الاحتلال الإماراتي يشيدُ قاعدةً جويةً في جزيرة “ميون” بباب المندب
Share
كشفت وكالةُ “أسوشيتد برس” الأمريكيةُ أن الاحتلالَ الإماراتي يقومُ بإنشاء قاعدة جوية سريَّةٍ على جزيرة “ميون” اليمنية ذات الموقع الاستراتيجي في البحر الأحمر، الأمر الذي يجدِّدُ الكشفَ عن طبيعة المطامع الجيوسياسية التي تقف وراء العدوان على اليمن، كما يؤكّـد إصرارَ أبو ظبي على الاستمرار بنشاطاتها العدائية في اليمن بعد إعلانها المزيَّف عن الانسحاب من اليمن، وهو ما قد يجعلها عُرضةً بشكل أكبر للردع اليمني الذي تحاول أن تتجنَّبَه.
وقال تقريرٌ نشرته الوكالة، أمس الثلاثاء، إنه “يجري بناءُ قاعدة جوية غامضة، على جزيرة ميون البُركانية التي تقعُ في واحدٍ من أَهَـمِّ المضائق البحرية في العالم لشحنات الطاقة والتجارة”، في إشارة إلى مضيق باب المندب الذي تطل عليه الجزيرة.
وَأَضَـافَ التقرير أنه بالرغم من عدم وجود أي إعلان رسمي حول القاعدة، إلا أن البصمات الإماراتية تظهر عليها؛ نظراً لأَنَّ حركة الملاحة الجوية ارتبطت منذ سنوات بمحاولات إماراتية لبناء مدرجٍ ضخمٍ في الجزيرة التي يبلُغُ طولها 5.6 كيلو متر.
ونقلت الوكالة الأمريكية عن “مسؤولين” عسكريين في حكومة المرتزِقة تأكيدَهم على أن الإمارات تقفُ وراء بناء القاعدة الجوية هناك، حَيثُ قالوا إنها نقلت أسلحةً ومعداتٍ عسكرية وقواتٍ إلى جزيرة ميون خلال الأسابيع الأخيرة.
وَأَضَـافَ المسؤولون المرتزِقة أن توترات حصلت بين الإمارات والفارِّ هادي؛ نتيجةَ مطالبة إماراتية بتوقيع اتّفاقية إيجار للجزيرة لمدة عشرين عاماً.
وبحسب التقريرِ، فقد قال “جيريمي بيني”، محرّر الشرق الأوسط في شركة جينس للمعلومات الاستخباراتية مفتوحة المصدر، والذي تابع أعمالَ البناء في ميون لسنوات: “يبدو أن هذا هدفٌ استراتيجيٌّ طويلُ المدى لتأسيس وجود دائم نسبيًّا”، وَأَضَـافَ “لا يتعلقُ الأمر فقط بحرب اليمن، يمكنُ رؤية حركة الشحن كأمرٍ أَسَاسي هنا”.
وحصلت “أسوشيتد برس” على صورٍ التقطت عبر الأقمار الصناعية في أبريل الفائت، تُظهِرُ وجودَ شاحنات تفريغ ومعدات بناء مَدْرَجٍ بطول 1.85 كيلو متر، وقالت إنه “بحلول 18 مايو، بدا أن هذا العمل قد اكتمل، حَيثُ تم تشييدُ ثلاثة حظائر على مدرج المطار جنوب المدرج مباشرة”، مشيرة إلى أن “مدرجاً بهذا الطول يمكن أن يستوعبَ طائراتٍ هجوميةً واستطلاعيةً وطائرات نقل”.
وأوضحت الوكالة أن “المدرج يسمحُ لمن يسيطر عليه بإبراز قوته في المضيق وشن غارات جوية بسهولة على البر الرئيسي لليمن، كما أنه يوفر قاعدةً لأية عمليات في البحر الأحمر وخليج عدن وشرق إفريقيا القريب”.
وأشَارَت إلى أن الإمارات بدأت بجهودِ وأعمال بناء هذه القاعدة منذ 2016، حَيثُ حاولت بناءَ مدرج يزيد طوله عن 3 كيلومترات، ما يسمح بتحَرّك أثقل القاذفاتِ عليه.
وكشفت الوكالةُ أن الأعمالَ في ذلك الوقت تمَّت بمساعدة “قاطرات مرتبطة بشركة Echo Cargo & Shipping LLC ومقرُّها دبي، ومراكب إنزال وناقلات من شركة Bin Nawi Marine Services LLC ومقرها أبو ظبي، حَيثُ تقوم الشركتان “بجلبِ المعدات إلى الجزيرة، وفقًا لإشارات التتبع التي سجلتها شركة البيانات Refinitiv، كما أن صورَ الأقمار الصناعية أظهرت أنه تم إفراغُ المعدات والمركبات في ميناء مؤقت على شاطئ البحر.
