استطلاع خاص : الحقيقة في جيزان
مضى عام وعام وها هو العام الثالث يشارف على الإنتهاء منذ بداية العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن دون أن يتحقق له حلم دخول صنعاء واجهاض الثورة واعادة الوصاية الخارجية بل على العكس من ذلك استطاع الشعب اليمني ان ينسف أحلامه ويفشل مؤامراته ويكسر هيبته وكبريائه بعد أن اجتاز المقاتل اليمني حدوده وتقدم في عمق أراضيه التي كان لنا شرف زيارة جزء منها في جبهة جيزان حيث بدأنا زيارتنا بالنزول إلى جبل مران مرورا بالملاحيط ومنطقة المنزالة ومن ثم اجتياز الحدود باتجاه خطوط النار إلى جبل الدود وغاوية ومنها إلى وادي جارة ومشارف قرية قمر حيث يرابط هناك الألاف من أبطال الجيش واللجان الشعبية
كانت الوسيلة تسير بنا في خطوط فرعية وملتوية صعودا ونزولا وتحت حرارة الشمس كان السائق يحدثني عن سير المعارك والبطولات التي يسطرها المجاهدين هناك ولا أخفيكم أني لم استوعب الكثير منها لانشغالي بذكرياتي الخاصة في تلك المناطق ابان الحرب السادسة في ظهر الحمار والمنزالة والدود ودخان عندما كنت مع المجاهدين نواجه بإمكانات ضعيفة واعداد قليلة وعلى أرض مساحتها محدودة الجيش اليمني من الجنوب والجيش السعودي بامكانات اغنى دول النفط من الشمال تذكرت ونحن ننتقل من منطقة إلى أخرى تلك الحرب والرعاية الإهية التي منحها الله للمجاهدين وإن نسيت فلن انسى كيف دخلت السعودية الحرب بكل غطرسة وكبرياء بعد أن نقضت العهد مع المجاهدين للمرة الأولى والثانية وأدخلت الجيش اليمني إلى جبل دخان ليلتفوا على المجاهدين من الخلف وليكون ذلك ذريعة لها للدخول في الحرب مباشرة وأذكر أنه بمجرد دخولها تجدد عزم المجاهدين وكأن الحرب بدأت لتوها يومها لم يكتف المجاهدون بالسيطرة على جبل دخان بل اقتحموا جبل الدود وجبل الرميح وسيطروا عليهما ودخلوا الجابري واجزاء واسعة من الأراضي السعودية
ما بين السادسة وحرب اليوم إليكم الفرق
في السادسة كما قلنا كان عدد المجاهدين محدودا جلهم من جبل مران وما نسبته 20% من المناطق المجاورة له مصادر التمويل كانت ضعيفة والأرض التي يقاتلون عليها صغيرة ومحاصرة مقدمتها في الدود ودخان والجابري ومؤخرتها في جبل مران أما اليوم وبعد مرور 8 سنوات على تلك الحرب فقد تغير كل شيء عدد المجاهدين تضاعف عشرات الأضعاف والجيش اليمني وأبناء القبائل اليمنية الذين قاتلوهم بالأمس اصبحوا اليوم في مقدمة الصفوف يقاتلون معهم الجيش السعودي الأرض اصبحت مفتوحة وواسعة بطول وعرض اليمن مقدمتها في جبل الدود ودخان وغاوية والحثيرة وقمر والجابري وملحمة وصحراء ميدي ومؤخرتها ومصادر تمويلها ورفدها بالمال والرجال في تعز وباب المندب وصنعاء ومأرب والجوف والبيضاء وصعدة وعمران والحديدة وسواحل تهامة وفي الوقت الذي كانت تضرب بكل قوتها وجبروتها وبمختلف أنواع الأسلحة مواقع ثلة من المجاهدين هاهي اليوم تواجه جيش ولجان وشعب بكامل عتاده وعدته تمنيت وأنا أشاهد ذلك العدد الكبير من المقاتلين وحجم الإنفاقات التي تصرف عليهم وما يمتلكونه من عدة وعتاد عسكري أن يمتلك الطابور الخامس الجرأة على النزول إلى هذه الجبهة أو أي جبهة شاء وما أكثرها ليخجل أولا من نفسه عندما يتحدث عن فساد أنصار الله وثانيا ليعرف حجمه ووزنه ويعلم بأن الزمن والمتغيرات قد تجاوزه بكثير وبالتالي يخرج من عالمه الإفتراضي ويعايش الحقيقة كما هي لا كما تصورها له شبكات التواصل الإجتماعي .
