الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله : نحن أمام أيام حاسمة في ملف ترسيم الحدود البحرية
Share
لفت الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله إلى أنّ لبنان “أمام أيام حاسمة في ملف ترسيم الحدود البحرية، وسيتضح خلال الأيام المقبلة ما هو موقف الدولة بعدما تسلّم الرؤساء النص المكتوب من الجهة الوسيطة”، وبيّن أن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية كانت مهمة وأظهرت أنّ الأغلبية النيابية ليست لدى فريق سياسي واحد، وأكدت أنّ من يريد رئيسًا جديدًا للجمهورية عليه أن يبتعد عن التحدي ورؤساء تحدي.
وأشار سماحته إلى أنّ إيران القوية والمقتدرة هي موضع استهداف منذ اليوم الأول، ولذلك يراهن الجميع على التحرك من الداخل. والعقوبات هدفها تحريض الناس على نظام الجمهورية الإسلامية، مؤكدًا أنّ “إيران أقوى وأرسخ وأشجع من أيّ زمن مضى”.
كلام السيد نصرالله جاء خلال الحفل التكريمي للعلامة الراحل السيد محمد علي الأمين في بلدة شقراء الجنوبية، حيث أشار سماحته إلى أنّه “لا يمكن فهم تاريخ هذه البلاد بمعزل عن تاريخ هؤلاء العلماء، ويجب أن نحيي آثارهم والتي تعرض الكثير منها للتلف والحرق”، مضيفًا أنّ الأصل في قراءة التاريخ أخذ العبرة والاستفادة منه للمستقبل، فكثير مما كتب ويُكتب يجب التدقيق بمدى علاقته بالتاريخ الحقيقي أي بما حصل فعلاً، ومن خلال علمائنا نعرف التاريخ الحقيقي لبلادنا وأمتنا.
وأضاف سماحته “أنّه على مدى أجيال كان لدينا علماء فقهاء، وبينهم علماء وفقهاء من الدرجة الأولى، كالشهيد الأول الجزيني، والمحقق الميسي، والمحقق الكركي، والشهيد الثاني الجباعي، وصاحبَي المعالم والمدارك، والشيخ البهائي، ووالده، والحر العاملي، وغيرهم الكثير”.
واعتبر أننا نقف في محفلنا هذا أمام عالم كبير جليل عامل، تعلم لله، وعمل لله منذ طفولته، وأمام عالم بصير وحكيم وخبير، وتجلّى ذلك بمواقفه وخطه وسيرته، وأمام عالم زاهد وتقي وورع وعلى درجة عالية من الخلق الحسن ومحب للناس وخادم لهم.
وتوجه السيد نصر الله بالعزاء إلى “عائلته الشريفة فردًا، فردًا، وفي مقدمهم سماحة الأخ العزيز السيد محمد مهدي، وإلى أهلنا في شقراء والى كل أهلنا في جبل عامل، وإلى كل اللبنانيين والمسلمين”.
وشكر السيد نصر الله الحضور الكبير والكريم في هذا الحفل المبارك “الذي نؤدي فيه بعض الواجب تجاه هذه الشخصية العلمائية المقاومة المجاهدة التقية الزاهدة”، وقال “منّ الله عليّ، أن تشرفت بلقائه، وتعلمت منه الكثير في تلك الساعات القليلة التي كنت فيها بخدمته”.
ولفت الى أنّه كان هناك ظاهرة في الستينات والسبعينات، حيث لم يكن مالوفًا أن يتدخل عالم الدين في الشأن العام والسياسي، أو أن يخوض صراعًا عسكريًا مع عدو، فعلى عالم الدين بحسب أدبيات تلك الحقبة واجب ديني فقط. وهذه الظاهرة واحدة من الظواهر التي عانى منها الإمام السيد موسى الصدر بشكل كبير، إذ وُجّهت اتهامات من هذه الأوساط العلمائية والثقافية إلى خطاب الامام الصدر وسلوكه.
ورأى السيد نصر الله أنّ المطلوب عمل جماعي وتعاون واسع، وأن نبذل جميعًا جهودًا لحفظ تاريخ علمائنا، ودعا كل عائلة لديها مكتبة ومخطوطات وكتب أن تكشف عنها وأن تعطي نسخًا عنها للجهات التي تهتم اليوم في هذا المجال لنعيد استخراج واستكشاف هذا الكنز الثقافي والعلمي الضخم في هذه البلاد.
