التجسس الإلكتروني والاستخباراتي الصهيوني أساليب وتقنيات التسلل وسبل المواجهة

خاص ـ موقع الحقيقة

في عالمٍ يشهد ثورةً تكنولوجية متسارعة، أصبحت القدرات السيبرانية أداةً رئيسية في الحروب والصراعات الحديثة، حيث تحولت التكنولوجيا إلى سلاحٍ فعّال بيد الدول والمخابرات. وفي هذا السياق، برز الكيان الصهيوني كأحد أبرز اللاعبين في هذا المجال، مسخرًا تقنياته المتقدمة في الاختراق والتجسس لتحقيق أهدافه الاستخباراتية والعسكرية.

من خلال وحدات متخصصة مثل “وحدة 8200” و”الموساد”، يستخدم العدو الإسرائيلي مزيجًا من التكنولوجيا المتطورة والأساليب التقليدية لاختراق الخصوم وجمع المعلومات، وصولاً إلى تعطيل الأنظمة الحيوية وشن الهجمات السيبرانية. هذا التقرير يسلط الضوء على استراتيجية العدو في استخدام التكنولوجيا للتجسس والاختراق، مع تحليلٍ مفصل لأبرز العمليات والأساليب، ومناقشة تأثيرها على الأمن القومي للدول المستهدفة.

في ظل هذه التحديات، يُطرح السؤال الملحّ: كيف يمكن مواجهة هذا التهديد المتنامي؟

أولاً: استخدام العدو الإسرائيلي للتكنولوجيا في الاختراق والتجسس

يعتبر الكيان الصهيوني متقدماً في مجال التكنولوجيا السيبرانية، وقد وظّفت هذه القدرات بشكل مكثف في مجال التجسس والاستخبارات. تعتمد مخابرات العدو الإسرائيلي، خصوصًا “الموساد” و”وحدة 8200″ التابعة لجيش العدو الإسرائيلي، على تقنيات متطورة لتحقيق أهدافها الاستخباراتية، سواء لجمع المعلومات، أو تعطيل أنظمة الدول المعادية، أو حتى شن هجمات تخريبية. يمكن تحليل هذا الجانب على النحو التالي:

الهجمات السيبرانية

طور العدو الإسرائيلي قدرات هجومية ودفاعية سيبرانية تمكنه من تنفيذ اختراقات دقيقة تستهدف الأفراد والمؤسسات منها على سبيل المثال:

برنامج “بيغاسوس” للتجسس الإلكتروني:

طورت شركة NSO الإسرائيلية هذا البرنامج الذي يُستخدم لاختراق الهواتف المحمولة.

يتمكن البرنامج من الوصول إلى المكالمات، الرسائل النصية، البيانات المخزنة، وحتى الميكروفون والكاميرا بشكل خفي.

اُستخدم “بيغاسوس” في استهداف صحفيين، نشطاء حقوقيين، ومسؤولين حكوميين في العديد من الدول، ما أثار جدلًا دوليًا واسعًا.

الهجمات التخريبية:

مثال بارز هو الهجوم الإلكتروني الذي استهدف منشآت تخصيب اليورانيوم في إيران باستخدام فيروس “ستوكسنت” (Stuxnet). يُعتقد أن هذا الهجوم تم بالتعاون بين إسرائيل والولايات المتحدة، حيث عطل البرنامج مئات أجهزة الطرد المركزي. 

اختراق الحكومات والمؤسسات الدولية:

استخدم العدو الإسرائيلي هجماته  السيبرانية للحصول على معلومات حساسة من دول مثل إيران وسوريا، حيث ركزت على البيانات العسكرية وبرامج التسلح.

التنصت والمراقبة

العدو الإسرائيلي يستخدم أجهزة متطورة وأنظمة متقدمة للتنصت على المكالمات الهاتفية ومراقبة الاتصالات الرقمية:

التنصت على الهواتف والشبكات:

تعتمد على زرع أجهزة تنصت في مواقع استراتيجية، مثل السفارات أو مراكز الاتصالات.

نجحت المخابرات الإسرائيلية في اختراق أنظمة الاتصال للدول العربية، ما مكّنها من متابعة المراسلات بين القيادات العسكرية والسياسية.

