البديل المصرية : تحالف العدوان يحرك الورقة المخبأة في حربه على اليمن
البديل المصرية /صنعاء/ تقرير /علي جاحز
يبدو أن الملف اليمني المفتوح منذ عامين ونصف بدأ يأخذ منحى آخر بعد أن صار فشل العدوان على اليمن حديث الصحافة والمراقبين الإقليميين والدوليين مؤخرا، فالتحالف الذي ألقى بأوراقه الثقيلة في بداية الحرب بات يبحث عن مخرج مشرف من المأزق اليمني، وفي الوقت الذي يسير باتجاه التصعيد الميداني أو ما يطلق عليه مراقبون “المحاولة الأخيرة” طمعا في تحقيق إنجاز استراتيجي يمكنه من فرض واقع سياسي مختلف، فإنه بالتوازي يسير باتجاه تفكيك جبهة المواجهة التي يشكل قوامها مكونان سياسيان رئيسيان هما المؤتمر الشعبي العام برئاسة الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، وأنصار الله برئاسة السيد عبد الملك الحوثي، وهو ما ظهر أثره في اشتعال خلاف خطير بين المكونين تقول المعطيات إنه تحت سيطرة الأولويات المشتركة للطرفين.
تفكيك الداخل :
مصدر سياسي رفيع في صنعاء أكد لـ”البديل” أن استهداف الجبهة الداخلية أو ما يطلق عليه تماسك حلفاء الداخل، يقع ضمن أهداف العدوان منذ البداية، وأضاف: “ليس جديدا مخطط ضرب التماسك الداخلي، الجديد هو ظهور التحرك بهذا الاتجاه وانكشاف الأدوات”، منوها بأن لجوء العدوان إلى هذه الخطوة يمكن أن يقرأ باعتباره مؤشرا على نفاد الأوراق وضيق الخيارات لديه.
ولفت المصدر إلى أن مصطلح “الطرف الثالث” وظهوره على لسان مسؤولين دوليين وأيضا على لسان المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ، يأتي في هذا السياق ضيق الخيارات نفسه، وأيضا بداية تحريك الورقة المخبأة، مؤكدا أن ثمة من يعد نفسه بالتنسيق مع الإمارات والأمريكيين ليكون هو الطرف الثالث من داخل الأطراف الداخلية التي يجمعها تحالف في مواجهة العدوان، متوقعا أن يكون ذلك قد جاء بناء على وعود وتعهدات من قبل الإمارات، وقال “لا أعتقد أن مصلحة أي طرف من الأطراف المتحالفة في صنعاء التخلي عن الآخر لصالح العدوان، لأن ذلك قد يكون فخا لإسقاط الجميع”.
وفي موقف وصف بأنه رسالة رضى إماراتي عن تحركات المؤتمر ومباركة لمبادراته، وصف أنور قرقاش، وزير دولة الإمارات للشؤون الخارجيةالمؤتمر الشعبي العام الأخير، بأنه قد يمثل فرصة لكسر الجمود السياسي الذي كرّسه تعنت الحوثي، وقال قرقاش: “خطاب صالح ظاهره خلاف مع الشريك الحوثي حول السلطة في مناطق الانقلاب”.
وفي تغريدات نشرها الإثنين على حسابه في تويتر، شدد قرقاش، على أن الحل السياسي للصراع في اليمن يبقى الأساس، قائلا “يبقى المسار السياسي أساس الحل في الأزمة اليمنية عبر اتفاق يجمع اليمنيين، ويمنع التدخل الإيراني، ويعالج مسائل الإرهاب ومستقبل الجنوب وطبيعة الحكم”.
خلفيات التوتر:
كان فتيل الخلاف بين المتحالفين في صنعاء (المؤتمر الشعبي العام وأنصار الله) قد اشتعل في إثر استعدادات واسعة منذ أكثر من شهر ينفذها المؤتمر الشعبي العام لحشد جماهيري وسط العاصمة صنعاء، احتفالا بالذكرى الـ35 لتأسيس الحزب، وفيما يعتقد المؤتمر أن هذا الاحتفال حق مكفول دستوريا، يرى أنصار الله وحلفاؤهم أن الاحتفال خطوة في سياق خطوات لاستهداف الجبهة الداخلية وتفكيكها، متهما المؤتمر بأنه ينسق مع الخارج لتبني مواقف وإطلاق مبادرات استسلام والذهاب بعيدا عن جهود دعم الجبهات وتحديدا بتقديم نفسه كطرف ثالث، مستندين في الاتهام إلى مؤشرات ظهرت في الخطاب السياسي وكتابات قياديين يتبعون المؤتمر، إضافة إلى لقاءات جمعت بين السفير الأمريكي وقيادات ونشطاء يتبعون المؤتمر في القاهرة مؤخرا تحت عنوان “تشكيل الطرف الثالث”.
