الإعلامي هاشم شرف الدين يكتب عن : قائدٌ للأُمَّـة فوقَ الكلماتِ والأفعال
Share
بسرعةٍ وكثافة تتوالى الأحداثُ الكبيرة التي يمرُ بها شعبُنا اليمني العزيز وشعوبُ أمتنا العربية، بما يبدو وكأنهما إزاء إرهاصاتٍ لمرحلةٍ مختلفةٍ تماماً باتت وشيكةَ البدء، مِن لوازمِها اكتمالُ حالةِ الفرزِ في الأُمَّــة لتكونَ أمامَ صورةٍ شديدةِ الوضوح تبيّنُ الشعوبَ حيّةَ الضميرِ والشخصياتِ القويةَ الصادقةَ الجديرةَ بقيادةِ الأُمَّــة والقادرةَ على إدارة الصراعِ لمواجهةِ الاستعلاء الفرعوني المتصاعدِ اليوم المتمثّلِ بالتوحشِ الأمريكي الإسرائيلي الغربي عليها، المصحوبِ بخذلانٍ واضحٍ غيرِ مسبوق للشعبٍ الفلسطيني العربي المسلم والأرض العربيةِ المحتلّة، وتواطؤٍ مكشوفٍ بلا حياء من بعضِ الحكامِ العربِ بغرضِ تصفيةِ القضيةِ الفلسطينية.
لا أتجاوزُ الحدّ إن قلت إنَ حالةَ الفرزِ شديدةَ الوضوحِ هذه تتم بتهيئةٍ إلهية ـ ليس هذا ما أريد طرحُه الآن ـ لكني أجزم أن ما يحدثُ اليومَ يُبيّن للأُمَّـة ما ذكرتُه وهو (الشعوبُ الحيّةُ والقادةُ الحقيقيون)، وسأركّز هنا على القادة، إذ أنهم من يصنعون التغييرَ في الشعوبِ عندما يقودونها بشجاعةٍ وحكمةٍ ضدَ الأعداء وينهضونَ بها في كافةِ المجالات.
وفي هذا الإطار أقول، إنه ليس من قَبيلِ الصُدفةِ أن تأتيَ يومَنا هذا كلمةُ قائدِ الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي ـ يحفظه الله تعالى ـ بعد ثلاثةِ أَيَّـام من كلماتِ زعماءِ (57) دولةً خلالَ مؤتمرِ قمةٍ طارئٍ للدولِ العربيةِ والمسلمةِ في مدينةِ الرياض، خُصّص للتضامنِ مع الشعبِ الفلسطيني من دونِ أن يخرجَ بتضامنٍ عملي.
وليس من قَبيلِ الصدفةِ أن تأتيَ كلمتُه اليومَ بمناسبةِ تدشينِ فعالياتِ الذكرى السنويةِ للشهيدِ بعد تدشينِ موسمِ الترفيهِ الماجنِ في الرياض.
وليس من قَبيلِ الصدفةِ أن يتمَ ذلك خلالَ العدوانِ الوحشي الإسرائيلي الأمريكي على الشعبِ الفلسطيني في غزة.
وليس من قبيلِ الصدفةِ أن تأتيَ كلمتُه اليومَ بعدَ أن لَفَتَ أحرار الأُمَّــة والعالمِ كلِه بموقفِه الشجاعِ المدافعِ عن الشعبِ الفلسطيني ضدَ الكيانِ الإسرائيلي، فيبقى الجميعُ في ترقبٍ لإطلالتِه وما سيقوله.
إنها مقتضياتُ اكتمالِ حالةِ الفرزِ التي حدّثتكم عنها تجري بعنايةٍ إلهية كما أرى؛ لذا دعونا نتحدّثُ عن هذا القائدِ الشجاعِ الحكيمِ وعن كلمتِه التي لو وُضعت في كفّةِ ميزانٍ ووُضعت غالبيةُ كلماتِ أُولئك الزعماءِ في كفّةٍ أُخرى لرَجَحتْ كلمتُه في ميزانِ الإنسانيةِ والدينِ والأخلاق بما انطوت عليهِ من وعيٍ وشجاعةٍ وثباتٍ وحكمة، ولا أبالغ إن أكّـدتُ أنَ بِضعَ كلماتهِ تحملُ وزناً أكبر من تلك الكلماتِ بكثيرٍ؛ لأَنَّها نَطقتْ بصوتِ الأُمَّــة بأكملِها، وكانت مصحوبةً بإجراءاتٍ عمليةٍ وتأكيداتٍ على المُضي في تصعيدِها حتى يتوقفَ العدوانُ على غزة، بخلافِ زعماءِ غالبيةِ تلك الدولِ المشاركةِ في القمةِ الطارئةِ، الذين ـ للأسف ـ لم يتخذوا أي إجراء عملي يواجهُ الكيانَ الإسرائيليَ الغاصبَ المعتدي على الشعبِ الفلسطيني، فكلماتُهم لم تكن سوى تعابير فارغةٍ للتضامنِ والتعاطف.
