البنيان المرصوص” وهزيمة القوة الغاشمة.. آلاف المرتزقة وأعداد كبيرة من الدبابات والمدرعات أصبحت أثراً بعد عين
القصف الجوي العنيف لطيران العدوان أدى إلى نزوح أكثر من نصف مليون شخص من نهم منذ 2016
معركة “نهم” ارتبطت بها أجندات أمريكية بريطانية
“نهم” مثلت حامية المخطط التآمري لتحالف العدوان
الانهيار الدراماتيكي السريع لقوة رابطت على مساحة 500 كم2 معجزةإلاهية
الدبابات والآليات المدمرة على جانبي الطرقات تكشف هول الخسائر التي تجرعها مرتزقة العدوان
“البنيان المرصوص” هي إحدى الوقائع التي تحكي فصول الحرب الجرارة التي تشن على اليمن ، والتي انتصر فيها الشعب اليمني وتجلى بأس الله وقوته وجبروته كما لم يكن من قبل ، لقد انطلقت هذه العملية من واقع إيماني متميز ، في فبراير 2016م..أرسلت قطر والبحرين عدد ألف قطري وبحريني إلى اليمن وتحديدا إلى مارب للمشاركة في ما أسميت بـ”إعادة” الأمل ، وقتذاك أثير جدل إعلامي حول أهداف إرسال ما وصفوه بالقوة الضاربة ..أتذكر أن البحرين وقطعا للجدل قالت بأنها لا تنوي احتلال اليمن في الوقت الراهن وأنها فقط تريد المشاركة في تحرير صنعاء.
تبلغ مساحة البحرين 767 كم مربع ، وتبلغ مساحة نهم وحدها 1859كيلو متراً مربعاً ، غير أن هؤلاء امتلكوا المال وبالغوا في نفخ ذواتهم حتى ظنوها جمالا من لحم أو حجر.
من انعكاسات عملية البنيان المرصوص التي امتدت في أكثر من 2500 كم مربع أنها أعادت هؤلاء إلى أحجامهم الطبيعية.. كما أن لحظة الانهيار والتهاوي المريع للقوة المحصنة تعزز من ثقتنا ويقيننا بالله القادر الجبار…ذلك أن لحظة الانكسار الكامل للقوة تعتبر لحظة من لحظات التجلي الأعظم.. حيث يجلي الله بأسه وقوته في القوم الظالمين وبما يستطيع الجميع إدراكه ومشاهدته.
الثورة / عبدالرحمن عبدالله الأهنومي
في أوائل فبراير/ 2016م ، وصلت حشود وجحافل المرتزقة إلى فرضة نهم ، تحت زخم كثيف من الغارات والنيران الغاشمة أحكمت “الجيوش المستأجرة” وهي “عبارة عن حشود هائلة من المقاتلين المحليين المرتزقة الذين يقاتلون مقابل أجور شهرية في صفوف تحالف العدوان السعودي الأمريكي” سيطرتها على معسكر فرضة نهم الاستراتيجي ، وقد قيل وقتها أن حجم القوة التي وصلت نهم يزيد على عشرة ألوية وبقوام 100 ألف مقاتل.. تحت تكثيف الغارات والقوة النارية الغاشمة والزخم البشري باشرت الانتشار يمينا ويسارا في مساحة مديرية نهم الشاسعة والمقدرة بـ (1841) كيلو متراً مربعاً ، والتي تمتاز بتضاريسها الوعرة، وتتصل بالطوق القبلي لصنعاء من الشمال “أرحب وبني الحارث وهمدان” و”بني حشيش وخولان وسنحان” من جهتي الغرب والجنوب ، إذ أن السلاسل الجبلية الممتدة من مفرق الجوف صعودا إلى مسورة نهم ، وامتدادا الى جبل المنارة الذي يوازي نقيل بن غيلان والأخير مرتفع بإمكان من يسيطر عليه السيطرة على جبال ومعسكرات في أرحب ومنها معسكرا الصمع والفريجة ، وبوصول المرتزقة إلى أرحب تصبح صنعاء مطوَّقة وذلك لما تمثله أرحب من بيئة حاضنة للإصلاح الذي يتصدر المعركة في الجبهة الشرقية..أو هكذا أراد العدوان ومرتزقته من السيطرة على نهم.
