جرائم الإبادة بحق الشعب السوري خاصة الأقليات، إضافةً إلى إعادة بعث الصراع الشيعي- السني مع احتلال القوات الأمريكية للعراق عام 2003، ومشاركة الجزيرة في خلق فتنة طائفية هناك راح ضحيتها الملايين من العراقيين.
وهذا ما سعت إليه في اليمن، فقد عملت على إذكاء فتنة غير مسبوقة بين الزيود والشوافع، وتشجيع الصراعات المناطقية بين الشمال والجنوب، وبين المحافظات الشمالية نفسها كصنعاء وتعز، وسخرت لأجل ذلك وثائقيات لزرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد.
ولذا ينبغي دائماً التعامل بحذر مع كل ما تطرحه الجزيرة، سيّما عبر برامجها التحليلية، فهي غالباً ما تدس السم في العسل، ولا يكاد يخلو برنامج لها من تمهيدٍ لصراع داخلي، يبعد الأمة عن معركتها الحقيقية مع العدو الصهيوني.