الانكماش يلازم الاقتصاد السعودي.. والآتي أسوأ..!
انتكاسات اقتصادية متتالية تمر فيها “السعودية”، منذ انهيار أسعار النفط وخفض الإنتاج غير المسبوق الذي تفاوضت عليه “أوبك” وحلفاؤها. أزمة تضاعفت وتيرتها مع الإجراءات الاحترازية التي رافقت جائحة كورونا المستجد، وتراجع حركة النشاط التجاري في البلاد. وهو الأمر الذي وضع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أمام خيارات صعبة، خاصة وأنه خاطر بوضع خطط للتحوّل الاقتصادي وخفض الميزانية. للشهر الخامس على التوالي، يواصل الإقتصاد السعودي الإنكماش، بفعل هبوط أسعار النفط، والآثار الناجمة عن تفشي وباء “كورونا”. جاء ذلك في البيانات الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء، والتي بيّنت أن اقتصاد “السعودية” انكمش 4.2 بالمئة في الربع الثالث مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. ملامح الانكماش، ظهرت بوضوح في قطاع التوظيف، فبحسب تقرير مؤسسة “أي إتش إس” تراجع التوظيف في القطاع الخاص، بأسرع وتيرة له منذ إجراء المسح للمرة الأولى في أغسطس/ آب من العام 2009، حيث قلّصت الشركات الوظائف للحد من التكاليف ووسط مخاوف حيال توقعات الأعمال”، مضيفةً أن “توقعات الشركات لعام قادم أصبحت سلبية للمرة الأولى منذ بداية هذا المؤشر في يوليو/ تموز 2012”. ومع ذلك، ثمّة من توقع انكماش الاقتصاد السعودي بنسبة أكبر، إذ رجّح جاربيس إيراديان الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعهد التمويل الدولى IIF انكماش الاقتصاد السعودي بنسبة 5.2 بالمئة خلال العام الجارى بسبب تداعيات فيروس كورونا وتأثيراته السلبية على أسعار البترول وإنتاجه. وتشير تقديرات إيراديان إلى أن اقتصاد “السعودية” “هبط بحوالي 11 بالمئة خلال الربع الثاني من هذا العام بعد انكماشه 1 بالمئة فى الربع الأول بسبب القيود التى فرضها وباء كورونا على الأنشطة الاقتصادية والانخفاض فى إنتاج البترول بناء على اتفاق منظمة أوبك وحلفائها (أوبك +)”. مشهدية إقتصادية قاتمة، وصفتها وكالة “بلومبيرغ” الإخبارية في وقت سابق، بالقول أن إنهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية أعاد “السعودية” إلى الوراء ووضعها في الطريق نحو أسوأ إنكماش اقتصادي تشهده منذ عقدين، مع وصول عجز الموازنة العامة “للسعودية”، إلى مستوى ما تعرضت له خلال أزمة النفط قبل أربعة أعوام. محللون في الوكالة، توقّعوا انخفاض الناتج المحلي الإجمالي “للسعودية” بأكثر من 3 بالمئة العام الجاري، وهو الأمر الذي يجعله أول إنكماش اقتصادي تواجهه منذ عام 2017.فيما يتوقع آخرون أن العجز في الميزانية قد يصل إلى 15 بالمئة من الناتج الإقتصادي. ووفقاً لصندوق النقد الدولي وصل العجز المالي في “السعودية” إلى 4,5 بالمئة العام الماصي بعد أن بلغ ذروته في عام 2016 بـ 17 بالمئة. من جهتها قالت مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين لدى بنك أبوظبي التجاري، لرويترز: “كان من المتوقع حدوث انتعاش متعاقب في النشاط الاقتصادي في الربع الثالث مع تخفيف تدابير العزل العام وبالنظر إلى الطلب المكبوت، لكن وتيرة التعافي ثبطتها زيادة في معدل الضريبة على القيمة المضافة”. في حين رأى جيسون توفي كبير اقتصادي الأسواق الناشئة لدى “كابيتال إيكونوميكس” أنه من المتوقع أن “يظل تعافي اقتصاد المملكة بطيئاً”. وقال إن “استمرار انخفاض أسعار النفط يعزز وجهة نظرنا بأنه من المستبعد أن يتراجع صانعو السياسات عن التقشف المالي”. يأتي ذلك كله، بعدما فرضت “السعودية” مجموعة من الضرائب على الموطنين وألغت امتيازات الموظفين، لتخلق بذلك وضعاً معيشياً خانقاً يعاني منه غالبية السكان. فقد قررت السلطات السعودية مضاعفة الضريبة المضافة ثلاث مرات من 5 في المئة إلى 15 في المئة وإيقاف صرف بدل غلاء المعيشة. هذه الخطوات التي اتخذت في شهري يونيو/ حزيران، ويوليو/ تموز الفائتين، اتُخذت لتحسين الواقع الإقتصادي، فبحسب وزارة المالية، ستوفر الإجراءات الجديدة نحو 100 مليار ريال سعودي. ولكن النتيجة أنه بعد مضي أشهر على هذه الإجراءات يلاحظ أن الإقتصاد السعودي ليس فقط لم يسترد عافيته بعد بل إنه يتجه نحو الإنحدار بوتيرة سريعة.