اردوغان وسياسة الصفر أصدقاء.. فتش عن الديكتاتورية !
على وقع الخلافات بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو، أعلن الآخير الخميس
انه لن يترشح لرئاسة الحزب الحاكم خلال المؤتمر الاستثنائي في 22 ايار/مايو، وسط كثرة الأحاديث عن وقف اوغلو بوجه طموحات “السلطان”.
داود اوغلو قال في كلمة امام الصحافيين في مقر حزب العدالة والتنمية اتخذت طابع خطاب وداعي،”لا اعتقد انني ساقدم ترشيحي”، لولاية جديدة خلال المؤتمر الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية الذي دعي الى عقده في 22 ايار/مايو. اوغلو الذي سارع لرفع الراية البيضاء أمام حليف الأمس رجب طيب اردوغان، والذي مازال يشغل منصب رئيس حزب العدالة والتنمية، وأعلن بوضوح أنه “لن ينتقد رئيس الجمهورية” وأنه سيحافظ على “الود” الذي يجمع بينهما. وبكلمات بسيطة فإن داود أوغلو امتثل لإرادة “رئيسه” رجب طيب أردوغان وقرر عدم خوض مواجهة معه.
خلاف اردوغان واوغلو وللحكاية أصل..
كثرت الأقاويل في الوقت السابق عن تصاعد الخلاف بين اوغلو وأردوغان، وكانت وسائل الإعلام التركية قد ذكرت أن حزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد سيعقد مؤتمره الاستثنائي في 22 أيار/ مايو وأن رئيس الوزراء أحمد داود اوغلو لن يترشح خلاله مجدداً لرئاسة الحزب. وبدون الترشح لرئاسة الحزب لولاية ثانية يخسر داود أوغلو تلقائياً منصبه كرئيس للوزراء، لأن النظام الداخلي للحزب ينص على أن يتولى رئيس الحزب رئاسة الحكومة، وعندما انتخب اردوغان رئيساً للبلاد في آب/ أغسطس 2014 بعد ثلاث ولايات رئيساً للوزراء، عين داود أوغلو وزير الخارجية السابق خلفاً له بعد استفحال خلافه مع صديقه السابق عبد الله غول، ما دفع بكثيرين إلى الرهان على سلاسة انقياده. بيد أن هذا الأكاديمي اكتسب تدريجياً مكانة على الساحة السياسية التركية، وتحول إلى خطيب مفوه ومفاوض في الأسابيع الأخيرة على اتفاق مع بروكسل حول المهاجرين ينبغي أن يحقق لتركيا مكسباً تاريخياً يعفي مواطنيها من تأشيرة دخول إلى فضاء شينغن.
ويرى محللون ان أردوغان ومنذ انتخابه رئيسا لم يخف سعيه لتعديل الدستور لإقامة نظام رئاسي وهو مشروع يؤيده داود أوغلو في العلن لكنه لا يبدو متعجلاً لوضعه موضع التطبيق، ويريد أردوغان أن يحكم رئيس الدولة تركيا. ويرى أن هذا النظام ضمان في مواجهة سياسة الائتلافات التي عرقلت مسيرة تركيا في التسعينات. أما خصومه فيرون في تقوية الرئاسة أداة لتحقيق طموحه الشخصي، بينما يعبر رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو في مجالسه الخاصة عن معارضته للنظام الرئاسي وانحيازه للنظام البرلماني وسلب بعض الصلاحيات منه عن طريق سحب سلطة تعيين رؤساء الأحزاب فى المدن التركية ما دفعه إلى الإقدام على تقديم الاستقالة.
المقربون من الرئيسِ التركي نشروا على الإنترنت ما أسموْها: نقاطَ خيانة الأمانة في تقريرٍ شبهِ استخباري، تضمن: عدمَ التزام أوغلو بشرطي تسليمه حزب العدالة والتنمية، ليكون هذا التقرير القشة التي قصمت ظهر البعير، دافعاً بأوغلو، ولأول مرة في حياته إلى إعلان استعداده للتخلي عن منصبه، وانسحابـه من الحياة السياسية.
يذهب البعض الآخر من المحللين الى اعتبار ان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي يحتفظ بنفوذه داخل حزب العدالة والتنمية الذي أسسه عام 2001، لم يستحسن قيام رئيس وزرائه بالتفاوض لوحده على الاتفاق حول سياسة الهجرة بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة والرغبة التي عبر عنها بالعودة إلى المفاوضات مع المتمردين الأكراد. كما عبر الرجلان علناً عن وجهات نظر مختلفة ولاسيما بشأن اعتقال الصحافيين خلال محاكمتهم، الذي لا يؤيده داود أوغلو.
