التحليل النفسي لولي العهد السعودي
العهد/محمد محمود مرتضى
في علم النفس ثمة ما يطلق عليه اسم «الحيل الدفاعية» ( Defense Mechanisms) والتي عُرّفت أنها عبارة عن «عملية لا شعورية ترمي إلى تخفيف التوتر النفسي المؤلم وحالات الضيق التي تنشأ عن استمرار حالة الإحباط مدة طويلة بسبب العجز عن التغلب على العوائق التي تعترض إشباع الدوافع».
وتمثل الحيل الدفاعية نوعا من ميكانزمات الدفاع النفسي في مدرسة فرويد والتحليل النفسي. ورغم اختلاف اساليب هذه الدفاعات، الا ان جميعها يشترك بخاصية هامة وهي: إنكارها للواقع وتشويهه وتزييفه.
احدى هذه الحيل ما يعرف باسم معادلة التحويل (Conversation) وتتمثل في تحويل أي رغبة غير مقبولة إلى سلوك مقبول. ومثالها: زوجة تخون زوجها فتقود حملة ضد الزوجات الخائنات.
حيلة اخرى تعرف باسم الإزاحة (Displacement) يستخدمها العقل ( اللاوعي) للحماية وتخفيف الضغوط، وتتمثل بأن يقوم الشخص بإزاحة ونقل الدوافع والمشاعر من هدف خطر إلى هدف أقل خطورة بنظره. وغالبا ما يضربون مثالا عليه قيام رجل غاضب من رئيسه في العمل يكتم مشاعره، ويوجهها نحو زوجته أو أفراد عائلته. أو امرأة تتعرض لسوء المعاملة من زوجها، فتقوم بحيلة دفاعية (الإزاحة)، وتنقل مشاعر الغضب باتجاه أطفالها.
عندما ننظر الى هذه المقدمة المتعلقة بعلم النفس وميكانيزمات الدفاع النفسي وأردنا تطبيقها على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان فإلى أي مدى سنجد التطابق بين هذه الاعراض وحالة الامير السعودي؟ فلننظر في الوقائع التالية:
1- ال سعود والارهاب: لم يعد يختلف اثنان حول مسؤولية الفكر الوهابي المدعوم من المملكة السعودية بانه وراء كل هذا الارهاب المنتشر في طول العالم وعرضه. جرائم داعش وتنظيم القاعدة، جرائم بوكو حرام وانصار الشريعة، جرائم ابو سياف وغيرها من المنظمات الارهابية. فجميع هذه التنظيمات تقرأ من كتاب واحد، وتشرب من نبع واحد، وتتبع تعاليمها دليلا واحدا، هو الوهابية وكتبها المنتشرة في كل العالم الاسلامي. لا ينكر ذلك الا معاند ومكابر. وبعد كل هذا الوضوح، وكل الحقد المعلن وغير المعلن على كل من يعارض هذا الفكر، سواء كان سنيا او شيعيا او ماتريديا او من أي مذهب كان، يأتي ولي العهد السعودي ليقول إن ايران تقف خلف الارهاب. فهل هذه الحالة هي غير ما قلنا إنهم يطلقون عليها في علم النفس اسم «التحويل»؟ أليس قيام شخص باتهام الاخر بشيء هو نفسه من يقوم به هو التحويل بعينه؟
2- خسارة الرهان على ادوات الارهاب في العراق وسوريا: ثم إن هذه التنظيمات الارهابية التي كانت وما زالت أدوات للمملكة في نشر الفوضى وتدمير الدول والمجتمعات، قد خسرت معاركها في العراق وسوريا. وما أن حطت الحرب رحالها، عمدت المملكة السعودية بقيادة ولي عهدها، لاطلاق التهم، ثم الاعلان، بصلافة قل نظيرها، أنها تقود التحالفات لمحاربة الارهاب. واذ من يهزم الارهاب يضحي شريكا فيه، اما المنتج والداعم والحاضن له فهو الذي هزمه!! ومن جديد اليس هذا هو التحويل بعينه؟
3- الحرب على اليمن: هذه الهيبة التي ضاعت بعد انتكاسات مشاريع المملكة، حاول «الامير الصغير» التعويض عنها ( والتعويض ايضا ظاهرة في علم النفس) ظنا منه ان اليمن الجريح يصلح لان يكون مكسر عصا، وحقل تجارب، وملعبا لاظهار «الحزم». وحيث إنه لم يستطع ان يظهر عنفه ورغباته الانتقامية في العراق وسوريا، قام بعملية ازاحة للهدف الى اليمن ظنا منه أنها حلقة ضعيفة. والان أليست هذه ما قلنا انها تسمى بعملية «الازاحة»؟
4- الهجوم على حزب الله: بعد فشل عملية الازاحة التي قام بها ولي العهد السعودي باتجاه اليمن، والشعور بالاحباط، شن هجومه على حزب الله في لبنان، فتحول اطلاق صاروخ يمني على العاصمة السعودية جريمة كبيرة لا يحق للشعب اليمني ان يقوم بها ولو من باب الدفاع عن نفسه، وهي ردة فعل تكاد لا تذكر امام حجم الجرائم التي ترتكبها المملكة بحق الشعب اليمني. ان الحرب التي اعلنتها المملكة على حزب الله ليست سوى عملية ازاحة اخرى، ظنا منها ان الضغط على الشعب اللبناني سوف يدفع الحزب للتراجع عن دعم اليمن ولو كان الدعم سياسيا ومعنويا، لعلّ ذلك يدفع بإيران لان تمارس ضغوطا او وساطة على اليمن واعلانه الاستسلام للرغبات السعودية.
نعود من جديد الى الخاصيات التي قلنا انها تميز الحيل الدفاعية؛ حيث ذكرنا انها جميعها تشترك بخاصية إنكارها للواقع وتشويهه وتزييفه بسبب الشعور بالإحباط. أليس هذا ما يمارسه ولي العهد في جميع الامثلة التي ذكرناها؟ اعني احباط، فإنكار للواقع، ثم تشويهه وتزييفه، ثم الذهاب الى الحيل الدفاعية: التحويل تارة، والازاحة تارة أخرى؟
في مدرسة فرويد، تعتبر الحيل الدفاعية عمليه لاشعورية للانا (ego) لضبط ايقاع ورغبات (الهو)، ولو كُتب لفرويد معاصرة بن سلمان، ربما توصل الى نتيجة مفادها أن الحيل الدفاعية كما هي عملية لا شعورية فانها يمكن أن تكون شعورية وواعية لا سيما اذا انحرفت (الانا الاعلى) واستطاع (الهو) التحكم بها، وتضخمت الانا (ego). أما عن علاج هذه الحالات «المرضية» للأمير «السعيد» فلذلك حديث آخر.