اخطر اسرار الحرب السعودية على اليمن والدور الأميركي ومستقبل الجنوب تكشفها السفيرة الأميركية باربرا بودين
عين الحقيقة/عبدالعزيز ابو طالب
في ندوة نظمتها مؤخرا مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي بعنوان: “الحرب في اليمن، هل من نهاية تلوح في الأفق”، قدمها فريدريك ووري، مساعد أول في برنامج الشرق الأوسط التابع لمنحة كارنيغي للسلام في العالم، كان الحاضر الأبرز فيها هي السفيرة الأميركية السابقة في اليمن باربرا بودين والتي تعتبر واحدة من أكثر الممارسين الفاعلين للسياسة الأمريكية في اليمن وتشغل حالياً منصب مديرة معهد الدراسات الدبلوماسية في جامعة جورج تاون.
وقدمت السفيرة شرحا لأهم الأسباب التي دفعت النظام السعودي لشن حرب شاملة على اليمن كاشفة النقاب عن دهاليز الصراع والتنافس الدائر بين اقطاب الاسرة الحاكمة في السعودية وخصوصا بين محمد بن سلمان ومحمد بن نايف ومحاولة بن سلمان أثبات نفسه واعادة الاعتبار الاقليمي للسعودية وهستيريا الشكوك لدى العائلة الحاكمة في السعودية والتي عدتها السفيرة من بين أهم الاسباب التي دفعت النظام السعودي للتدخل عسكريا في اليمن.
كما تحدث السفيرة بودين عن الدور الأميركي في العدوان السعودي على اليمن ولا سيما في اصدار القرار الأممي 2216 الذي وصفته بأنه غير عقلاني والدعم السياسي والدبلوماسي والإعلامي والعسكري للسعودية وتسليحها على مستوى عالٍ في ظل الدور “المناقض” وهو الوساطة والسعي للتوصل إلى وقف لإطلاق النار أو الهدنة.
لأهمية الندوة نستعرض في هذا التقرير أهم ما جاء فيها على لسان السفيرة باربرا بودين.
الحرب المنسية
استهلت السفيرة بودين الندوة بالحديث عن الحرب اليمنية المنسية؛ وعللت كونها كذلك بعدم الاهتمام بها في الولايات المتحدة الأمريكية لأسباب عدة، منها انشغال الرأي العام الأمريكي بالانتخابات، وطغيان الصراع في سوريا والعراق والذي استحوذ على كثير من الاهتمام، من جهة أخرى أكدت السفيرة على أهمية “إدارة اهتمام وتفكير مناسبين وسياسة مناسبة بأكثر من أزمة في وقت واحد” ما يعني ضرورة تخصيص هامش من الاهتمام بالحرب اليمنية.
عند حديثها عن الجانب الطائفي في هذه الحرب، اكدت السفيرة أن البعد الطائفي مبالغ فيه، رغم محاولة النفخ والتضخيم للعنصر الطائفي والذي أدى إلى حرف وتشويه واقع ما يجري .
أسباب التدخل السعودي في اليمن
في سياق شرحها لأسباب الحرب السعودية على اليمن أشارت السفيرة إلى خلفية مهمة وهي نظرة السعوديين إلى اليمن كقضية داخلية بالنسبة لهم، وأنه لم يكن أبداً أمراً يتعلق بالسياسة الخارجية لديهم!
وأضافت أن لدى السعوديين جنون الشك من كل شيء يمني، والذي يفسرونه تهديداً وجودياً لهم، وضمن هذا السياق عالجت السفيرة إلى الأسباب التي دفعت السعودية إلى التدخل العسكري في اليمن وهي كما يلي:
سعي السعودية التاريخي لجعل اليمن غير مستقر وغارق في الفوضى والاضطرابات على الدوام بناءً على القاعدة المتبعة لديهم وهي: “يجب أن يبقى اليمن قوياً بما يكفي ألا يكون تهديداً، وضعيفاً بما يكفي لئلا يكون تهديداً”.
التنافس بين محمد بن سلمان ومحمد بن نايف ومحاولة بن سلمان لأثبات نفسه واعادة الاعتبار الاقليمي للسعودية وخضوع قضية الصراع في اليمن لهذا الاعتبار.
