التنمية من منظور دول الغرب الرسمالي…بقلم / أحمد يحيى الديلمي
لقد حالت دول الغرب الرسمالي بزعامة أمريكا دون احداث تنميه اقتصاديه وصناعيه للبلدان العربية والاسلامية لكي تبقى مجرد مجتمعات استهلاكيه غير منتجه واسواقا لمنتجاتها ، وذلك عبر المؤسسات المالية الدولية ، البنك الدولي ، وصندوق النقد الدولي ، ومنظمة التجارة العالمية التي تَتَّخِذُ من برامج الإقراض ومشاريع التنمية ستاراً للهيمنةِ والسَّيْطَرَةِ على العالم ؛ ووسيلة لرهن إرادة شعوب وحكومات ما يُسَمَّى بالعالَمِ الثالث ، واغرقت كاهل البلدان العربية والاسلامية بالديون تحت مبررات التنمية وفوائد الديون جراء القروض المشبوهة التي تحدد هي نفسها مجالات انفاقها وتوظيفها في مشاريع استهلاكيه غير انتاجيه بل ان معظمها قضت على الانتاج المحلي المحصور في الزراعة البدائية وتربيه الثروة الحيوانية والحيلولة دون نهوضها اقتصادياً وتنمية صناعاتها وصولاً الى الاكتفاء الذاتي لها.
وفعلاً فقد تمكنت دول الغرب الرأسمالي من جعل البلدان العربية والاسلامية تابعه ولا تملك الاستقلال في اتخاذ القرار وواقعة في حضن واسر الهيمنة الاقتصادية والسياسية.
ويشير الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله علية إِلَـى ان الهيمنة الاقتصادية تحت يافطة التنمية لدول الغرب الرأسمالي بزعامة “أمريكا” تأتي بأَكْثَـر من شكل ، منها ما يأتي في ابقاء الأُمَّــة العربية والإسْــلامية اسواقاً لمنتجات شركاتها العملاقة ، وتكون مجرد مجتمعات استهلاكيه غير منتجه وذلك من خلال اتفاقيات دولية ومنظمات مالية “منظمة التجارة العالمية” في سياق النظام الرأسمالي ، أو جعل شعوب الامة مجرد أياد عاملة داخل مصانعهم التي ينشئونها داخل البلدان العربيةِ والإسْــلامية عبر شركاتهم العملاقة متعددة الجنسيات.
وفي محاضرة (اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً ، ص7) يوضح الشهيد القائد طبيعة “التنمية” في سياق الهيمنة الاقتصادية بالقول : لا تخرج تنميتهم عن استراتيجية أن تبقى الشعوب مستهلكة، ومتى ما نمت فلتتحول إلى أيد عاملة داخل مصانعهم في بلداننا لإنتاج ماركاتهم داخل بلداننا, ونمنحها عناوين وطنية[إنتاج محلي] والمصنع أمريكي، المصنع يهودي، والمواد الأولية من عندهم، وحتى الأغلفة من عندهم ، ويضيف بالقول : التنمية لهم هنا, وفروا على أنفسهم كثيراً من المبالغ لأن الأيدي العاملة هنا أرخص من الأيدي العاملة لديهم في بلدان أوربا وأمريكا وغيرها من البلدان الصناعية ( اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً ، ص9).
ويشّخص الشهيد القائد التنمية من منظار الآخرين بالقول : التنمية من منظار الآخرين هو تحويلنا إلى أيدٍ عاملة لمنتجاتهم ، وفي مصانعهم , تحويل الأمة إلى سوق مستهلكة لمنتجاتهم ، أن لا ترى الأمة , أن لا يرى أحد, وليس الأمة, أن لا يرى أحد من الناس نفسه قادراً على أن يستغني عنهم؛ قوته، ملابسه، حاجاته كلها من تحت أيديهم، هل هذه تنمية؟ (اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً ، ص7).
ويضيف بالقول : هم يعملون أشياء أخرى ولكن لن تجد نفسك أكثر من متجول في سوق كبيرة تستهلك منتجاتهم، ولن تجد نفسك تتجول داخل مصانع يمنيه.. المصانع تتحرك، والأيدي العاملة تتحرك وتحركها, كلها تعمل معهم، ليس هناك تنمية؟ ( اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً ، ص9).
