الاستراتيجية الأمريكية.. تفكيك الأمة لتأمين الهيمنة الصهيونية على المنطقة

الاستراتيجية الأمريكية.. تفكيك الأمة لتأمين الهيمنة الصهيونية على المنطقة

الحقيقة/ صادق البهكلي

في لحظة هي الأشد خطراً على حاضر الأمة ومستقبلها، تواجه غزة الإبادة، وسوريا التقسيم، والمقاومة حصاراً مدروساً، ضمن مؤامرة تتشابك فيها الأيدي الأمريكية والصهيونية والتركية، في إطار ما أسموه بـ”الشرق الأوسط الجديد”.

ولعلها ليست مفارقة أن تأتي تحركات الجماعات التكفيرية المدعومة دولياً وإقليمياً، في وقتٍ تقدم فيه جبهات الإسناد اليمن والعراق ولبنان تضحيات كبيرة كخط دفاع متقدم عن فلسطين وغزة، ليصبح إسقاط سوريا الحلقة الأهم في هذه الخطة الشيطانية.

غزة اليوم لم تعد مجرد رقعة جغرافية تحت الحصار، بل هي الرمز الأخير للصمود أمام ماكينة القتل الصهيونية المدعومة أمريكياً وغربيا، فما تتعرض له غزة وفلسطين بشكل عام يتجاوز كل الحروب السابقة؛ إنها محاولة لاجتثاث الروح الفلسطينية، عبر استخدام أسلحة محرمة تهدف إلى إبادة البشر والشجر والحجر.

وإذا كانت غزة تمثل روح المقاومة، فإن سوريا هي عمود خيمتها، فالتاريخ يعلمنا أن دمشق كانت، ولا تزال، البوابة التي عبرت منها كل محاولات تحرير فلسطين، اليوم، يتحرك المشروع الأمريكي الصهيوني لإسقاط هذا العمود، عبر دعم الجماعات التكفيرية، التي لا تختلف عن المؤامرة الصهيونية في غزة سوى في الأسماء والشعارات.

في هذه المؤامرة تلعب أنقرة دوراً مزدوجاً، تتحدث عن نصرة غزة في العلن، بينما توجه خناجرها في الخفاء إلى سوريا، محاولةً تمزيقها وتحويلها إلى دويلات متناحرة لخدمة أهداف الصهاينة ظنا منها إنها تخدم مصالحها ولكن الواقع شاهدا على إن إسرائيل المستفيد الأول من إسقاط سوريا الذي يعني عزل المقاومة اللبنانية، وقطع خطوط الإمداد عنها وعن المقاومة الفلسطينية، وإبعاد إيران عن ساحة التأثير المباشر، ليصبح مشروع الهيمنة الصهيونية على المنطقة أقرب إلى التحقق.

في هذا التقرير سنحاول بإيجاز استعراض خيوط المؤامرة والمسؤولية الملقاة على الأمة الإسلامية على ضوء كلمة السيد عبد الملك الخميس الفائت..

ضرب الجذور قبل الفروع

في إطار مشروع الهيمنة الصهيونية-الأمريكية على المنطقة، تتجلى استراتيجية محكمة تستهدف تصفية القضية الفلسطينية عبر خطة متعددة الأبعاد، هذه الخطة لا تقتصر على استهداف غزة كرمز للصمود، بل تمتد لضرب المحاور الداعمة للمقاومة، وإغراق العالم العربي والإسلامي في أزمات داخلية تمنعه من التركيز على قضيته المركزية.

المخطط واضح، وهدفه استراتيجي؛ إذ تسعى واشنطن وتل أبيب لتصفية القضية الفلسطينية عبر ثلاثة مسارات متزامنة:

  1. القضاء على غزة: كسر إرادة المقاومة من الداخل عبر الحصار والإبادة.
  2. إسقاط سوريا: إضعاف المحور الذي يمد المقاومة بالدعم اللوجستي والسياسي.
  3. إشعال الفتن الداخلية: تفتيت العالم العربي والإسلامي بإثارة النزاعات الطائفية والمذهبية، لإبعاد الشعوب عن قضية فلسطين.

غزة الجرح النازف.. إبادة جماعية في زمن الصمت والخذلان

في كلمته الأخيرة حول المستجدات، رسم السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي صورة قاتمة للوضع الإنساني في فلسطين، خصوصاً في قطاع غزة، الذي يعاني من حملة إبادة جماعية ممنهجة تُنفَّذ بأسلحة أمريكية وبمباركة دولية، الكلمة سلطت الضوء على الكارثة الإنسانية المتفاقمة، والتي تُظهر حجم الوحشية التي يمارسها الكيان الصهيوني، وتكشف عن تواطؤ القوى الكبرى في معاناة الشعب الفلسطيني.