أنظمة مراقبة شاملة:

يستخدم العدو الإسرائيلي برامج مثل “Deep Packet Inspection” لتحليل حركة الإنترنت واعتراض الرسائل الإلكترونية والاتصالات عبر التطبيقات.

العدو الإسرائيلي كان وراء اختراق هواتف عدد من القادة الفلسطينيين لجمع معلومات استخبارية عن المقاومة واغتيال قادتها.

التنصت عبر الشركاء الدوليين:

تعاونت مع دول مثل الولايات المتحدة لتطوير برامج مشتركة مثل “إيكيلون” (Echelon) لمراقبة الاتصالات العالمية.

اختراق البنية التحتية الرقمية

العدو الإسرائيلي يعتبر اختراق البنى التحتية الحساسة أولوية استراتيجية لتحقيق أهدافها الاستخباراتية والعسكرية:

أنظمة الاتصالات:

يعمل على استهداف شبكات الاتصالات الوطنية للحصول على بيانات حساسة أو تعطيل الأنظمة في أوقات الأزمات.

مثال ذلك اختراق شبكات الاتصالات في لبنان خلال الحروب مع حزب الله، ما وفر لها معلومات ميدانية دقيقة.

المطارات والملاحة الجوية:

سعى العدو الإسرائيلي لاختراق أنظمة الطيران المدني والعسكري في الدول المعادية، مثل أنظمة إدارة المطارات أو مراقبة الطيران.

تم الإبلاغ عن محاولات إسرائيلية لاختراق الأنظمة في بعض الدول العربية لتعقب الرحلات المشبوهة.

المؤسسات المصرفية والمالية:

استهدفت المخابرات الإسرائيلية الأنظمة المصرفية للدول المعادية لتعطيل العمليات المالية أو الحصول على معلومات عن التحويلات المصرفية.

نفذ العدو الإسرائيلي هجمات سيبرانية على البنوك الإيرانية لزيادة الضغط الاقتصادي على طهران.

الهجمات على البنى الحيوية:

تشمل استهداف محطات الطاقة الكهربائية وشبكات المياه بهدف إحداث شلل في البنية التحتية، كما حدث في بعض الهجمات التي نُسبت إلى إسرائيل ضد قطاع غزة.

التقنيات المستخدمة في الهجمات السيبرانية

الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات:

يعتمد العدو الإسرائيلي على الذكاء الاصطناعي لتحليل كميات ضخمة من البيانات، مما يساعد في تحديد الأهداف بدقة.

تُستخدم هذه التقنيات أيضًا في التنبؤ بالتحركات المستقبلية للخصوم.

الهجمات باستخدام البرمجيات الخبيثة:

تطوير برمجيات خبيثة وفيروسات تستهدف الأجهزة والأنظمة المشفرة.

تُستخدم تقنيات “Zero-day Exploits” لاختراق الأجهزة التي لم تُكتشف نقاط ضعفها بعد.

الأجهزة المادية:

زرع أجهزة تجسس مادية في مواقع حساسة أو على أجهزة الحاسوب الخاصة بالخصوم.

ثانياً: أسلوب المخابرات الإسرائيلية في الاختراق والتجسس

يعتمد على مزيج من التقنيات المتقدمة والطرق التقليدية التي تمثل أحد أعمدة استراتيجياتها الأمنية والاستخبارية. يمكن تلخيص أبرز الأساليب المستخدمة على النحو التالي:

تجنيد العملاء والجواسيس

التجنيد عبر الابتزاز والمساومة: تعتمد المخابرات الإسرائيلية، وخاصة “الموساد”، على ابتزاز الأشخاص المستهدفين أو إغرائهم بالمال والمناصب. تستهدف بشكل خاص الأفراد الذين يمكن استغلال نقاط ضعفهم، مثل الحاجة المالية، أو فضائح أخلاقية.

تجنيد داخل الدول المعادية: تسعى لاختراق المؤسسات الأمنية والسياسية في الدول المستهدفة، مثل الأجهزة الأمنية أو الحكومات.

الاستعانة بالجاليات اليهودية: تُعد الجاليات اليهودية حول العالم مصدرًا محتملًا للعملاء نظرًا لارتباطهم بإسرائيل عقائديًا أو ثقافيًا.

