الحقيقة/تقرير – عبدالله الحنبصي تقع اليمن في إطار جغرافي مهم وحيوي جعل منها مطمعا للكثير من الدول الاستعمارية وفي مقدمتها بريطانيا التي احتلت جنوب البلاد لعدة عقود. وفي العصر الحاضر أبدت أمريكا اهتماماً بالسيطرة على السواحل اليمنية ومضيق باب المندب الذي يمر عبره ما يزيد عن 4.7 ملايين طن من النفط الخام بشكل يومي. وخلال السنوات الماضية قدمت أمريكا العديد من الذرائع لتواجد قواتها في اليمن .. فبذريعة تفجير المدمرة كول قبالة السواحل اليمنية في عدن وصل ما يقارِبُ 2000 جندي وضابط إلى عدن للعمل على التحقيق وظلوا هناك مدة طويلة.. بعدها اختلقوا ذريعة القرصنة التي من خلالها ملأت أمريكا سواحل اليمن بالفرقاطات والسفن الحربية والمدمرات الحربية . واليوم تسعى الإدارة الأمريكية إلى تكثيف التحركات في جنوب اليمن وإرسال المزيد من القوات الأمريكية إلى عدن والمهرة والغيضة، امتداداً للصراع الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط من اجل السيطرة على مناطق طريق التجارة العالمية، فموقع اليمن الجيوسياسي الاستراتيجي يظل حاضراً وبقوة في كل الجولات والميادين وفي كل حفلات التنافس الإقليمية والدولية. ومن خلال تقييم التوجه الأمريكي في هذه الظروف تجاه مناطق اليمن، فقد جرى طرد المارينز الأمريكي من صنعاء في 11 نوفمبر من العام 2014م بينما ظلت المناطق الجنوبية المحتلة مرتعا للقوات الأمريكية خاصة عبر ادواته السعودية والامارات, لتظهر مخططات ومشاريع عدوانية جديدة يجري العمل عليها امريكيا بمستوى عال من الاهتمام والتركيز وضمن مسار ميداني متصاعد منها على سبيل الذكر وليس الحصر عمليات اعادة نشر قوات المارينز في شبوة وحضرموت والمهرة والزيارات المكثفة للوفود الامريكية العسكرية (جنرالات وخبراء حرب). ويقول مراقبون ان هذه التحركات وذلك الانتشار بمثابة معطيات لهوية ما تحاول امريكا فرضه فمحافظة شبوة وحضرموت تحولت بصورة مباشرة الى قواعد مفتوحه لانتشار قوات المارينز و مسرح لعمليات الانزال الجوي والبحري المنظم التي تديره الادارة الامريكية لنقل مجموعات من قوات مشاة البحرية والمعدات العسكرية (قوات مدرعة ومجموعة من المعدات الخاصة بالتجسس والمخابرات ) واعادة تموضعها بصورة مستمرة في اكثر من نقطة تمركز وموقع عسكري سواء بالقواعد البرية المستحدثة والموانئ و المطارات وغيرها. وتصاعدت التحركات الأمريكية العسكرية في محافظتي المهرة وحضرموت بشكل ملحوظ قبيل نهاية الهدنة الاممية التي انتهت في الثاني من اكتوبر الماضي، حيث قامت الإدارةُ الأمريكية خلال شهري اغسطس ويوليو بإرسالَ المزيد من قواتها إلى المحافظات الجنوبية والشرقية كان آخرهم عشرين خبيرا امريكيا وصلوا في الثلاثين من اغسطس من العام 2022 إلى محافظة المهرة المحتلّة، وذلك بعد أقل من شهر على وصول العشراتُ من الجنود الأمريكيين والبريطانيين إلى المهرة، وذلك ضمن محاولات الدول الغربية في تعزيز السيطرة على طرق الملاحة البحرية في المحيط الهندي والبحر العربي. واليوم أضحت الزيارات والتواجد الامريكي في المهرة على مستوى القيادات العسكرية والدبلوماسية والتي كان اخرها زيارة السفير الأمريكي “ستيفن جايفن” وقائد الأسطول الخامس الأمريكي “براد كوبر”، مطلع الشهر الجاري لمطار الغيضة الذي حولته السعودية إلى قاعدة عسكرية. وجاءت الزيارة توازيًا مع مساعي الولايات المتحدة الأمريكية لإفشال جهود السلام، والالتفاف على مطالب الشعب اليمني وعلى متطلبات الحل، ومنها خروج القوات الأجنبية بشكل كامل من اليمن. ودفعت التحركات الامريكية، السيد عبدالملك الحوثي الى التحذير من أن الولايات المتحدة تسعى لإبقاء البلد تحت الاحتلال، وتعمل على توسيع تواجدها العسكري في المحافظات المحتلة، تحت غطاء التواجد السعودي والأمريكي.
