الاحتلال الإسرائيلي يدمر مُعدّات البحث عن شهداء.. حقدٌ يطال الفلسطيني حيًّا وميتًا

فيما لا يُفهم إلا في سياق الحقد الإسرائيلي الأعمى على كل فلسطيني بقي على أرضه أو حتى صار تحت ترابها شهيدًا، أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي -فجر الثلاثاء- على استهداف وتدمير ممنهج للجرافات والمعدات المستخدمة في الإنقاذ وانتشال الجثامين في قطاع غزة، وذلك في عدة مناطق داخل القطاع.

ففي أسابيع الهدنة القليلة تمكنت عدة جرافات ومعدات ثقيلة من الدخول إلى قطاع غزة بهدف العمل على إزالة ركام الأبنية المتهدمة، وانتشال جثامين الشهداء الذين يزيد عددهم -وفق تقديرات وزارة الصحة الفلسطينية- عن 11 ألف مفقود، علمًا بأن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها استهداف الجرافات والمعدات الثقيلة ومخازن البلديات ووزارة الأشغال العامة.

وأفاد مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” أن طائرات الاحتلال شنت غارات مكثفة فجر اليوم استهدفت العديد من الجرافات والآليات التابعة للبلدية ولشركات خاصة ومواطنين في مختلف أرجاء قطاع غزة ودمرتها وأحرقتها بالكامل.

تدمير ممنهج

وتنوعت الآليات المستهدفة بين جرافات وكباشات وسيارات صهريج وغيرها من المعدات التي لا تُستخدم إلا في أعمال البلديات بعيدًا حتى عن أي استخدامات أخرى يتذرع الاحتلال بأنه يمكن أن تمثل تهديدًا عسكريًّا له، لا سيما وأنها كانت أقل بكثير من أن تغطي الاحتياجات الإنسانية داخل القطاع المدمر.

وتركز القصف الإسرائيلي على عدد من الجرافات والآليات الثقيلة، التابعة للشركات المصرية والتابعة للبلديات، في مقر بلدية جباليا النزلة شمال القطاع، وكذلك التابعة للبلديات، في خان يونس جنوب قطاع غزة، كما عادت الطائرات الإسرائيلية ذاتها لتقصف مجموعة أخرى من الجرافات والآليات في شارع الثلاثيني بحي “الصبرة” جنوب مدينة غزة، وهي تعود لإحدى العائلات في الحي.

وقالت مصادر من داخل البلدية إن الآليات التي استهدفتها طائرات الاحتلال في كراج بلدية جباليا النزلة تنوعت على النحو التالي:

-5 جرافات CAT 950B (مصري).

-3 جرافات CAT 950E (مصري).

– جرافة من نوع CAT 972 (مصري).

– جرافة من نوع CAT 950 E ( غزة) .

– سيارة صهريج نقل مياه محلاة من نوع Iveco.

– سيارة كاسحة مجاري من نوع Volvo.

– سيارة صهريج نقل سولار.

– تراكتور جمع نفايات.

– سيارة ضاغطة مجاري.

أما الآليات التي دمرها الاحتلال في خان يونس، فكانت على النحو التالي:

– كباشات 3 وعدد 1 باقر لشركة لودر.

– كباشات مصرية عدد 3.

هذا بالإضافة إلى 3 جرافات تابعة لشركة صبرة في شارع الثلاثيني.

تعميق المعاناة

وتعقيبًا على هذه الجريمة قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن استهداف الاحتلال مقار البلديات وقصف معدات للإنقاذ إمعان إجرامي في حرب الإبادة في غزة وتدمير الاحتلال لمعدات بينها 9 جرافات أدخلت من مصر تعبير عن تنكر الاحتلال لالتزاماته.

وأكدت الحركة في تصريح صحفي اليوم، أن ما أقدم عليه الاحتلال استمرار لسياسة الاحتلال الفاشي في تعميق معاناة شعبنا في غزة، وتدمير وسائل ومقومات الحياة المدنية فيه.

وأضافت: “يُعَدُّ تدمير الاحتلال لمعدات مدنية مُخصَّصة لإغاثة وإنقاذ المدنيين ومحاولة التخفيف من معاناتهم، بينها تسع من الجرافات التي تم إدخالها من مصر إلى غزة ضمن اتفاق وقف إطلاق النار الأخير الذي انتهكه الإرهابي نتنياهو؛ تأكيدٌ لطبيعة هذا الكيان المجرم المتحلل من كل القواعد الأخلاقية، وتعبير عن تنكّر حكومة الاحتلال الفاشي لالتزاماتها”.

وتابعت الحركة “جرائم التدمير الممنهج لوسائل الحياة والمرافق المدنية في قطاع غزة، لن تنجح في دفع شعبنا للاستسلام لمخططات التهجير الخبيثة، أو تفلح في ثنيه عن التمسّك بأرضه، وإصراره وأبنائه في المقاومة الباسلة على التصدي للعدوان وكسره، والوصول إلى حقوقنا المشروعة بالحرّية وتقرير المصير”.

استخدامات إنسانية

بدورها استنكرت المديرية العامة للدفاع المدني في قطاع غزة بشدة تدمير الاحتلال الإسرائيلي لهذه الآليات مؤكدة أنها استخدمت الكباشات بالتعاون مع البلديات في المهمات الإنسانية لإزالة الركام و إنقاذ الجرحى وانتشال الشهداء.

