التكفيريون النسقُ الأولُ للعدوان على اليمن..8 سنوات على جريمة العُرضي
بعد مرورِ ثمان سنوات على الحادثة الإجرامية الغادرة، لا يزال اليمنيون يتذكّرون جرائمَ النظام السعوديّ وأدواته العميلة الذين كانوا على سُدَّةِ الحكم، وتحديداً الجريمةَ النكراءَ التي أقدمت عليها عناصر الاستخبارات الأمريكية المسماة “القاعدة” باقتحامها مستشفى العرضي وارتكاب أبشع الجرائم بحق مرتاديه من مواطنين مرضى وأطباء وعاملين، وذلك يوم الخميس في الـ 5 من ديسمبر العام 2013م، والذي كشف معه مخطّطاً إجرامياً تقوده واشنطن والرياض وأدواتهما في الداخل؛ بغية إرهاب المواطنين وإدانة اليمن بوجود العناصر الإجرامية في الداخل؛ بغرض تبرير التواجد الأمريكي المتصاعد في ربوع اليمن، وكذلك تنفيذ المخطّطات اللازم تنفيذها بالورقة الإجرامية عبر الأدوات العميلة التي تدَّعي انتماءَها للإسلام، وهي تشوِّهُه وتحارب أبناءَه وتخدم أعداءَه.
خيوطُ الجريمة.. هشاشةُ السلطة وتواطؤها
وفي مظهر كشف –آنذاك– مدى التواطؤ الكبير والتنسيق بين العناصر الإجرامية ومسؤولين في النظام السابق –تكشفت خيانتهم مع بدء العدوان– قام مسلحون إجراميون يتبعون ما يسمى تنظيم “القاعدة الإجرامي” عددهم 12 إجرامياً يحمل معظمُهم الجنسيةَ السعوديّة، باقتحام مستشفى العرضي الذي يقع داخل مجمع وزارة الدفاع، متنكرين بلباس عسكري ويحملون أسلحةً خفيفة ومتوسطة، مدعومين بسيارات تحمل متفجرات، ليرتكبوا بعد ذلك أبشعَ الجرائم التي عمد النظام إلى توثيقها وبثها لزرع الرعب في صفوف الشعب وتعزيز الذرائع الأمريكية التوسعية، فيما أسفرت العملية عن مقتل 56 شخصاً غالبيتهم من الأطباء والممرضات بينهم طبيبان ألمانيان وآخران فيتناميان وممرضتان فيليبينيتان وأُخرى هندية، وإصابة أكثر من 212 مواطناً بجروح.
وقد كشفت السلطة الظالمة –آنذاك– عن إمساكها بخيوط سوداء لتلك الحادثة الإجرامية، وذلك بزيارة الفارّ هادي حينها للمستشفى وتجوله بداخله فيما لا تزال الاشتباكاتُ دائرةً حتى فجر اليوم التالي “الجمعة، 6 ديسمبر 2013″، وذلك حسب ما أفادت به “وزارة الدفاع” حينها، وما زاد من انكشاف وقوف النظام السابق وراء تلك العميلة، هي مكالمة للفارّ هادي مع المرتزِق أحمد عوض بن مبارك، والتي بثتها قناة المسيرة في نهاية العام 2014، يتحدث فيها الفارّ هادي بكل بجاحة عن فائدة تلك الجريمة النكراء في الضغط على رئيس مجلس النواب يحيى الراعي، الذي كان يوم الحادثة يرقد بداخل المشفى.
كما كشفت تلك الجريمة هشاشة النظام السابق، ومؤسّسته العسكرية “الهشة” التي كان يفترض أن تكون أصعب مكان يمكن اقتحامه، حَيثُ تمكّن 12 إجرامياً من اقتحام وزارة الدفاع والمستشفى بكل سهولة وسط “استسلام” كلي للجنود والحراسة آنذاك، في حين كان من المستحيل على جيش بأكمله اقتحام السفارة الأمريكية في صنعاء، نظراً لما تم توفيره لها من أداوت حماية ووسائل صد وأساليب قطع للشوارع الرئيسية والفرعية المحاذية لها، تفوق أكثر بكثير من أكبر مؤسّسة يمنية كان من المفترض أن تنال ذات الحماية على الأقل، وهو ما يزيد من انكشاف التبعية العمياء التي كان يدين بها النظام السابق للجانب الأمريكي الذي حرص على توسيع تواجده ونفوذه في تلك المرحلة، وتنفيذ مخطّطاته التي طارت أدراج الرياح مع ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر.
جرائم لتثبيت النفوذ الأمريكي وتعميد الاحتلال بدماء اليمنيين
وما يؤكّـد أن تلك الحادثة وما سبقها وما تلاها من جرائمَ بأيادٍ تكفيرية، كانت تهدف جميعها إلى تثبيت النفوذ الأمريكي واستقدام قوات واشنطن لاحتلال اليمن وجزره وسواحله والمناطق الاستراتيجية التي تعني الكثير للمخطّط الصهيوأمريكي، عززت واشنطن سفارتَها ومقراتِ تواجدها في اليمن، بالآلاف من الجنود، وذلك تحت ذرائع “مكافحة الإرهاب” والتصدي لـ”القاعدة”، كما عمدت الولايات المتحدة على تعزيز انتشار تلك الجرائم وهو ما حدث في حضرموت وتحديداً في قيادة المنطقة العسكرية الشرقية –آنذاك– وما ترافق معها من عمليات ذبح للجنود في حضرموت والبيضاء وأبين، علاوة على التفجيرات بداخل المساجد وداخل المعسكرات، وقد تكرّرت التفجيرات الإجرامية الموثقة في “ميدان السبعين” بحق قوات الأمن المركزي وكذلك طلاب كلية الشرطة خلال تقدمهم للتسجيل، والعديد من الجرائم التي كانت أغراضها ترويع الشعب وتبرير التدخل الأمريكي الاستعماري في اليمن.
