الإعلامي اليمني طالب الحسني لـ”مرآة الجزيرة”: ردع العدوان وانكساره معجزة مظلومية الشعب اليمني.. المجتمع الدولي بمساندته العدوان غيّب الحل السياسي
ما بين جرح اليمن النازف باستمرار الحرب العدوانية منذ أكثر من ثلاث سنوات وصمود المواطنين أمام مختلف الفرق العسكرية والأسلحة المتطورة التي امتلكها التحالف بقيادة السعودية وبدعم من كبرى دول العالم، على أشد البلدان فقراً، وبين عجز دول التحالف بالكم الهائل من غاراتها ومجازرها بحق الأطفال والنساء، والحملات العسكرية التي تشنّها على مختلف المحافظات والمناطق من حسم معركة أو فرض قواعد كانت ترسم معالمها منذ بدء عدوانها، وذلك بفعل معادلة الردع التي فرضتها القوات اليمنية، عبر تسديد ضرباتها في عمق الرياض، وتهديدها أبوظبي بضربات مماثلة، مع شنّ الأخيرة لمعركة على الساحل الغربي بهدف الاستيلاء على ميناء الحديدة المنفذ الإنساني الوحيد في البلاد، هذه المشهدية بكل تفاصيلها، وما حملته الأوضاع السياسية والأمنية وتطورات المعارك في البلاد، يضيء عليها الإعلامي اليمني طالب الحسني في حوار خاص مع “مرآة الجزيرة”،،،
مرآة الجزيرة ـ حوار سناء ابراهيم
فيما تُعتبر الصواريخ البالستية اليمنية التي تهزّ العمق “السعودي” بين فينة وأخرى رسائل يمنية تتوعد السلطات بمزيد من المفاجآت على العدوان المتواصل، أكد الإعلامي اليمني طالب الحسني أنه “طوال هذه السنوات من الهجمة العدوانية، كان العدوان ينتظر أن تبدأ العجلة بالتراجع العسكري فيبدأ الجيش واللجان الشعبية بالتراجع والعجز الفعلي أمام أكثر من 40 جبهة عسكرية، ومن بينها جبهات المواجهات في الحدود وفي عمق مناطق جيزان وعسير ونجران، ولكن ما يحصل هو تصاعد القوة، وتصاعد السلاح المقاوم، وتنوع العمليات العسكرية”، قائلاً “من القوة الصاروخية إلى الطيران المسير، الذي ضرب لمرات عدة في الداخل السعودي واستهدف مطارات من بينها مطار أبها، بالإضافة إلى بناء القوة العسكرية الميدانية بزخم أكبر من ناحية العدد ـ وهذا يعني أن العدو يجد ما لم يكن يتوقعه، وخصوصا مع تشديد الحصار”.
وربط الحسني في حواره مع “مرآة الجزيرة”، مسار العدوان بتعويله على إفقار الشعب اليمني وتجويعه، وبالتالي محاولة إفقار البيئة المقاومة وإشعالها بالأزمة الإقتصادية الصعبة، قائلاً “العدو يفكر كثيرا، كيف يمكن لصنعاء أن تمول التكلفة الإقتصادية لمواجهة هذه الإمبراطوريات المالية التي تنفق مليارات الدولارات على العمليات العسكرية ـ وهذا ما يقولونه، وما يراهنون بالفعل عليه”، وأشار إلى أنه “إذا تذكرنا تصريحات محمد بن سلمان منتصف 2017 عندما تحدث عن الوقت لصالح التحالف سنجد أن هذا متعلق بانتظار التحالف أن يحصل عجز اقتصادي، لكنه يجل كثيراً أن هذا خيار اليمنيين في معركة مصيرية مثل هذه، وستبقى مواجهة العدوان في ظل هذه الظروف إحدى معجزات هذه المظلومية”.
