أطلق نُشطاءُ يمنيون، مساء الأحد، حملةً واسعةً؛ للمطالبة بإيقاف عملية نهب إيرادات النفط والغاز، من قبل تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي ومرتزِقته، وإعادتِها لخزينة الدولة لصرف مرتبات موظفي الدولة، وهو المِـــلَفُّ الرئيسي على طاولة التهدئة حَـاليًّا، والذي تؤكّـدُ صنعاءُ أن عدمَ الوصول إلى اتّفاق واضح بشأنه سيكتبُ نهايةً سلبيةً للهُدنة، خُصُوصاً وأن المبالغَ التي تُنهب من مبيعات النفط والغاز منذ سنوات تكفي لتغطية فاتورة المرتبات وتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي، فضلاً عن كونها ثروة سيادية لا يمكن التغاضي عنها.
بالأرقام: أكبرُ عملية نهب للإيرادات في تأريخ البلد
وكشف وزير النفط والمعادن بحكومة الإنقاذ، أحمد دارس، لـ “المسيرة”، أن إيرادات النفط المنهوبة منذ العام 2018 وحتى شهر يوليو الفائت، تجاوزت تسعةَ مليارات وقرابةَ 500 مليون دولار، علماً بأن الجزء الأكبر من هذا المبلغ ذهب إلى بنوك خارجية منها البنك الأهلي السعوديّ، فيما توزع جزء منه على حسابات شخصية لقيادات المرتزِقة بحسب ما كشفت تقارير وتحقيقات صحفية سابقة.
وأوضح وزيرُ النفط أن إجمالي ما تم نهبُه خلال العام 2018 وحده تجاوز 18 مليوناً و80 ألف برميلٍ من النفط الخام، بقيمة مليار و301 مليون دولار، بمتوسط سعر 72 دولاراً للبرميل.
وخلال العام 2019، نهب تحالُفُ العدوان ومرتزِقته أكثر من 29 مليوناً و692 ألف برميلٍ بقيمة مليارين و300 مليون دولار بمتوسط سعر 77 دولاراً للبرميل، فيما تم خلال العام 2021 نهب أكثر من 31 مليوناً و627 ألف برميلٍ بقيمة مليارين و24 مليوناً و149 ألف دولار.
وَمنذ يناير الماضي إلى نهاية يوليو المنصرم تجاوزت الكمية المنهوبة 19 مليوناً و141 ألف برميل بقيمة مليار و722 مليون دولار.
ويتم نهبُ مبالغَ إضافية طائلة من مبيعات الغاز التي كشفت عدة تقارير وتحقيقات سابقة أنها تذهب إلى حسابات خَاصَّة وشركات صرافة تابعة لقيادات في سلطة المرتزِقة وخَاصَّة في مأرب.
وكان تحقيق أجرته “المسيرة” مؤخّراً كشف أن إيرادات النفط والغاز التي تم نهبها منذ يناير الماضي فقط، تجاوزت 1.2 ترليون ريال، وهو ما يكفي لتغطيةِ مرتبات موظفي الدولة لأكثر من عام ونصف عام.
وكشف التحقيقُ أن تحالُفَ العدوان ومرتزِقته نهبوا منذ بداية الهُدنة (مطلع أبريل الفائت) أكثرَ من 689 مليار ريال، وهو ما يعادلُ مرتبات موظفي الدولة لتسعة أشهر.
وتمثل هذه الأرقامُ أكبرَ عملية نهب للإيرادات شهدتها اليمن على الإطلاق، علماً بأن ميزانيةَ الدولة كانت تعتمد بشكل أَسَاسي على عائدات النفط والغاز، بما في ذلك فاتورة مرتبات موظفي الدولة.
وتعبر هذه الأرقام الصادمة بوضوح عن حجمِ انحياز الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لتحالف العدوان ومرتزِقته، في رؤيتهم للأزمة الإنسانية في اليمن حَيثُ يتعمدون تجاهل هذه الأرقام، وبالمقابل، يركزون على عائداتِ ميناء الحديدة التي تكاد لا تذكر بالمقارنة مع إيرادات النفط والغاز.
وأكّـد المشاركون في الحملة المطالِبة بوقفِ نهب الإيرادات، أن الطريقَ لمعالجة المِلف الإنساني وإنهاء مشكلة المرتبات واضح، ويتمثلُ باستعادة عائدات النفط والغاز وتمكين الشعب منها، مشيرين إلى أن محاولة الالتفاف على هذا المطلب تمثل إصرارا واضحًا على إطالة أمد معاناة اليمنيين.