في الشهر نفسه ” فبراير 2016م” كانت تجري مفاوضات وتواصلات بين وفد بلادنا وسفراء دول ما اسميت لاحقا بـ”بالرباعية” وتعني الدول الأربع التي تتزعم العدوان على اليمن “أمريكا ، بريطانيا ، السعودية ، الإمارات”، وكان سفير أوروبي يتردد على مقر الوفد المفاوض في مسقط ويحمل معه خطة أسماها “الفرصة الأخيرة” ، تتضمن استسلاما في صيغة حل ، وقد اعتبرها منَّة منه أفضل من خسارة كل شيء ، يقول مطلعون :إن هذا السفير قال ما معناه “عليكم أن تقبلوا بأي حل فقد وصل “التحالف” تحالف العدوان السعودي الأمريكي ، إلى نهم ، وقد تخسرون صنعاء وقد خرجتم من عدن والأفضل أن توافقوا على هذه الخطة”…وقبيل حلول فبراير 2020م ، كان السفير الأنف الذكر ضمن وفد أوروبي يزور صنعاء ،وخلال أيام زيارته تمكن الجيش واللجان الشعبية من استعادة كافة المناطق الاستراتيجية وإلى أبعد من نهم التي ساوم عليها قبل أربعة أعوام ، قيل بأن قياديا رفيع المستوى ذكَّر السفير وقال له “تمت استعادة نهم كاملة وصولا إلى مفرق الجوف” ، وأيا تكن الإجابة فإن من اللازم أن نتذكر حقيقة أن حروب التحرير الوطنية تنتصر فيها الشعوب حتى لو تمكن المحتل من كل المناطق.
في بداية العام 2016م ، أعلن أحمد العسيري –الناطق العسكري السابق لـ”تحالف البغي والجريمة” أن قطر والبحرين ارسلتا حوالي 3 آلاف جندي ونفس العدد أرسلته دويلة الإمارات ، وحوالي أربعة آلاف جندي أرسلتهم مملكة العدوان السعودية إلى مدينة مارب ، وأشار إلى أن هذه القوة مع أعداد هائلة وكبيرة من الدبابات والمدرعات تتجه إلى صنعاء ، لاحقا نشر إعلام التحالف العدواني صورا لطوابير طويلة جدا من الدبابات والمدرعات وهي في طريقها من الوديعة إلى مارب ثم إلى نهم شرق صنعاء ، وربما بدر سؤال حينها ما الذي سيهزم القوة المدرعة؟
على امتداد الخط الطويل الرابط بين منطقة بران قبل فرضة نهم وصولا إلى مفرق الجوف تنتشر عشرات الدبابات والآليات المدمرة التي تمكن الجيش واللجان الشعبية من تدميرها خلال معارك الكر والفر التي حصلت في مربعات وخطوط المواجهة في تلك الجبهة العتيدة ، وفي نقيل الفرضة خلفية لمقاتلي ومرتزقة العدوان من حزب الإصلاح وغيره ، وهي بقايا خيام ومعدات وصيانة لـ 17 لواء عسكرياً لكل لواء عسكري مطرح خاص به ، مشاهد الدبابات تحكي وتروي انهزام القوة الغاشمة في أهم الجبهات وأخطرها على الإطلاق.
عندما وصلت قوات وجحافل المرتزقة إلى نهم وسيطرت على أغلبها ، أجبرت سكانها على الفرار إلى صنعاء والمناطق المحاذية في بني حشيش والحتارش ، وقد تكرر التهجير بعد كل هجوم عسكري يشنه المرتزقة على قرى نهم وريفها التي كانوا يسيطرون عليها ، حتى أن تلك القرى والمناطق صارت ومرتزقته خالية من السكان تماما.
أدى القصف الجوي العنيف للطيران السعودي الأمريكي وحلفائه والهجوم البري المدمر إلى نزوح أكثر من نصف مليون شخص من نهم منذ فبراير 2016م ، وذلك وفقا لإحصائية أجرتها صحيفة “الثورة” إثر تحرر نهم من سيطرة المرتزقة ، في الأيام القليلة الماضية وبعد فرار المرتزقة إثر عملية البنيان المرصوص وثقنا في رحلتنا أعداداً من أبناء أسر واهالي قرى مسورة وخلقة وبران والمديد وضبوعة وقرى أخرى في ذات المديرية.