الحسني قال إن “المعركة لا تزال مفتوحة والشكوك سوف تتبدد قريبا، قيل في الفترة الماضية أن إمكانية ضرب السعودية باستمرار بالصواريخ الباليستية ليست متاحة، لكنها تحصل وحصلت ورأيتم صراخ السعودية، قد يتكرر الأمر بالنسبة للإمارات، وسوف تبدد هذه الشكوك، فليس هناك مانع من ضرب الإمارات، وليس هناك عجز بالنسبة للقوة الصاروخية وهذا بكل تأكيد متروك لهم في الوقت الذي يرونه مناسباً”. يكثف تحالف العدوان جهوده بهدف شقّ الصف الداخلي وهذا الهدف أصبح بمثابة “أحلام كبيرة” تراود العدوان ولا يخفيها، “ولعل أخطر ما وصله العدوان ولن يتكرر هو فتنة وانقلاب صالح مطلع ديسمبر العام الماضي، وبانتهاء هذا التمرد والفتنة ضُرب العدوان وتلقى صفعة قوية وأحرقت أهم ورقة كان يراهن عليها”، يقول الحسني، مضيفاً ” اليوم لم تعد الإنشقاقات هاجس مخيف بالنسبة لصنعاء وأنصار الله والقوى السياسية الحليفة”.
الحرب “سعودية-إماراتية إسرائيلية أميركية وغربية”
بالتزامن مع جولة المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث والتي لم يتصاعد بموجبها الدخان الأبيض بعد، بيّن الحسني أن الحل السياسي غائب لسببين مهمين، يتمثل “الأول بغياب دور حقيقي للمجتمع الدولي وسيطرة الدول الكبرى التي تساند وتشارك مع العدوان على قرارات الأمم المتحدة، وبالتالي التأثير على أدائها، ما يجعل المبعوثيين الدوليين سواء ولد الشيخ أو غريفيث يدورون في حلقة مفرغة، ومتمسكون بقاعدة أرضية للتفاوضات هي بالحقيقة لم تعد صالحة”، فيما يصب الهدف الثاني، في تعنّت دول العدوان والرهان على تحولات عسكرية، وفي النهاية هم لا يجدون أنفسهم طالما وضغوط المجتمع الدولي غائبة محتاجون للإنخراط في مفاوضات سياسية حقيقية. يضيف الإعلامي اليمني، أن الحل السياسي هو يعني بكل بساطة هزيمة السعودية والتحالف، والتسليم أن اليمن منتصر، حيث “ستجد كل من السعودية والإمارات أنفسهم اليوم يسيطرون على أهم المناطق الاستراتيجية كالموانئ والمطارات وكامل المحافظات الجنوبية، ولديهم الآلاف من المرتزقة الذين يقاتلون معهم، هذا أمر مشجع للاستمرار في تدمير اليمن، على الرغم أن لدى التحالف قناعة تامة أن الحسم العسكري لم يعد متاحاً وهو أكثر تعقيداً كلما مر الوقت”، لافتاً إلى أن “الحرب على اليمن ليست سعودية إماراتية فقط بل أمريكية غربية اسرائيلية، وهذا لم يعد سر بل جهراً وعلناً”. في سياق متصل، لفت الحسني إلى أن مبادرة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي والقوى السياسية ممثلة بالمجلس السياسي الأعلى بشأن الحل السياسي، قائمة على إعطاء الأمم المتحدة درواً إشرافياً ورقابياً وفنياً على موارد ميناء الحديدة، ومشروطة بأن تضاف على موارد الميناء أموال أخرى لدعم رواتب الموظفين. وعن معركة الحديدة والحملة الإعلامية المرافقة في البداية، يتحدث الحسني مبيناً أن “كل مرة كان هناك اعتقاد لدى السعودية والامارات والقيادات العسكرية والسياسية في التحالف أن بإمكان هذه الحملة التي وجهت نحو الحديدة والساحل الغربي أن تحقق تقدما ميدانياً سريعاً نظراً، لأسباب عدة، بينها، “الأعداد الكبيرة والتجهيزات التي رتب لها العدوان طوال أشهر، وجغرافيا الحديدة الساحلية والسيطرة الجوية السهلة، وبالتالي فإن إرفاقها بحملة إعلامية مدروسة ستكون إضافة مهمة لضرب معنويات الجيش واللجان الشعبية من جهة، ورفع معنويات مقاتلين ومرتزقة العدوان من جهة ثانية، عبر الإعلان المبكر عن تحقيق انجازات وسيطرة حتى قبل أن تحدث بشكل فعلي”، واستدرك بالتأكيد على أنه لم يكن متوقعاً بالنسبة للتحالف إحداث صدمة عسكرية بالفعل، إذ أن كل الطبيعة الميدانية كانت تبدو سهلة بالنسبة لقوى ميدانية تهاجم بأعداد كبيرة وبتغطية جوية كبيرة، ولكن الذي حدث كان مغايراً لما كانوا يتوقعون ميدانياً، ومع ذلك استمر الإعلام يتحدث بثقة طوال ثلاثة أيام متتالية وكأن الأمر حُسم.