تفحيطات أطقم حرس الحدود السعودي اختفت وبقيت قدم المقاتل اليمني
وأنا أخطوا بقدمي داخل الأراضي السعودية عادة بي الذاكرة إلى ما قبل ثورة 21 سبتمبر إلى زمن تفحيطات أطقم حرس الحدود السعودي على تلك الأرض اليمنية الأصل وهي تطارد المواطن اليمني وتقتله بدون ذنب إلا أنه كان يبحث عن لقمة عيش كريمة لقد أختفت تلك الأطقم والمطاردة والتفحيطات ولم يبقى إلا قدم المقاتل اليمني على صدره جعبته وفي يمينه بندقيته وعلى عظمة كتفه تسمر قاذف الأربيجي وما من يوم يمر إلا وهناك أكثر من عملية قتالية تتنوع بين كمين وهجوم مباغت واغارة واستهداف صاروخي ومدفعي لقد استطاع بمهاراته القتالية العالية أن يحول حياة الجندي السعودي إلى جحيم لا يطاق يضرب بمختلف أنواع الإسلحة ومن ضرباته تحس بما يعتصر قلبه من خوف وهلع وكره للحرب التي ملها ويريد الخلاص منها بأي شكل بعد أن عرف بأنه يخوض حرباً ليست حربه بل حرب ذلك الأمريكي الذي يعاوده بالزيارات بين كل فترة وأخرى وتتلقى قيادته منه الأوامر والتوجيهات بالإضافة إلى ما خلفته الحرب على بلده من أزمات إقتصادية مدمرة
أربعة ايام قضيناها في جبهة جيزان وما أسعدها من أيام خصوصا وأن أولئك الذين تجلس ما يقارب 14 ساعة أمام شاشة الكمبيوتر لمتابعة أخبارهم والكتابة عنهم وعن صبرهم وصمودهم وما يسطرونه من ملاحم بطولية أذهلت العالم ورفعت اسم اليمني عاليا بين الأمم أصبحت بينهم تجلس وتأكل وتنام وتتبادل الحديث معهم وكأنهم أخوة لك يغمرونك بكرمهم ولطفهم وحسن تعاملهم في عملهم يتحركون وكأنهم خلية نحل كل واحد منهم يعرف عمله والمهمة الموكلة إليه بإهتمام وجد ومثابرة مستشعراً المسؤولية وعارفاً بأنه يؤدي واجباً جهاديا مقدساً
الملفت هنا أن طول أمد الحرب اكسبتهم مهارات قتالية عالية حتى اصبحوا كمعدن الذهب كلما ازداد سخونه ازداد بريقا ولمعانا وهم كلما ازدادت الحرب ضراوة ازدادوا همة وعزيمة وتصميم على مواصلة الحرب حتى العبور إلى ضفة النصر أو الشهادة وهذا كله راجع إلى إيمانهم العميق بالقضية التي يتحركون من أجلها ومعرفتهم الواسعة بحجم المؤامرة الكونية على وطنهم وما يضمره أعدائهم تجاه الشعب اليمني من حقد وشرور وأهداف شيطانية لن تنتهي عند احتلال بلدهم بل بالذبح وهتك الأعراض على الطريقة الداعشية
لقد كسر هؤلاء الشجعان بما رأيناه من أليات مدمرة وسيطرة على مواقع وقرى وأراضي واسعة كبرياء آلـ سعود ومرغوا أنوفهم في التراب بعد أن كانوا يعمدون بالقوة إلى اقتطاع كل عام أجزاء واسعة من الأراضي اليمنية واليمنيون وبالأخص الجيش اليمني لا يستطيعون حمايتها أو منع السعودية من احتلالها لا عجزاً منهم وإنما لأن هناك في صنعاء من باعها واستلم الثمن مقدما أما اليوم فقد تغير المشهد وهاهو الجيش اليمني واللجان الشعبية ومعهم رجال القبائل يسترجعون أراضيهم المحتلة بالحديد والنار وسط معارك عنيفة انهكت السعودية مادياً وبشرياً ومعنوياً ولولا خوفها مما تهددها به أمريكا إن هي اوقفت العدوان على اليمن بقانون جاستا ومحاكمتها بتهمة الإرهاب وأحداث الحادي عشر من سبتمبر لأوقفت الحرب وقبلت بالصلح ولو على حساب أن تنسحب من جيزان ونجران وعسير وتعيد لليمنيين كل الاراضي التي احتلتها مطلع القرن الماضي
عابد حمزة