وهنا يؤكد الشهيد القائد أن تلك “التنمية” المزعومة تجعل شعوب الامة مستعمرين أشد من الاستعمار الذي كانت تعاني منه قبل عقود من الزمن ، حيث يقول : وإن كانت هناك تنمية فهي مقابل أحمال ثقيلة تجعلنا عبيداً للآخرين، ومستعمرين أشد من الاستعمار الذي كانت تعاني منه الشعوب قبل عقود من الزمن. (اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً ، ص)
تلك الأحمال الثقيلة تكون في حال ما إذا ما صدقوا في شكل قروض منهكة بالشكل الذي لا ينفع الأمة ،وهذا ما يؤكد علية الشهيد القائد بالقول : القروض التي يعطوننا قروضا منهكة، مثقلة. وهل تعتقدون أن القروض تسجل على الدولة الفلانية, أو على الرئيس الفلاني، وعلى رئيس الوزراء الفلاني؟. تسجل على الشعب، وهي في الأخير من ستدفع من أجساد الشعب نفسه في حالة التقشف التي مرت بها بلدان أخرى أنهكتها القروض، يفرضون حالة من التقشف. ألسنا متقشفين؟ ستفرض حالات أسوأ مما نحن فيها تحت عناوين أخرى، ستدفع أنت ثمن تلك القروض من شحمك ولحمك أنت وأبناؤك، تذبل أجسامنا من سوء التغذية، فندفع تلك الفوائد الربوية، من أين؟ من شحمنا ولحمنا ودمائنا، ألستم تسمعون بأن هناك بلدانا كالبرازيل وبلد كتركيا أصبحت الآن مشرفة على أن تعلن عن حالة التقشف؟ واليمن ألستم تسمعون كل شهر قروض؟.
ومن هدى القرآن ، يشخص الشهيد القائد واقع الأنظمة والحكام من الذين انساقوا وراء أساليب ووسائل قوى الاستكبار التي قدموها تحت يافطة النظام الاقتصادي الوضعي والتنمية وبرامج الاصلاح الاقتصادي ..الخ ، ويقول بأن ذلك هو الإشتراء بآيات الله ثمنا قليلاً ، حيث يقول: إذاً يجب – أيها الإخوة – أن نفهم، وهذه الحقيقة مما أردت أن أقولها في هذا اليوم: حقيقة {يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً}(آل عمران: من الآية77) {اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً}(التوبة: من الآية9) أنها من الحقائق التي كشفت بشكل مرئي في هذا الزمن ( اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً ، ص9) ، ويضيف بالقول : أن هذه قضية أصبحوا هم واثقين من أنفسهم بأن بإمكانهم أن تكون مقبولة لدى الناس جميعاً أنه ستعطينا أمريكا مبالغ, مئات الملايين, أو ستعطي باكستان ملايين, أو يعفوننا عن قروض أو يعفون باكستان أو أي دولة أخرى تتحرك في خدمتهم عن قروض ثم ينفذون لها ما تريد!. أليس هذا هو من بيع الدين؟ أليس هذا هو من بيع الوطن؟ أليس هذا هو من بيع أبناء الوطن؟ أليس هذا هو من بيع الأنفس وبيع المسلمين؟ ولكن بيع ممن؟ بيع من الشيطان ومن أولياء الشيطان. ( اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً ، ص6)
ويبيّن الشهيد القائد إنها لن تكون تنمية حقيقية متى ما طلبوا منك أن تنفذ مخططاً لهم مقابل تنمية فاعلم بأنك ممن يحمل النفسية اليهودية التي تبيع الدين بالمال، وتبيع الوطن بالمال، وتبيع الناس بالمال ، هذا هو ما يجب أن نفهمه فيما يتعلق بهذه القضية.
وتأسيساً على ما سبق ، يقدم الشهيد القائد التشخيص الفعلي والدقيق لمفهوم “التنمية” في سياق الهيمنة الاقتصادية لدول الغرب الرأسمالي عبر عدة أشكال منها:
– ابقاء شعوب الأُمَّــة العربية والإسْــلامية مجرد مجتمعات استهلاكيه غير منتجه واسواقاً لمنتجات شركاتها العملاقة.
