الثورة الصينية تتحدى التكنولوجيا الأمريكية.. تطبيق جديد للذكاء الاصطناعي يهز أسواق التكنولوجيا العالمية

ربما لم يتخيل أحد الخبراء في عالم الذكاء الاصطناعي أن تتمكن الصين من التغلب على الحظر التكنولوجي المفروض عليها، وأن تقدم للعالم روبوت دردشة يتصدر قائمة التطبيقات التي أقبل المستخدمون على تحميله من المتاجر الإلكترونية، بما أثر على السوق التكنولوجية الأمريكية.

فقد استطاع “ديب سيك” أن يحظى باهتمام صناعة التكنولوجيا بأكملها في الولايات المتحدة وخارجها، منذ أن صدر في 20 يناير/كانون الأول، وتقول شركة “سنسور تاور” التحليلية إن التطبيق حقق 3 ملايين عملية تحميل منذ إطلاقه.

وعلى الرغم من الحظر المفروض على تصدير الرقائق المتقدمة إلى الصين، إلا أن بكين تغلبت على هذا التحدي وتمكنت من صنع روبوت تقول إن تكلفته لا تساوي شيئاً أمام تكلفة “تشات جي بي تي” التابع للشركة الأمريكية “أوبن إيه آي”.

وقد تسبب هذا في خسارة شركة “إنفيديا” العملاقة لصناعة الرقائق، لما يقرب من 600 مليار دولار (أي نحو 482 مليار جنيه إسترليني) من قيمتها السوقية يوم الاثنين، فيما تعد أكبر خسارة في يوم واحد في تاريخ الولايات المتحدة.

انخفاض أسعار أسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية

انخفضت أسعار أسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى، الاثنين، بعد الصعود السريع لروبوت الدردشة الصيني “ديب سيك” منخفض التكلفة.

وتفوق التطبيق الصيني، بعد إطلاقه الأسبوع الماضي، على منافسِين مثل تطبيق “تشات جي بي تي” التابع لشركة “أوبن إيه آي” الأمريكية، ليتصدر قائمة التطبيقات المجانية الأكثر تحميلاً في الولايات المتحدة.

وانخفضت أسهم عمالقة التكنولوجيا في الولايات المتحدة، مثل إنفيديا، صانعة الرقائق الإلكترونية المستخدمة في تقنيات الذكاء الاصطناعي، وكذلك أسهم مايكروسوفت، وميتا.

وفي المقابل، أعلن القائمون على تطبيق “ديب سيك” تقييد عمليات التسجيل في التطبيق مؤقتاً بسبب “هجمات خبيثة واسعة النطاق” على برنامجها.

البحرية الأميركية تحذر من استخدام “ديب سيك”

حذرت البحرية الأميركية أعضاءها من استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي “ديب سيك” الصينية بسبب المخاوف الأمنية والأخلاقية المرتبطة بها، في وقت تتوالى فيه التحذيرات من دول ومنظمات دولية بشأن حماية البيانات والخصوصية على هذا التطبيق.

أبلغت البحرية الأميركية أعضاءها بتجنب استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي من شركة “ديب سيك” الصينية في تحذير عبر البريد الإلكتروني ينص على عدم استخدام النموذج الصيني بأي شكل من الأشكال بسبب المخاوف الأمنية والأخلاقية المحتملة المرتبطة بأصل النموذج واستخدامه، وفقا لتقرير نشره موقع “سي إن بي سي”.

وأكد متحدث باسم البحرية الأميركية صحة البريد الإلكتروني، في إشارة إلى سياسة الذكاء الاصطناعي التوليدي لرئيس تكنولوجيا المعلومات في وزارة البحرية، حيث جاء في رسالة البريد الإلكتروني “نود أن نلفت انتباهكم إلى تحديث بالغ الأهمية يتعلق بنموذج ذكاء اصطناعي جديد يسمى (ديب سيك)”.

ومن جهته، صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن الارتفاع المفاجئ لنموذج “ديب سيك” الصيني بمنزلة جرس إنذار لشركات التكنولوجيا الأميركية، في الوقت الذي يحاول فيه إبقاء تطبيق “تيك توك” ساري المفعول في بلاده.

