الأتباع وزعامات الباطل.. جدل مرير!
الأتباع وزعامات الباطل.. جدل مرير!
في مشهد القيامة يقدِّم القرآن الكريم موقفاً لربما سيكون من أكبر المواقف تأثيراً: {وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعاً} الكل: الأتباع والمتبوعين، القادة وأنصارهم، كل الذين ساروا في صف الباطل، وهم كثير كثير، كم سيجتمع من قيادات وزعامات وملوك وأمراء، وبكل المسميات، وكم معهم من أتباع، {وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ}، في ذلك المشهد الرهيب، في ذلك المقام العظيم يتحسر بالدرجة الأولى وفي المقدمة مَنْ؟ الضعفاء، نسبة كبيرة من أنصار الباطل، ومن أنصار الطغاة، وممن يتحرك الباطل بجهودهم وتضحياتهم في هذه الدنيا، ويمكنون الطغاة والظالمين والجائرين والمستكبرين، نسبة كبيرة من الجمهور والجنود، مَنْ هم؟ من الضعفاء، لو تأتي إلى أي طاغية في هذه الدنيا، إلى أي مجرمٍ مستكبر، إلى أي متفرعنٍ متجبر؛تنظر ما الذي مكّنه من ظلم عباد الله؟ ما الذي ساعده على نشر الباطل والضلال؟ ما الذي ساعده في السيطرة والتحكم برقاب عباد الله؟ أكثر جنوده من هم؟ أكثر جمهوره المشايعين له، والمؤيدين له، والمطبِّلين له، والخاضعين له مَنْ هم؟ الضعفاء.
الكثير من الناس شعوره بالضعف على مستوى القوة العسكرية، أو على مستوى القوة المادية ضعيف الحال (فقير)، أو ضعيف النفس يشعر بالضعف العسكري أمام قوة الآخرين، يؤثر عليه هذا الشعور، فيريد أن يكون في صف أولئك الذين يرى فيهم أقوياء من الجبابرة، من الطغاة، يرى فيهم أقوياء القوة العسكرية، أو القوة المادية، أصحاب ثروة وأموال، فيحاول أن يلتحق بصفهم ليكون قوياً معهم بقوتهم، أو ليحصل على المال وسعة الحال من خلال ما يحصل عليه منهم، يوم القيامة يتندم أولئك الضعفاء، ويرون أنهم خسروا مرتين: خسروا في الدنيا، وخسروا في الآخرة {فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً}، كنا لكم في الدنيا تبعاً، وبتبعيتنا لكم، ومناصرتنا لكم، وتأييدنا لكم بالقتال أو بالمقال، أو بالتضحية بالمال، وصلتم- آنذاك- إلى ما وصلتم إليه من: قوة، وقدرة، وسلطة… وغير ذلك. وتأثير، فهل ستقدِّرون لنا ذلك الجميل هنا تغنون عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ: تخففون عنا من عذاب الله ولو القليل {قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ}[إبراهيم: الآية21]، حالة رهيبة جدًّا، لا يغنون عنهم شيئاً، ولا يدفعون عنهم شيئاً، ولا يتحملون عنهم شيئاً، ولا يقدِّرون لهم ذلك الجميل، ويتبرؤون منهم، وتتحول الحالة إلى حالة من العداء والخصام والكراهية والألم والحسرات الشديدة، وهكذا حسرات كثيرة تحيط بأولئك كلهم.