إحصاءات الموت والإبادة

أشار السيد القائد إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يمارس منذ أكثر من عام إبادة جماعية مستمرة في قطاع غزة، حيث تجاوزت حصيلة العدوان 180,300 شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنسا، وفي أسبوعٍ واحد فقط، ارتُكبت أكثر من 25 مجزرة، راح ضحيتها نحو ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، ليؤكد الاحتلال عبر جرائمه اليومية أنه لا يستهدف فقط الأرض، بل حياة الفلسطينيين وهويتهم بالكامل.

أسلحة محرمة وجريمة بلا حدود

ما يفاقم الوضع هو استخدام الكيان الإسرائيلي أسلحة محرمة دولياً تُذيب الأجساد وتبخرها، كما أكد شهود عيان من داخل القطاع، هذه الأسلحة ليست فقط وسيلة للقتل، بل تجربة مفتوحة لوحشية التكنولوجيا العسكرية الأمريكية، التي تحول الفلسطينيين إلى حقول اختبار.

التجويع والتدمير الممنهج

إلى جانب القتل المباشر، يمارس الاحتلال سياسة التجويع والتدمير الشامل للبنى التحتية:

التجويع: كل سكان غزة تحولوا إلى نازحين بلا مأوى أو غذاء. أعلنت الأونروا وقف إدخال الإمدادات الغذائية بسبب الحصار الإسرائيلي، ما أدى إلى تفاقم المجاعة، فيما توقف المطبخ المركزي عن العمل بعد استهداف موظفيه.

تدمير المستشفيات: استهداف المنشآت الطبية بشكل مباشر يهدف إلى منع أي محاولة لإنقاذ أرواح المصابين، ما يُظهر سعي الاحتلال إلى إغلاق جميع أبواب النجاة أمام سكان غزة.

الاحتلال الإسرائيلي لا يكتفي بقتل البشر، بل يعتدي أيضاً على الهوية الثقافية والدينية للفلسطينيين:

هدم المساجد: دُمرت عشرات المساجد في غزة والضفة الغربية، في انتهاك صارخ لحرمة بيوت الله.

الاعتداء على المصاحف: الاحتلال يمزق ويحرق المصاحف علانية، في مشاهد مصورة تهدف إلى استفزاز مشاعر المسلمين.

منع الأذان: فرض حظر على رفع الأذان بمكبرات الصوت في معظم المناطق المحتلة، في محاولة لطمس الهوية الإسلامية للمكان.

كما أكد السيد القائد أن الاحتلال لا يفرق بين طفل وكبير، رجل أو امرأة، الجرائم تشمل الإبادة الجماعية للأسر بأكملها، واغتيال الأطفال أمام أعين ذويهم، وحتى استهداف الرضع والخُدَّج داخل المستشفيات. هذه الجرائم لا تعكس فقط وحشية الاحتلال، بل تكشف عن فكر عنصري يعتبر الفلسطينيين “غير بشريين”، كما يظهر في تصريحات المسؤولين الإسرائيليين وممارسات جنودهم.

الأخطر من هذه الجرائم هو الصمت الدولي الذي يرافقها، حيث أشار السيد القائد إلى أن الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني يتجاوز الأسلحة إلى الدعم السياسي الكامل، حيث تبارك واشنطن كل الجرائم، في الوقت الذي يُحاصر فيه أي صوت يدعم فلسطين.

ما يحدث في فلسطين ليس مجرد أزمة إنسانية، بل جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان. كما أوضح السيد عبد الملك الحوثي، فإن مسؤولية الأمة الإسلامية كبيرة، ولا مجال للصمت أو الحياد. غزة اليوم تقف في وجه طوفان القتل والتشريد، لتذكر العالم أن الاحتلال الإسرائيلي لا يستهدف الفلسطينيين وحدهم، بل يستهدف ضمير الإنسانية جمعاء.