وأوضحت الوكالة أن الأعمالَ توقفت بعد ذلك في عام 2017 “عندما أدرك المهندسون أنهم لا يستطيعون الحفرَ في جزءٍ من المعالم الصخرية للجزيرة البركانية لدمج موقعِ المدرج القديم للجزيرة”، ثم تم استئنافُ العمل “بشكل جدي على المدرج الجديد في 22 فبراير تقريبًا، كما تُظهِرُ صورُ الأقمار الصناعية، بعد عدة أسابيعَ من إعلان الرئيس جو بايدن أنه سينهي دعمَ الولايات المتحدة للسعوديّة”.
ويكشفُ هذا جانباً من كواليس الإعلان الأمريكي المزيَّف عن “وقف الدعم”، حَيثُ يبدو الآن من الواضح أن الولايات المتحدة أرادت توفيرَ غطاء “سلام” لتصعيد التحَرّكات العدوانية.
لكن الإنشاءات الأخيرة في الجزيرة جاءت أكثرَ سرية، حَيثُ تقول الوكالة: إن “بياناتِ الشحن الأخيرة لم تظهر وجودَ أية سفن مسجَّلة حول ميون، مما يشير إلى أن كُـلَّ من قدم وسيلةَ النقل البحري مؤخّراً قام بإيقاف تشغيل أجهزة تتبع نظام التعرف التلقائي على قواربهم لتجنب تحديد هُــوِيَّتهم”.
وقالت الوكالة: إن القرارَ الإماراتيَّ باستئناف بناء القاعدة الجوية يأتي “بعد أن فكّكت الإمارات أجزاءً من منشأة عسكرية كانت تديرُها في دولة إريتريا الواقعة في شرق إفريقيا كنقطةِ انطلاق لحملتها في اليمن”.
وكانت قناة “الجزيرة” قد بثت في مارس الماضي تحقيقاً استقصائياً تضمَّنُ صُوَرَ أقمار صناعية تُظهِرُ تفكيكَ الإمارات لقاعدة “عصب” العسكرية في إريتريا، بالتزامن مع إنشاءات عسكرية في جزيرة ميون.
ونقل تقرير “أسوشيتد برس” عن إلينورا أرديماغني، المحللة في المعهد الإيطالي للدراسات، قولها إنه “في حين أن القرنَ الأفريقي أصبح مكانًا خطيرًا” للإماراتيين؛ بسَببِ المنافسين ومخاطر الحرب المحلية، فَـإنَّ ميون بها عددٌ قليلٌ من السكان وتوفر موقعًا قَيِّمًا لمراقبة البحر الأحمر”.
وأضافت أرديماغني: “لقد تحول الإماراتيون من سياسة خارجية لاستعراض القوة إلى سياسة خارجية لحماية القوة، حَيثُ تعملُ القاعدة على زيادة القدرة على مراقبة ما يحدث ومنع التهديدات المحتملة”.
وأوضحت الوكالة أن القاعدة الجوية التي تنشئُها الإمارات في جزيرة ميون، قد تكون “موضعَ اهتمام للقوات الأمريكية”، مشيرة إلى أن القواتِ الأمريكيةَ قد عملت من قاعدة العند الجوية وشنت حملةً من الهجمات لصالح تحالف العدوان، وأن الولايات المتحدة أقرَّت بأن قواتها على الأرض “دعمت التحالف الذي تقوده السعوديّة حول المكلا في عام 2016، كما أن القواتِ الخَاصَّةَ والطائراتِ بدون طيار قد شنت غاراتٍ على البلاد”.
وقالت الوكالة: إن القيادة المركزية الأمريكية والاستخبارات المركزية رفضتا التعليقَ على ما يحدث في جزيرة ميون، كما رفض الإماراتيون التعليقَ أَيْـضاً.
وتعزز هذه المعلوماتُ التي كشفتها “أسوشيتد برس” العديدَ من الدلائل على حقيقة الأطماع الجيوسياسية التي سعت الإماراتُ بشكل أَسَاسي لتأمينها من وراء العدوان، حَيثُ ركّزت أبو ظبي منذ البداية على السواحل والموانئ والجزر اليمنية، ولا زالت تواصلُ هذا المسارَ بوضوح، حتى بعد إعلان “انسحاب” قواتها من اليمن، وهو الإعلانُ الذي جاء فقط كمحاولةٍ لتجنب ضربات الردع اليمنية.
وقد يتسبب استمرارُ الإمارات بتحَرُّكاتها العدوانية في اليمن وتصعيدِ نشاطاتها الاستعمارية، بردودٍ عسكريةٍ يمنيةٍ مؤلمةٍ، خُصُوصاً وأن القوات المسلحة كانت قد وجّهت إنذاراتٍ واضحةً للنظام الإماراتي بهذا الخصوص.
وفي ديسمبر 2019، قال وزيرُ الدفاع اللواء الركن محمد ناصر العاطفي في حوار مع صحيفة المسيرة: إن “القواتِ المسلحةَ لا زالت عند وعيدها للعدو الإماراتي، ونرصُدُ عن كَثَبٍ نشاطَه التآمري في جنوب وشرق اليمن وفي الساحل الغربي والجرز اليمنية المحتلّة من سقطرى إلى جزر حنيش وزُقَر وميون”.