“التحالف مع القاعدة” هو الملاذ الأخير للسعودية لمنع مأرب من السقوط
بعد أيام قليلة من توقف العمليات الإرهابي التي يقوم بها تنظيم “القاعدة” الإرهابي، قام هذا الاخير مؤخرا باستهداف قوات التفتيش الأمنية التابعة لقوات “الحزام الأمني” المدعومة إماراتياً في عدد من مناطق محافظة أبين جنوب اليمن، ويوم الأحد الماضي انتقلت هذه العناصر الإرهابية إلى محافظة شبوة الجنوبية وأعلنت مسؤوليتها عن إطلاق صاروخين على القوات الإماراتية في هذه المحافظة. ولقد وقعت هجمات تنظيم القاعدة الإرهابي على القوات التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة في الوقت الذي تقاتل فيه هذه الجماعة الإرهابية بالتعاون مع مرتزقة تحالف العدوان السعودي، أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” في محافظة مأرب. ولقد أثار تواجد عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي في مناطق النفوذ السعودي عدة تساؤلات على النحو التالي: لماذا لم تهاجم قوات تنظيم القاعدة الإرهابي القوات التابعة لـ “عبد ربه منصور هادي” الرئيس اليمني المستقيل؟
بالطبع يمكن أن تكون الإجابة على هذا السؤال واضحة وذلك لأن هذه الجماعة الإرهابية دخلت بالفعل في صراع مأرب دعما للسعودية، وفي هذا الصدد، كشفت العديد من التقارير الاخبارية أن هذه العناصر الإرهابية تقاتل إلى جانب المرتزقة السعوديين من جهة ضد المجلس الانتقالي في الجنوب ومن جهة أخرى ضد “أنصار الله” في شمال اليمن. وبالطبع لا تقاتل عناصر القاعدة الإرهابية هذه المرة لإقامة إمارة إسلامية، بل لإبقاء مناطق مأرب الإستراتيجية تحت سيطرة المرتزقة السعوديين، والذين معظمهم أعضاء في حزب الإصلاح اليمني “الاخوان المسلمين”.
وهناك سؤال مهم آخر يطرح نفسه حول سبب رغبة تنظيم القاعدة الإرهابي في ترسيخ النفوذ السعودي في هذه المناطق اليمنية؟ وهنا تشير الدلائل إلى أنه إذا فقدت السعودية نفوذها في هذه المناطق، فلن تجد القوات التابعة لها ملاذًا آمنًا لها في شمال اليمن. ومع اقتراب أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” من عاصمة محافظة مأرب، آخر معاقل السعودية في شمال اليمن، أدرك السعوديون أن الإمارات هي الرابح الوحيد في الجنوب وبسبب فقدان الرياض لمواقعها في شمال اليمن، أصبح بمقدور قوات المجلس الانتقالي الجنوبي فرض سيطرتها على جميع مناطق اليمن الجنوبية ولهذا لجأت السعودية إلى تنظيم القاعدة الإرهابي لإرباك المجلس الانتقالي، خاصة بعد أن تم تقييد القوات التابعة لـ”منصور هادي” في المحافظات الجنوبية الملتهبة باتفاق الرياض، ويبدو أن الهجمات على الجماعات التابعة للإمارات ستتكثف في الفترة المقبلة.
وفي غضون ذلك، طرحت السويد مؤخرًا خطة جديدة من خلال مبعوثها إلى اليمن، “بيتر سمبيني”، لإنهاء نزاع مأرب، حيث عارض السعوديون مجمل نقاط وبنود تلك الخطة لأنها لا تحقق أهدافهم. وعلى صعيد متصل، أكدت حركة “أنصار الله” اليمنية، أن اليمنيين لا يرفضون أي خطة سلام من شأنها أن تخفف من معاناة الشعب اليمني، وشددت على أنه من الضروري على تحالف العدوان السعودي الإماراتي الالتزام بتنفيذ الاتفاقات السابقة مثل “اتفاق ستوكهولم”، للجلوس مجدداً على طاولة المفاوضات.
وفي الوقت نفسه، قال مسؤولون في صنعاء إنهم يدرسون الخطة، وبينما كانت المحادثات غير المباشرة الأخيرة بين “أنصار الله” والولايات المتحدة في عمان غير مثمرة، فقد اتخذ الجانبان الأمريكي والغربي إجراءات غبية لمنع “أنصار الله” من السيطرة على مأرب، ولكن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” واصلوا تقدمهم نحو مركز هذه المدينة الاستراتيجية. وفي غضون ذلك، وصل المبعوث السويدي إلى اليمن، “بيتر سمبيني”، إلى مأرب الليلة الماضية لإطلاق مبادرة جديدة لإنهاء الصراع في اليمن، بعضها مستوحى من مبادرة “مهدي المشاط” رئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن التي أعلن عنها الخريف الماضي والتي لم يكلف تحالف العدوان السعودي الإماراتي نفسه عناء الرد عليها.
