التهجير الفلسطيني بين الماضي والحاضر….مأساة مستمرة وصمود لا ينكسر
خاص ـ صحيفة الحقيقة
لطالما شكّل التهجير القسري أحد أفظع الجرائم الإنسانية التي ارتُكبت بحق الشعب الفلسطيني، حيث لم يكن مجرد حدث عابر في تاريخ القضية الفلسطينية، بل سياسة ممنهجة تهدف إلى اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم وطمس هويتهم الوطنية والتاريخية. فمنذ نكبة عام 1948 إلى يومنا هذا، ما زالت فصول التهجير تُكتب بدماء الفلسطينيين، في ظل تواطؤ دولي، ودعم غربي غير محدود للاحتلال الإسرائيلي، وتخاذل عربي يُسهّل تنفيذ المخططات الصهيونية.
وفي الوقت الذي كانت فيه النكبة تهجيرًا جماعيًا مباشرًا باستخدام القوة العسكرية، تحوّل التهجير في العقود الأخيرة إلى مخططات أكثر تعقيدًا، تتنوع بين الاستيطان، والحصار، والحروب المتكررة، والهدم الممنهج للمنازل، والتضييق الاقتصادي، بل وحتى اتفاقيات التطبيع التي تسعى إلى فرض واقع جديد يشرعن الاحتلال ويعيد إنتاج النكبة بأساليب حديثة.
التهجير في الماضي: النكبة والنكسة نموذجًا
نكبة 1948: التهجير الجماعي وبداية المشروع الصهيوني
يُعد عام 1948 نقطة التحول الأبرز في تاريخ فلسطين الحديث، حيث نفّذت العصابات الصهيونية المدعومة من القوى الاستعمارية أكبر عملية تهجير جماعي في القرن العشرين، نتج عنها طرد أكثر من 750 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم، في عملية تطهير عرقي وحشي نُفّذت عبر المجازر، مثل مجزرة دير ياسين وكفر قاسم، حيث أُبيدت قرى بأكملها لزرع الرعب في نفوس الفلسطينيين وإجبارهم على الرحيل.
اعتمد المشروع الصهيوني على فرض سياسة “الأمر الواقع”، حيث تمّ إعلان قيام دولة الاحتلال على أنقاض القرى الفلسطينية، وبُنيت المستوطنات فوق أنقاض منازل اللاجئين، فيما مُنع اللاجئون من العودة إلى ديارهم بموجب قوانين إسرائيلية عنصرية مثل قانون “أملاك الغائبين“.
نكسة 1967: توسيع التهجير والاستيلاء على الضفة والقدس
بعد أقل من عشرين عامًا، شهد الفلسطينيون نكبةً أخرى عندما احتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء والجولان في حرب الأيام الستة عام 1967. لم تكتفِ إسرائيل باحتلال الأرض، بل استكملت مشروعها الاستيطاني والتهجيري، حيث أُجبر أكثر من 300 ألف فلسطيني على مغادرة الضفة الغربية وغزة، وتم تدمير عشرات القرى الفلسطينية، فيما بدأ مسلسل تهويد القدس، الذي بلغ ذروته اليوم عبر محاولات طرد المقدسيين وتغيير الطابع الديموغرافي للمدينة.
التهجير في الحاضر: أساليب جديدة ومخططات مستمرة
التهجير عبر الاستيطان والجدار العازل
في العقود الأخيرة، لم يعد التهجير يأخذ شكل الطرد المباشر، بل أصبح يُنفّذ عبر مشاريع استيطانية ضخمة تهدف إلى قضم الأراضي الفلسطينية وتهجير سكانها تدريجيًا. ففي الضفة الغربية، أقامت إسرائيل أكثر من 250 مستوطنة يقطنها أكثر من 700 ألف مستوطن، في مخالفة صارخة للقانون الدولي. كما أُنشئ جدار الفصل العنصري الذي التهم آلاف الدونمات، وقطع أوصال المدن الفلسطينية، وحوّل القرى إلى “جزر معزولة”، في محاولة لجعل الحياة مستحيلة للفلسطينيين ودفعهم إلى الهجرة الطوعية.
