الأساطيل الغربية في أتون النيران.. القصة المدهشة لليمنيين …هل تدرك هوليوود؟

أساطيل في أتون النيران.. القصة المدهشة لليمنيين

هل تدرك هوليوود، التي ظلت تمجد البحرية الأمريكية في أفلامها لعقود، ماذا صنع اليمنيون بحاملة الطائرات الأمريكية والسفن المرافقة لها؟ ربما تدرك الحقيقة، وربما تصمت عنها.

فلو أرادت هوليوود إنتاج فيلم قوي يحظى بمشاهدات هائلة ويجذب الجماهير، فإن اليمنيين قادرون على تزويدها ببعض المشاهد الواقعية التي ستجعل الفيلم أكثر مصداقية من أي عمل سابق.

مشاهد تحمل في طياتها شجاعة مقاتلين تحدوا الأسطورة البحرية وأجبروها على التراجع، تلك اللحظات التي قلبت موازين القوة وأظهرت أن التكنولوجيا المتقدمة ليست دومًا الحاسمة في ساحات القتال.. السينما تعشق القصص الملحمية، وما حدث في البحر الأحمر قصة تنتظر أن تُروى، بكل تفاصيلها المثيرة والمفاجئة.

سأمنحكم مدخلا للفيلم.. شاشة سوداء تظهر عليها هذه العبارة “في أعماق البحار، حيث تصطدم الأمواج بصمت، لا تنتصر الأساطير دائمًا… أحيانًا، تولد أساطير جديدة.”

ثم تدريجيا يبدأ الراوي -وهو جنرال كان شاهدا على ما حدث – في القول: “وسط أزيز الصواريخ وضجيج المحركات، كانت العزيمة اليمنية تتحدى المستحيل، كان اليمنيون يثبتون أن القوة لا تُقاس بالحجم، بل بالإرادة.”

كانت تلك مقدمة واستهلال في هذه المقالة التي تسرد من أكثر الأحداث اثارة في العصر الحديث.

كانت حاملة الطائرات أيزنهاور تجوب المياه في مهمة جديدة. إنها واحدة من أعظم رموز القوة البحرية الأمريكية، وسفينة هائلة تجمع في جوفها التكنولوجيا المتقدمة والقدرات العسكرية التي تثير الرعب في قلوب الأعداء.

ولكن هذه المرة، لم تكن السماء مملوءة بالنجوم فقط، بل أيضاً بعشرات الطائرات المسيرة اليمنية التي تطوف في صمت وتراقب بحذر.

كان البحر هادئًا، والماء ينعكس عليه ضوء القمر كما لو أنه يغطي حاملة الطائرات بوشاحٍ من الغموض.

لكن هذا السكون لم يكن إلا هدوء ما قبل العاصفة، فبلا سابق إنذار، انطلقت الصواريخ اليمنية من أعماق البحر، تخترق السماء بسرعة رهيبة، متجهة نحو هدفها بلا هوادة.

كانت الأوامر في غرفة العمليات على متن أيزنهاور واضحة: “تصدي لأي تهديد.” ولكن تلك الليلة لم تكن ليلة عادية كسابقاتها .

 فكلما حاولت السفينة الضخمة التملص من الهجمات، كانت تجد نفسها محاصرة في دوامة لا مفر منها.. المناورات الحادة، والانحرافات السريعة، كلها باءت بالفشل.

فالطائرات المسيرة اليمنية لم تكن تترك فرصة لأي خطوة دفاعية؛ كانت تترصد كل حركة، تتبعها كظل، تنتظر اللحظة المناسبة للانقضاض، لتتمكن بعد ذلك من اصابتها اصابة دقيقة.

حتى الطائرات المقاتلة على متنها لم تستطع صد موجات الهجوم المتلاحقة، ونظام الدفاع الجوي المتطور لم يكن قادراً على صد كل تلك الهجمات في آنٍ واحد.

كانت السفينة تعيش أسوأ كوابيسها، حيث تحولت من الصياد إلى الطريد وكلما حاولت السفينة الاختباء في الزبدة المتراقصة على سطح الماء، كانت تجد نفسها أمام خطر جديد.

كانت السماء والبحر يتحدان ليلاً ضدها، لتحول لياليها إلى ليالٍ سوداء من المطاردة والذل.

تلك الحاملة التي لطالما أرغمت دولًا على الخضوع، أصبحت هي نفسها مطاردة من قبل قوة لم تكن في حساباتها.

لقد ذاقت طعم الذل، بحجم الذل الذي أذاقته للعالم. وبعدما كانت تسخر من كل من يحاول الوقوف في وجهها، أصبحت تتجرع مرارة الهزيمة، وكأنها تسدد فاتورة سنوات من الهيمنة.

