الإمام زيد عليه السلام روح الإرادة الإنسانية وشعار البصيرة ثم الجهاد…بقلم/محمد علي الذيفاني
لم يكن الإمام زيد عليه السلام مجرد ثائر على الظلم والطغيان بل كان إلى جانب ذلك عالما زاهدا مرتبطا بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم حق الارتباط وحليفا صادقا للقرآن
وعلما من أعلام الأمة الإسلامية ورمزا من رموزها الذين خلدهم التاريخ الإسلامي في أنصع صفحاته المشرقة..
لقد أدرك الأمام زيد أهمية الجانب الثقافي وأهمية إحياء مبادئ وقيم الدين الإسلامي وفق النهج القرآني في نفوس مقاتليه وفي نفوس أبناء المجتمع الإسلامي، ولعل في عبارته المشهورة التي ظل يرددها مخاطبا من بايعوه وثاروا معه على الطغيان بقوله: “البصيرة البصيرة ثم الجهاد ” الكثير من المعاني والدلالات التي تؤكد حرصه الشديد على ضرورة وأهمية إدراك ووعي وبصيرة أبناء الأمة الإسلامية بحقيقة الأمور وقدرتهم على التفريق بين الحق والباطل قبل انطلاقهم إلى ميادين الجهاد والرفض والمقاومة للطغيان والتصدي لكل مؤامرات ومخططات أعداء الإسلام وأعمالهم الهادفة إلى التضليل والتدجين وحرف الأمة عن النهج القرآني.
وفي سبيل العمل على تطبيق ذلك المبدأ بالثورة العملية في وجه الطغيان تحرك الإمام زيد عليه السلام إلى العراق ووصل إلى الكوفة بكل قوة وعزيمة وبروحية عظيمة يستنهض الأمة من واقعها المؤلم والمرير حيث كانت تعيش حالة من الجمود والرضوخ والإذعان والتقاعس الكبير والخطير عن القيام بمسؤولياتها الدينية في نصرة الحق والوقوف في وجه الباطل، قائلاً: “والله ما كره قوم قط حر السيوف إلا ذلوا”.. وبتلك الروحية والعزيمة العظيمة جدد في نفوس أبناء الأمة عزيمة النهوض من واقع الاستكانة والخضوع والإذعان للطغيان والظلم ولصولات وجولات الباطل، لتتجه الأمة نحو واقع العزة كأمة مسلمة أعزها الله بدين الإسلام.. وظل الإمام زيد بن علي عليه السلام إمام الجهاد وحليف القرآن يواصل تحركه العظيم مستنهضاً روح التضحية والإباء والعزة ورفض الخنوع والخضوع والاستسلام للظلم والطغيان حتى قدر له أن يرتقي شهيدا كما ارتقى جده الإمام الحسين وجده الإمام علي عليهم السلام.
وبذلك يكون الإمام زيد قد قدم بثورته وموقفه الرافض للخنوع وباستشهاده درسا تاريخيا للأجيال المتعاقبة مفاده أن السكوت والاستكانة للطغاة والظالمين أمور لا تليق بمن يعشقون الشهادة وبتلك الروحية العظيمة وتلك الشجاعة والإقدام والحب للتضحية والاستشهاد في سبيل الله أحيا الإمام زيد عليه السلام في قلوب ونفوس المؤمنين الصادقين مشاعر الرفض للطغيان والانقياد والخنوع والاستسلام لدعاة الباطل والاستمرار في مقاومة ومقارعة الظالمين من خلال الاستنارة بهديه والسير على نهجه المتوقد بعزيمة الجهاد والبذل والتضحية في سبيل نصرة الحق وإعلاء رايته وإزهاق الباطل وكسر شوكته..
ذلك النهج الذي يقتفي أثره ويسير وفقا لمبادئه علم الهدى السيد عبدالملك بدر الدين ويعمل على تطبيقه في قيادة أبناء شعبنا اليمني وتعزيز صموده في وجه قوى الطغيان والعدوان الغاشم على بلادنا بوعي وبصيرة وتحرك واندفاع إلى ميادين الجهاد والنضال متسلحين بالوعي والبصيرة التي هي مشكاة لطريق النصر ومنارة لصناعة مستقبل اليمن المتحرر من الوصاية والهيمنة لطغاة العصر أمريكا وإسرائيل والأنظمة العميلة والتابعة لهم في المنطقة العربية وفي مقدمتها النظام السعودي والإماراتي.
وفي ظل استمرار ذلك العدوان والحصار المفروض على شعبنا ما أحوجنا اليوم إلى التطبيق العملي لذلك المبدأ والعمل بتلك الوصية وامتلاك نور الهدى والوعي والبصيرة التي دعانا إليها الإمام زيد عليه السلام وتجسيدها كمنهج عمل في واقع حياتنا وفي سلوكنا وتحركنا وانطلاقنا إلى ميادين المقاومة والتصدي والإفشال لمخططات أعداء اليوم من الصهاينة والأمريكان ومرتزقتهم وعملائهم الذين يريدون طمس الهوية الإيمانية وتدجين أبناء الأمة الإسلامية والانحراف بها عن مسارها الصحيح.
وما أحوجنا إلى أن نتذكر وباستمرار كلمته العظيمة الحكيمة المشهورة “البصيرة البصيرة” وهي دلالة على حرصه الكبير على أن تكون الأمة متحلية ومتسلحة أولا بالوعي والعلم والمعرفة ومن ثم التحلي والتسلح بعزيمة وحب وعشق الجهاد والشهادة في سبيل الله.. وهذا ما أشار إليه السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله بقوله:” الأمة أول ما تحتاج إليه دائماً هو الوعي والبصيرة لأن مشكلة الأمة أول ما تكون هي في هذه المسألة بالذات، الأمة أول ما تخسره وأخطر ما تخسره هو الوعي، الوعي والبصيرة، إذا فقدت الوعي والبصيرة أمكن أن تُدجن، أمكن لها أن تُخدع، أمكن لها أن تضل، أمكن لها أن تستعبد بفكرة وأن تقيدها فتوى خاطئة وأن تكبلها فكرة ضالة، فكرة ضالة تمثل حالة من القيود التي تجعل الكثير من الناس يسكتون ويستكينون ويتعطلون عن النهوض بالمسؤولية”.