فلسطين بين مطرقة العدوان وسندان الخذلان العربي

كما سلط السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي الضوء على أحد أكثر القضايا إلحاحاً وإثارةً للحزن والأسى، وهي الخذلان العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية. في الوقت الذي تتعرض فيه فلسطين، وخاصة غزة، لإبادة جماعية مروعة على يد الكيان الصهيوني المدعوم أمريكياً، تقف غالبية الأنظمة العربية والإسلامية موقف المتفرج، بل وتذهب بعض الدول إلى أبعد من ذلك في تقديم الدعم المباشر وغير المباشر للاحتلال.

السيد القائد أشار إلى حقيقة صادمة؛ معظم الأنظمة العربية اكتفت بالتصريحات الباهتة والبيانات الرمزية، دون أي خطوات عملية لدعم الشعب الفلسطيني، سواء بالمال أو السلاح أو حتى الكلمة المؤثرة.

المفارقة الكبرى تأتي من المقارنة بين مواقف دول أمريكا اللاتينية وبعض الأنظمة العربية فقد شهدنا خروج مظاهرات ضخمة في دول مثل فنزويلا والبرازيل دعماً لفلسطين، ليس فقط على مستوى الشعوب، بل أيضاً بمشاركة قيادات سياسية بارزة. الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو وصف القضية الفلسطينية بأنها “أعدل قضايا الإنسانية”، في مشهد يفضح عجز الأنظمة العربية.

في المقابل، شعوب العالم العربي مكبّلة بقيود الأنظمة التي تمنع حتى الحراك الشعبي. المظاهرات محدودة ومحاصرة، والأصوات الداعمة لفلسطين تُقمع بشكل ممنهج.

أوضح السيد القائد أن الأنظمة العربية لم تكتفِ بعدم التحرك لدعم فلسطين، بل عمدت إلى كبح أي تحركات شعبية تضامنية.

في حين تخرج الملايين في مظاهرات مستمرة في الغرب، من لندن إلى باريس، ومن سيدني إلى نيويورك، نجد أن العالم العربي يعاني من قمع أي مظاهر تضامن مع القضية الفلسطينية.

هذه القيود ليست مجرد أداة لإسكات الشعوب، بل هي جزء من استراتيجية تغييب القضية الفلسطينية عن الوعي العربي والإسلامي، وتحويلها إلى شأن بعيد لا يعني الشعوب.

الخذلان العربي بلغ ذروته مع قيام بعض الدول العربية بتقديم الدعم المباشر وغير المباشر للكيان الصهيون

أكد السيد القائد أن دولاً عربية كبرى تُصدر البضائع إلى إسرائيل بمعدلات تتجاوز دعمها للفلسطينيين، بل وتستورد منها أيضاً، مما يعكس مستوى عالياً من التطبيع الاقتصادي.

وبينما كان الشعب الفلسطيني في غزة يعاني من المجاعة بسبب الحصار، كانت الإمدادات الغذائية والبضائع من دول عربية تتدفق إلى الكيان المحتل، في مشهد يخلو من أي قيم إنسانية أو أخلاقية.

في ظل هذه الصورة المأساوية، يبقى السؤال: أين أمة الملياري مسلم؟ لماذا تكون فنزويلا أقرب إلى فلسطين من الدول المجاورة لها؟ كلمات السيد القائد كانت صرخة في وجه الخذلان، ودعوة للأمة الإسلامية كي تستيقظ من سباتها، وتتحمل مسؤولياتها تجاه فلسطين. ما يحدث اليوم ليس مجرد احتلال، بل مشروع إبادة، والوقوف مكتوفي الأيدي أمامه ليس خيانة لفلسطين فقط، بل خيانة لكل ما هو حق وعدل وإنسانية.

جبهات الإسناد: الكابوس الذي يلاحق المخطط

كما كشف السيد عبد الملك الحوثي الدور الحيوي الذي يلعبه محور المقاومة في كسر الحصار على غزة، بدءاً من العمليات المشتركة بين القوات المسلحة اليمنية والمقاومة العراقية، إلى الجهود البطولية لحزب الله في لبنان.

ففي جبهة اليمن تتواصل عمليات استهداف السفن الحربية والتجارية الأمريكية والاسرائيلية ومن له علاقة بدعم الكيان، بما يعكس الإرادة اليمنية  في مواصلة دعم فلسطين وقد بلغت السفن المستهدفة منذ بداية معركة ” الفتح الموعود والجهاد المقدس” إلى ٢١١ سفينة مرتبطة بالكيان الصهيوني وبداعميه.

وفي العراق تنفيذ عمليات دقيقة على حدود فلسطين المحتلة، ما يؤكد وحدة الهدف والمصير بين قوى المقاومة.