التهجير عبر الحصار والحروب في غزة
منذ عام 2007، يعيش قطاع غزة تحت حصار إسرائيلي خانق، حوّله إلى “أكبر سجن مفتوح في العالم”، حيث يتم التحكم في دخول الغذاء والدواء، وقطع الكهرباء والمياه، ومنع السكان من التنقل بحرية، في محاولة لإجبار الفلسطينيين على ترك القطاع. كما شنت إسرائيل أكثر من خمسة حروب مدمرة على غزة، أسفرت عن استشهاد الآلاف وتدمير البنية التحتية، بينما يواجه الفلسطينيون خيارين أحلاهما مر: إما البقاء في جحيم القصف والحصار، أو الهجرة القسرية تحت ضغط الظروف المعيشية القاسية.
مخططات التهجير القسري الجديدة: “نكبة القرن“
مع تصاعد المقاومة الفلسطينية وتزايد الرفض الشعبي للاحتلال، لجأت إسرائيل إلى تكتيكات أكثر دهاءً، أبرزها “مخطط التهجير الناعم”، الذي يشمل:
- التطبيع مع الأنظمة العربية: عبر اتفاقيات “أبراهام”، تحاول إسرائيل إعادة تعريف القضية الفلسطينية كـ”خلاف يمكن تسويته”، في محاولة لتصفية حقوق اللاجئين الفلسطينيين.
- مشاريع إعادة التوطين: تسعى إسرائيل، بدعم أمريكي، إلى ترحيل الفلسطينيين إلى دول عربية مثل الأردن ومصر، حيث كشف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن خطط “تهجير غزة”، وهو ما أكده السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطاباته، محذرًا من مخطط أمريكي-إسرائيلي لإفراغ القطاع من سكانه.
- استغلال الحروب لفرض وقائع جديدة: كما يحدث اليوم في غزة، حيث تستغل إسرائيل التصعيد العسكري لفرض عمليات تهجير جديدة، في محاولة لإعادة إنتاج نكبة 1948 بأساليب عسكرية واقتصادية وسياسية.
المقاومة في وجه التهجير: سلاح الفلسطينيين للبقاء
في ظل محاولات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة لاقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، تبرز المقاومة كخيار حتمي للدفاع عن الهوية الوطنية ومنع تنفيذ مخططات التهجير القسري. منذ النكبة وحتى اليوم، لم تتوقف إسرائيل عن استهداف الفلسطينيين عبر المجازر، والاستيطان، والحصار، والحروب، غير أن الفلسطينيين في المقابل لم يستسلموا، بل طوروا أشكالًا مختلفة من المقاومة التي أسهمت في تعطيل وإفشال العديد من هذه المخططات.
الانتفاضات الفلسطينية: محطات بارزة في مقاومة التهجير
- الانتفاضة الأولى (1987-1993): الحجر في مواجهة الدبابة
كانت الانتفاضة الأولى نموذجًا للمقاومة الشعبية، حيث خرج الفلسطينيون في مظاهرات جماهيرية حاشدة، وأبدعوا في استخدام وسائل مثل الإضرابات، والمقاطعة الاقتصادية، وإلقاء الحجارة على قوات الاحتلال. وقد أجبرت هذه الانتفاضة الاحتلال على الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية وأرست الأساس لمفاوضات أوسلو.
- الانتفاضة الثانية (2000-2005): المواجهة المسلحة
تفجرت الانتفاضة الثانية بعد اقتحام أرييل شارون المسجد الأقصى، وتحولت إلى مواجهة مسلحة بين فصائل المقاومة والاحتلال الإسرائيلي. شهدت هذه الفترة تنفيذ عمليات استشهادية نوعية، واستهداف المستوطنات والمواقع العسكرية الإسرائيلية، مما شكل ضغطًا هائلًا على الاحتلال، وأدى في النهاية إلى انسحاب إسرائيل من قطاع غزة عام 2005.
دور المقاومة في إحباط مخططات التهجير
أولاً: المقاومة الشعبية والصمود الجماهيري
تُعد المقاومة الشعبية من أقدم أساليب التصدي للتهجير، حيث شكلت التحركات الجماهيرية والاحتجاجات أدوات فعالة في كشف وفضح سياسات الاحتلال، أبرز الأمثلة على ذلك:
– هبّة باب العامود والشيخ جراح، حيث أحبطت المقاومة الشعبية محاولات الاحتلال لطرد المقدسيين من منازلهم.
