استطلاع خاص : الحقيقة في المخا الغزاة يطبخون على صفيح ساخن
مضى عام والعام الثاني وأربعة أشهر على بداية العدوان الأمريكي لم يستطع خلالها أن يحقق أي شيء إلا هدم المساكن والمصانع والمدارس والمستشفيات والمنشآت والجسور وقتل الأطفال والنساء والعجزة في مجازر وحشية أظهرت للعالم قبح الوجه الأمريكي وأظهرته مع حلفائه وأدواته عاجزاً عن تحقيق ما كان قد وعد وتوعد به من اجتياح اليمن واحتلاله في الأسابيع الأولى من بداية العدوان.
قبل عام وثمانية أشهر زارت صحيفة الحقيقة جبهة كرش والوازعية وبعدها بأشهر زارت جبهة العقبة والخنجر وصبرين بالجوف وقبل أربعة أشهر تقريباً زارت جبهة كهبوب ومع كل زيارة كانت تنقل لقرائها ما تشاهده من استعدادات كبيرة لأبطال الجيش واللجان الشعبية لمواجهة الغزاة وخوض معركة النفس الطويل ومع كل زيارة كانت تراهن على الصمود وعدم الانكسار أو التراجع أمام جحافل القوات الغازية .
الخوخة : مدينة السياحة والاقتصاد دمرها العدوان
اليوم وبالتزامن مع زيارة ترامب للبقرة الحلوب والتهديد الأمريكي باجتياح الساحل الغربي واحتلال محافظة الحديدة قمنا بزيارة جبهة المخا وقبل الدخول إليها نزلنا ضيوفاً عند بعض الأصدقاء في مديرية الخوخة الساحلية التي تتمتع بشواطئ طويلة وطبيعة ساحرة وإطلالة على البحر الأحمر في غاية الجمال والروعة وهي المديرية التي نالها النصيب الأوفر من العدوان وقدمت في سبيل الدفاع عن الوطن قافلة من الشهداء ما لحظناه ونحن نتنقل بين أحياء المدينة هو شجاعة أبنائها وكيف أنهم يمارسون حياتهم الطبيعية رغم ضرب الطائرات والبوارج والتحليق المستمر على مدار الساعة وأنت تتأمل في وجوه الناس تحس بالطيبة والتواضع والألفة والمحبة والاحترام ما هناك مشاكل أو تنافر فيما بينهم أو مع المجاهدين الكل مستعد للتضحية والكل مجمع على ضرورة مواجهة العدوان, جلسنا مع الكثير منهم وتحدثنا مع الكثير وأسعدنا ما هم عليه من وعي وإدراك لمخططات الغزاة وما يكنونه من كره واحتقار لمن يرضى بالاحتلال أو يعمل لصالحه, ولأن شهر رمضان الكريم على الأبواب فقد لمسنا استعداداً غير مسبوق لاستقباله من خلال فتح عشرات المجالس الرمضانية المخصصة لقراءة القرآن وتفهم معانيه والدعاء والتسبيح والاستغفار, ولمسنا أيضا تعاوناً وتكاتفاً واهتماماً بتحسين المدينة ونظافتها حيث تزامنت زيارتنا مع وجود حملة نظافة كبيرة الكل شارك فيها لإزالة القمامة والأوساخ المتراكمة في شوارع وأحياء المدينة, أخبرنا مشرف المديرية بأن تعاون أبناء المديرية مع المجاهدين ساعدهم على إنجاح مشروعين للمياه لتزويد الأهالي بالمياه العذبة والثالث قيد التنفيذ, وتم مؤخراً افتتاح مركز الجمارك لإدخال شحنات البضائع الخارجية والعمل لا زال قائما على تطويره.
في الماضي كانت الخوخة منطقة من أهم المناطق السياحية والاقتصادية يتقاطر إليها الزوار من داخل اليمن وخارجه وكان فيها مراكز وأسواق تجارية كبيرة تصل إليها البضائع من مختلف دول العالم, وما إن جاء العدوان الأمريكي حتى حول منتجعاتها وأسواقها وموانئها ومراكزها التجارية إلى أكوام من خراب, استهدف كل شيء وقضى على كل ما هو جميل حتى مراكز الإنزال السمكي استهدفها واستهدف قوارب الصيد وقتل الصيادين, وهذا بدوره أثر بشكل كبير على الحياة المعيشية للمواطنين ولولا حرص المجاهدين على توفير ما تيسر من السلال الغذائية التي حضرنا عملية توزيع كميات كبيرة منها على أسر الشهداء والأسر الفقيرة لحدث مجاعة لا سمح الله.