هكذا أضحت حاملة الطائرات أيزنهاور تحمل جروحها الثقيلة وهي تجر نفسها بعيدًا عن ساحة المعركة لكنها لم تعد كما كانت. أصبحت تلك الليالي السوداء محفورة في ذاكرتها وذاكرة الجنود الذين يعملون على متنها كدرس قاسٍ، لن يُمحى.

وفي الوقت الذي كانت فيه السفينة المنسحبة تتلمس طريقها بعيدًا عن مياه البحر الأحمر، كانت أصوات الدبلوماسيين والجنرالات الأمريكيين ترتفع في واشنطن بحثًا عن أعذار ومبررات لهذا الانسحاب المهين.

لم تكن أمريكا لتجرؤ على الاعتراف بأن الحاملة، رمز هيمنتها البحرية، تعرضت لهجوم ألحق بها أضرارًا بالغة. لذلك، بدأت بسرد روايات متناقضة، تتحدث تارة عن “إعادة تموضع” استراتيجية، وتارة أخرى عن “صيانة دورية ” دون أن تقترب ولو قليلاً من الحقيقة المرة.

لكن الحقيقة كانت واضحة للعيان، كوضوح الشمس التي أشرقت على بحر مضطرب، لا يهدأ إلا برحيل حاملة الطائرات المهزومة، التي كانت في يوم ما رمزًا للقوة التي لا تُقهر.

بعد الانسحاب المهين لحاملة الطائرات أيزنهاور من مياه البحر الأحمر، كانت أمريكا بحاجة ماسة لإظهار قوتها وإعادة الثقة إلى حلفائها أعلنت بسرعة عن إرسال حاملة الطائرات يو إس إس روزفلت لتحل محل أيزنهاور، في خطوة تهدف إلى إثبات أن السيطرة الأمريكية على المسرح البحري لم تهتز، وأن أيزنهاور لم تتعرض لأي هجوم.

لكن الواقع كان مغايرًا تمامًا.  كانت الصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية جاهزة لمهمة جديدة، لمطاردة الحاملة الجديدة. لكن روزفلت كانت أكثر حذرًا، تتردد في العبور إلى البحر الأحمر، حيث لم يكن هناك مكان للاختباء ولا للتمويه. كان البحر تحت رقابة شديدة، والأفق مليء بالمخاطر التي لم تكن روزفلت مستعدة لمواجهتها.

مع كل خطوة كانت السفينة العملاقة تتخذها، كانت تشعر بالخطر يقترب. لم يكن لديها خيار سوى مراجعة خططها، فالعواقب كانت واضحة: مصير مشابه لأيزنهاور يلوح في الأفق.

ومع هذا التهديد المتزايد، اتخذت روزفلت قرارها الصعب، وهو عكس مسارها بالكامل اختارت السفينة العملاقة التوجه جنوبًا، بعيدًا عن البحر الأحمر، نحو رأس الرجاء الصالح، محاولةً الهروب من فخ اليمنيين. لم يكن هذا القرار سهلاً، ولكنه كان الخيار الوحيد لتفادي الوقوع في المحظور.

انطلقت روزفلت عبر المحيط الهندي، متجنبة نيران الصواريخ اليمنية، لتصل أخيرًا إلى منطقة بعيدة بين المحيط الهندي وخليج عمان.

في تلك المنطقة القصية، وقفت روزفلت ذليلة، مجردة من هيبتها وسمعتها التي كانت تسبقها في كل مكان.

لم تعد السفينة رمزًا للقوة المطلقة، بل أصبحت شاهدًا على الهروب من مواجهة لم تكن مستعدة لخوضها. سقطت هيبتها تحت وطأة الخوف من مصير مشابه لمصير أيزنهاور، وباتت تقف هناك، في ذلك المكان البعيد، كرمز لهزيمة غير معلنة، يتردد صداها في جنبات البحر الذي اعتاد أن يشهد على أمجاد البحرية الأمريكية.

بالإمكان أيضا ان نمنحكم ختاما للفيلم تنسحب الكاميرا تدريجيا باتجاه نفس الراوي وهو يتحدث لمن حوله قائلا “بينما ينحسر الغبار عن مياه البحر الأحمر، لا تبقى السفن العظيمة فقط في الذاكرة… بل شجاعة اليمنيين التي أوقفتها.”

شاشة سوداء… انتهى…

 

تقرير / كامل المعمري : صحفي متخصص في العلوم العسكرية

قد يعجبك ايضا