أجواء التوتر ارتفع مستواها في الشارع اليمني، خاصة بعد أن دعا رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي، إلى الحشد والتعبئة عبر نصب مخيمات واعتصامات في نفس الأماكن التي جرى الاعتصام فيها على مداخل العاصمة صنعاء قبيل ثورة 21 سبتمبر 2014، وكان الحوثي الذي أعلن بدء الاحتشاد على مداخل العاصمة في نفس توقيت حشد المؤتمر الشعبي العام، قد برر ذلك التحرك بكونه إحياء لذكرى الثورة وإعادة الزخم باتجاه التعبئة العامة للجبهات، الأمر الذي فاقم التوتر وأخرج المواقف من الغرف المغلقة إلى العلن.
المجلس الأعلى يحذر:
وفيما تشهد صنعاء توترا بين حلفاء الداخل على خلفية استعدادات يجريها حزب المؤتمر الشعبي العام تقابلها حشود في نفس المناسبة على مداخل صنعاء من قبل أنصار الله الذين يتهمون المؤتمر بالتنسيق لتفكيك الجبهة الداخلية مع أطراف خارجية، عقد اجتماع طارئ، أمس، ضم اللجنة الأمنية والعسكرية وممثلي حزب المؤتمر الشعبي وجماعة أنصار الله، وبحضور وجهاء ومشايخ قبليين، ضمن مساعي نزع فتيل التوتر القائم بين أطراف صنعاء.
الاجتماع الذي خرج بتكليف اللجنة العسكرية والأمنية العليا بإدارة الوضع الأمني فيما يتعلق بالفعاليات وضبط الأمن العام لها، حذر أيضا من أي خروج عن سياق الاحتفالات والفعاليات المعلن عنها وبرامجها، وبحسب ما نشرته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية “سبأ” فقد اعتبر الاجتماع الذي رأسه الصماد أن “أي مواقف تؤثر على جبهة الصمود ومواجهة العدوان سيعد خروجا على الإجماع الوطني واستهدافا للشعب اليمني وتضحياته الكبيرة وستواجهه الدولة بحسم مطلق ولن تسمح بأي تعريض بالجبهة الداخلية”.
كما ناقش الاجتماع الخطة العسكرية والأمنية العليا لتأمين الاحتفال الذي دعا إليه حزب الموتمر الشعبي العام بذكرى تأسيسه والفعالية التي دعت إليها اللجنة الثورية العليا الخاصة بدعم الجبهات وتسيير القوافل، داعيا اللجنة العسكرية والأمنية العليا للانعقاد وأخذ كامل الاحتياطات لمنع أي احتكاك أو صدامات “قد تفتعلها القوى المتربصة بالوحدة الوطنية وتماسك الجبهة الداخلية والتعامل وفق المعلومات والتقارير الأمنية الدقيقة” بحسب الوكالة.
الحوثي وصالح :
وكان زعيم أنصار الله قد كشف في خطابه الأخير عن مخطط تصعيدي للعدوان يسير في اتجاهين، الأول عسكري والثاني يستهدف الجبهة الداخلية، متهما طرفا داخليا لم يسمه بأنه ينسق مع العدوان ويسوق نفسه كطرف ثالث بهدف ضرب التماسك الداخلي.
السيد عبد الملك الحوثي، شدد في سياق كلمته على أن “قوى العدوان” وصلت لمرحلة التعب والإرهاق نتيجة إخفاقها في الحرب، لكنها وجدت سبيلا جديدا جعلها تجهز لمرحلة خطيرة وجديدة تتمثل بالتصعيد العسكري بالتزامن مع “استهداف الجبهة من الداخل”، في ما يفهم منه توجيه أصابع الاتهام للتحالف بالوقوف وراء محاولات تعكير الأجواء بين أنصار الله والمؤتمر.
