الأحداث في عدن: تحالف العدوان يمهد للسيناريو الأسوأ!
على غير مسار تصب الجهود الغربية-الأميركية لتثبيت الهدنة والتي لا تزال -بعد مرور أكثر من 80 يوماً- غير ناضجة بفعل الخروقات التي يفتعلها العدوان والتي تجاوزت الـ 40 ألف خرق منذ بداية الشهر الحالي، إضافة لإصرار السعودية على “تقطير” التزاماتها بالبنود المتفق عليها في المفاوضات، والتي ترتكز بشكل أساسي على الجانب الإنساني.
غير ان حسابات العدوان التي تعتمد على غزو المحافظات الجنوبية وتطويعها خدمة لمشروعه الكبير في مصادرة الرأي العام وترسيخ التبعية له، أتت على خلاف حسابات “البيدر”، فما يجري في عدن من غضب عارم وسخط كبير على حكومة معين عبد الملك التابعة للرياض، وكيفية إدارتها للملفات الاقتصادية والاجتماعية ضمن نطاق سيطرتها على الرغم من أنها تستولي على أغلب مقدرات الدولة اليمنية بما فيها حقول النفط والغاز التي تنهبها الشركات النفطية الأجنبية على مرأى الحكومة وبتواطؤ منها خدمة للولايات المتحدة والدول الأوروبية في حربها ضد روسيا.
أخيراً، شهدت المحافظات الجنوبية وخاصة عدن أوضاعاً كارثية تتوسع مروحتها لتشمل الكهرباء التي توقفت تغذيتها لأيام متواصلة، إضافة لغلاء أسعار المحروقات بشكل جنوني. حيث نقلت وكالة رويترز عن “مسؤول في شركة النفط الحكومية في عدن، الأحد، قوله إن الشركة قررت رفع أسعار البنزين التجاري 14% في مناطق تسيطر عليها حكومة العدوان”. مشيرة إلى ان هذه الزيادة هي الرابعة منذ بداية العام الحالي التي تقررها الشركة فيما يتعلق بأسعار وقود السيارات. حيث ارتفع سعر غالون البنزين بسعة 20 ليتراً من 22500 ريال إلى 25800 في المحطات التجارية التابعة للطاع الخاص، بعدما كانت الشركة قد رفعت السعر في 4 حزيران/ يونيو من18600 إلى 19800 ريال.
ونتيجة لذلك فقد قطع محتجّون غاضبون، عدداً من الشوارع الرئيسية في منطقتي كريتر والمنصورة تنديداً بتفاقم معاناة المواطن. ويأتي ذلك بعد ليلة ساخنة عاشتها شوارع المنصورة إذ شهدت خروج مظاهرات ليلية طالبت بإسقاط الحكومة ومحاسبة الفاسدين محمّلة العدوان السعودي ومجلسه الرئاسي مسؤولية الأزمات.
تقاذف المسؤوليات ما بين الأطراف المسيطرة على تلك المحافظات هي السياسة التي تتبعها تلك القوى في محاولة منها لتبرير الإهمال والتقصير والتخاذل غير المبرر. وما يصعّب موقف المواجهة مع أبناء المحافظات عند هؤلاء، أنهم المسؤولون بشكل مباشر عن الأزمة، كون استخراج النفط يجري في مناطق سيطرتهم وكل الإيرادات توضع في البنك المركزي في عدن، ولا وجود لـ “طرف ثالث” لتحمليه المسؤولية، فكل الأطراف الموجودة إن كان المجلس الانتقالي الجنوبي أو ما يسمى مجلس القيادة الرئاسي، تصب في خانة التبعية السعودية-الإماراتية اللتين تحكمان الحصار على اليمنيين منذ أكثر من 7 أعوام.
ونتيجة هذه السياسات التي تعمق الأزمة يوماً بعد يوم، وتضع أبناء المحافظات الجنوبية على صفيح ساخن قد يتسبب بأي لحظة بإنفجار أمني يستغله كل من الأطراف في وجه الأطراف الأخرى، وسط مرحلة تشهد شد عصب وصراع نفوذ بين قادة الميليشيات لتثبيت وجودهم العسكري استعداداً للمرحلة المقبلة التي لن تحمل معها سوى مزيداً من الأعباء التي سيتحملها اليمنيون مرة أخرى.