وقال د. محمد المغير مدير الإمداد والتجهيز في الدفاع المدني إن الكباشات التسعة تم إدخالها عبر اللجنة القطرية المصرية على دفعتين خلال فترة وقف إطلاق النار الأخيرة؛ مضيفًا أن طواقم الدفاع المدني استخدمت الكباشات في انتشال جثامين ورفات الشهداء من تحت الأنقاض وفي عمليات فتح الطرق لتحسين سرعة الاستجابة بمحافظتي رفح وخان يونس.

وتابع المغير أن بلديات محافظة الشمال استفادت من تلك البلديات في تسوية الأراضي لإنشاء مخيمات إيواء النازحين، وفي عمليات نقل جثامين الشهداء من المقابر الجماعية في محيط مستشفى كمال عدوان.

وأعرب د. المغير عن استهجانه لاستهداف هذه المعدات والكباشات التي لم تستخدم إلا في العمل الخدماتي والإنساني، مشيرًا إلى أنه جرى سابقًا التوافق مع اللجنة القطرية المصرية على مكان مبيت الكباشات داخل كراج بلدية جباليا النزلة، وتم تزويدها بإحداثيات المكان، مؤكدًا أنها منطقة لم يعلن الاحتلال الإسرائيلي بأنها منطقة إخلاء أو عسكرية خطرة.

وشدد على أن استهداف الاحتلال الإسرائيلي لهذه الكباشات وكباشات تتبع لبلديات أخرى مخالفة صريحة للملحق الإضافي لعام 1977 الخاص بأجهزة التدخل الإنساني الخاص بحماية معدات ومركبات الدفاع المدني.

إخفاء آثار الجريمة

ومن جهته، أدان المركز الفلسطيني للمفقودين والمخفيين قسرًا بأشد العبارات جريمة تدمير الجرافات والمعدات الثقيلة، مشيرة إلى أن هذا الاستهداف المتعمد يأتي رغم المناشدات المتكررة التي وجهتها جهات محلية ودولية، بما فيها مناشدة أطلقها المركز خلال الأيام الماضية للمجتمع الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة من أجل إدخال تلك المعدات إلى القطاع المحاصر للمساعدة في انتشال جثامين الأطفال المفقودين تحت الأنقاض.

وأكد المركز الحقوقي أن هذا الاستهداف المتعمد للمعدات القليلة المتبقية في قطاع غزة، بعد استهداف العشرات منها طوال الأشهر الماضية، يؤكد سياسة الاحتلال الممنهجة في إخفاء آثار جرائمه وطمس الأدلة، ويمثل استمرارا مباشرا لجريمة الإخفاء القسري التي تُمارس بحق آلاف المفقودين والمفقودات من الأطفال والنساء وكبار السن، الذين لا تزال جثامينهم تحت الأنقاض منذ أسابيع طويلة دون أن تتاح لذويهم فرصة دفنهم أو حتى معرفة مصيرهم.

وشدد على أن استهداف أدوات الإنقاذ هو استهداف مباشر للحق في الحياة والكرامة والعدالة، ويشكل جريمة حرب مكتملة الأركان بموجب القانون الدولي الإنساني، ويضاف إلى سجل الاحتلال الحافل بالجرائم والانتهاكات ضد المدنيين في قطاع غزة.

مسؤولية المجتمع الدولي

وحذر المركز من أن هذا الفعل الإجرامي يضع المجتمع الدولي، وهيئات الأمم المتحدة، أمام مسؤولية قانونية وأخلاقية عاجلة، مطالبًا بتوفير حماية فورية لفرق الإنقاذ والمتطوعين والمعدات المخصصة لانتشال الجثامين.

وشدد على ضرورة الضغط على الاحتلال لفتح ممرات آمنة لإدخال معدات الإنقاذ الثقيلة دون تأخير مع فرق متخصصة في الإنقاذ وتشخيص هوية الضحايا.

وقال المركز: “إن الموت تحت الركام جريمة، لكن منع الوصول إلى الجثامين جريمة أشد قسوة ووحشية، مجددا مطالبته بإرسال بعثة دولية مختصة لتقصي الحقائق حول مصير المفقودين والمخفيين قسرًا في قطاع غزة”.

يأتي هذا بينما لم يكد الفلسطينيون في قطاع غزة يتنفسون الصعداء عقب توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في التاسع عشر من يناير/كانون أول الماضي، وبدأو بمحاولة تسيير حياتهم والبحث عن مفقوديهم بأقل الإمكانات، حتى باغتهم الاحتلال بعد أقل من شهرين بعودة استئناف العدوان من خلال القتل المباشر والتجويع الكامل.

وفيما لا يزال الآلاف يبحثون عن جثامين ذويهم المفقودة تحت الركام، ولا تسعفهم الآلات التي دخلت خلال فترة الهدنة لقلة عددها، إذ بآلة الحرب الإسرائيلية تزيد المشهد قتامة بعودة القصف من جديد ليزداد عدد المفقودين كل يوم ويستمر انتظار الأهالي للحظة يمكنهم فيها استخراج جثامين شهدائهم حال بقاء شيء منها.

قد يعجبك ايضا