الاغتيالات في الجنوب المحتل بالجملة ومليشيا التحالف أدوات التنفيذ
دخل تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي إلى اليمن حاملا مزاعم التحرير من قبضة أنصار الله، لكنه زرع في ارض اليمن السعيد بذور الفوضى والصراعات.. حيث باتت المحافظات الجنوبية تشهد ثلاثة صراعات في ان واحد، إضافة إلى تحالفات متغيرة ، وسعي كل طرف للوصول إلى هدفه الذي وضعه قادة التحالف.
ويتضح من خلال الاحداث التي واكبت العدوان على اليمن مدى ارتباط حزب الإصلاح بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، والسلفيين بتنظيم داعش، كما يظهر أنَّ الاغتيالات التي برزت بشكل لافت في المناطق المحتلة باتت مرتبطة بنزاعٍ فصائل المرتزقة على السلطة.
ورغم تمكن ما يسمى بالمجلس الانتقالي من السيطرة على محافظة عدن وطرد ما تبقى من حكومة المرتزقة، الا أن المدينة وباقي المحافظات المحتلة لا زالت تعيش في فوضى واسعة، وعمليات قتل ونهب بصورة يومية، كغيرها من المحافظات الواقعة تحت سيطرة الفار هادي.
وقداغتال مسلحون مجهولون القيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح عبد الرقيب قزيع في محافظة الضالع جنوبي البلاد، وتأتي هذه الواقعة ضمن حلقة جديدة من مسلسل التدهور الأمني بالغ الخطورة في المناطق اليمنية الواقعة تحت سيطرة تحالف العدوان السعودي الاماراتي.
ويعد قزيع ثالث قيادي من حزب الإصلاح يتعرض للاغتيال في الضالع، إذ سبق أن اغتال مجهولون القيادي في الدائرة الإعلامية للحزب، الصحفي زكي السقلدي في أكتوبر 2018، والقيادي خالد غيمان، الذي اغتيل في 25 يوليو 2019، مع تضارب الروايات حول الجهات المسؤولة عن تنفيذ تلك الاغتيالات، وغياب أيّة إجراءات رسمية جادة من قبل السلطات لكشف هوية الجناة.
وخلال الأعوام الثلاثة الماضية قتل عشرات من قادة وناشطي حزب التجمع اليمني للإصلاح، وعدد من قادة الفصائل المسلحة في عمليات اغتيال منفصلة، سيما في ظل تفاقم الخلافات بين فصائل المرتزقة حول المناطق النفطية والمؤسسات الإيراديه فضلا عن المناصب السياسية.
ويأتي تكرار عمليات الاغتيالات في المحافظات الجنوبية وسط التقاعس المحلي في إجراءات المساءلة وكشف وملاحقة الجناة، ناهيك عن تنامي ظهور العصابات التابعة للمليشيات المسلحة.
وتفيد تقارير رسمية واخرى حقوقية عن ضلوع الاصلاح في دعم عناصر القاعدة لتنفيذ اغتيالات تستهدف فصائل سلفية موالية للامارات.
الاخيره بدورها شكلت جماعة مسلّحة للقيام بعمليات اغتيال عديدة بتوجيه مباشر من ابو ظبي.
إحصائيات مرعبة
وكان تقرير حقوقي كشف عن مقتل 200 شخص في حوادث اغتيالات وقعت في محافظة عدن لوحدها منذ العام 2015.
وقال المحامي أنور اليافعي إن عدد قتلى الاغتيالات التي تم رصدها في محافظة عدن منذ 2015، بلغ 200 حالة، مؤكداً أن جميع هذه الحالات “قيدت ضد مجهول.
واضاف أن الاغتيالات طالت خطباء وأئمة المساجد وضباط في الأمن والجيش وقيادات موالية لهادي ورجال القضاء.
وتشهد المحافظات الجنوبية حالة فوضى وعنف غير مسبوق وتنامي الخوف والهلع، في ظل استمرار القتل بالهوية وانتشار الجثث بشوارع المدينة، بعد الصراع بين فصائل المرتزقة.
وتداول ناشطون على نطاق واسع مقاطع صادمه لإعدامات وعمليات التصفية خارج نطاق القانون التي تنفذها مليشيات الإمارات والسعودية بحق مدنيين.
كما انتشرت، قصص العثور على جثث مرمية في الشوارع، يقول سكان إنها لمدنيين تمت تصفيتهم بسبب خلافات شخصية في ظل انفلات أمني كبير تشهده العديد من المحافظات الجنوبية المحتلة.
ووثقت إحصائية جديدة للانتهاكات في عدن خلال النصف الاول من شهر أكتوبر 2019، 6 حالات اغتيالات، فيما بلغت عدد الاغتيالات في شهر سبتمبر وأغسطس 2019 المنصرمين 59 حالة قتل، إلى جانب 52 حالة إصابة، الأمر الذي أثار غضب سكان المحافظة، الذين بدورهم وجهوا أصابع الاتهام إلى مليشيات المجلس الانتقالي، المسيطرة على المحافظة منذ العاشر من أغسطس الماضي.