نهم…من ممكنات الحرب وعناوينها إلى تفاعلات الهزيمة
منذ فبراير 2016م ترابط قوة من 17 لواء بالقرب من صنعاء ، هذه القوة “المستأجرة” أصبحت أثرا بعد عين عقب عملية “البنيان المرصوص” ، وقد كانت هي الأخطر على الإطلاق إذ أن صنعاء وهي العمق الاستراتيجي للجيش واللجان الشعبية ، بمجرد أن يسمع منها أصوات القذائف والانفجارات تتحول المعادلة ، سمع كثيرا بأن المنظمات والسفراء قالوا إن مطار صنعاء لا يمكن اعادة العمل اليه وثمة قوة مرابطة تقف على بعد أربعين كيلو متراً ، في زحمة المعارك كانت الحرب النفسية والإعلامية تترافق مع تقاطر الحشود المقاتلة…تارة دعوات الاستسلام ، وإنزال المنشورات من الطائرات على أبناء المديرية…قيل بأن معركة صنعاء ستحسم خلال شهرين إلى أربعة أشهر.. ضاعف العدوان من حجم القوة العسكرية وقد قيل حينها أن ما يقارب مائة ألف مقاتل ضمن عشرة ألوية ترابط في مديرية نهم قبل أن تضاف إليها ألوية أخرى إثر اقتحام وادي ملح من جهة قرود ، كانت جحافل العدوان تتمركز تحت غطاء الطيران في المرتفعات الاستراتيجية ، لأسباب جيو عسكرية، تشير إلى أن من يفرض سيطرته عليها ويفرض نفوذه على هذه المنطقة الكبيرة ،فقد سيطر على صنعاء بالسيطرة على محيطها.
تقسم جبهة نهم إلى الميسرة والميمنة والقلب ، من قرود وهو منفذ خلفي لوادي ملح وجبال المنارة والرشا والنحرين وحتى الجبال المطلة على وادي ملح من جهة الشمال مساحة شاسعة وكبيرة وعتاد كثيف وتحصينات وخطوط وبنية تحتية ، ومن وادي ملح وصولا إلى الفرض مساحة أكبر هي القلب، ومن الفرضة وجبال الشبكة وحيد الذهب وسلسلة يام هي ميمنة الجبهة وتلك المساحة شاسعة ومفتوحة .. طيلة السنوات الأربع لم تتوقف الزحوفات في هذه المسارات وقد اعتمد المرتزقة استراتيجية التقدم البطيء رهانا منهم على الوقت وعلى حساسية الجبهة فقدرتهم على السيطرة على جبل يعتبر اختراقاً يؤدي إلى اقتراب قوة هائلة من الهدف الاستراتيجي “العاصمة صنعاء”.
ظلت معركة نهم عنوانا للحرب التحالفية التي تشن على اليمن ، وارتبطت بها جُملة من أجندات الحرب العدوانية وعناوينها الذرائعية ، فبالإضافة إلى أن هدفها العاصمة صنعاء ، فإن خطط التقسيم الأمريكي والبريطاني تتركز عليها ، إذ أن السيطرة على مناطق النفط والغاز والثروة وعزلها عن صنعاء يحقق للمتحالفين على اليمن أجنداتهم البغيضة ، ونهم تمثل حامية المخطط التآمري الذي سعى إليه تحالف العدوان المكون من سبع عشرة دولة ، على أن القلق الأمريكي البريطاني ودعوة مجلس الأمن للاجتماع على خلفية انهيار حشد العملاء والمرتزقة في هذه الجبهة يعكس الأهمية التي تمثلها نهم بالنسبة لتحالف العدوان الأمريكي السعودي.
يتولى المرتزقة المنتمون لحزب الإصلاح الإخوانجي قيادة عمليات هذه الجبهة ، وقد تحولت طيلة فترات المواجهة إلى محارق بالجملة للمقاتلين المنتمين لحزب الإصلاح والجماعات المرتبطة به كالقاعدة وربما داعش ، على عكس نجران مثلا والساحل الغربي ، وعلى الرغم من أن الإصلاح خسر عشرات الآلاف من المنتمين للحزب ، وقد أطاحت عملية “البنيان المرصوص” بأحلام وأوهام الحزب الذي جاهر بعمالته منذ الساعات الأولى للعدوان على اليمن ، وطيلة وجود منتسبيه المأجورين في نهم عمد العدوان إلى استهدافهم بالغارات الجوية ، لقد قتل المئات منهم بتلك الغارات في جبهة نهم والجوف ومارب ، ولكن لا كرامة لمرتزق في قومه ولا كرامة للإصلاح في تحالف العدوان على اليمن.