الشركاتُ الأجنبيةُ متورطة في نهب ثروات اليمن
وزير النفط والغاز أكّـد لـ “المسيرة” أن صنعاءَ تمتلكُ تفاصيلَ إنتاج النفط والغاز في كُـلّ قطاع من القطاعات الـ12 المنتجة منذ عام 2018، مُشيراً إلى أن الكميةَ المنهوبة من النفط الخام منذ عام 2018 حتى يوليو الماضي، بلغت 130 مليوناً و41 ألفاً و500 برميل.
وتقوم حكومةُ المرتزِقةِ بتصدير الملايين من براميل النفط الخام بشكل دوري عبر سفن عملاقة من ميناءَي المشيمة والضبة بالتعاون مع شركات أجنبية وبإشراف من دول تحالف العدوان.
وأكّـد الوزيرُ دارس أن العديدَ من الشركات الأجنبية عقدت اتّفاقاتٍ غيرَ قانونية للتلاعُب بعملية بيع وشراء وإنتاج النفط ومن تلك الشركات “”Schlumberger و”Total”.
وأوضح أن صنعاءَ أرسلت مذكراتٍ للشركات وطالبتها بالالتزام بالاتّفاقيات الدولية التي وقّعتها والتي تَنُصُّ على “تسمية البنك المركزي في صنعاء بعينه كجهة وحيدة مخولة لتوريد إيرادات النفط والغاز” مؤكّـداً أنه لن يتم الاعتراف بالمخالفات، و”سيتم التعامل معها بحزم”.
وَأَضَـافَ أن: “الشركاتِ التي اتفقت مع العدوان تتحمَّلُ كاملَ المسؤولية عن التورط في نهب ثروة اليمن ولن تكون بعيدةً عن المحاسبة”، مُشيراً إلى أن “القانون الدولي يحظر على أية دولة التدخل في أيٍّ من شؤون إنتاج واستثمار النفط أَو الثروة في أية دولة أُخرى”.
وكان رئيسُ الوفد الوطني محمد عبد السلام، قد حذّر مؤخّراً الشركاتِ الأجنبية المتورطة بنهب النفط والغاز من أنها ستكون عرضة للاستهداف بعد الهُدنة.
ولا تقتصر مخالفاتُ الشركات الأجنبية على مساعدة تحالف العدوان ومرتزِقته في تهريب النفط ونهب إيراداته، بل تتجاوز ذلك إلى التلاعب بعملية الإنتاج والتنقيب، حَيثُ كشف تحقيق أجرته “المسيرة” مؤخّراً أنه يتم توسيع العمل في الحقول والآبار النفطية بشكل غير مدروس لنهب كميات أكبر.
على طاولة الهُدنة
وكانت صنعاء قد أعلنت عن مبادرةٍ لصرف المرتبات تتضمَّنُ إيداعَ إيرادات ميناء الحديدة في حسابٍ خاصٍّ بالرواتب، على أن يقومَ تحالُفُ العدوان ومرتزِقتُه بتغطية العجزِ من عائدات النفط والغاز، لكن العدوّ رفض، فيما استمرت صنعاءُ بإيداع إيرادات الميناء والتي لا تكفي إلا لصرفِ نصف مرتَّب بشكل غير منتظم، خُصُوصاً في ظل الحصار المفروض على الميناء.
وجدَّدت صنعاءُ طرحَ هذه المبادرة خلال الهُدنة لكن تحالُفَ العدوان رفض التجاوُبَ معها، في إصرار واضح على استمرار نهب إيرادات النفط والغاز.
وأعلن وزيرُ النفط أن “صنعاءَ على استعداد لصرفِ المرتبات بالكامل من إيرادات النفط والغاز في حالِ توريدِها إلى البنك المركَزي في العاصمة”.
وتأتي حملةُ التنديدِ بوقفِ نهبِ إيرادات النفط والغاز في الوقت الذي يتصدر فيه مِلف المرتبات واجهة المشهد، بعد أن أعلنت صنعاءُ أنها لن توافق على استمرار الهُدنة بدون الوصول إلى اتّفاق واضح يتضمن رفع الحصار وإقرار آلية لصرف رواتب موظفي الدولة بشكل منتظم من إيرادات النفط والغاز، وهو الأمر الذي كان المبعوث الأممي إلى اليمن قد تعهد بالعمل على تحقيقه خلال فترة التمديد الحالية، غير أن المؤشراتِ على الواقع غيرُ مبشّرة، إذ لا زال تحالف العدوان يواصل نهبَ الإيرادات والترتيب للمزيد من الصفقات مع الشركات الأجنبية برعاية أمريكية.
وتوعدت صنعاءُ بالذهاب إلى تصعيد عسكري واسع وغير مسبوق إذَا انتهت فترةَ التمديد الحالية بدون التوصل لاتّفاق واسع يضمن صرف المرتبات من إيرادات البلد، ويعالج بقية جوانب المِلف الإنساني.