لقد انبرى السيدُ القائدُ ـ للمرةِ الثانيةِ خلالَ العدوانِ القائمِ على غزة ـ ليقفَ في وجهِ الظلمِ الإسرائيلي والطغيانِ الأمريكي والأُورُوبي بكلِ قوةٍ وشجاعة، بكلمةٍ مُترجَمةٍ إلى إجراءاتٍ فعليةٍ وخطواتٍ ملموسة. لم يكتف بالتعاطفِ الكلامي فحسب أَو بما قد اتخذَهُ من إطلاق صواريخَ باليستيةٍ وطائراتٍ مُسيّرةٍ على أهداف للعدوِ الإسرائيلي في الأراضي المحتلّة، بل أعلن عن إجراءاتٍ جديدةٍ فوريةٍ لمواجهةِ العدوّ تشمل استهداف سفن العدوّ في البحرِ الأحمر وبابِ المندب، والتهديد بالنيلِ من العدوّ في أي منطقةٍ يمكنُ الوصولُ إليِ فيها. تحدّث بوضوحٍ وصِدق، وتعاملَ مع الواقعِ تعاملاً عمليًّا وفعّالاً، ووجّهَ نداءً لكلِ الشعوبِ العربية والمسلمةِ ولشعوبِ العالمِ للوقوفِ معاً ضدَ الظلم ولنُصرةِ الشعبِ الفلسطيني المظلوم.
حتماً أصغى أحرار اليمنِ والشعوبِ العربيةِ والمسلمةِ والأحرار في العالمِ إلى صوتِ هذا القائدِ الشابِ الشجاعِ الذي عبّر عن أمانيهم وآمالِهم في دعمِ ومساندةِ وإنقاذ شعبِ فلسطين.
إنني أجزِمُ أنهم رأوا أن كلمتَه لم تتفوق على كلماتِ الزعماءِ الـ (57) وحسب، بل تفوقتْ على كلماتِ زعماءِ العالمِ أجمع بشأنِ المظلوميةِ الفلسطينية، بمن فيهم زعماءُ الدولِ الشيطانيةِ كأمريكا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وغيرها؛ لأَنَّ كلمةَ الحقِ تدمغُ كلمةَ الباطل، وكلمةَ العدلِ تتجاوزُ كلمةَ الظلم. لقد وجدوا أنفسهم أمامَ قائدٍ شجاعٍ خرجَ عن المألوفِ من جُبن الزعماءِ وخضوعِهم للهيمنةِ الأمريكية. قائدٍ عَمليٍ يعملُ بجديةٍ وشجاعةٍ لمواجهةِ الأعداء وإقامة الحق. قائدٍ يمتلكُ روحَ المثابرةِ والتضحيةِ، ويمثّل أملاً حقيقيًّا للأُمَّـة المظلومةِ؛ مِن أجل تحقيقِ نصرِها المشروع.
إنَ الأحداثَ المتسارعةَ تقدّم هذا القائدَ الشجاعَ بمستوى أن يكونَ قائداً للأُمَّـة بأكملِها، وليسَ لشعبِ اليمنِ فقط الذي هو واحدٌ من شعوبِها، فهي تُبرِزُه قائداً حريصاً على الوحدةِ، لم يُحمّل الشعوبَ المسؤوليةَ، بل اعتبرَها مُغرَّراً بها، وامتدحَ موقفَ خصومِه في وطنِه الداعمينَ للقضيةِ الفلسطينية. وتُبرِزُه قائداً يتمتعُ بالرؤيةِ الواسعةِ والحكمةِ اللازمةِ لاتِّخاذ القراراتِ الصائبةِ في ظلِ التحدياتِ المعقّدةِ التي تواجهُها.
قائداً متحمّساً لتحقيقِ تطلعاتِها ومستعداً للعملِ بجديةٍ وتفانٍ لخدمتِها وخدمةِ مصالحِها حتى في وضعِها الحالي كشعوبٍ ودول، فهو قائدٌ يتحلّى بصدقٍ كبيرٍ، جسّد بموقفِه المناصِرِ لشعبِ فلسطين حقيقةَ أنه يتعاملُ مع كُـلّ شعبٍ من شعوبِ الأُمَّــة بالمساواةِ والعدلِ وكأنه شعبُه بلا فَرق.
وهو قائدٌ يعملُ على تعزيزِ روحِ المواطنةِ والتضامنِ بينَ جميعِ شرائحِ مجتمعِه، يتفهمُ تماماً أهميّة مشاركةِ الشعبِ في صناعةِ مستقبلِه واتِّخاذ القراراتِ المصيريةِ التي تؤثرُ في حياتِه، ويعملُ على تعزيزِ مشاركةِ الشعبِ وتمكينهِ من أن يكونَ جزءاً فاعلاً في عمليةِ صُنعِ القرار، ويسعى لبناءِ دولةٍ قويةٍ يستندُ فيها الحكمُ على مبادئَ مرتكزةٍ على هُــوِيَّةِ شعبِها الإيمانية،
صحيح أنَ الأُمَّــة تتكونُ من مجموعةٍ متنوعةٍ من الشعوبِ والثقافاتِ والطوائف، لكنها تستحقُ أنْ يقودَها قائدٌ يتحدثُ باسمِ الجميع، وهذا ما يُلحَظُ من التأييدِ الكبيرِ الذي يلقاهُ السيدُ القائدُ عبدالملك بدرالدين الحوثي ـ يحفظه الله تعالى ـ داخلَ الوطنِ وخارجَه على مستوى شعوبِ الأُمَّــة وشعوبِ العالمِ جرّاءَ معرفتِهم لموقفِه المناصرِ للشعبِ الفلسطيني، وهو ما يعكسُ حقيقةَ أنَ شعوبَ الأُمَّــة متعطّشةٌ لقائدٍ شجاعٍ وحكيمٍ يقودُها ويتحدثُ باسمِها بأكملِها، فهي تعيشُ في زمانٍ يتطلبُ فيهِ العالمُ توحّداً وقادةً يتمتعون بالشجاعةِ والحكمةِ لمواجهةِ التحدياتِ الكبيرةِ التي تواجهُها.