صنعاء بعيدة
قبل عملية البنيان المرصوص كان زامل الحرب “صنعاء بعيدة الرياض أقرب” أحد المحفزات الذهنية والمعنوية والنفسية للمجاهدين والشعب اليمني الذي يدافع عن دينه وأرضه وكرامته وإحدى أدوات الحرب الإعلامية أيضا التي خاضها الشعب اليمني ضد التحالف العدواني السعودي الأمريكي ، أما بعد عملية “البنيان المرصوص” فقد ترسخ الزامل في الوجدان اليمني كواحدة من أهم الحقائق التاريخية لحرب النَفَس الطويل التي انتصر فيها الشعب اليمني ودحر تحالف القوة والمال والنفط والعدوان ، فالزامل بات تمظهرا حقيقيا لبعد صنعاء عن منال الجيوش الغازية ، علاوة على أن الحرب الإعلامية الكثيفة التي شنها تحالف العدوان جعلت من نهم عنوانا للحرب والإرهاب النفسي والمعنوي ، وقد استحالت بعد “البنيان المرصوص” إلى انتكاسة مريعة توثق لانهزام القوة ، وانهيار الجيوش المعتدية ، وتمكين الله لأوليائه.
اعتمد تحالف العدوان في حربه الطويلة خلال السنوات الأربع في نهم على زخم القوة المترافق معها بروباغندا الحرب الإعلامية والنفسية ، وباستخدام القوة النارية الغاشمة من البر والجو تمكن من السيطرة على المرتفعات والجبال الاستراتيجية ، وخلال أربع سنوات أي من فبراير 2016م حتى فبراير 2020م، حافظ أبطال الجيش واللجان الشعبية على خطوط دفاعية متقدمة ومتداخلة في الوقت نفسه ، مع ذلك مثلت نهم الخاصرة الأضعف للجيش واللجان الشعبية ، فهي أولا تحيط بصنعاء من جهة الشرق وتتصل بالطوق القبلي للعاصمة ، وثانيا تعتبر الجبهة الأهم لتحالف العدوان ويتولى عملية إسنادها بصورة أكثر من غيرها ، الكثيرون كانوا يتوقعون أن تنتهي الحرب وتبقى نهم كما هي تحت سطوة المرتزقة والعدوان ، ذلك بالنظر إلى حجم العتاد العسكري والتحصينات ووعورة الجغرافيا والمساحة الشاسعة ، والاهتمام المكثف بها من قبل تحالف العدوان طيلة فترة السنوات الأربع .. إن انهيارا سريعا ودراماتيكيا يحدث لقوة بحجم القوة التي كانت تتمركز في جبال نهم وتبابها ووديانها لم يكن إلا معجزة إلهية ، يلحظ هذا من خلال الانهيار السريع للمرتزقة وفرار قواتهم من أماكن وتحصينات من الصعب الوصول إليها.. ومن هنا يجزم المجاهدون بأن معية الله سبحانه وتعالى تحققت في هذه العملية وبما يدركه الجميع.
طيلة الأربع السنوات الماضية شهدت جبهة نهم الكثير من التحولات والتغيرات الاستراتيجية ، غير أن عملية “البنيان المرصوص” وضعت نهاية لها ، وطوت جبهة كانت هي الأكبر زخما والأشد ضراوة .. في حديث سابق للمرتزق نايف البكري ذكر أن أكثر من 12 ألف قتيل من مقاتلي المرتزقة قتلوا في هذه الجبهة وعشرات الآلاف من الجرحى .. في الطريق السريع الرابط بين فرضة نهم ومفرق الجوف علَّك تشاهد ما يعزز هذا ، فالدبابات والآليات والأطقم التي دمرت خلال معارك الكر والفر تكشف عن هول الخسائر التي تجرعها مرتزقة العدوان.. التهاوي المريع للقوة التي كانت مرابطة على مساحة 2500 كيلو متر مربع منها 1800 كيلو متر في مديرية نهم أضافت لتلك الخسائر مشهدا دراماتيكيا لانتكاسة البغاة والمعتدين ، وقد حولت نهم من عنوان للحرب العدوانية ، إلى عنوان للهزيمة والعار والخزي.