– المظاهرات والأنشطة المناهضة للاحتلال والتي أثبتت للعالم أن الفلسطينيين لن يتركوا أرضهم.
– المرابطة داخل المسجد الأقصى ومواجهة حملات التدنيس الصهيونية للمسجد.
الشعب الفلسطيني قدم العديد من الأمثلة على مواجهته للاحتلال الإسرائيلي عبر مختلف الأجيال، وهذه الأنشطة متنوعة ومتعددة الأبعاد. إليك أبرز هذه الأمثلة:
- حملات المقاطعة الدولية (BDS): فلسطين تواصل تأثيرها الدولي عبر الدعوة لمقاطعة إسرائيل على الصعيدين الاقتصادي والثقافي. حركة المقاطعة (BDS) التي انطلقت من داخل فلسطين تتعاون مع دول العالم لنشر الوعي حول الاحتلال.
- الاحتجاجات في القدس: القدس كانت نقطة محورية للعديد من التحركات الشعبية ضد الاحتلال الإسرائيلي، سواء كانت احتجاجات على سياسات الاستيطان أو التضامن مع المسجد الأقصى، إلى جانب مقاومة محاولات تهويد المدينة المقدسة.
- الإضرابات عن الطعام: المقاومون الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية خاضوا العديد من الإضرابات عن الطعام ضد اعتقالهم الإداري وظروف السجون. كان أبرزها إضراب الأسرى في 2017، الذي دعمته جموع الشعب الفلسطيني، وحقق نجاحاً في التفاوض على تحسين ظروفهم.
- الاحتجاجات ضد الجدار العازل: منذ عام 2002، أطلق الفلسطينيون العديد من الاحتجاجات ضد بناء الجدار الفاصل الذي تعتزم إسرائيل بناءه على أراض فلسطينية، حيث شهدت مدن مثل بلعين ونعلين وبيتا مسيرات أسبوعية كانت جزءاً من المقاومة الشعبية ضد الاحتلال.
- الثقافة والأدب المقاوم: الثقافة والأدب كأجد سائل التعبير عن المقاومة الفلسطينية، عبر الفنون والشعر والنشاط الأكاديمي والمعارض والحملات الدولية وغيرها، حيث ساهم الأدباء والمثقفون الفلسطينيون في نشر قضاياهم على الساحة الدولية، ورفع شعار “حق العودة”.
هذه الأنشطة، على الرغم من تنوعها، تجسد إصرار الشعب الفلسطيني على مقاومة الاحتلال بكل السبل الممكنة، سواء كانت سلمية أو عسكرية، وتؤكد عزيمتهم في الحفاظ على حقوقهم وأرضهم.
ثانياً: المقاومة المسلحة كعامل ردع استراتيجي وتمثلت في العمليات النوعية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة: عبر تشكيلات فصائلية مثل حركة حماس وفتح والجهاد الإسلامي، أصبح هناك دور بارز للعمليات العسكرية، التي تنوعت بين العمليات الاستشهادية والعمليات العسكرية المدروسة ضد الاحتلال، فضلاً عن الأنفاق التي تستخدمها الفصائل في غزة للمقاومة ورغم الفارق الكبير في موازين القوى، تمكنت المقاومة المسلحة من فرض معادلات جديدة، جعلت الاحتلال يدرك أن تنفيذ مشاريع التهجير لن يكون بلا ثمن. ومن أبرز إنجازاتها:
– إجبار الاحتلال على الانسحاب من غزة عام 2005، وهو ما شكّل ضربة لمشروع الاستيطان والتهويد.
– ردع العدوان الإسرائيلي خلال الحروب المتكررة، حيث أصبح الاحتلال يفكر مرتين قبل شن أي عملية تهجير واسعة خوفًا من التصعيد.
- العمليات الفدائية وإفشال مشروع التهجير
نفذت الفصائل الفلسطينية عشرات العمليات الفدائية ضد الاحتلال، بهدف تعطيل سياساته الاستيطانية والتهجيرية، ومن أبرز هذه العمليات:
– عملية فندق بارك عام 2002، التي استهدفت مستوطنين وأجبرت الاحتلال على إعادة التفكير بسياساته.