العملاء المزدوجون والانتحال

اختراق الحركات المقاومة: من خلال زرع عملاء مزدوجين في صفوف الجماعات المعارضة لإسرائيل لجمع المعلومات أو إفشال العمليات.

التنكر والانتحال: يعتمد الموساد على انتحال الشخصيات، مثل صحفيين أو موظفين دوليين، للوصول إلى أهدافهم أو للحصول على المعلومات.

التلاعب النفسي والإعلامي

نشر الشائعات والمعلومات المغلوطة: للتأثير على الروح المعنوية للشعوب المستهدفة وإضعاف الثقة بين الجماعات المقاومة.

استغلال وسائل الإعلام: لزرع الدعاية الإسرائيلية وتوجيه النقاشات السياسية والاجتماعية في الاتجاه المرغوب وجمع المعلومات المهمة عبر شبكات التواصل الإجتماعي وعبر أجهزة الموبايل الذكية.

الاغتيالات واستهداف الرموز

عمليات الاغتيال الدقيقة: يعتمد العدو الإسرائيلي على اغتيال القادة أو العلماء الذين يشكلون تهديدًا له، باستخدام فرق متخصصة أو طائرات مسيّرة.

اختراق الدوائر الأمنية: للحصول على المعلومات اللازمة لتنفيذ الاغتيالات بدقة، كما حدث في اغتيال علماء نوويين إيرانيين وقادة فلسطينيين، وقادة القماومة في لبنان وفلسطين.

استخدام التعاون الدولي

التعاون مع أجهزة استخبارات دولية: مثل “CIA” و“MI6”، لتبادل المعلومات أو تنفيذ عمليات مشتركة.

العمل عبر الشركات والمؤسسات: استخدام شركات إسرائيلية تعمل في مجال التكنولوجيا أو الأمن لاختراق أنظمة الدول الأخرى.

الاستثمار في الجاسوسية البشرية والإلكترونية

تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي: لاستخلاص وتحليل كميات ضخمة من البيانات.

زرع أجهزة تعقب وتجسس دقيقة: في مواقع استراتيجية داخل الدول المعادية.

من الأمثلة البارزة على عمليات الاختراق والتجسس:

اغتيال محمود المبحوح: في دبي عام 2010، باستخدام عملاء الموساد الذين انتحلوا شخصيات مسافرين.

اختراق الهواتف الحكومية: مثلما حدث في عمليات تجسس باستخدام “بيغاسوس” في عدة دول.

تدمير مفاعل تموز النووي: من خلال تجنيد عملاء لجمع معلومات قبل تنفيذ الضربة الجوية عام 1981.

تفجير أجهزة البيجر واغتيال قادة المقاومة في حزب الله.

الخلاصة

مخابرات العدو الإسرائيلي  تعتمد على مزيج من الابتكار التكنولوجي والدهاء التقليدي لتحقيق أهدافها، تركز على اختراق المؤسسات الحيوية، وزرع العملاء، واستغلال التكنولوجيا بشكل مكثف.  تضع هذه الأجهزة الاستخبارية نصب أعينها اختراق أعدائها سياسيًا، واقتصاديًا، وأمنيًا.

ثالثاً: موجهات عامة حول طرق مواجهة التجسس الصهيوني

إلى جانب ما ذكرناه حول أساليب المخابرات الصهيونية والتي في العادة تكون هناك نشاطات حكومية وعسكرية مضادة لكن على مستوى الأفراد فإن من أهم ما يستفيد منه العدو حاليا هي شبكات التواصل الاجتماعي وأجهزة الاتصال الذكية فهي بيئة خصبة للتجسس وجمع المعلومات، مما يستدعي اتخاذ تدابير خاصة لضمان الخصوصية والأمان. إليكم مجموعة من الإرشادات:

حماية الحسابات على شبكات التواصل الاجتماعي

استخدام كلمات مرور قوية:

اختر كلمات مرور طويلة ومعقدة تحتوي على أحرف كبيرة وصغيرة، أرقام، ورموز.

تجنب استخدام كلمات المرور المتكررة في حسابات مختلفة.

