الأمم المتحدة تدخل نفسها في “قائمة العار”.. هل يمكن الوثوق بها مجدداً؟
بسبب عدم إدراج الكيان الصهيونيّ العنصريّ والتحالف العربيّ الذي تقوده مملكة آل سعود ضد اليمن، ضمن قائمة الدول المنتهكة لحقوق الأطفال، المعروفة بـ”قائمة العار”، والتي يصدرها سنويّاً الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، انتقدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” المعنيّة بحقوق الإنسان(مقرها نيويورك)، ذلك الموضوع وأوضحت مديرة الدفاع عن حقوق الأطفال بالمنظمة الحقوقية الدوليّة، جو بيكر، أنّ الأمين العام أنقذ الأطراف المتحاربة المتورطة في جرائم قتل وتشويه الأطفال من مأزقهم من خلال عدم إدراج تل أبيب وتحالف العدوان العربيّ على اليمن وغيرهم من المنتهكين في قائمة العار، ويأتي غضب المنظمة الحقوقيّة نتيجة لعدد الضحايا الكبير وبالأخص الأطفال الذي خلفته الآلتين العسكريتين للجهتين المذكورتين في كل من فلسطين واليمن.
خيانة الطفولة
“خيانة للأطفال وطريق للإفلات من العقاب” هكذا وصفت “هيومن رايتس ووتش” إخفاق الأمين العام للأمم المتحدة المتكرر في بناء قائمة الدول المنتهكة لحقوق الأطفال على أدلة الأمم المتحدة، وبعد أن صدقت الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أيام، على تعيين غوتيريش أميناً عاماً لولاية ثانية، تبدأ من مطلع كانون الثاني المقبل، وتستمر حتى نهاية كانون الأول 2026، أشارت مديرة الدفاع عن حقوق الأطفال بالمنظمة إلى أنّ غوتيريش بعد ضمان ولايته الثانية كأمين عام، يجب عليه التخلي عن هذا النهج، والتأكد من أن قائمته تعكس الحقائق، في اتهام خطير وواقعيّ لرأس هرم المنظمة الدوليّة التي تضم في عضويتها جميع دول العالم المستقلة تقريباً.
وفي صيحة عاليّة نصرة لدماء الأطفال في فلسطين واليمن، أصرت المنظمة الحقوقيّة أنّه على مجلس الأمن الدوليّ التدخل لإدراج كافة المخالفين ضمن “قائمة العار” التي أصدرتها الأمم المتحدة عام 2002، وتضم المسؤولين عن انتهاكات جسيمة لحقوق الأطفال، بينها: القتل والتشويه والتجنيد والعنف الجنسيّ والاختطاف والهجمات ضد مدارس ومستشفيات، ومنع وصول المساعدات الإنسانيّة للأطفال.
ورغم أنّ تلك الأعمال الإجراميّة البشعة من اختصاص الكيان الصهيونيّ الباغي وتحالف آل سعود الإجراميّ، خلا التقرير الأمميّ الذي صدر مؤخراً من اسمي هذين الاسمين، ولم تدرج الأمم المتحدة “إسرائيل” ولا التحالف العربيّ في تلك القائمة من قبل.
تهديد سعوديّ
لا يخفى على أحد أنّ غوتيريش سحب اسمي السعودية والتحالف العربيّ من قائمة العار ذاتها عام 2015، بعد أن هددت الرياض بوقف كل مساهمتها الماليّة في الأمم المتحدة، رغم الدور السعوديّ القذر في الحرب على اليمن وتسببه بجرائم يندى لها الجبين بحق اليمن وشعبه، وفي التقارير السنوية التالية، وضع غوتيريش اسم السعودية في قائمة جديدة مرفقة بقائمة العار أسماها “قائمة الدول التي اتخذت إجراءات لمواجهة انتهاكات حقوق الطفل في الصراعات المسلحة”.
ومع دخول عدوان النظام السعوديّ وتحالفه على الشعب اليمنيّ عامه السادس بكل ما يحمله من جرائم ومجازر بشعة لم تستثن الأطفال والنساء والشيوخ وكوارث يندى لها جبين الإنسانية وتجاوزات خطيرة للقوانين الدوليّة ما تسبب بأكبر كارثة إنسانيّة وفق المنظمة نفسها، زعم غوتيريش، في تقريره، أنّ “الأمم المتحدة تحققت من عمليات قتل (269) وتشويه (855) تعرض لها 1124 طفلا (816 فتى و308 فتيات) نُسبت إلى الحوثيين (255)، والتحالف العربي في اليمن (194)، والقوات المسلحة اليمنية (121)، وقوات الحزام الأمنيّ (49)، وتنظيم داعش (11)، والمقاومة الشعبيّة (8)، وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية (2)، وجناة مجهولي الهوية (483)، في ظل تزايد حصيلة أرواح اليمنيين التي يحصدها ما يسمى التحالف العربيّ بقيادة الرياض، بالتزامن مع تفاقم الكارثة الإنسانيّة الناتجة عنه لتصبح الأسوأ في القرن الحادي والعشرين.
عدالة ظالمة
“العدالة التي لا تشمل أخطر المجرمين هي عدالة ظالمة”، وربما أكثر ظلماً من الجناية نفسها لأنّها تترك القاتل يتمادى في إجرامه أكثر فأكثر كل يوم، فكيف يغيب الكيان الصهيونيّ الوحشيّ الذي لا يكف عن ارتكاب أشنع الجنايات بحق الفلسطينيين عن “قائمة العار” رغم إبداعه الإجراميّ في قتل الأطفال والشيوخ والنساء، ولا يكفي أن يذكر تقرير الأمين العام أن الأمم المتحدة قد تحققت من 1031 انتهاكاً جسيماً ارتُكبت ضد 340 طفلاً فلسطينيّاً و3 أطفال إسرائيليين (327 فتى و13 فتاة) في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك العاصمة الفلسطينيّة القدس، وقطاع غزة والأراضي التي يحتلها العدو خلال عام 2020.
وفي ظل الممارسات الاستبداديّة للجنات والمجرمين الصهاينة خاصة بحق الأطفال، اكتفى التقرير الأمميّ بالقول: إنّ “الأمم المتحدة تحققت من اعتقال القوات الإسرائيليّة 361 طفلاً فلسطينيّاً في الضفة الغربيّة المحتلة، بما في ذلك القدس خلال 2020، بتهمة ارتكاب جرائم أمنيّة، وأبلغ 87 طفلاً عن تعرضهم لسوء المعاملة وعن انتهاكات للإجراءات القانونيّة الواجبة من جانب القوات الإسرائيليّة أثناء احتجازهم، وأبلغ 83 في المئة منهم عن تعرضهم لعنف بدنيّ”.
نتيجة لما ذُكر، لا يمكن الوثوق أبداً بمنظمة الأمم المتحدة وتقاريرها المتحيزة للجناة الذين يغلقون فمها بالأموال، وإنّ أراد شخص عاديّ -وليس منظمة دوليّة- أن يحصي الجرائم التي ارتكبها النظام السعوديّ المستبد بحق أطفال اليمن أو العدو الصهيونيّ السفاح بحق أطفال فلسطين خلال عام واحد وليكن 2020، لكتب مؤلفاً ربما بسبب سلسلة الجرائم الوحشيّة غير المسبوقة والمستمرة حتى اليوم لهذين الكيانين العنصريين.
(الوقت)