العدوان يعتمد الحرب النفسية لتغطية الفشل العسكري
الحملة على الحديدة وجهت بوصلتها إلى مطار الحديدة بعد استهداف المديريات والمناطق المجاورة للحديدة، إذ اعتبر الحسني أن ما حصل بيّن للعدوان أن المعركة بدأت تنحسر في محيط المطار، وبالتالي ظهرت الكثير من التناقضات بين ما يقوله إعلام العدوان وبين الصورة الفعلية التي تنقل من الميدان، وبدت التغطية الإعلامية للعدوان تصطدم بالحاجة إلى نقل الصورة الفعلية، وهو مالم يكن متاحا لهم، مشيراً إلى أن حصره في زاوية المعارك أجبر التحالف على حصر تغطيته بقناتي “سكاي نيوز”، و”العربية”، ومنع تغطية بقية القنوات بما في ذلك القنوات التابعة للشرعية المزعومة، وتم التركيز على السيطرة على المطار رغم أنه من دون قيمة عسكرية، لكنه كان حينها مهما لإنقاذ تغطيته الإعلامية ؛ وأضاف أن “المفاجئة الكبرى أن إعلام الجيش واللجان الشعبية والإعلام الوطني والحربي فضح العدوان عندما نقل صور مباشرة لكسر الحملة العسكرية وتدمير الآليات”. وانتقد الحسني استمرار العدوان بارتكاب المجازر التي تسارعت عجلتها بالتزامن مع الهجوم على الحديدة، قائلاً “لربما كان العدوان محتاجاً أكثر لإرتكاب مجازر تتزامن مع الهجوم، لأنه لم يلمس نزوحاً كبيراً لأبناء المحافظة وعلى الأقل المديريات المتاخمة للساحل حيث تدور المواجهات، ومن مصلحة العدوان أن تصبح هذه المناطق خالية تماماً من السكان، ولهذا فهو يرتكب مجازر بشكل متعمد”، وشدد على أن هذا الأمر يتنافى مع كل القوانين الأممية ومع القانون الإنساني الذي يجرم المساس بالمواطنين خلال العمليات العسكرية”. الإعلامي اليمني البارز، اتهم الأمم المتحدة بالتراخي مع التحالف في ما يتعلق بجرائمه طوال السنوات الماضية، ما يمنح التحالف ضوءاً أخضرا لإرتكاب مجازر وهذا ما حصل وهو مؤسف ويعري المجتمع الدولي والأمم المتحدة، رغم الصيحات التي بدأت، لكنها صيحات لا يعقبها مواقف؛ بالمقابل، فإن الضربات الموجعة التي يتلقاها التحالف تدفعه إلى محاولة معالجة هذه “الفضيحة المدوية” بانكساره في الحديدة، ومع ذلك من الصعب معالجتها لأن العدوان يعتمد على الحرب النفسية لتعويض الفشل الكبير عسكرياً وإنسانياً وسياسياً. أما ما يتعلق بمساواة وضع التحالف وأنصار الله على القائمة السوداء “قائمة قتلة الأطفال” من قبل الأمم المتحدة، انتقد الحسني عدم اتخاذ أي إجراءات أممية بحق الرياض على الرغم من إدراجها ثلاث مرات على اللائحة السودا لقتل الأطفال.