وكان شهر أغسطس هو الأكثر دموية، حيث بلغت ضحايا المواجهات المسلحة بين حكومة المرتزقة من جهة وبين قوات المجلس الانتقالي 17 حالة قتل، بينهم امرأة وطفلين، إلى جانب 25 حالة إصابة، وبينت عملية الرصد الميداني معظم الضحايا المدنيين سقطوا في مديريتي كريتر ودار سعد.
الانتهاكات السابقة
وأطلق المرصد اليمني الأمريكي لحماية حقوق الإنسان، ومقره واشنطن؛ تقريراً حول انتهاكات حقوق الإنسان في محافظات عدن، وأبين، وشبوة، من قبل مايسمى بالمجلس الانتقالي وحكومة المرتزقة في أغسطس الماضي، كاشفاً عن وقوع (6978) انتهاكاً، تصدرت عدن النسبة الأعلى فيها.
وتشهد المحافظات الجنوبية حالة فوضى وعنف غير مسبوق وتنامي الخوف والهلع، في ظل استمرار القتل بالهوية وانتشار الجثث بشوارع المدينة، بعد الصراع بين فصائل المرتزقة.
وتشن مليشيات المرتزقة ملاحقات ومداهمات مستمرة لمنازل مناوئيهم والمعارضين للإمارات في عدن وابين وللسعودية في شبوة وحضرموت والمهرة.
كما شهدت المحافظات عمليات نهب واسعة استهدفت محالَّ تجارية لمعارضين، ومنازل مسؤولين كل طرف من اطراف المرتزقة بينهم وزراء وقيادات عسكرية في حكومة المرتزقة، إضافة إلى مصارف ومصانع ومخازن.
منظمة “رايتس رادار” لحقوق الإنسان، ومقرها أمستردام، دعت إلى وقف موجة الانتهاكات الجسيمة التي ترتكب في حق مدنيين بمحافظتي عدن وأبين، من قبل مسلحي المجلس الانتقالي، المدعوم من الإمارات.
وطالبت المنظمة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بسرعة “التدخل العاجل لوقف هذه الموجة من الانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين الذين طالتهم حملات الاعتقالات والتصفيات الجسدية، وممارسة الضغط على التحالف الذي تقوده السعودية للقيام بدوره في منع حدوث تجاوزات تنتهك القانون الإنساني الدولي”.
تقرير حقوقي يكشف الدور الأمريكي في الاغتيالات السياسية في اليمن
وكانت منظمة رايتس رادار كشفت عن اغتيال 451 شخصاً سقطوا ما بين عملية اغتيال مباشرة بالرصاص أو إعدام ميداني بينهم 118 مدنياً، و332 عسكرياً وأمنياً. مشيرة الى أن المحافظات اليمنية الواقعة تحت الاحتلال السعودي الاماراتي سجلت جل العمليات.
وقالت في تقرير لها عن الاغتيالات السياسية في اليمن تحت عنوان (اغتيال الحياة)، رصدت فيه حالات الاغتيال خلال الفترة التقرير من أيلول/سبتمبر 2014 إلى تموز/يوليو 2019 ان “ضحايا الاغتيال المباشر بالرصاص الحي بلغ عددهم 409 ضحية، بينما اغتيل 34 شخصاً بعبوات ناسفة، و8 حالات اغتيال بطرق مختلفة”، إضافة إلى اصابة 146 شخصاً بجروح متفاوتة بعضها خطيرة في محاولات اغتيال فاشلة.
وأوضح التقرير ان محافظة عدن جاءت على رأس قائمة المحافظات اليمنية التي رُصدت فيها حالات الاغتيال بعدد 134 حالة، تلتها محافظة تعز بعدد 113 ثم صنعاء بعدد 42 حالة اغلبها في عام 2014م اثناء تولي الفار هادي الحكم ثم أبين ولحج 32 حالة لكل منهما، ثم البيضاء 29 وحضرموت 27 وشبوة 17 والضالع 16 وإب 14 وذمار 10 ثم الحديدة والمحويت ومارب بعدد 4 حالات لكل منها، ثم خمس حالات في كلٍ من محافظات حجة وصعدة وعمران.
وقالت رايتس رادار ان فريق إعداد التقرير التابع لها رصد مئات الحالات من الاغتيالات في اليمن، كما حصل على بيانات للكثير من ضحايا الاغتيالات هناك وفرها راصدون محليون، بعضهم يمثلون منظمات مجتمع مدني وآخرون ينتمون لمنشآت صحية حكومية وأخرى خاصة.