زيارة جبهة المخا
في اليوم الثالث كنا قد أكملنا التنسيق مع المعنيين لدخول جبهة المخا, وبعكس الزيارات السابقة اتعبتنا هذه الزيارة نظراً لتعدد الخطوط الدفاعية المتواجدة بين مديريتي الخوخة والمخا, والتي يزيد عددها عن سبعة خطوط وكل خط دفاعي شبه منفصل عن الثاني له قيادته وآلياته وسلاحه, وبصعوبة وصلنا إلى مقدمة الجبهة حيث يرابط هناك الآلاف من أسود اليمن وصفوة الرجال الذين تاجروا مع الله فربحت تجارتهم ونالوا شرف الدفاع عن الوطن بما يصدرونه من مواقف بطوليه جعلت أحرار العالم يخلعون قبعاتهم احتراما وًجلالاً لصمودهم العظيم في وجه الغطرسة الأمريكية, ما لحظناه في الجبهة هو محاولة الغزاة إحداث أي خرق يحفظ لهم ولو قليلاً من ماء الوجه المسكوب تحت بيادات أبطال الجيش واللجان الشعبية, صحيح أنهم في الأشهر الماضية استطاعوا التقدم إلى مدينة المخا والتمركز شمالها لكنهم دفعوا ثمن ذلك غالياً من دماء مرتزقتهم, أصبحوا بسبب تهورهم مكشوفي الظهر وما من يوم يمر إلا وهناك أكثر من عملية نوعية ينفذها المجاهدون بطول السلسلة الجبلية الممتدة من كهبوب والعمري إلى جبل النار ويختل, هذه العمليات المتنوعة ما بين غزوة وكمين وضرب مدفعي وصاروخي أنهكت الغزاة وجعلتهم يدركون بأنهم أدخلوا أنفسهم في حرب استنزاف يواجهون من الأمام والخلف وما من يوم يمر إلا ويتم إحراق عدد من آلياتهم وقتل العشرات من مرتزقتهم, وهذا ما جعل الملوك العبيد يجوبون خلال الأشهر القليلة الماضية مشارق الأرض ومغاربها بحثاً عن مرتزقة جدد من السودان والسنغال والجنجويد ومن شتى بقاع الأرض ليحافظوا على تماسكهم وليفوا بما وعد به سيدهم الأمريكي من دخول الحديدة واحتلالها, ولكن كيف لهم ذلك ونحن في زيارتنا لجبهة الساحل شاهدنا آلاف الرجال المدججين بمختلف أنواع الأسلحة فيهم التهامي والصنعاوي والصعدي والجوفي والمأربي والتعزي والعمراني والحجي والذماري وما من يوم يمر إلا وهناك دفعات جديدة من المقاتلين تصل تباعاً من مختلف المحافظات إلى جبهة الساحل, كيف لهم ذلك وهم لا يزالون على مدى عامين عاجزين عن حماية مرتزقتهم وآلياتهم من كمائن وهجمات المقاتلين اليمنيين ولم يستطيعوا أن يتقدموا شبراً في كهبوب والعمري وميدي, لقد انهكتهم بما هم عليه من وهن وفتور جبهة المخا فكيف بجبهة الخوخة وحيس ورأس عيسى وبيت الفقيه والدريهمي والتحيتا والحديدة وكل جبهة من هذه الجبهات تحتاج إلى أضعاف ما لديهم من سلاح وآليات ومرتزقة.
التقينا ببعض الإخوة المجاهدين وعند محاولتنا رفع معنوياتهم بالحديث عن قوتهم وما يمتلكونه من سلاح وعتاد, أجاب أحدهم بالقول يا سيدي نحن هنا لا نعول على الكثرة أو القوة ولا السلاح أو العتاد ثقتنا بالله كبيرة وتوكلنا عليه كبير وقد رأينا من رعايته ونصره لنا ما يجعلنا نثبت ونستبسل ونقاتل حتى يحكم الله بيننا وبين القوم الظالمين , وفعلاً فما هم عليه من صمود واستبسال وما لحظناه وهم يتبادلون الحديث ويرددون النكتة ويتحملون حرارة الشمس ويصمدون في متارسهم رغم الضرب واشتداد المعارك يدل على أنهم من النوعية الذين عرفوا الله وعرفوا أنه لا إله إلا هو وأنه الغالب على أمره وأنهم هم الموعودون بنصره وخلافته في أرضه, وقبل أن نستكمل عملنا من تصوير واستطلاع سألنا من كان برفقتنا منهم إن كان لهم حاجة يمكن قضاؤها, أجابوا بالشكر والامتنان فقط أخبرونا بأن نبلغ عبر صحيفتنا سلامهم لكل المجاهدين وكل حر شريف يهمه أمر شعبه وأمته كما طلبوا منا بأن نحث الناس في شهر رمضان الكريم على الدعاء لهم بالتوفيق والنصر والغلبة وإحياء المجالس الرمضانية بالإكثار من الذكر والاستغفار وقراءة القرآن الكريم حتى نكون جميعاً في هذا الشهر الكريم محط رعاية الله ونصره وتوفيقه وغلبته.