– عمليات الأنفاق في غزة، التي أدت إلى تدمير مواقع عسكرية إسرائيلية وأجبرت الاحتلال على التراجع عن خطط تصعيدية.
- المقاومة السياسية والقانونية
على الصعيد الدبلوماسي، استخدمت القيادة الفلسطينية وبعض الجهات الحقوقية الساحة الدولية لعرقلة مخططات التهجير، ومن ذلك:
– رفع قضايا في المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة الاحتلال على جرائمه.
– استصدار قرارات من الأمم المتحدة تدين سياسات التهجير والاستيطان.
- الوعي الثقافي والتمسك بالهوية
من أخطر ما يراهن عليه الاحتلال هو فقدان الفلسطينيين لهويتهم الوطنية، ولهذا فإن التمسك بالثقافة والتاريخ والتراث الفلسطيني يُعد مقاومة في حد ذاته. من أبرز مظاهر هذا النوع من المقاومة:
– تعزيز الوعي الوطني في المناهج التعليمية الفلسطينية.
– إحياء ذكرى النكبة كل عام للحفاظ على الرواية التاريخية.
– توثيق القرى المهجّرة وإعداد الأرشيف الوطني كدليل دائم على الحقوق الفلسطينية.
تحديات تواجه المقاومة في منع التهجير
رغم الإنجازات التي حققتها المقاومة، إلا أن هناك تحديات كبيرة تواجهها، من بينها:
- الدعم الأمريكي والغربي غير المحدود للاحتلال.
- التخاذل العربي والإسلامي
- الانقسام الفلسطيني الذي أضعف وحدة الصف الوطني.
- الضغوط الاقتصادية التي تسهم في إجبار بعض الفلسطينيين على الهجرة.
مأزق الأنظمة العربية أمام مخطط التهجير
وجدت الأنظمة العربية نفسها في موقف حرج بين المفاجأة والصدمة، بعدما تبيّن لها أن الإدارة الأمريكية لا تعترف بجميلها، رغم ما قدّمته من تنازلات وخذلان للقضية الفلسطينية. فقد كانت الأنظمة العربية بمثابة جسر إمداد مستمر للكيان الصهيوني، من خلال صفقات التطبيع والدعم غير المباشر، ومع ذلك، يطالبها ترامب اليوم بتنفيذ ما عجزت عنه إسرائيل وأمريكا، وإجبار الفلسطينيين على مغادرة أرضهم تحت وطأة التهديد السياسي والاقتصادي.
أمام هذا المشهد، صُدم العالم من وقاحة الطرح الأمريكي، الذي تجاوز القضية الفلسطينية ليُشكل تهديدًا وجوديًا للأمة بأسرها، إذ لم يعد الأمر يتعلق فقط بقطاع غزة، بل بمصير الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث تسارعت عمليات التهجير في مخيمات جنين والفارعة وطولكرم ونور شمس، في محاولة لفرض واقع جديد.
مخطط التهجير.. من صفقة القرن إلى جريمة القرن
منذ توليه الرئاسة، حمل ترامب فكرة تهجير الفلسطينيين في إطار “صفقة القرن”، لكن في ظل الأحداث الأخيرة، يبدو أنه يسعى لتحويلها إلى “جريمة القرن”، عبر تنفيذ عملية ترحيل جماعي للفلسطينيين لصالح توطين المستوطنين الصهاينة في أراضيهم. هذه الجريمة غير المسبوقة في التاريخ، حيث يُجبر شعبٌ بأكمله على مغادرة وطنه لصالح قوة احتلالية، وضعت الأنظمة العربية في موقف بالغ الخطورة، إذ باتت مهددة بأن تصبح شريكة في تصفية القضية الفلسطينية، سواء بالصمت أو بالتواطؤ.
ومع تصاعد هذه التهديدات، تبرز تساؤلات جوهرية: هل ستنجح رؤية ترامب في فرض هذا السيناريو الكارثي؟ وما مصير عمليات التهجير المتسارعة في الضفة؟ وكيف يمكن للعرب، شعوبًا وأنظمة، التصدي لهذه المؤامرة غير المسبوقة؟
المسؤولية العربية: بين الخضوع والمقاومة
يعتمد نجاح أو فشل مخطط التهجير على مدى قبول أو رفض العرب له، إذ لا يمكن تنفيذ مثل هذه الجريمة إلا بموافقتهم الضمنية أو العلنية. وهذا يضعهم أمام مسؤولية تاريخية ذات أبعاد متعددة:
- مسؤولية سياسية وأمنية: القبول بتهجير الفلسطينيين يعني إدخال ملايين اللاجئين إلى دول عربية تعاني أصلًا من أزمات اقتصادية وسياسية، مما قد يؤدي إلى تداعيات كارثية على الاستقرار الإقليمي.