خطاب زعيم أنصار الله الغاضب، الذي وصف بأنه الأول من نوعه أمام مئات من الوجهاء والعلماء، وأفصح عن حقيقة التوتر الحاصل بين أنصار الله وبين حليفهم حزب المؤتمر، تناول بشكل مفصل وبلغة تحذيرية محاولات تحالف العدوان تحقيق الانقسام الداخلي بين أطراف صنعاء بالتزامن مع تصعيد عسكري يجري التحضير له في جبهات الساحل وتعز ونهم، مهاجما المبادرات التي وصفها بالاستسلامية التي أطلقتها بعض الأطراف وترافقها حملات منظمة ضد أنصار الله في وسائل الإعلام إضافة إلى إعاقات متعمدة لأداء الدولة وفاعلية أجهزتها في مواجهة الحصار والحرب الاقتصادية، في ما وصفه مراقبون بأنه اتهامات موجهة للمؤتمر الشعبي العام.
وقال زعيم أنصار الله في معرض خطابه: “هناك أنشطة كبيرة تستهدف ضرب الداخل من خلال اختراق المكونات من قبل العدو وشراء ولاءات منتسبيها بما يجعلها تتماهى مع عناوين جانبية ثانوية على حساب عنوان التصدي للعدوان”، وأضاف أن قوى التحالف تسعى لتجميد الجبهة الداخلية حتى تتمكن من اقتحامها، معتبرا أن ذلك يجري عبر صرف الأنظار عن المواجهة إلى أنشطة جانبية وحزبية.
وفي رد على اتهامات زعيم أنصار الله، أكد الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، أن المهرجان الذي يستعد حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يترأسه ليس موجها ضد شركائه جماعة أنصار الله (الحوثيين) وإنما ضد التحالف العربي ومن يقف معه أو يصعد لإثارة الفتنة الداخلية، داعيا في كلمة ألقاها، خلال لقاء مع قيادات الحزب، الأحد الماضي، جماعة أنصار الله، إلى المشاركة في المهرجان كضيوف، مشددا على أن المهرجان لا يمكن أن يكون موجها ضد شركائه، ومحذرا في الوقت عينه ممن يسعون لإثارة الفوضى والفتنة في العاصمة صنعاء.
واتهم صالح من أسماهم “الطابور الخامس” بالوقوف وراء التوتر الحادث بين حزب المؤتمر الشعبي العام وجماعة أنصار الله، في سياق تفكيك الجبهة الداخلية، خدمة للتحالف من خلال الدعوات للاحتشاد في منافذ العاصمة، في إشارة إلى دعوة اللجنة الثورية العليا التي اعتبرها خطوة لعرقلة مسيرات حشود الاحتفال الخاص بالحزب، وهو ما نفته اللجنة الثورية التي أكدت أن الاحتشاد في مداخل العاصمة الغرض منه دعم الجبهات.
يأتي هذا في الوقت الذي تؤكّد تصريحات كبار القادة في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس السابق على عبدالله صالح، على أن مسار السلام والمبادرات التي تذهب باتجاهه هي سبب في الخلاف بين المؤتمر وأنصار الله، في حين يرى أنصار الله أن تلك المبادرات تعتبر “طعنة في الظهر”، وفق ما ورد في خطاب عبدالملك الحوثي، الناري الأخير.
وقال أمين عام حزب المؤتمر عارف الزوكا، إن كل مبادرات السلام التي تمّ تقديمها كانت باتفاق مسبق مع الحوثيين منذ جنيف الأولى والثانية إلى الكويت، ووصف كلام زعيم الحوثيين بـ”غير الصحيح”، مؤكّدا “نحن مع السلام ونريد السلام”، وهو ما نفاه عضو المجلس السياسي لأنصار الله حمزة الحوثي.
من جهته، رد المتحدث باسم أنصار الله محمد عبدالسلام، فجر الإثنين، في منشور على فيسبوك، واصفا خطاب علي عبدالله صالح، الذي أبدى فيه استعداد حزبه لفك التحالف مع أنصار الله بأنّه نتاج توجيهات مباشرة من التحالف العربي الذي تقوده السعودية “ضمن توزيع الأدوار”