تفعيل المصادقة الثنائية (Two-Factor Authentication):

قم بتمكين المصادقة الثنائية لتأمين حساباتك بإضافة طبقة إضافية من الحماية.

الحد من المعلومات الشخصية:

لا تنشر معلومات حساسة مثل مكان السكن، العمل، أو بيانات العائلة.

تجنب نشر صور تحتوي على معلومات قابلة للاستخدام مثل أرقام الهواتف أو الوثائق.

إعدادات الخصوصية:

تأكد من أن إعدادات الخصوصية على حساباتك تُتيح فقط للأصدقاء الموثوقين رؤية منشوراتك.

تجنب الاختراق والهجمات السيبرانية

الحذر من الروابط المشبوهة:

لا تضغط على روابط غير معروفة، خاصة تلك التي تُرسل عبر البريد الإلكتروني أو الرسائل الخاصة.

التأكد من التطبيقات الموثوقة:

قم بتنزيل التطبيقات من المتاجر الرسمية فقط (مثل Google Play وApp Store).

تجنب استخدام التطبيقات المشبوهة أو المجهولة المصدر.

تحديث الأجهزة والبرامج:

حافظ على تحديث نظام التشغيل والتطبيقات بشكل دوري لتجنب الثغرات الأمنية.

حماية الهواتف الذكية

استخدم كلمات مرور قوية أو بصمة إصبع لتأمين هاتفك.

تجنب استخدام أنماط قفل سهلة التخمين.

أوقف تشغيل البلوتوث والواي فاي عندما لا يكونان قيد الاستخدام لمنع الاختراقات عن بُعد.

لا تستخدم شبكات الواي فاي العامة لإجراء المعاملات الحساسة مثل التعاملات البنكية أو إرسال معلومات خاصة.

استخدم شبكة افتراضية خاصة (VPN) إذا كنت مضطرًا لاستخدام الإنترنت العام.

إلغاء الأذونات غير الضرورية:

قم بمراجعة أذونات التطبيقات وحظر الوصول غير المبرر إلى الكاميرا، الميكروفون، والموقع الجغرافي.

لا تقم بمشاركة موقعك الجغرافي إلا عند الضرورة، وأوقف تشغيل GPS عندما لا يكون قيد الاستخدام.

تجنب التقاط صور أو إجراء مكالمات تحتوي على معلومات حساسة خصوصا للعاملين في المجالات الجهادية   والمرابطين في الجبهات، حيث يمكن اختراق الكاميرا أو الميكروفون.

إدارة العلاقات الافتراضية (شبكات التواصل) بحذر

لا تقبل طلبات صداقة أو متابعة من أشخاص مجهولين.

تحقق من هوية الأشخاص الذين يتواصلون معك عبر الإنترنت.

لا تناقش الأمور الحساسة أو القضايا الأمنية عبر شبكات التواصل أو التطبيقات غير المشفرة.

تطبيقات المراسلة الآمنة

كثير من تطبيقات المراسلة خصوصا الواتساب وكذلك التلجرام وغيرها من تطبيقات التواصل الاجتماعي  لا توفر مستوى عالٍ من التشفير ولذا من المهم تجنب ارسال ملفات حساسه أو محادثات عن جوانب عملك خصوصا الشكاوى والتذمر وغيرها فعدوك يراقبك.

قم بمسح الرسائل الحساسة بانتظام من تطبيقات المراسلة.

 

استخدام البدائل المحلية

تجنب شراء أجهزة ذكية من مصادر غير موثوقة أو من شركات يُشتبه في تعاونها مع جهات استخبارية، ومن الأفضل ترك شراء الأجهزة الذكية نهائيا لمن يشتغلون في الأعمال الحساسة والاكتفاء بأجهزة بسيطة بدون شاشات لمس وكاميرا واستخدامها فقط لوقت الضرورة.

أخيراً نحن نواجه عدو مجرم لا يتورع في استهدافنا بأي وسيلة مهما كانت إجرامية والصراع مع هذا العدو يتطلب يقظة دائمة واعتماد أفضل الممارسات، فقضية حماية نفسك من نشاط العدو التجسسي والاستخباري يبدأ من عندك أنت فإقفال الثغرات تبدأ من عند المؤمنين أنفسهم.

قد يعجبك ايضا