الأرضية الصالحة لبناء علاقات متينة التقوى
الأرضية الصالحة لبناء علاقات متينة التقوى
في يوم الحساب سيكون أيضاً في داخل النار نفسها تخاصم، وتشاجر، ولعن متبادل، وعداء شديد، وحسرات كبيرة جداً تقطع القلوب.
وقلنا أيضاً: هذا يدل على أن هذه ستكون بين أطراف كان بينها في الدنيا علاقة قوية جداً: قرين مع قرينه، تابع مع متبوعه، مرؤوس مع رئيسه، أمة مع أمة قبلها كانت تحتذي بها وتسير على نهجها، من كانوا أخلاء في هذه الدنيا، من كانوا أصدقاء في هذه الدنيا، ولكن صداقة لا تقوم على أساس صحيح، صداقة عشوائية، صداقة قد تحكمها, أو تدفع إليها, أو تعزز روابطها مصالح دنيوية لا يلتفت معها الناس إلى خطورة النتيجة.
{الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ ـ يوم القيامة ـ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}(الزخرف: من الآية66- 67) من كانوا في الدنيا متقين، أصدقاء مع متقين، أتباع لمتقين، قرناء لمتقين، هؤلاء هم من ستعظم فيما بينهم المودة، ويشكر بعضهم بعضاً في ذلك اليوم، ويرتاح بعضهم لبعض.
فلماذا تتحول كل تلك الصداقات إلى حالة عداء؟ ولماذا يتبخر في ذلك اليوم الحديث عن كل المصالح السابقة في الدنيا؟ يصبح كل التعبير هو عن خطورة الموقف الذي أصبحوا فيه، الذي لم يعد بإمكان أولئك أن يذكروا الآخرين بأنهم [لكننا في الدنيا عملنا لكم كذا وكذا، وفي الدنيا فعلنا لكم كذا وكذا]؛ لأن هذه لن تقبل إطلاقاً من الطرف الآخر.
عندما ذكَّر فرعون موسى ألم يذكره بنعمة؟{أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ}(الشعراء:18) ألم يقل هكذا فرعون؟. في يوم القيامة تُنسى كل هذه تماماً فيما بين الأصدقاء، إذا كان صديقاً ممن يضلك، ممن هو على ضلال في سلوكه، في اعتقاداته، في مواقفه، في توجهاته، قد يعمل لك في الدنيا الشيء الكثير لكن سترى أنه أضلك، وأنه أهلكك وأنه بئس القرين على الرغم مما عمل لك في الدنيا، فتقول له:{يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ}(الزخرف: من الآية38).