– جعل شعوب الأمة مجرد أيادٍ عاملة داخل مصانعهم التي ينشئونها داخل البلدان العربيةِ والإسْــلامية.
– في حال ما صدقوا تكون التنمية في شكل قروض منهكة وخطط فاشلة بالشكل الذي لا ينفع الأمة.
وبعد إن تسأل: هل هذه تنمية؟ أم هذا خنق للأمة؟ خنق للشعوب؟ ، يقطع الشهيد القائد الشك باليقين حول تلك “التنمية” المزعومة بالقول : ليس هناك تنمية؟ ؛ إذاً نقول: لا تخدعونا بالتنمية؟
التنمية الحقيقية في فكر الشهيد القائد
من هدى القران الكريم ومن منطلق القاعدة الاقتصادية بأن “الإنسان هو وسيلة التنمية وغايتها”، يؤكد الشهيد القائد في درس( اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً ، ص7):إن التنمية لا تقوم إلا على أساس هدي الله سبحانه وتعالى، أليسوا يقولون هم كقاعدة اقتصادية, أو مقولة اقتصادية: [أن الإنسان هو وسيلة التنمية وغايتها]؟ الإنسان هو وسيلة التنمية وغايتها. لا بأس، هذه حقيقة، فإذا ما كان هذا الإنسان يسير على هدي الله سبحانه وتعالى، إذا ما كانت نفسه زاكية, إذا ما كانت روحه صالحة، ستنمو الحياة, وتعمر بشكل صحيح.
ويضيف بالقول : ولكن عندما نقول: يجب أن نعمل، نحن نريد أن نعرض أنفسنا لرحمة الله سبحانه وتعالى الذي يقول: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً} (الجـن:16) نحن الذين يجب أن نبدأ, أن نعمل وإن تعبنا، وأن نعلن عن وحدة كلمتنا في مواجهة أعداء الله من اليهود وأوليائهم، وأن نقول ما يجب علينا أن نقوله، وأن نعمل ما بإمكاننا أن نعمله في سبيل الحفاظ على ديننا وكرامتنا، في سبيل أداء مسئوليتنا التي أوجبها الله علينا في كتابه الكريم، وهناك سيبدأ الله سبحانه وتعالى برحمته لنا {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً} لقد وصلنا إلى وضعية لا بد في طريق التخلص منها أن نسير وأن نبدأ نحن ولو تعبنا، إن الله سبحانه وتعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}(الرعد: من الآية11).
فلا نتصور أنه – إذاً – إذا كان الله يريد منا أن نعمل عملاً ما، إذاً فليبدأ هو، لينزل علينا الأمطار، ويسبغ علينا النعم، فنرى أنفسنا نملك غذاءنا، ونرى بين أيدينا الحاجيات الضرورية من داخل بلادنا، ثم إذاً نحن مستعدون أن نعمل.. لا ( اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً ، ص 7 -8) .
ووفقاً للتعريف الوظيفي البارز للتنمية والذي ينص على أن التنمية هي “تنمية الناس بالناس من أجل الناس” يصبح الإنسان مجالاً ووسيلة وغاية للتنمية الشاملة الحديثة في إدراك ملموس لأهمية الإنسان فرداً وجماعة في سلم اهتمامات النهوض الاقتصادي والتنموي ولعل ذلك ما يؤكد حقيقة دامغة مفادها أن “تنمية الإنسان” بهدى القران هي التي يجب أن يتم البدء بها أولاً كون تحقيق التنمية عملية تالية ولاحقة ، وهنا يقول الشهيد القائد : فنحن نقول: نريد التنمية التي تحفظ لنا كرامتنا، نريد نمو الإنسان المسلم في نفسه, وهو الذي سيبني الحياة, هو الذي سيعرف كيف يعمل، هو الذي سيعرف كيف يبني اقتصاده بالشكل الذي يراه اقتصاداً يمكن أن يهيئ له حريته واستقلاله، فيملك قراره الاقتصادي، يستطيع أن يقف الموقف اللائق به، يستطيع أن يعمل العمل المسئول أمام الله عنه ( اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً ، ص 7).ِ