مشكلة الحدود وحاجة السعودية إلى إزالة الخطر الإيراني عن حدودها الجنوبية المتمثل بالحوثيين.
سيطرة الحوثيين على معظم أنحاء اليمن من صعدة إلى عدن.
اعتقادهم أن بإمكانهم الذهاب بأكثر الأسلحة الجوية تطوراً في المحيط العربي ضد أكثر الدول فقراً خلال أسبوعين معتقدين أن الحوثيون ليسوا إلا بعض أفراد – سينهارون وتعود حكومة هادي وكل شيء سيكون على ما يرام في اليمن وأيضاً في المملكة”.
الدور الأمريكي في الحرب
لم تكن السفيرة متساهلة أبداً عند الحديث عن الدور الأمريكي في هذه الحرب، فقد أكدت أن واشنطن متورطة، وطرف في الصراع منذ اليوم الأول وإنما في الآونة الأخيرة أصبح علنياً، وحددت تلك المشاركة في التالي:
المساعدة والدفع باستصدار القرار الأممي 2216، والذي وصفته بغير العقلاني؛ حيث يطلب من الحوثيين تسليم الأسلحة والانسحاب من المدن كشرط مسبق لأي مفاوضات، أي الاستسلام قبل بدء أي مفاوضات!
الدعم السياسي والدبلوماسي والإعلامي والعسكري للسعودية وكل أطراف التحالف.
تسليح السعودية على مستوى عالٍ.
مشاركة ضباط أمريكيين في القيادة الجوية السعودية.
تزويد الطائرات السعودية بالوقود، وهو ما يعتبر تورطاً مباشراً.
من جهة أخرى تري السفيرة أن واشنطن تقوم بدور آخر مناقض وهو الوساطة والسعي للتوصل إلى وقف لإطلاق النار أو الهدنة، فيما لم تجزم في أي الجانبين سيحقق الأمريكيون نجاحاً.
وعن أسباب هذا الدعم الأمريكي للسعودية ترى السفيرة أن ذلك يعود للصفقة النووية الإيرانية، فإدارة أوباما ترى أنه من المبدئي دعم السعودية كضمان لنجاح الصفقة، وهو ما شدد عليه أوباما من ضرورة دعم أمريكا لأمن السعودية حال إعلان الصفقة.
الجنوب إلى أين؟
في معرض ردها على سؤال هل اليمن تمضي نحو الانقسام شمالاً وجنوباً ؟
أجابت السفيرة أنه باعتقادها الشخصي أنه لن يكون هناك انفصال، لأن الصراع في الأساس صراع سلطة، صراع من يحكم البلاد؛ لكنها ترى أن الانقسام ممكن، وإحدى المعضلات هي أين سيكون الخط الفاصل؟ لأن حدود ما قبل 1990 مصطنعة وزائفة، وأضافت إذا نظرت إلى القضايا الطائفية فمعظم الشوافع يعيشون في الجزء الشمالي من الخط، والجنوب عبارة عن خليط مركب في مستعمرة بريطانية في سلطنات القرن التاسع عشر، وإذا بدأت بالتقسيم شمالاً وجنوباً فماذا سيحدث لحضرموت؟
وأضافت إن نقاش الأقاليم في نهاية الحوار الوطني كان فكرة صعبة، وكانت إحدى المشاكل هي صعوبة تحديد هذا التقسيم؛ وإذا ما جرى ذلك التقسيم فسينتهي بمجموعة دويلات فاشلة، ما سيجعل حالة الكثير من اليمنيين أكثر سوءاً.
بينما أكدت أن السعودية لم تكن مرتاحة أبداً للوحدة، وأن قيام دويلات أو أقاليم هشة يناسبها أكثر، وأشارت إلى إحدى المفارقات وهي أنه كان التوقع دائماً إن تقسمت البلاد فإن الحكومة التقليدية المركزية الشرعية ستكون في صنعاء، وما انقسم سيرتكز على عدن؛ لكن ما تبدو عليه الأمور اليوم هو إن انقسمت البلاد سينتهي الأمر بالحوثيين في صنعاء وهادي وحكومته في عدن عكس ما توقع الجميع.