وبالعودة إلى الفقيد، اعتبر السيد نصر الله أنّ خيار سماحته كان “منذ البداية حاسمًا، انطلاقًا من الوعي والبصيرة اللذين تحلّى بهما، والتحق بالإمام الصدر عندما كان هذا الموقف يكلف باهظًا، إذ كان لسماحة الفقيد العزيز حضوره التأسيسي سواء في معهد الدراسات الإسلامية في صور أو بالمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الذي كان عضو هيئته الشرعية المنتخبة إلى يوم رحيله، وكان مضحيًّا وحاضرًا في تربية علماء جدد في معهد الدراسات الإسلامية الذي كان يديره، ومن جملة طلاب المعهد سيد شهداء المقاومة السيد عباس الموسوي، وعاصر أحداثًا كبرى من بينها قيام الكيان الغاصب، وتشريد الشعب الفلسطيني إلى الشتات، وحرب 1967، واحتلال القدس، واعتداءات العدو الصهيوني على لبنان وحروب “إسرائيل” على لبنان، وآخرها حرب 2006، وكان خياره تأييد المقاومة، وكان منذ البداية من دعاة خيار المقاومة، وكان فخورًا بانتصاراتها، وقد لاحظت ذلك خلال تشرفي باللقاء به”.
وأكد السيد نصر الله أننا أحوج ما نكون اليوم إلى إدراك نعمة الأمن والأمان والمقاومة، ومن جملة ما نتعلّمه من السيد الفقيد أن نقدّر هذه النعمة ونشكر الله تعالى عليها، ونعمة المقاومة يجب أن نتمسك بها بقوة، ولا يجب أن نتأثر بكل الأصوات التي لا تقدم بديلًا، بل تتحدث عن أوهام وسراب.
وأشار سماحته إلى أنّ فلسطين كانت حاضرة بقوة في وجدان السيد، وشعرت بذلك عندما كنّا نتحدث معًا، ومن جملة الأمور المهمة هي موقف سماحة السيد من المواجهة التي حصلت في السنوات الأخيرة مع الجماعات الإرهابية، وهذا يعبر عن إدراك كامل من قبل سماحته لهذه الظاهرة وأسبابها ونتائجها ومخاطرها.
وبيّن السيد نصر الله أنّ المهم ليس أن تتضح الصورة لديك الآن بل أن تكون الصورة واضحة لديك من البداية عندما كان الأمر يتطلب الموقف الصعب والجاد والذي فيه مسؤولية كبيرة أمام الله سبحانه وتعالى في الآخرة لذلك اتخاذ موقف من هذا النوع يحتاج إلى بصيرة عالية وبيّنة ووضوح.
وفي سياق آخر، بيّن السيد نصر الله أنّ “إيران قوية وعزيزة وبحكمة قائدها وشعبها المخلص لا يمكن النيل منها”، مضيفًا أنّ التحريض الدائم على إيران، ووصم شعبها بالشعب العدو هو عمل شيطاني لتمزيق الأمة، معتبرًا أنّ هذه الجمهورية الإسلامية، وهذا الشعب، وهذا النظام لا يريدون من شعوب المنطقة شيئًا على الإطلاق، ولا تريد إيران شيئًا من الشعب العراقي”.
كما أشار سماحته إلى أنه يتم استغلال أيّ حادث في إيران من أجل التحريض على نظام الجمهورية الإسلامية ومن بينها ما حصل بخصوص السيدة أميني التي توفيت في حادثة غامضة، مضيفًا أنّ أكثر من 50 شهيدًا بريئًا سقطوا في أفغانستان، كبارًا وصغاراً، وعددًا كبيرًا من الجرحى، ومع ذلك لم يرف لأحد جفن عليهم، بينما تم استغلال حادثة وفاة السيدة أميني بشكل كبير. وفي السياق لفت إلى أن الإدارات الأميركية المتعاقبة أدركت، أن إيران قوية وعزيزة ومقتدرة، لذلك لم تشن حربًا عليها وراهنت على الداخل.
ولأصدقاء ومحبي الجمهورية الإسلامية، قال سماحته: “لا تحزنوا ولا تتأملوا، فالحاكم الحقيقي لهذه الدولة الإمام المهدي المنتظر(عج)، وهي أقوى وأرسخ من أيّ زمن مضى، وقد حصلت عدة أحداث في الماضي أصعب ممَّا يحدث الآن، وأضاف أنّه “لطالما كانت هناك شائعات حول الإمام الخامنئي، وكلّها أكاذيب للنيل من معنويات الإيرانيين”،
وتابع السيد نصر الله القول، إنّه “قبل مدة تحدث سيناتور أميركي جمهوري بصراحة عن كل ما جرى في سوريا والعراق وما خُطط له، وتحدث عن سرقة النفط والغاز والقمح ليموت الناس بردًا وجوعًا وعن تدمير ذاتي، وهذا ما تحدثنا عنه منذ البداية”.
