التاريخ الأسود للسعودية قبل زيارة الملك سلمان لموسكو
يقول وزير الخارجية الأميركية الأسبق هنري كيسينجر في مذكراته إن المملكة السعودية كانت تعوم على بحرين: النفط و”الاسلام”.
وقد تأسست المملكة بعد الحرب العالمية الأولى كإحدى أهم حلقات استراتيجية “سايكس ــ بيكو” التي أفضت أخيرا الى إنشاء اسرائيل. وارتبط اسم المملكة باسم “مؤسسها؟!” الامير عبد العزيز آل سعود، الذي تبنى التيار الوهابي لإضفاء طابع ديني ـ ايديولوجي على السلطة السعودية.
وعشية نهاية الحرب العالمية الثانية، وفي نهاية “مؤتمر يالطا” الذي عقده فرانكلين روزفلت وونستون تشرشل مع جوزيف ستالين في مدينة يالطا السوفياتية في 11 – 14 شباط/ فبراير 1945، وبعد أن وضع روزفلت في جيبه “”اتفاقية يالطا” التي وقعها ستالين وهي تعطي اميركا الحق في السيادة على “العالم الغربي!” بما فيه البلدان العربية جميعا، وقبل ان يعود روزفلت الى اميركا، طار في 14 شباط/ فبراير 1945 الى مصر، وانتقل الى “البحيرات المرة” في قناة السويس، حيث كانت قد نصبت “خيمة عربية” على ظهر البارجة الحربية الاميركية “كوينسي”. وفي هذه الخيمة اجتمع روزفلت مع الملك عبدالعزيز آل سعود الذي ناداه “يا صديقي”.
وفي هذا “الاجتماع التاريخي!” أو ما عرف بـ “اتفاقية الحماية” اتفق “الزعيمان” على تسليم النفط السعودي الى اميركا مقابل تلقي الأموال من اميركا. وان يصبح البلدان حليفين استراتيجيين. ومن ثم اقيمت في السعودية قاعدة عسكرية اميركية لتكريس هذا الاتفاق.
وبسيطرتها على النفط السعودي وتحكمها باسعار البيع والشراء كما تشاء، تمكنت اميركا من اعلان إلغاء التغطية الذهبية للدولار، وتحويل الدولار الورقي الى العملة الدولية للعالم، الامر الذي يمكنها من السيطرة على الاقتصاد االعالمي بمجرد طباعة كميات من الدولارات على الورق. وهذا هو اساس الزعامة الدولية لاميركا.
وفي المقابل حصلت المملكة السعودية على التفويض الاميركي بأن تكون زعيمة العالمين العربي والاسلامي. وقد استغلت السلطة السعودية هذا “التفويض” أسوأ استغلال. واذا راجعنا تاريخ المرحلة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى الآن نجد ان السعودية تحولت الى “قلعة الرجعية” في العالمين العربي والاسلامي. وكانت ترتكز على ثلاث ركائز:
1ـ أبشع أشكال الاستغلال السياسي للدين في صيغته الوهابية.
2ـ التحكم بسوق النفط بالتنسيق مع اميركا.
3ـ التصرف غير الخاضع لاي رقابة بالاموال الطائلة التي تكدسها السعودية في البنوك الغربية.
وطوال هذه المرحلة، وبالتعاون مع المخابرات الغربية والاسرائيلية والتركية، تخصصت السلطة السعودية بمجابهة حركات التحرر الوطني وانظمة الحكم الوطنية والتقدمية في جميع الاقطار العربية والاسلامية، ومحاربتها والعمل على تخريبها والقضاء عليها. وكانت السعودية تمثل دورا مكملا لدور “اسرائيل”، ولكن بقناع “عربي” و”اسلامي” مزيف. ومن أخطر المهمات التي اضطلعت بها السلطة السعودية هي استغلال التسامح الديني في روسيا والاتحاد االسوفياتي السابق والعمل على تأليب الجماهير الاسلامية في روسيا والاتحاد السوفياتي السابق ضد السوفيات بشكل عام وضد روسيا بشكل خاص.
وحينما قامت الثورة في افغانستان في 1974 وازيحت الملكية واعلنت الجمهورية الديمقراطية، تولت السعودية الدور الاول في تحريك وتنظيم وتمويل الحركات التكفيرية ـ الاسلاموية في افغانستان، ولاحقا عملت السعودية على تجنيد آلاف من “المجاهدين” التكفيريين ـ الاسلامويين ممن سمي “الافغان العرب” وغير العرب وحركة “طالبان” وغيرها، لمحاربة الجيش السوفياتي (وخاصة نواته الروسية) الذي تدخل في افغانستان بناء لطلب الحكم الافغاني ولمساعدته. وفي 1988 بدأ الجيش السوفياتي بالانسحاب من افغانستان بناء لاتفاق ميخائيل غورباتشوف مع اميركا. وتجدر الاشارة ان جيش “المجاهدين” العرب وغير العرب في افغانستان اصبح هو نواة جيش “المجاهين التكفيريين” الذين تشكلت منهم لاحقا “القاعدة” و”داعش” و”النصرة” وغيرها من المنظمات الارهابية التي استخدمت فيما بعد لأجل ضرب الانظمة العربية غير المرضي عنها اميركيا وسعوديًّا، واقامة دولة ارهابية تكفيرية واسعة النطاق تتولى السيطرة على النفط والغاز المؤمل البدء باستخراجه من شرق المتوسط، وان تكون تلك الدولة “امتدادا” للدولة السعودية وتحت سيطرتها الاقليمية ويكون على رأس مهماتها العمل على شن الحرب على الجمهورية الاسلامية الايرانية وسحقها. كما ان تلك التنظيمات التكفيرية الارهابية اخذت تقوم بالعمليات الارهابية في كافة ارجاء العالم، بالتعاون الوثيق وحتى التنظيم المباشر من قبل السعودية، وذلك من اجل ارهاب المجتمع الدولي واجباره على الاعتراف بالزعامة السعودية للعالم الاسلامي.
كل هذا التاريخ الأسود للسعودية كان يسبق الزيارة “التاريخية” للملك سلمان بن عبدالعزيز الى موسكو.
(*) كاتب لبناني مستقل