استهداف القوات المسلحة اليمنية لـــ «كاسحة الألغام» الأميركية: رسائل حارقة إلى اليونان… لتفهم إسرائيل

استهداف «كاسحة الألغام» الأميركية: رسائل حارقة إلى اليونان… لتفهم إسرائيل

لم يعد خافياً أن اليونان تُغلِّب علاقاتها بالكيان الإسرائيلي، والتي تُوصف بـ«الإستراتيجية»، على ما عداها. ويبدو أيضاً أن أثينا مصرّة على خرق القرارات اليمنية بمنع السفن المرتبطة بإسرائيل من عبور باب المندب والبحر الأحمر، وهي مستعدة للولوج في المخاطر ودفع الأثمان في طريق الدفاع عن مصالح الأخيرة، أو أنها تُستخدم من قبل واشنطن ككاسحة ألغام لتأمين الطريق، قبل مرور غيرها من السفن العسكرية الأميركية والبريطانية. ويظهر أن اليونان، ومن خلفها الاتحاد الأوروبي، لم تصلهما الرسالة في المرّة الماضية، عندما عمد «الإعلام الحربي» اليمني إلى تزويد قناة «الجزيرة» بمشاهد حصرية لاستهداف السفينة اليونانية «توتور» بزورقين هجوميين في (حزيران الماضي)، ما أدّى إلى غرقها في البحر الأحمر. إذ بعثت صنعاء حينها رسالة ردع قاسية إلى شركات الشحن العاملة في الفلك الغربي أو التي تأتمر بأوامر الولايات المتحدة، خصوصاً أن هذه الشركات خُوطبت أكثر من مرة، إلا أنها لم تلتزم بوقف رحلاتها إلى الكيان الإسرائيلي، في حين أنها تمتثل بشكل كامل لتعليمات البحرية الأميركية التي وظّفتها سياسياً أكثر من مرّة بما يخدم خطط واشنطن.ومساء السبت الماضي، عرض «الإعلام الحربي» اليمني مشاهد لإحراق ناقلة النفط اليونانية «سونيون» في البحر الأحمر، أظهرت أن ثلاثة انفجارات متزامنة ضربت السفينة الأربعاء الفائت، فيما قالت قوات صنعاء إن العملية جاءت على خلفية إقدام الشركة المالكة على انتهاك قرار حظر الدخول إلى موانئ فسلطين المحتلة.

وبالتأكيد، لم يكن إحراق السفينة «سونيون» رداً على قصف الطائرات الإسرائيلية، الشهر الماضي، ميناء الحديدة اليمني؛ فالرد المذكور له حساباته وفقاً لخطة محور المقاومة واستعداداته، وفقاً لما أعلنه قائد حركة «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، في كلمته الأخيرة. لكن الأكيد كذلك، أن صنعاء وجهت رسالة باللهب، وبمستوى الانتشاء ذاته الذي انتاب الإسرائيليين بعد قصف الحديدة، في ما يمثل دفعة على الحساب موجّهة إلى الأوروبيين المتعاونين مع الإسرائيليين والمنتشين معهم أيضاً، تفيد بأن اللهب الذي أصاب «سونيون» مرشّح لأن يصيب جميع حلفاء إسرائيل، خصوصاً المتورطين معها في إبادة الشعب الفلسطيني، وأن اللاعبين الحاليين أو المحتملين معرضون للاحتراق، تماماً كما حصل لـ«سونيون».

تمادي عواصم خليجية في السماح باستخدام مطاراتها سيضطر صنعاء إلى تحذيرها قريباً من أن اللهب سيطالها

ورغم أن التوتر في البحر الأحمر يهدّد الاقتصاد الأوروبي، فإن الأوروبيين ماضون في انتهاج السياسة الحمائية لإسرائيل، وإن لم يتوافق ذلك مع مصالحهم. وفي تقرير سابق لها، قالت قناة «الحرة» الأميركية إن أوروبا «تتحمّل العبء الأكبر» بسبب التوتر في البحر الأحمر، والذي يعرقل الشحن. وأضافت أن «التوتر في البحر الأحمر يُضعف التجارة في أوروبا وبات يؤثّر سلباً على الشحن إليها، ما قد يهدّد بتوسيع الفجوة بين القارة العجوز والولايات المتحدة على المستوى الاقتصادي»، ومن جهتها، اعتبرت صحيفة «وول ستريت جورنال»، في تحليل لها، أن الصراع في الجوار الأوروبي يهدّد للمرة الثانية خلال ثلاث سنوات، بإضعاف الاقتصاد المتعثّر بالفعل، بينما تراقب الولايات المتحدة الأكثر قوة، من مسافة أكثر أماناً.

وفي المقابل، فإن اليمن هو الأقل عرضة للاشتعال بين كل اللاعبين، لافتقاره إلى «المواد المشتعلة» على أراضيه؛ وبالتالي، فإن الأضرار الناتجة من امتداد حرائق المنطقة إليه سبق أن لحقت بالحديدة، وهي أقصى ما يمكن أن يحدث لديه. أما البقية، فلديهم الكثير ليخسروه إذا ما طالت كرة النار مصالحهم ومنشآتهم الحيوية؛ ولعل تمادي بعض العواصم الخليجية في السماح باستخدام مطاراتها وأراضيها لإقلاع الطائرات الأميركية، سواء من أجل استهداف الأراضي اليمنية أو تقديم خدمات الدعم اللوجستي، سيضطر صنعاء إلى تنبيهها قريباً إلى ضرورة وقف تلك العمليات، وإلا فإن اللهب سيطالها. والواقع أن الرسائل اليمنية، السابقة أو اللاحقة، لن ينفع معها ادعاء الحرص الكاذب على سلامة البيئة البحرية، والذي جدده المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، قائلاً في منشور على منصة «إكس» إن هجمات «الحوثيين» في اليمن تشكل «تهديداً بيئياً وملاحياً».

يذكر أن التوترات في البحر الأحمر اضطرت الفيليبين إلى أن تطلب، الجمعة الماضي، من بحارتها «تفادي» المرور من هناك. وقالت وزارة الخارجية الفيليبينية، في بيان، إن «على المواطنين الفيليبينيين تفادي المنطقة برمتها ما لم يكن ذلك ضرورياً جداً لمورد رزقهم»، مشيرة إلى «تفاقم النزاع في البحر الأحمر، ما يمثّل خطراً واضحاً وقائماً على جميع البحارة الفيليبينيين العاملين في المنطقة». وجاء التحذير غداة إنقاذ 23 فيليبينياً وروسياً من أفراد طاقم «سونيون»، إثر إصابتها.

 

لقمان عبدالله : جريدة الأخبار

قد يعجبك ايضا