استهدافات متواصلة للعمق الإسرائيلي: صنعاء ترفع جهوزيّتها بوجه العدوّ

 

واصلت قوات صنعاء هجماتها شبه اليومية ضد العدو، مع استمرار التهديدات الإسرائيلية بضربها، وتصاعد دعوات الجهات المعارضة داخل الكيان إلى استهداف ميناء الحديدة مجدّداً. وفي الوقت نفسه، تستعد القوات المسلحة اليمنية لاحتمال التصعيد على الجبهات الداخلية، في ظل تزايد التلويح بنقل النموذج السوري إليها بعد سقوط النظام في دمشق. وأعلن المتحدث باسم قوات صنعاء، العميد يحيى سريع، مساء أمس، تنفيذ عمليتين في عمق الكيان، بالإضافة إلى سلسلة عمليات استهدفت سفن إمداد عسكرية ومدمرتين أميركيتين. وأوضح سريع، في بيان، أن الهجومَين الأولين استهدفا أهدافاً عسكرية في منطقتَي تل أبيب وعسقلان في فلسطين المحتلة بطائرتين مسيّرتين، مؤكداً أنهما «حقّقا هدفهما بنجاح».
وفي البيان نفسه، أشار المتحدث إلى أن القوات البحرية وسلاح الجو المسيّر والقوة الصاروخية نفذت هجوماً نوعياً استهدفت خلاله ثلاث سفن إمداد أميركية بعد خروجها من ميناء جيبوتي، علماً أنه سبق للسفن المستهدفة أن «مارست العدوان على اليمن». ولفت إلى أن «السفن الثلاث كانت ترافقها مدمرتان أميركيتان في خليج عدن، وقد جرى استهدافهما أيضاً»، موضحاً أن قوات بلاده استخدمت «في هذه العملية عدداً من الصواريخ والطائرات المسيّرة وحققت أهدافها بنجاح. وهذه العملية تعدّ الثانية التي تطاول سفن إمداد عسكرية أميركية في غضون عشرة أيام».
جاء ذلك في وقت تصاعدت فيه الدعوات في إسرائيل إلى ضرب ميناء الحديدة مجدداً. وطالب العضو السابق في كابينت الحرب، زعيم حزب «المعسكر الوطني»، بني غانتس، بتوجيه ضربة عسكرية إلى حركة «أنصار الله»، محدّداً ميناء الحديدة كأولوية، بعد الهجوم اليمني الذي طاول هدفاً إلى الجنوب من تل أبيب قبل أيام. في المقابل، ووسط تصاعد التهديدات بنقل النموذج السوري إلى اليمن، وتحريك الميليشيات الموالية للإمارات والسعودية في مختلف الجبهات اليمنية، تواصل صنعاء استعدادها لمثل هذا الاحتمال، وتعدّ العدّة لتنفيذ عمليات عسكرية عكسية في حال حاول الموالون للتحالف السعودي – الإماراتي المساعدة في تنفيذ مخطط أميركي – إسرائيلي يجري الحديث عنه، لشن هجوم على اليمن.

غانتس يدعو إلى ضرب ميناء الحديدة مجدداً

وردّت صنعاء على تلويح مسؤول في وزارة دفاع حكومة عدن بالتصعيد العسكري، بتنفيذ مناورة عسكرية جديدة في إطار معركتها المساندة لقطاع غزة. وقالت صحيفة «26 سبتمبر»، التابعة لصنعاء، إن وحدات من خريجي الدورات العسكرية المفتوحة في منطقة المهاذر في مديرية سحار في محافظة صعدة، نفّذوا مناورة عسكرية تحت شعار «معكم حتى النصر». وأشارت إلى أن المناورة جسّدت المهارات التي اكتسبها الخريجون في استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، والاستطلاع والدفاع والهجوم والتخفّي، وكذلك القدرة على إصابة الأهداف بدقة. وكانت صنعاء قد عملت على إعداد أكثر من 500 ألف مقاتل من قوات التعبئة، والتي تعدّ قوات احتياط، منذ دخولها معركة «طوفان الأقصى».
في الإطار نفسه، دعا وزير خارجية صنعاء، جمال عامر، بعثة الأمم المتحدة المعنيّة بدعم اتفاق الحديدة إلى القيام بدورها في رصد ما تقوم به الفصائل الموالية للإمارات في الساحل الغربي من عمليات تحشيد عسكري وسياسي ومالي. وأكد، خلال لقائه رئيس البعثة الأممية الجديد، الجنرال مايكل بيري، أن «صنعاء لن تباشر بأيّ عمل عسكري، إلا أنها مستعدة لردع أي محاولات تصعيد قد تقوم بها الأطراف الأخرى، وسيكون الرد في إطار حق الدفاع عن النفس».
من جهتها، قالت مصادر ديبلوماسية مقرّبة من الحكومة الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي، لـ»الأخبار»، إن واشنطن تدفع نحو تنفيذ إجراءات اقتصادية قاسية ضد صنعاء، ولمّح إلى أن الأولى تدرس تعطيل الاتصالات في اليمن منذ أشهر، إلا أن ضعف الحكومة في عدن يعيق تنفيذ الكثير من العقوبات الأميركية. وقد تزامن ذلك مع إعلان وزارة الخزانة الأميركية، أمس، فرض عقوبات على رئيس لجنة الأسرى في صنعاء، عبد القادر المرتضى. وقالت تقارير أميركية إن إدارة جو بايدن تحاول الضغط على «أنصار الله» في ملف «خلايا التجسّس» وموظفي السفارة المحتجزين في اليمن، فيما رأى مراقبون يمنيون أن قرار الخزانة الأميركية يهدف إلى منع أي تقدّم في الملف الإنساني قبل التوصل إلى اتفاق بشأن الخلايا الأميركية، مشيرة إلى أن الإجراء الأميركي جاء بعد أيام على تأكيد المرتضى استعداد صنعاء لصفقة تبادل شاملة.
في مقابل كل ذلك، أكدت حكومة صنعاء انفتاحها على مساعي السلام، مؤكدة دعمها خطة المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ، بشأن تشكيل لجنة اقتصادية مشتركة بينها وبين حكومة عدن، تعالج الملفات الاقتصادية بإشراف ورعاية أممية. وقال مصدر سياسي مطّلع في العاصمة، لـ»الأخبار»، إن «حكومة صنعاء أبلغت المسؤولة السياسية في مكتب المبعوث الأممي، روكسانة بازرجان، خلال زيارتها البلاد مع وفد من مكتب غروندبرغ، موافقتها على إجراء مشاورات اقتصادية وتشكيل لجنة اقتصادية مشتركة». وأشار المصدر إلى أن «وزارة الخارجية أكدت أن من يعيق مسار السلام هي الولايات المتحدة». وطالبت المبعوث الأممي بأن «يكون له موقف واضح من الدور الأميركي المعرقل للسلام في اليمن».

رشيد الحداد

قد يعجبك ايضا