ومع تفجر شرارة ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر وانتصارها على الإرادَة الأمريكية البريطانية، زادت العلاقة بين واشنطن والتنظيمات الإجرامية انكشافاً وذلك بعد تحَرّك الإجراميين لاستهداف الشعب وأنصار الله على وجه التحديد، في المساجد، ثم التحَرّك العسكري المباشر لعرقلة مسار الجيش واللجان الشعبيّة عند تحَرّكهم لتأمين المحافظات، ودخول الإجراميين في معارك مباشرة مع الجيش واللجان في البيضاء، ومسارعتهم لاستلام المعسكرات في مأرب وحضرموت بتماهٍ مكشوف ومفضوح مع كُـلّ العملاء الذين رأيناهم منذ سبع سنوات كمرتزِقة يعملون لصالح الخارج وأدوات بيد أمريكا.
تسلسلُ العلاقة “المفضوحة”.. إرادَةُ الشعب تفضحُ أمريكا وأدواتِها الإجرامية
وبعد انتصار الإرادَة الشعبيّة، اتضح أن كُـلّ التحَرّكات الإجرامية في الداخل كانت بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك مع اندلاع العدوان على اليمن في السادس والعشرين من مارس العام 2015م، حَيثُ توالت الأحداث والمتغيرات التي كشفت انخراط عناصر “القاعدة وداعش” كجنود وأدوات رئيسية من أدوات العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي على اليمن.
وسبق أن نشرت صحيفة المسيرة تقاريرَ عدةً بشأن الارتباط العسكري والأمني والاستخباري بين أمريكا وأدواتها في دول العدوان من جهة، وبين عناصر الإجرام المنتمين لداعش والقاعدة من جهة أُخرى، حَيثُ تبنت العناصر التكفيرية العشرات من المعارك التي كان يخوضها أبطال الجيش واللجان الشعبيّة ضد العدوان ومرتزِقته في البيضاء والجوف وأخيرًا مأرب، والتي كانت تشهد مساندة جوية وصاروخية وبرية ولوجستية من قبل تحالف العدوان، فيما كان الأخير يتبنى المعارك التي تخوضها القاعدة في البيضاء، فضلاً عن اعتبار العدوان –بشكل صريح عبر إعلامه– للمناطق التي كانت العناصر التكفيرية تسيطر عليها، جغرافياً “محرّرة” تتبع لتحالف العدوان وتخضع لدعمه ورعايته وتوجيهاته.
كما نشرت الصحيفة في وقت سابق قائمةً بأسماء قيادات في القاعدة ومدرجة في قائمة “العقوبات الأمريكية” سابقًا، وقد صارت على رأس تشكيلات عسكرية وألوية أَسَاسية لقوات المرتزِقة، وتم منح تلك القيادات التكفيرية مناصب عليا ورتب واعتمادات مالية وعسكرية ضخمة، الأمر الذي زاد من انكشاف استخدام أمريكا للقاعدة وداعش كأدوات استعمارية وجدار يغطي على الاحتلال الأمريكي للمناطق التي تتواجد فيها تلك العناصر الإجرامية.
وبالعودة إلى ما حقّقته ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر والإرادَة الشعبيّة المساندة لها، على حساب المخطّطات الأمريكية، فقد تمكّنت إرادَة الشعب وأبطاله المجاهدين من بتر الأذرع التكفيرية الإجرامية من كُـلّ المحافظات التي يحكمها المجلس السياسي الأعلى، وآخر الانتكاسات الأمريكية التكفيرية كانت عند تحرير كامل محافظة البيضاء وإسقاط آخر راية أمريكية تكفيرية سوداء، آخرها عملية “فجر الحرية” التي نسفت ما تبقى من المخطّط الأمريكي المنفذ منذ العام 2004م، لتكون واشنطن على موعد من الهزائم التالية لها ولأدواتها بمختلف أجنحتها وأشكالها وأيديولوجياتها، ومع توسع عجلة التحرير، تنتهي الجرائم التي يرتكبها عناصر القاعدة وداعش، وهو الأمر الذي يكشف معادلة ثابتة تقول: أين ما حلت أمريكا وأدواتها، حلت القاعدة وداعش وحلت الجرائم كأُسلُـوب لإخضاع وترويع الشعب، وخلق المبرّرات لاحتلاله أمريكياً وبريطانياً.
واليوم ومع مرور ثمان سنوات من حادثة مستشفى العرضي الإجرامية، يتذكر الشعب اليمني أن واشنطن وأدواتها العميلة عدو لدود يستدعي التحَرّك الكبير لدحرها هي وعملائها؛ بغية الحصول على الأمن والاستقرار، وقد تجلى الوعي الشعبي في الاندفاع الكبير نحو مساندة المعارك التي يخوضها أبطال الجيش واللجان الشعبيّة ضد أمريكا وحلفائها في مأرب وغيرها؛ بحثاً عن النصر الكبير الذي ينتهي عنده وجود أمريكا وأدواتها وتتوقف عنده كُـلّ الجرائم الإجرامية المروعة المنفذة بأيادٍ أمريكية مغطاة بيافطات وقفازات تكفيرية.
صحيفة المسيرة