إيطاليا تُرسل أول طلب لمراقبة البيانات إلى “ديب سيك”

قدمت منظمة “يوروكونسمرس” (Euroconsumers) وهي ائتلاف يضم مجموعات المستهلكين في أوروبا، شكوى إلى هيئة حماية البيانات الإيطالية تتعلق بكيفية تعامل نماذج “ديب سيك” مع البيانات الشخصية، وركزت الشكوى على لائحة حماية البيانات العامة “جي دي بي آر” (GDPR) وهي الإطار التنظيمي لحماية البيانات في أوروبا.

وأكدت هيئة حماية البيانات الإيطالية أنها أرسلت كتابا إلى “ديب سيك” تطلب منها الحصول على معلومات، إذ تشير الهيئة إلى أن بيانات ملايين الأشخاص في إيطاليا في خطر، وقد منحت الشركة الصينية 20 يوما للرد على الكتاب.

وأحد التفاصيل الرئيسية حول “ديب سيك” التي لاحظها كثيرون هي أن الخدمة تعمل من الصين وفقا لسياسة الخصوصية الخاصة بها، ويشمل ذلك المعلومات والبيانات التي تجمعها الشركة وتخزنها، وتفيد التقارير أن “ديب سيك” تُخزن البيانات في بلدها الأصلي أي في الصين.

وتُشير الشركة الصينية باختصار في سياستها إلى أنه عند نقل البيانات إلى الصين من البلد الذي يُستخدم فيه “ديب سيك”، فإنها تفعل ذلك وفقا لمتطلبات قوانين حماية البيانات المعمول بها، ولكن “يوروكونسمرس” وهيئة حماية البيانات الإيطالية تحتاجان مزيدا من التفاصيل، فهما تريدان معرفة البيانات الشخصية التي تُجمع -ومن أي مصادر- ولأي أغراض، بما في ذلك المعلومات المستخدمة في تدريب نظام الذكاء الاصطناعي، حتى إنهما تريدان معرفة الأساس القانوني لمعالجة البيانات، وتحتاجان مزيدا من التفاصيل حول الخوادم في الصين.

وعلاوة على ذلك، فقد ذكرت المنظمة في شكواها أنها تريد إجابات حول طريقة إعلام المستخدمين -سواء كانوا مسجلين أو غير مسجلين في الخدمة- بكيفية معالجة بياناتهم الشخصية التي تم أو يتم جمعها عبر أنشطة جمع البيانات من الويب.

ويذكر أن منظمة “يوروكونسمرس” نجحت في قضية ضد “غروك” (Grok) العام الماضي حول سياستها في استخدام البيانات لتدريب نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بها.

ومن المثير للاهتمام أن سياسة العمر الخاصة بشركة “ديب سيك” تشير إلى أنها غير مخصصة للمستخدمين الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما، رغم أنها لا توفر طريقة لفرض ذلك. وبالنسبة لأولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و18 عاما، فإن “ديب سيك” تقترح عليهم قراءة سياسة الخصوصية مع شخص بالغ.

وعلى مدى الأيام القليلة الماضية كان “ديب سيك” موضوعا رئيسيا في مؤتمر صحفي في المفوضية الأوروبية، إذ سُئل توماس رينيه المتحدث باسم المفوضية لشؤون سيادة التكنولوجيا عما إذا كانت هناك مخاوف متعلقة بالأمن والخصوصية والرقابة على المستوى الأوروبي بشأن “ديب سيك”. ومع ذلك، كانت رد رينيه “من السابق لأوانه قول أي شيء عن أي تحقيقات”.

وأشار رينيه إلى أن الخدمات المقدمة في أوروبا ستحترم القواعد الأوروبية، مضيفا أن قانون الذكاء الاصطناعي ينطبق على جميع خدمات الذكاء الاصطناعي المقدمة في المنطقة، ولكنه رفض الإفصاح عما إذا كانت شركة “ديب سيك” في تقدير الاتحاد الأوروبي تحترم تلك القواعد أم لا.

أستراليا تُحذر مواطنيها من النموذج الصيني

حث وزير الخزانة الأسترالي جيم تشالمرز الأستراليين على توخي الحذر عند استخدام نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني “ديب سيك” ليكون بذلك أول حكومة تحذر من استخدامه، حسب رويترز.

وقال تشالمرز في مؤتمر صحفي: “نود أن نحث الأستراليين على توخي الحذر بشأن هذه التكنولوجيا الجديدة، فمن الواضح أننا نتلقى باستمرار نصائح حول هذا الأمر”.

قد يعجبك ايضا