الاحتلال الأمريكي لمطار الغيضة ويعود تاريخ الاحتلال الفعلي للمهرة نهاية العام 2017م حيث بدأت امريكا بإرسال خبراء كما قامت السعودية بإرسال قواتها الى المحافظة وشرعت القوات السعودية المتواجدة داخل مطار الغيضة في ابريل من العام 2018م باستحداث منشآت داخل حرم المطار منها مباني سكنية وحظائر للطائرات، وقامت في العام 2019م بالانتقال إلى المباني الجديدة التي تم انشاؤها حديثا وذلك بعد تسويرها بحائط من الكتل الترابية. وقامت القوات السعودية حينها باستقطاع جزء من المنطقة المستحدثة لصالح القوات الأمريكية والبريطانية كما وصل بنفس العام أربعة من الضباط الأمريكيين إلى القاعدة العسكرية عقب الانتهاء من عملية الانشاءات، ومكثوا فيها عدة ساعات ثم غادروا على نفس الطائرة التي وصلوا بها .. وبعدها بعدة أيام وصل أول فريق أمريكي يضم ضباط الاستخبارات الامريكية وأسسوا قاعدة صغيرة بداخل المطار تشرف القوات السعودية التي تعرف بقوات الواجب 804 على حراستها دون أن تقترب من مقر القاعدة او ما يسميها البعض بغرفة العمليات، وكان يتم تبادل الوفود بين أمريكا وبريطانيا كل ثلاثة إلى أربعة أشهر حيث تصل طائرة أمريكية لنقل فريقها مع كامل معداتهم بما فيها السيارات ، لتأتي بعد ذلك طائرة بريطانية على متنها فريق بريطاني جديد ليحل مكان الفريق الأمريكي. وكان جهاز الأمن والمخابرات بصنعاء كشف في فبراير من العام 2021 عن معلومات عن الخلية التجسسية التابعة للمخابرات الأمريكية والبريطانية التي جرى ضبطها والتي اعترف افرادها بلقائهم ضباط من وكالة المخابرات الأمريكية في مطار الغيضة بمحافظة المهرة، ومن ثم عملوا مع ضباط الاستخبارات البريطانية.. وقد شرعت دول العدوان في اختلاق الكثير من المبررات حول التواجد الغربي فتارة تقول انهم في مهمة سرّية لملاحقة مهاجِمي سفينة «ميرسر استريت» الإسرائيلية التي تدعي الهجوم عليها قبالة سواحل عُمان في 29 يوليو 2021، وفي الخامس من ديسمبر 2020، قالت شركة «أمبري إنتيلجانس» التابعة للاستخبارات البريطانية إن سفينة شحنٍ تحمل اسم «حسن»، تعرّضت لهجوم “إرهابي” في سواحل “قشن” في محافظة المهرة، عندما كانت في طريقها إلى ميناء صلالة في سلطنة عمان. ولا تقتصر أعمال الفرق البريطانية والأمريكية المتواجدة في مطار الغيضة على وضع الخطط وادارتها، بل تقوم كذلك بأعمال التجسس على بعض شبكات الاتصالات اليمنية، وبعض الكابلات البحرية.
أمريكا والتنظيمات التكفيرية وموازاة للتحركات الأمريكية المباشرة، تحاول الادارة الأمريكية من جديد اعادة تدوير ادواتها التكفيرية، حيث شرعت في استخدام ورقة داعش والقاعدة لتكون حاضرة تحت الطلب الأمريكي. لذلك فما تحاول امريكا تمريره اليوم في الجنوب والسواحل والجزر مخطط عدواني جديد لا يتوقف فقط على لسيطرة بل وممارسة اعمال عدوانية خبيثة تصل خطورتها لزعزعة امن الملاحة البحرية فأمريكا التي تقود العدوان على اليمن منذ2015 ملقية بأعتى وأفتك أسلحتها للسيطرة عليه ونهب ثرواته لازالت تتحرك وتخطط لنفس الاهداف ولكن هذه المرة بطريقة مباشرة .
الدور البريطاني في اليمن وأطماعه ولا تختلف أطماع بريطانيا عن أمريكا في اليمن حيث تعود أطماع بريطانيا في اليمن إلى اتفاق 1947م من القرن الماضي، والذي وقع بين كل من الاتحاد السوفييتي وبريطانيا وأمريكا وفرنسا بعد الحرب العالمية الثانية: «إتفاقية أعالي البحار»، التي تنظم وجود القوى الكبرى في السواحل والموانئ وحقوق المرور وقضايا كبيرة تتعلق بمصالح الشركات الملاحية البحرية التي تتبع هذه الدول. وتحاول بريطانيا إحياء الاتفاقية، وقد بدأت بأول خطوة بالفعل من خلال الدفع بتسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، والتي في الأساس سيتم تسليمها عاجلاً أو آجلاً لإسرائيل. كما تكشف مذكرة وزير الخارجية البريطاني السابق، جورج براون، الموجودة ضمن وثائق الأرشيف الوطني البريطاني، والتي تعود إلى أكتوبر 1967، المحاولات البريطانية الأخيرة للبقاء في الجزر اليمنية أو تدويلها على الأقل، وعدم تسليمها ، وحتى بعض الجزر التابعة للشمال اليمني كانت تحاول بريطانيا سحبها وضمها للجنوب حتى يتسنى لها التحكم بها. ومن ابرز بوادر التدخل البريطاني المباشر في اليمن ما جرى في محافظة المهرة شرقي اليمن ، حيث بدأت تظهر بريطانيا بشكل جلي على السطح من خلال التناغم في التحركات الدبلوماسية والتكتيكات الاستخباراتية التي تبرر لهذا التدخل .