اردوغان وأصدقاؤه …حلفاء الأمس أعداء اليوم
ليست المرة الأولى التي يختلف فيها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان مع أصدقائه اذ سبق خلافه مع داوود أغلو خلافه مع صديقه السابق عبد الله غول، والتي وصل بهما الأمر الى حد انتقادات متبادلة التراشق بالكلمات والإهانة بين رئيس تركيا الحالي والسابق، أدت لصدى واسع وردود أفعال كبيرة عليها، حيث كان الرجلان حليفين في الماضي القريب وأسسا معًا حزب “العدالة والتنمية”.
السياسة الخارجية كانت أساس خلاف اردوغان و غول، وتعرضت العلاقة بين الرجلين لأزمة حادة نتيجة الاتجاهات الديكتاتورية المتنامية عند أردوغان، اذ بدأ الموضوع حين انتقد عبدالله جول الرئيس التركي السابق، سياسة بلاده الخارجية، قائلًا إن البلاد تحتاج إلى مراجعة سياستها في الشرق الأوسط والعالم العربي من خلال تبني وجهات نظر أكثر واقعية، ليأتي الرد على نصيحة جول عنيفًا من جانب أردوغان الذي لم يتمكن من ضبط أعصابه، ووجه انتقادات لاذعة تصل إلى حد الإهانة للرئيس السابق، ورفض أردوغان، بشكل غير مسبوق من الصدام العلني بين الرجلين، نصيحة رئيسه السابق جول، ووصفه بطريقة غير مباشرة بـ”الجبان والخائن”، وقال أردوغان “تركنا وراءنا الخونة والجبناء والمترددين والمتمسكين بمصالحهم الشخصية في عالم السياسية وأكملنا طريقنا السياسي دون تغيير، أما هم فباتوا اليوم خارج السياسة”.
اردوغان يطعن صديقه الأول
لا تتوقف المشاكل مع اردوغان على اعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم فقط، بل سبق وأن شن الرئيس التركي حملة اعلامية وقضائية كبيرة على حليفه السابق فتح الله غولن، وغولن، من مواليد “أرض روم” عام 1941، يعرف بـ “أب الاسلام الاجتماعي في تركيا” يمتلك امبراطورية واسعة ومترامية الاطراف داخل تركيا وخارجها، في أميركا وأوروبا وغرب أفريقيا وفي آسيا الوسطى والقوقاز والبلقان، من مدارس ومراكز تعليمية وثقافية ومرافق خدمية ووسائل اعلامية مختلفة ومشاريع تجارية واستثمارية ضخمة، وعندما شعر اردوغان أن الشيخ غولن سيشكل الكابح لطموحات السلطانية في تقاسم الهیمنة علی المرافق الرئیسیة في السلطة، وخاصة القضاء والجیش والأمن والحيلولة دون تطبيق ميوله الدكتاتورية ونزعته السلطانية التي تجاوزت حتى حدود تركيا، انطلقت السجالات الإعلامية بين اردوغان وجماعة “غولن” من خلال وسائل الإعلام القريبة من كليهما، سجالات أخرجت للعلن صراعا بين الطرفين، حرصا دائما على إبقائه خلف الكواليس، وبرز حين قررت الجماعة تصعيد الخطاب وفضح سياسة اردوغان الداخلية والخارجية، اذ انطلقت شرارة الخلافات عقب انتشار مكالمات هاتفية تظهر تورط وزراء واقرباء الرئيس التركي بالاضافة الى اردوغان شخصياً بفضائح فساد كبيرة داخل تركيا، بالاضافة الى حصول الجماعات الارهابية في سوريا على دعم مباشر من عائلة اردوغان وأجهزة مخابراته، كل هذا وذلك فتح الباب أمام اردوغان لمحاسبة غولن وملاحقته قضائياً بذرائع مختلفة.
في النهاية لا شك ان حادثة الطلاق السياسي بين ارودغان وأصدقائه والتي كان آخرها أحمد داود أوغلو، لن تكون الآخيرة في مسيرة اردوغان، خاصة أن هذا الرجل يملك طموحات شخصية كبيرة يمكن أن يقف في وجهها ليس الأصدقاء فحسب بل حتى أقرباؤه، فلاعجب أن نسمع عن خلاف بين اردوغان وابنه بلال أو أحد أصهاره في القريب اذا ما وقف أحد هؤلاء في وجه طموحات السلطان العثماني الجديد، ولكن من حقنا أن نسأل من سيكون رئيس وزراء تركيا الجديد؟…. او نصيغ السؤال بطريقة ثانية من سيكون صديق اردوغان الأني في الأيام القادمة؟ والذي سيصبح بطبيعة الحال عدوه في المستقبل ويتحضر لمصير من سبقه.