لحظات الانكسار الكامل
ستة أيام تزيد ساعات أو تنقص قليلا هو الوقت الزمني لعملية “البنيان المرصوص” ، وبالنظر إلى المساحة الشاسعة والجغرافيا والتضاريس الوعرة جدا ، وحجم القوة الهائل من الألوية والعتاد والدبابات والمدرعات والتحصينات العتيدة ، فإن ما تحقق معجزة بكل المقاييس قد لا يكون منطقيا تفسيرها وفقا للحسابات العسكرية البحتة ، دون الاشارة إلى أن قوة غيبية كانت حاضرة، فالقوة التي انهار على إثرها أكثر من عشرين لواء وتهاوت بها حصون وقلاع وترسانة عتيدة من السلاح الثقيل والنوعي في وقت قياسي هي قوة إلهية إذ لا يمكن لقوة بشرية مهما كان حجمها التقدم في الجغرافيا الوعرة ، ناهيك عن إسقاط قوة تتمركز في تلك الجغرافيا الممتدة بحجم 17 لواء مدججاً بمختلف أنواع الأسلحة الحديثة الثقيلة والمتوسطة ، التحصينات والمتارس والطرقات تتقاسم الجبال، المدفعية لكأنها أسلاك شائكة ، مع ذلك تهاوت القوة وتساقطت الألوية واستسلمت الحشود وفي وقت قياسي.
شن أبطال الجيش واللجان الشعبية الهجوم الواسع في عملية “البنيان المرصوص” من ثلاثة محاور في جبهة نهم بالتزامن مع هجمات أخرى محاذية في محافظة الجوف باتجاه مديريتي الحزم والمتون، إلى جانب تصعيد الأبطال الهجمات في جبال هيلان المطلّة على مدينة مارب في مديرية صرواح الواقعة إلى الغرب من المدينة؛ حيث يفصل آخر موقع عنها نحو 20 كيلومتراً فقط ، وركز أبطال الجيش واللجان الشعبية على مهاجمة مواقع المرتزقة في أعلى قمم جبال نهم سواء في مناطق البياض أو جبل المنارة وتركزت الهجمات المسنودة بغطاء ناري كثيف باتجاه فرضة نهم ومفرق الجوف للسيطرة على المنطقة والطريق الرئيسي بين مارب ومناطق الجوف، كما شنوا في المقابل الهجوم في جهة الجبهة الجنوبية من مديرية نهم وصولاً إلى مناطق «حريب نهم»، فضلاً عن الهجوم على قلب الجبهة في نهم نفسها؛ حيث كان المرتزقة يتمركزون بشكل متقدم.
بعد ساعات من شن المجاهدين الهجوم على فرضة نهم شاهد أحد مصوري الإعلام الحربي الذين وثقوا وقائع المعركة ، شاهد حرائق في مخيمات ومطارح المرتزقة ، للحظة اعتقد أن من يقومون بإحراق الخيم والمطارح هم المجاهدون على اعتبار ما هو سائد ، فأسرع الخطى نحوهم لتوثيق إحراق المخيمات والعتاد ، ما إن بدأ التصوير حتى قال كعادة المجاهدين” يا ربي لك الحمد” ، اتضح للمرتزقة أنه ليس منهم واتضح له أنهم ليسوا من المجاهدين ، فأطلقوا النار عليه فأردوه جريحا ، قبل أن يصل رفاقه ويقومون باقتياد المرتزقة كأسرى حرب.
وثقت كاميرا الإعلام الحربي عدداً من المشاهد لفرار وهروب المرتزقة ، وتبرز المشاهد الموثقة الارباك الكبير الذي حصل في صفوفهم ، هو إرباك يجسِّد قول الله تعالى ” وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ” ، ونحن كمؤمنين بالله ، بقوته وعدالته قبل كل شيء ، نستمد العون منه ، ونستمد القوة من قوته وجبروته ، فإن مشاهد التهاوي والسقوط للقوة الكبيرة والهائلة ، والفرار واستسلام الأعداد الضخمة من المقاتلين ، تضيف إلى يقيننا أن العدوان سيصل إلى هذه اللحظة ، لحظة الانكسار الكامل ، وهي اللحظة التي سيصل إليها كل من تجبروا واعتقدوا أن القوة تمنحهم النصر ، وأن السلاح والمال يصنع المتغيرات ، ظنوا أن حصونهم مانعتهم من الله ، فإذا بها تتحول إلى كوابيس تلاحقهم.
يروي لـ”الثورة” قائد ميداني من المجاهدين أن 450 دبابة وآلية عادت بها قوات الجيش واللجان الشعبية من جبهة نهم ، غير المدفعية الثقيلة والحديثة والسلاح والذخائر الهائلة التي عثر عليها في كهوف ومخازن متعددة على طول امتداد وعرض الجغرافيا العسكرية..
هذه لمحة عامة عن جبهة نهم التي انهارت فيها جيوش وجحافل العدوان في أهم معركة خاضها المجاهدون ضد تحالف البغي والعدوان وجيوشه المستأجرة.