لقد تَعِبَتْ شعوبُ الأُمَّــة من القادةِ الذين يتحدثون باسمِ شعبٍ واحدٍ فقط، ثم لا يكون لحديثِهم أي جدوى. وذاقت الويلاتِ من مُضيِها خلفَ القادةِ الضُعفاءِ والجُبناءِ الذين يخضعونَ لإرادَة الدولِ الاستكباريةِ ويرضخونَ لضغوطِها وتهديداتِها، ويفتقرونَ إلى الرؤيةِ والشجاعةِ، ويتنازلونَ عن مبادئِهم وقِيمِهم؛ مِن أجل المصالحِ الشخصيةِ والسلطةِ، ولا يملكونَ القدرةَ على حمايةِ شعوبِهم ومصالحِها، بل يتسبّبون في تقويضِ الاستقلاليةِ والعِزةِ والكرامةِ، ويُعرّضون الأُمَّــة للتبعيةِ والاستعباد والظلم.
إنَ الأُمَّــة تشتاقُ إلى قائدٍ يفهمُ التحدياتِ والمشاكلَ التي تواجهُها، ويلبي مصالحَها وآمالَها.
قائدٍ يستمعُ إلى أصواتها ويأخذُ بعينِ الاعتبار احتياجاتِها المختلفة، يُوحّدُها ويحقّق المصالحَ المشتركةَ دونَ تمييزٍ بين شعوبِها.
إنَّ شعوبَ الأُمَّــة تستحقُ قائداً يكونُ بمستوى تطلعاتِها وآمالِها، تجتمعُ معهُ يداً بيدٍ، شعوباً وقائداً، لبناءِ مستقبلٍ أفضل لها، من خلالِ عمليةِ تغييرٍ جذريٍ إيجابيةٍ تنهضُ بها فتكون أُمَّـة تتمتعُ بالعزةِ والكرامةِ والتقدمِ في كُـلّ جانبٍ من جوانبِ الحياة، وهذا لن يحدثَ إلا متى آمَنَتْ هي بأنَ القوةَ الحقيقيةَ للأُمَّـة تكمنُ في وحدتِها واعتصامها بحبلِ اللهِ المتينِ وتكاتفِها خلفَ قائدٍ حكيمٍ.
لذا، لا بُـدَّ لأبناء الأُمَّــة أن يتحلّوا بالحكمةِ في اختيار قائدِها، ليمضوا خلفَ القائدِ الشجاعِ الذي يتمتعُ بالشجاعةِ والإنسانيةِ والأخلاق العالية، الذي يؤمنُ بالحريةِ والاستقلاليةِ وبالمُثلِ الساميةِ للأُمَّـة، ويرفضُ الاستسلام للدولِ الشريرةِ، ويقدّمُ التضحياتِ، ويَـفي بالالتزاماتِ تجاهَ شعوبِها ومصالحِها.
إنها مسؤوليتُهم الجماعيةُ في أن يختاروا القائدَ الذي يمثّلُ هُــوِيَّةَ الأُمَّــة ويعملُ؛ مِن أجل تحقيقِ أمنِها واستقلالها.
وكما أتاحتْ وسائلُ التفاعل الإعلامي والتواصلِ الاجتماعي لحالةِ الفرزِ وصورتِها الواضحةِ أن تكتمل، فلا بُـدَّ أنها ستساهمُ في أن تتحدَّ الأُمَّــة خلفَ قائدٍ شجاعٍ تُسانِدُه في سَعيهِ لتحقيقِ هذه الغاياتِ النبيلةِ، فهي إنْ فَعَلتْ تجاوزت الانقسام والتفرقَ وتعاونتْ بروحِ الوحدةِ، وأمكنَ لها أن تُواجهَ جميعَ التحدياتِ بروحِ الوحدةِ والتضحيةِ بإذنِ اللهِ سبحانه وتعالى.
ختامًا أقولُ للسيد القائد:
يا قائدَ الأحرار، مَن جرّب الوقوفَ بوجهِ أمريكا وإسرائيل يُدرك قوتَكَ وشجاعتَكَ وصلابتَك، فأنت قائدٌ فوق الكلمات والتعابير وفوق المواقف والأفعال.