اربع سنوات من العدوان واليمن يزداد تماسكا وقوة وصموداً
العميد اللبناني المتقاعد شارل ابي نادر لصحيفة الثورة
لم يعد الكلام عن صمود اليمن في الحرب شبه العالمية التي شنت عليه وما زالت ، كلاما يحمل معطيات جديدة او لافتة ، فالامر خلال هذه السنوات اصبح مألوفا لدى ابناء اليمن طبعا ، وحتى لدى الغزاة وداعميهم ، وما شكل مفاجأة لدى هؤلاء في بدايات العدوان ، والتي كانت تكبر يوما بعد يوم مع مرور الوقت ، ومع تزايد المواجهات الاحتكاكات ، اصبح روتينا عاديا ، ألفوه رغما عنهم لانه امر واقع ، لكنهم طبعا لم يهضموه ولم يقتنعوا به ، والدليل متابعتهم لمناورة العدوان بكامل عناصرها ومخططاتها وقراراتها .
اللافت في هذه الحرب الغريبة والذي يجب التوقف عنده ، هو ما خلقه الشعب اليمني (جيش ولجان شعبية وقبائل وطنية ووحدات انصار الله ) من معادلات جديدة ، تجاوزت المفاهيم المتعارف عليها ، والتي كانت قد ثبتتها الدول والجيوش خلال ردح طويل من الزمن ، ونتيجة سلسلة مترابطة من التجارب والخبرات والدروس والعبر ، وذلك حول مفاهيم الحرب والصمود والقتال ، الحصار والدعم والمناورة ، العمليات العسكرية الهجومية والدفاعية ، تطوير وتصنيع الاسلحة ، قيادة الجيوش وادارة المعارك غيرها .
اربع سنوت من الصمود في حربٍ واسعة شاملة ، استعمل فيها العدوان ما استطاع امتلاكه وما قُدِّم له ، من وسائل وقدرات متطورة وحديثة ، لم تستعمل – خارج التجارب والمناورات – الاّ في الحرب على اليمن ، حربٌ اختارها العدوان في البداية عسكرية خاطفة ، حين اعتبر انها نزهة او اشبه بمناورة تدريبة ، حيث اعتقد ان الشعب والجيش اليمني سوف ينهار سريعا بعد سماعه ازيز قاذفات الاف 16 الاميركية والتورنادو البريطانية ، وحيث قدر ان هذا الشعب سوف يستسلم بعد مشاهدته للبوارج الاستراتيجية تبحر امام سواحل اليمن الغربية او الجنوبية .
مع تقدم الوقت والمواجهات العسكرية المباشرة الجدية ، وإصطدام العدوان بجبهة متماسكة ، مختلفة بالكامل عن ما إعتقد او ظنَّ ، طوَّر معركته ليُفَعِّلَها مع بدايات اخفاقاته فيها ، الى حرب تدميرٍ وقتلٍ ممنهجةٍ ، استباح بها لنفسه ، ودون رادع او حسيب او رقيب دولي او اممي ، المدنيين والشيوخ الاطفال والنساء والبنى التحتية والمؤسسات العامة والخاصة ومراكز وثكنات الجيش اليمني ، علّه في هذه المناورة يحصد تراجعا او استسلاما انتظره منذ البداية ، الامر الذي بقي بعيدا عن التحقق ، لا بل العكس من ذلك ، ازداد الشعب اليمني ولجانه الشعبية ووحدات انصار الله تماسكا وقوة وثباتا .
مع تقدم المواجهات وتوسُّعِها ، حيث نقلتها وحدات الجيش اليمني واللجان الشعبية الى الحدود الشمالية مع السعودية ، في خطة ذكية صادمة ، حولت فيها مناورتها الدفاعية من الجبهات الداخلية ، الى مناورة (هجومية – دفاعية ) ، أجبَرت من خلالها العدوان على نقل جهوده وتركيزه للدفاع عن مواقعه الحدودية ، والتي بدات تتساقط تدريجيا ، في جيزان ونجران وعسير ، معها بدأت تتساقط احلامه واهدافه بالسيطرة على اليمن وفرض شروطه السياسية والعسكرية .
مع مرور الوقت وتقدم الاعمال القتالية ، والتي كانت تقطِّع تواصلها بعض فترات محاولات التفاوض ، كان قد اختارها العدوان كمناورة الهاء وتضييع وقت وتشتيت جهود ، انتقلت الخيبة الى الدول الداعمة للعدوان ، وبدل أن تبحث عن طريقة تحثّ فيها تحالف العدوان على ايجاد حل والاقتناع بعدم جدوى متابعة الحرب ، ذهبت هذه الدول ابعد في تضييق الخناق والحصار على اليمن ، وفي اقفال اية محاولة من بعض الدول او المؤسسات الدولية لوقف الحرب ، والهدف لديها لم يعد هزيمة الجيش اليمني وانصار الله فحسب ، بل اصبح هدفها وأد واخفاء ما استطاع شعب اليمن الفقير خلقه من معادلات ، اثبتت قدرة الشعوب وحتمية نجاحها في الوقوف بوجه مخططات واجندات وقرارات الدول الكبرى ، فيما لو التزمت بايمانها وبالدفاع عن وطنها بصدق وبكرامة ، تماما كما فعل ابناء اليمن الابطال .
اليوم ، وبمناسبة انتهاء السنة الرابعة للحرب على اليمن ، ومع معاني ورسائل المسيرات الحاشدة التي اقامها الشعب اليمني المقاوم في الذكرى ، مع ما تضمنته من مواقف واشارات رسالة قائد المسيرة السيد عبد الملك الحوثي في هذه المناسبة ، يمكن القول ان السيد افتتح عام الصمود الخامس خير افتتاحٍ حين اعتبرأن هذا العمق الجغرافي والشعبي الذي صمد وقاتل ودافع ، سيبقى النواة الاساسية القادرة على الانطلاق والتحرك لتحرير كامل جغرافيا الوطن اليمني، وسيكون هذا العمق ( الجغرافي – الشعبي – العسكري ) نقطة الارتكاز الصلبة التي ستكون منطلقا لاستعادة الارض والمؤسسات والثروات ودحر العدوان وطرده .