وأوضحت أن الفريق أخضع هذه البيانات للفرز والتحقق وفقاً لمعايير حقوقية دقيقة يمكن الوثوق بكونها عمليات اغتيال حقيقية، تتوافق مع مفهوم الاغتيال المتعارف عليه قانونيا والذي ورد تعريفه في ثنايا التقرير، حيث تم استبعاد ضحايا العمليات العسكرية وضحايا الجرائم ذات الطابع الجنائي الشخصي، وكذلك الإصابات العرضية التي يتضح من ظروفها أن الضحية لم يكن مقصوداً بعينه ولا بصفته كضحايا الرصاص الطائش، للخروج قدر الإمكان بصورة واضحة لعدد الضحايا وتوزيعهم الجغرافي والمهني.
ووجه التقرير توصيات للجهات المعنية محليا واقليميا ودوليا للعمل بجدية من أجل الحد من ظاهرة الاغتيالات في اليمن، حيث دعا الى إعادة تنظيم عمل الأجهزة الأمنية وفقاً للقانون اليمني بما يضمن الشروع فوراً في إجراءات ملاحقة وضبط المتورطين في كافة جرائم الاغتيالات.
وبالنسبة للتحالف السعودي الإماراتي في اليمن دعته الى تحديد موقف واضح من مسلسل الاغتيالات التي تعرض لها اليمنيون في المناطق الخاضعة لسيطرتهم وبالأخص القوات الإماراتية أو تلك المليشيات التي تعمل بالوكالة لصالح دولة الإمارات في محافظة عدن وبعص المحافظات الأخرى.
وطالب تقرير رايتس رادار هيئات ووكالات الأمم المتحدة بإيلاء ظاهرة الاغتيالات في اليمن اهتماماً خاصاً وأخذها على محمل الجد، باعتبارها هدرا للحق في الحياة وجرائم قتل خارج نطاق القانون، وتؤسس لمناخ مهيئ للفوضى والعنف الدائم، وكذا إدانة كل الأطراف المتورطة في عمليات الاغتيالات ومحاسبة كافة المتورطين فيها سواء بالتنفيذ أو بالتوجيه.
فوضى عارمة واعتداءات تطال النساء
ومع تفشي حالات القتل من خلال مباشرة الاغتيالات في وضح النهار، في شوارع عدن المكتظة، وجوار الفنادق، وفي السواحل، بدأ الخوف يسيطر على شريحة واسعة من سكان المدينة، وأصبحت هذه الجرائم حديث الساعة في عدن.
تمثلت أولى حالات القتل في عدن من خلال قتل الشاب محمد مهدي يسلم (23 عاما) من محافظة أبين، توفي بعد تعرضه للتعذيب في أحد السجون التابعة للواء الخامس الذي يقوده صالح السيد، وظلت الجثة 12 يوم في مستشفى “ابن خلدون” بمحافظة لحج قبل أن يتم إبلاغ أسرته.
كما عثر في اليوم نفسه على جثة مجهولة الهوية في صحراء منطقة صلاح الدين غرب عدن، متحللة غير واضحة الملامح عليها آثار الإعدام، ونقلت الجثة إلى ثلاجة حفظ الموتى في مستشفى الصداقة بالشيخ عثمان.
وتعرض مدير مطاعم الحمراء “عادل دعدع العولقي” في التاسع من أكتوبر 2019، الى عملية اغتيال أمام مرأى المارة في مدينة خور مكسر خلف محطه “الذيباني” وعلى بعد 20 متر من دورية أمنية، وبالقرب من معسكر “بدر” التي تسيطر عليه قوات الانتقالي. وقد أثارت الحادثة الكثير من التساؤلات عن المنفذ، وفي اليوم نفسه عثر على سائق شاحنة يدعى محمد عبده ثائر من أبناء مدينة أرحب بصنعاء؛ مقتولاً بطلق ناري، في منطقة أبو حربة التابعة لمديرية البريقة.
بذات الأسلوب قتل مواطن يدعى “رؤوف خالد” وإصيب آخر يدعى “هشام صالح” بجانب محل بيع نبتة “التنمبل” في مديرية الشيخ عثمان، بعد قيام مجهولين بإطلاق النار عليه من مسدس، ولاذا بالفرار
وفي الثاني عشر من أكتوبر 2019، عثر مواطنون على جثة العقيد فضل محسن الشبحي رئيس الدائرة الفنية في اللواء الثالث دعم وإسناد، مقتولًا في حي الصولبان الواقع شرقي مدينة خورمكسر في عدن، وعليه آثار طلقات رصاص في الرأس وهو مضرج بالدماء.
وفي تسجيل مرئي لمرأة “مسنة” من عدن تتحدث من على سرير بمستشفى الجمهورية بخور مكسر، قائلة: إن قوة أمنية اقتحمت منزلها وأطلقت النار عليها وعلى ابنتها.