و في لبنان قدم حزب الله  التضحيات الكبيرة والتأثير الميداني المباشر، والذي بات شوكة في خاصرة الكيان الإسرائيلي.

رغم كل الجهود لإضعاف المقاومة، فإن محور الإسناد من اليمن والعراق ولبنان قلب المعادلة، وأثبت أن فلسطين ليست وحدها في المعركة.

إنها ليست مجرد معركة على غزة بل صراع وجود يحدد مستقبل الأمة المخطط الأمريكي الصهيوني واضح، لكنه ليس قدراً لا يرد. وحدة محور الجهاد و المقاومة، وتضحياته في مواجهة هذا المشروع، تعيد رسم خارطة الصراع.

المؤامرة على سوريا: تفكيك الأمة لصالح العدو

و في سياق الحديث عن التطورات في سوريا أشاد السيد عبد الملك إلى أهمية التجربة الجامعة في مواجهة عدو الأمة الرئيسي, والذي أظهر صورة من صور التعاون، والتكاتف، والتناصر، بين البعض من أبناء الأمة الإسلامية، في قضيةٍ إسلاميةٍ جامعة ومُجمَعٍ عليها، ولمواجهة عدوٌ هو عدو للمسلمين جميعاً، لا يُمَيِّز بين مذهبٍ وآخر، ويستهدف الجميع (سُنةً وشيعة)، وكل الفرق والمذاهب التي تنتمي للإسلام، هذا الموقف الجامع من بعض أبناء الأمة، في إطار هذا التوجه الجاد، كان مزعجاً جداً لأعداء هذه الأمة؛ لأن الاستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية هي في تفكيك أبناء هذه الأمة، وفي إغراقهم بالنزاعات، والأزمات، والمشاكل الداخلية؛ مما يتيح للعدو الإسرائيلي التفرد بمن يريد الاستفراد به، والقضاء عليه؛ حتى يُنجز مهمته بشكلٍ مريح، ثم ينتقل لخطوة تالية، وهكذا.

ويرى السيد القائد أن الفرقة والتناحر والتمزق بين أبناء الأمة يلهيها عن قضاياها المهمة، وعن عدوها الحقيقي، وعن المخاطر الحقيقية الكبرى التي تهددها، فالأعداء يبذلون جهدهم لتأجيج الصراعات في البلدان الإسلامية، في العالم العربي وفي غيره؛ حتى يتمَّ شطب فلسطين من دائرة الاهتمام..

ومن المؤسف في ظل هذه المرحلة المهمة، في ذروة الإجرام والاستهداف للشعب الفلسطيني، في ظل هذا التوقيت تتجه بعض الأنظمة، من كبريات الأنظمة في العالم الإسلامي، لتقديم عربون الطاعة لـ[ترامب]، ما قبل قدومه إلى البيت الأبيض، بإثارة الفتن بين أبناء الأمة، هذا شيءٌ محزن، وشيءٌ مؤسفٌ جداً! وتحت عناوين كان ينبغي أن توجَّه- حتى العناوين نفسها- لدعم ومناصرة الشعب الفلسطيني في مظلوميته الرهيبة، ومعاناته الكبيرة.

تحرير الشام أم تحرير فلسطين؟

أشار السيد القائد إلى التناقض الواضح في شعارات الجماعات التكفيرية ومن يقف وراءها, التي تدّعي أنها تسعى لتحرير الشام، بينما تغض الطرف عن فلسطين التي هي أقدس بقعة في الشام.

“يأتي عنوان [التحرير للشام]، [تحرير الشام]! أقدس بقعةٍ في الشام هي فلسطين، والمسجد الأقصى والقدس، لماذا لا يذهب من يتحرك تحت هذا العنوان، ومن حرَّكه، لتحرير فلسطين، التي لم تحظَ بالحُرِّيَّة والاستقلال منذ أكثر من مائة عام؟

أوليس الشعب الفلسطيني الأولى في الشام، بإنقاذه من ذلك الظلم والإجرام والتعدي؟! أوليست البقعة الفلسطينية، وهي من أقدس ما في الشام، بما فيها من المقدسات، وعلى رأسها المسجد الأقصى، بأولى بالتحرير، لمن يطلق عنوان التحرير؟!

لماذا تشطب كل هذه الاهتمامات، وتفتح صراعات هناك وهناك؟ لإلهاء الأمة من جهة، وإغراقها، وإشغالها حتى في المتابعة، في الاهتمام، وإثارة الانقسام الكبير بين أبنائها، هذا شيءٌ مؤسفٌ جداً!