- مسؤولية أخلاقية ودينية: تصفية القضية الفلسطينية بهذه الطريقة تعني تواطؤًا مباشرًا مع الاحتلال في جريمة تاريخية ضد شعب مسلم ومقدسات إسلامية.
- مسؤولية قومية: قبول التهجير يعني تسليم الأراضي الفلسطينية للصهاينة، وهو ما يُمثل انتهاكًا صارخًا للسيادة العربية، ويفتح الباب أمام مزيد من التدخلات الأجنبية في المنطقة.
في المقابل، فإن رفض الأنظمة العربية لهذا المخطط قد يُجنبها الانزلاق في مستنقع كارثي، لكن ذلك يتطلب مواقف شجاعة وحاسمة، وليس مجرد بيانات إدانة شكلية.
الشعب الفلسطيني.. الحصن الأخير في مواجهة التهجير
رغم التواطؤ الدولي والصمت العربي، ظل الفلسطينيون هم الدرع الحقيقي في وجه مشاريع التهجير، حيث قدموا عبر العقود الماضية نموذجًا استثنائيًا في الصمود والمقاومة. وإفشال هذا المخطط يعتمد على مجموعة من العوامل الأساسية:
- الموقف الفلسطيني الموحّد: رغم التباينات السياسية، فإن وحدة الصف بين فصائل المقاومة في غزة والضفة تشكّل حجر الأساس لإفشال المخطط. وفي حين تراهن السلطة الفلسطينية على التسويات، فإن المقاومة تدرك أن المعركة تتطلب موقفًا حاسمًا، بعيدًا عن حسابات السياسة التقليدية.
- دروس الماضي: يدرك الفلسطينيون أن المنافي لا تحمل حلولًا، بل تزيد من معاناتهم، كما أثبتت تجربة اللاجئين في دول الجوار، حيث واجهوا التمييز والتهميش، ولم يكن لهم أي مستقبل واضح.
- قلب الطاولة على الاحتلال: كما فعلت المقاومة الفلسطينية في معركة “طوفان الأقصى”، فإن التصعيد ضد الاحتلال هو السبيل الوحيد لردع مخطط التهجير. فكلما زادت كلفة الاحتلال، تراجعت فرص تنفيذ مشاريعه التوسعية.
- تعزيز الصمود الداخلي: عبر نشر الوعي الديني والوطني، والتأكيد على مخاطر التهجير، وعدم الانسياق وراء الإغراءات أو الضغوط التي تهدف إلى إفراغ الأرض الفلسطينية من سكانها.
- مواجهة المؤامرة على الأرض: من خلال التمسك بالمقاومة الشعبية، وإيجاد آليات لمنع تنفيذ المخطط على مستوى المدن والمخيمات، سواء عبر التظاهرات، أو عبر أشكال جديدة من المقاومة التي تضع الاحتلال في مأزق دائم.
الخلاصة:
إن التهجير الفلسطيني لم يعد مجرد مخطط نظري، بل هو مشروع يجري العمل على تنفيذه في الضفة الغربية وقطاع غزة، وسط تواطؤ بعض الأنظمة العربية، وتخاذل المجتمع الدولي. وفي ظل هذه التحديات، لا يبقى أمام الفلسطينيين سوى خيار المقاومة، التي أثبتت عبر التاريخ أنها السلاح الأقوى في مواجهة مشاريع الاحتلال.
أما الأنظمة العربية، فإن لحظة الحقيقة قد اقتربت، وعليها أن تقرر: إما أن تكون جزءًا من هذه الجريمة، أو أن تتخذ موقفًا شجاعًا في وجه الطاغوت الأمريكي-الصهيوني، قبل أن تجد نفسها ضحية لمخططات أكبر تهدد وجودها ذاته. فإن لم يكن دفاعًا عن فلسطين، فليكن دفاعًا عن بقائها.