وعن موضوع الحدود البحرية وحقول النفط والغاز، اعتبر السيد نصر الله أنّه، بعد أشهر من الجهد والجهاد والنضال السياسي والميداني والإعلامي شاهدنا اليوم من خلال الإعلام تسلّم الرؤساء الثلاثة بشكل رسمي النص المكتوب المقترح لمعالجة الموضوع، وهذه خطوة مهمة جدًا.
ورأى أن مسؤولي الدولة هم الذين يتخذون القرار لمصلحة لبنان، ونحن أمام أيام حاسمة في هذا الملف، وسيتضح خلال الأيام المقبلة ما الموقف الذي سيتخذه المسؤولون في الدولة بخصوص هذا الملف، ونأمل أن تكون الخواتيم طيبة.
كما اعتبر السيد نصر الله، أنه إذا وصل ملف ترسيم الحدود البحرية إلى النتيجة الطيبة، فسيكون نتاج الوحدة والتضامن الوطني، وإذا وفّق الله لنتيجة جيدة وطيبة فذلك سيفتح آفاقًا كبيرة وواعدة للشعب اللبناني، فنحن لدينا كنز ولا يمكن انتظار مساعدات من الخارج في ظل معاناة كثير من الدول من أوضاع صعبة ومنها الدول الاوروبية.
سماحته حذّر من أنّ “مشروع “داعش” لم ينتهِ واستخدامه ما زال قائمًا”، وأضاف “ما سقط هو حكومة “داعش”، وهناك محاولة لإحياء “داعش” في سوريا والعراق وفي أفغانسان يرتكب تنظيم “داعش” جرائم كل أسبوع”.
وأضاف السيد نصرالله، أنّ إيران ليس لديها أطماع في نفط العراق، بينما دول أخرى ومن بينها أميركا تتحدث علنًا عن أطماعها، فيما الجمهورية الإسلامية تبذل كل ما بوسعها، ومن دماء قادتها وشهدائها للوقوف إلى جانب العراق، وكل إيران كانت حاضرة للدفاع عن الشعب العراقي في وجه “داعش”.
وتساءل السيد نصر الله “كيف يمكن أن يكون الود للسعودية التي أرسلت 5000 عنصر من الانتحاريين إلى العراق؟”، كما تساءل عن مصير فلسطين بعد كامب دايفيد، قائلاً، لولا إيران أين كانت اليوم فلسطين والقدس، وأين كان لبنان؟، مشددًا على أنّ أهم عنصر من عناصر قوة محور المقاومة هي الجمهورية الإسلامية في إيران، ومضيفًا “اعرفوا صديقكم وتمسكوا به وحافظوا عليه، واعرفوا عدوكم، واذا أردتم ألَّا تقاتلوه، فعلى الأقل لا تلجؤوا إليه، لأنكم لن تجدوا لديه دفئًا بل خيانة”.
وفي الشأن الداخلي، لفت السيد نصر الله إلى أنّ جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الماضية أكدت أنّه لا يوجد فريق واحد يمتلك الأغلبية في البرلمان، وأثبتت أنّ من يريد انتخاب رئيس الجمهورية يجب أن يبتعد عن منطق التحدي لصالح التشاور، كما أكد أن على القوى السياسية أن تتشاور وتفعّل اتصالاتها في المرحلة المقبلة، عسى الاتفاق على خيار يحظى بأكثرية في المجلس النيابي.
وحول تشكيل الحكومة، اعتبر أن الوقت بدأ يضيق، وما زلت أحمل الأمل، ونأمل أن يتم الوصول إلى تشكيل حكومة في الأيام القليلة المقبلة.
وحول قوارب الموت، قال سماحته، إنّه “يجب أن تُكشف حقيقة ما جرى في حوادث قوارب الموت، لأنّ ما يحدث هو جريمة ترتكب بحق هذه العائلات والأطفال الرضع، وندعو إلى التحقيق القضائي والأجهزة الأمنية إلى الجدية”، وأضاف “من واجبي، وإن كان بعض المسؤولين اللبنانيين لم يقوموا بهذا الواجب، أن أتوجه بالشكر إلى السلطات السورية والحكومة السورية، وإلى الأهل الشرفاء في جزيرة أرواد. ونقدّر ما قاموا به”.
وعن تطورات مسار العملية العسكرية في أوكرانيا، بيّن السيد نصرالله أن الحدث الروسي الأوكراني لم يعد حدثًا إقليميًا، بل تطورًّا دوليًّا، يمكن أن يغير وجه العالم. ونحن أمام تطور دولي كبير وهائل سيترك انعكاساته على كل دول العالم من بينها لبنان، مضيفًا أن أميركا لا تريد أن تقاتل روسيا بالأميركيين، بل بالأوكرانيين، ومن ثم الأوروبيين.