إن السعوديون الذين شعروا بالتهديد العسكري الكبير لجبهة مأرب بسبب الإنجازات المتتالية لأبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” في مناطق مأرب الاستراتيجية، بذلوا قصارى جهدهم لمنع سقوط هذه المدينة. وحتى قبل أيام قليلة، أجبر المرتزقة السعوديون على سحب عتادهم العسكري خوفًا من الوقوع في أيدي قوات “أنصار الله” اليمنية. الجدير بالذكر أن خطة السويد الجديدة تهدف إلى وقف إطلاق النار على جميع الجبهات. وبحسب المعلومات، فإن هذه الاتفاقية تشبه إلى حد بعيد اتفاقية الحديدة التي تم توقيعها أواخر عام 2018 في هذا البلد. ولقد قدم الوفد السويدي في الأسابيع الأخيرة بعض بنود الخطة إلى الفريق التفاوضي في حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية في عمان، لكن الوفد السويدي فشل في ضمان تنفيذ تلك الاتفاقية بالكامل. وعليه، لا يستطيع اليمنيون التفاؤل بهذه المبادرة وذلك لأنهم يعتقدون أنه مثلما لم يتم تنفيذ اتفاقية ستوكهولم واستمرار الحصار القمعي ضد الشعب اليمني، لا يبدو أن لهذه الخطة الجديدة أي نتائج إيجابية.
ويعتقد المسؤولون في صنعاء أن خطة السويد الجديدة هي في الواقع نسخة من اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في الحديدة، وبما أن تلك الاتفاقية كانت هشة للغاية، فلا أمل في تنفيذ الخطة الجديدة. الجدير بالذكر أن اتفاقية الحديدة تناولت مختلف الجوانب العسكرية والاقتصادية والأمنية، لكن السعودية لم تلتزم بأي من أحكامها وواصلت حصارها الجائر على اليمن. ومن جهة أخرى، التقى المبعوث السويدي بمسؤولين في “حزب الإصلاح” الموالين للسعودي في مأرب وبعد اجتماع مع المبعوث السويدي، حذر مسؤولو “حزب الإصلاح” من قبول خطة البلاد بشأن مأرب، والتي يعتقدون أنها تعني تعزيز سيطرة أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” على 85٪ من مأرب.
ولقد تضمنت اتفاقية السويد الجديدة وصول المساعدات إلى كافة مخيمات اللاجئين، وإنشاء طريق مواصلات بطول 17 كيلومترًا بين صنعاء ومأرب لتسهيل مرور المواطنين، وإعادة توصيل الكهرباء ومحطة مأرب الغازية الذي توفر لصنعاء وعدد من المحافظات القريبة منها الكهرباء وتحويل ايرادات النفط والغاز في منطقة “صافر” النفطية الى حساب البنك المركزي فرع المحافظة لتخصيصها لصرف رواتب موظفي الحكومة ونقل المشتقات النفطية من مأرب إلى جميع المحافظات ولكن هذه البنود أثارة قلق المرتزقة السعوديين. وبناءً على هذه المؤشرات، لا يبدو أن خطة السويديين الجديدة في اليمن لها نتيجة مهمة، وبحسب الخبراء، محكوم عليها بالفشل، كما حدث مع الاتفاقات السابقة.
لقد شهدت جبهات القتال في محافظة مأرب اليمنية خلال الايام القليلة الماضية مواجهات مشرفة حقق من خلالها أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” انتصارات تسجل بماء الذهب حيث لم يبق من هذه المحافظة المهمة والاستراتيجية سوى أقل من 30 في المئة بيد مرتزقة تحالف العدوان السعودي الاماراتي الامريكي الذي قام طيرانه خلال الاشتباكات الاخيرة بشن اكثر من ثلاثين غارة جوية لمحاولة صد تقدم أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله”، الا انها لم تمنعهم من التقدم وتحرير عدد كبير من المواقع الاستراتيجية. وفي الختام يمكن القول إن أبناء الشعب اليمني مضوا خلال الايام الماضية ينتصرون لإرادتهم الرافضة لكل أشكال الاستعمار والوصاية الخارجية، وها هم اليوم يؤكدون للعالم أجمع بان الإرادة اليمنية قوية وصلبة متماسكة البنيان يصعب هدمها، وأن المعركة التحررية الاستقلالية الشاملة تمضي في مساراتها بقوة وشموخ صوب تحقيق آمال وطموحات وتطلعات اليمنيين الأحرار على تراب وطنهم، ولسان حالهم يقول الشعب اليمني الحضاري العريق لا ينهزم، بل ينتصر لإرادته.
الوقت التحليلي