من يرفع عنوان المواجهة للظلم: أيُّ ظلم أكبر من الظلم الذي يمارسه العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني؟! أبشع أنوع الظلم، أكبر الظلم، وأسوأ الظلم، والناس يشاهدون ويرون، هذا شيءٌ مؤسفٌ جداً! أكبر مظلوم هو الشعب الفلسطيني.

لمن يرفع عنوان التحرير، لمن يرفع عنوان الموقف الديني: تلك الجرائم، وتلك المحاربة للإسلام، العداء الصريح للإسلام، بإحراق القرآن الكريم، بالسب والإساءة لنبي الإسلام، بالإساءة والانتهاك لحرمات بيوت الله، وتدميرها، ونسفها، وانتهاك حرمة المسجد الأقصى.

رسالة السيد القائد: ضرورة الوعي والبصيرة

أكد السيد القائد أن المرحلة الحالية تتطلب من الأمة الإسلامية استعادة وعيها، والعودة إلى أولوياتها الحقيقية.

يا أبناء أمتنا- الأمة الإسلامية أحوج ما تكون إلى الوعي والبصيرة، من خلال القرآن الكريم، ومن خلال الوقائع والأحداث الكبيرة جداً، من أقلِّ الأمور أن يستفاد من هذه الوقائع والأحداث وعي وبصيرة، لا تكن الأمة حتى بالرغم من هذه الأحداث لا تستفيد لا وعياً، ولا بصيرةً، ولا تمييزاً، ولا فرزاً، وتبقى تلتبس عليها الأمور، والأولويات، والاهتمامات.

الأمريكي والإسرائيلي يريد لأمتنا أن تغرق في نزاعات داخلية، وصراعات داخلية، ومشاكل داخلية، ولاسيَّما إذا كانت تحت عناوين طائفية، فهو مما يسيل لعابه له، ويرتاح له جداً، ويبتهج به غاية الابتهاج، عندما يكون اتجاهك خارج الاهتمام بقضية فلسطين نهائياً، تُضرِب عنها، تشطبها من اهتماماتك، تتجه اتِّجاهاً مغايراً، هو اتجاه يريده الأمريكي، يشجِّع عليه، هل سيكون ذلك الاتجاه مرضياً لله؟

لن تجتمع مرضاة الله تعالى مع ما يرغب به الأمريكي والإسرائيلي، ويسعى له الأمريكي والإسرائيلي، لأن يكون سائداً في واقع أمتنا، من: الفرقة، والتناحر، والتنازع، والانشغال التام عن القضايا المهمة، وعن العدو الحقيقي.

ولــذلك من المهم لشعوبنا الإسلامية في البلدان العربية وغيرها أن تكون واعية، وأن تبقى أعينها مفتوحة تجاه الأحداث والوقائع، ويبقى اهتمامها مستمراً نحو القضية الفلسطينية، ألَّا تقبل لا بإلهائها، ولا بإبعادها، ولا بإشغالها عن القضية المهمة والأساسية، التي يجب أن تكون محط اهتمامها المستمر والدائم.

وأن تعي أنَّ الأمريكي والإسرائيلي كلٌّ منهما يسعى لصرف الاهتمام كلياً عن القضية الفلسطينية؛ بهدف تصفيتها في أجواء من الانشغال التام عنها، وفي ظل أيضاً فتح جبهات على كلِّ من يقف معها، أو يساند الشعب الفلسطيني، وهذا شيءٌ مهمٌ جداً.

أن الاستراتيجية الأمريكية والصهيونية تعتمد على تفكيك وحدة الأمة الإسلامية، وتوجيه بوصلتها بعيداً عن القضية الفلسطينية، من خلال إثارة النزاعات وإشغالها بصراعات داخلية تصب في مصلحة الاحتلال.

في الأخير .. المؤامرة على سوريا ليست معزولة عن الصراع الأوسع في المنطقة، استهدافها هو جزء من مخطط أكبر يهدف إلى تمكين الاحتلال الإسرائيلي من إحكام قبضته على المنطقة، وحدة الأمة، ووعيها بالمؤامرات المحيطة بها، هما السبيل الوحيد لإفشال هذه المخططات، وحماية محور المقاومة، وضمان استمرار القضية الفلسطينية كأولوية لا تقبل التأجيل.

قد يعجبك ايضا